شناسه مطلب صحیفه
عنوان:   
تاریخ:   
مکان:   
طهران، جماران‏
موضوع:   
تبيين دور وواجبات القوى العسكرية والأمنية وإدانة القمع بجميع انواعه الكمال الإنساني الكبير هو طلب الحق من أجل الحق‏
حضار:   
فئات الشعب المختلفة- الممثلو ومسؤولو التوجيه المعنوي والسياسي لقوى الأمن الداخلي في أنحاء البلاد- ممثلو مخافر طهران وعناصر الأمن الداخلي وشرطة طهران‏
شناسه ارجاع:   
جلد ۱۴ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۱۱۴ تا صفحه ۱۲۱

بسم الله الرحمن الرحيم‏

كلمة مع قوى الامن الداخلي‏

اليوم أريد أن أتحدث إليكم أيها السادة والأعزاء الذين أتيتم حسب ما سمعت من أنحاء البلاد ورؤساء المخافر وقيادات الشرطة حديثاً قصيراً. ثم أتحدث بعد ذلك بمسائل تهم الجميع.
أنتم تعلمون أن وضعكم ووضع جميع الأعزاء الذين يعملون على حفظ الأمن والنظام في انحاء البلاد يختلف عن زمان الطاغوت. في ذلك الزمان كان الشعب ينظر إلى الشرطة نظرة أخرى واليوم نظرة الشعب صارت إيجابية تجاهكم، نظرة اًخوة ونظرة صداقة ودعم لكم. أنتم اليوم قوى الأمن للبلد الإسلامي؛ قائدكم جميعاً وقائدنا جميعاً هو الوجود المبارك لبقية الله. يجب علينا وعليكم أن نتصرف بطريقة يكون فيها رضى ذلك العظيم الذي هو رضى الله تعالى. أنتم في جميع أنحاء البلاد يجب عليكم الالتزام بالمحافظة على المدن من الداخل. اليوم الشعب ايضا معكم ويدعمكم. أنتم من خلال دعم الشعب لكم يمكنكم مكافحة الأعمال الشريرة التي تحصل أحياناً في المدن بالنصيحة أولًا وإذا لم يمكن فمن خلال القوة. يجب عليكم أن تقفوا في وجه الذين يعملون على الإخلال بكل أمر من الأمور- سواء في أثناء المحاضرات والكلمات التي تلقيها الشخصيات أم في الاجتماعات التي تحصل بناء على إذن من وزير الداخلية بحسب القانون- يجب عليكم أن تنتبهوا جميعاً ويجب على الحرس الموجودين في المدن أن يتعاونوا معكم من أجل عدم دخول مجموعات من الأشرار إلى الاجتماعات بهدف الإخلال بها وإيجاد الاشتباكات؛ وهكذا الامر في الشوارع، اذا ارادت مجموعة من الأشرار إيجاد الاشتباكات وازعاج الناس. بحسب القاعدة والقانون فان عليكم أن تحولوا دون حصول مثل هذه الاشتباكات والأعمال المخلة بالامن ويجب على الحرس الموجودين في المدن أن يساعدوكم والشعب يساعدكم لأن مثل هذه الأعمال تؤدي إلى تشتت القوى وضعفها وهي تحصل‏ بحسب برنامج مدروس. يجب الحيلولة دون حصول مثل هذه الأمور بالقوة ودعم الناس من أجل ان يهتموا بأعمالهم وهم في جو هادي‏ء. بعض الاشرار الذين يقومون بالاغتيالات وتفجير بعض الأماكن يجب جمع المعلومات عنهم وملاحقتهم وكشفهم وتقديمهم إلى المحاكم وان تقوم المحاكم بمعاقبتهم طبقاً لما عينه الإسلام وهي عقوبة شديدة.

توحد القوى المسلحة لحفظ الجمهورية الإسلامية

أخوتي! أنتم اليوم أخوة للمواطنين. إن بلدكم صار غرضاً للكفار والأشرار الذين يريدون القضاء على الجمهورية الإسلامية ولن يقدروا- ان شاء الله- ولكن يجب عليكم انتم مراقبة الوضع داخل المدن وعلى قوات الدرك مراقبة الأمن بين المدن وعلى الجيش أن يراقب الحدود المختلفة بمنتهى الدقة وأن يراقبوا الاشرار في الداخل والخارج. إن البلد هو لكم جميعاً. اليوم هو ليس اليوم الذي تقف فيه كل فرقة على حدة وتعمل باستقلال مقابل الآخرين كأن تقف مثلًا الشرطة مقابل الأمن وقوات الدرك وتقف قوات الدرك مقابل الشرطة والجيش مقابل هاتين الفرقتين، وهاتان الفرقتان مقابل الجيش والحرس وسائر فئات الشعب مقابل هؤلاء. اليوم هو يوم الهدف فيه واحد. وهو هدفكم جميعاً. طلب واحد للجميع. وهو مطلوبكم جميعاً. وهو حفظ الجمهورية الإسلامية الذي هو حفظ الإسلام والبلد الإسلامي. في مثل هذه الظروف فان وقوف المؤسسات في وجه بعضها البعض وخصوصاً القوى المسلحة العسكرية والأمنية يسبب فساداً كبيراً ويسبب زوال الانسجام وبذهاب الانسجام فان ضرراً سيحصل بالتاكيد. جميعكم ملزمون أن تكونوا مع بعضكم البعض ومع بقية القوات المسلحة إلى جانب بعضكم البعض. ولا سيما في مثل هذا الظرف الخاص الذي يتوجب فيه علينا جميعاً وعليكم وجميع أفراد البلاد يجب عليهم بالتعاون فيما بينهم أن يمنعوا الأجانب من أن يعيدوا المسائل التي كانت في السابق وإعادة البلاد إلى سابق عهدها- لا قدر الله- وأن يقضوا على كل شي‏ء عندنا.

حصانة البلاد في ظل اتحاد جميع القوى‏

ويجب عليكم أن تعلموا أن فشل الجمهورية الإسلامية لا قدر الله هو فشل لجميع المسلمين وفي جيمع العصور. اذا تمكنت اليوم الجمهورية الإسلامية من تحقيق اهدافها وقطعت أيدي الدول الكبرى عن البلاد إلى الأبد وأرسلت هذه النفايات المتبقية من عهد النظام السابق إلى القبر ورسّخت دعائم الجمهورية الإسلامية كما أراد الله وشرع فان هذا الأمر سيؤدي إلى تحصين البلاد الإسلامية ولا سيما بلدكم وأن لا يتمكن أحد من الإضرار به. وهذا الأمر يتحقق في ظل اتحاد جميع القوات. جميع القوات المسلحة يجب أن تكون متحدة. ولا يجوز أن تظن قوة أنها مستقلة. اليوم في هذا الظرف الاستثنائي يجب علينا أن نكون جميعاً فريقاً واحداً وقوة ضاربة مقابل فريق القوى الكبرى.
وأنا آمل أن توفقوا أنتم الموجودون داخل المدن في المحافظة على النظم والنظام بشكل كامل. وأن تمنعوا بقوة تامة الاضطرابات والأعمال الشريرة. كما أرجو الموجودين منكم في الجبهة أن يكونوا هناك في غاية التنسيق حتى يمكن إن شاء الله تحقيق النصر، النصر النهائي الذي فيه سعادة الأمة والشعب في الدنيا والآخرة، وبالطبع على كل من يمكنه الحضور في الجبهات أن يحضر هناك في هذا الظرف الاستثنائي.
وما يجب علي أن أقوله للقوات المسلحة هو هذا المعنى وهو للجميع أيضاً. لا يجوز طرح مثل هذه القضية أصلًا بأنني من الحرس وفلان من الدرك وفلان من الجيش وفلان من الشرطة، هذا في الوقت الذي أنتم على الحدود وغيركم من أصدقائنا وأعزائنا مشغولون بالتضحيات. طرح مثل هذا الموضوع في مثل هذا الظرف الاستثنائي هو من أساسه باطل. وحسب ما سمعت فان عناصر الطابور الخامس يدخلون على الحدود بين العناصر الموجودين هناك والمجموعات التي هناك ويعملون على تفريق كل طائفة عن الأخرى. يذهبون إليهم ليتحدثوا لهم عن الجيش يريدون فصل الجيش عنهم ويذهبون إلى الجيش ليتحدثوا أمامه عن قوات الحرس. وفي الوقت الذي تقف فيه قوات الحرس والجيش والدرك والشرطة جميعهم إلى جانب بعضهم البعض. ويجب أن لا يكترثوا بالدسائس التي تحاك لتخريب الأوضاع. اليوم إذا طرحت مثل هذه المواضيع على الحدود حيث يقوم اعزاؤنا بتقديم التضحيات كأن يطرح مثلًا أن ما ذا يفعل الحرس هنا وهذا يخالف نظام الجيش وأن يقال لهم ان الجيش ماذا يتصور، وهكذا يعملون على ان تقف القوات المختلفة وجهاً لوجه ضد بعضها البعض فاعلموا أن هذه ستكون الضربة التي يريد الأجانب توجيهها لنا من خلال عملائهم في الداخل وعملائهم في الخارج.
أيها الشباب الأعزاء الذين تقومون بالتضحيات وأنتم ملتزمون ومضحون من أجل الإسلام؛ اعلموا أن كلمة التفريق بينكم وبين القوى المسلحة ووقوف هذه القوة مقابل تلك هذه هي الخطة الشيطانية للقوى الكبرى التي يصار إلى تنفيذها في الداخل بأيدي أشخاص فاسدين- وهم مع الاسف قد نفذوا إلى كثير من الأماكن- وهذا المخطط إذا تم لا قدر الله فلن تبقوا لا أنتم ولا الحرس ولا البلاد. انتبهوا إلى أن لا تهتموا بمثل هذه الأمور.

عدم تدخل القوات المسلحة في الأمور السياسية

من الأمور التي أعتبرها ضرورية للقوات المسلحة هي عدم التدخل في الأمور السياسية. أنتم أناس صادقون وطيبون وبعض السياسيين الذين تسللوا من قبل الأجانب إلى بعض الأماكن هم أناس شيطانيون ويريدون إدخالكم في تلك الأمور وإقحامكم في السياسات الشيطانية وإيجاد التفرقة بينكم. انتم اجتنبوا هذه الامور ولا تتحزبوا. أنتم جميعاً جيش الإمام المهدي وفريق واحد وهذا الفريق هو جند الله وجيش الإمام المهدي. لا تهتموا أبداً بالمسائل التي تطرح هناك. اذا اتحدتم جميعاً كنتم متعاونين وتعاونت جميع القوى وهكذا إذا وضعت الأسلحة في تصرف جميع القوى وإذا حاربتم جميعاً وإذا لم يكن هناك خلاف بين الجيش وسائر القوى فان انتصاركم قريب.

إدانة الشغب والغوغاء بأي شكل‏

وكلمة أخرى أوجهها إلى ذوي الأقلام والبيان. وهي أنكم تعلمون جميعاً وتعلم الأمة بأسرها أننا يجب أن نسعى من أجل إيجاد الوحدة، بين المجموعات والتيارات. يجب أن أقول أن بعض من أمسكوا الأقلام بأيديهم هم أسوا من الغوغاء والمشاغبين الذين يرفعون العصي والهراوات! إن الشغب والغوغاء والشقاوة من أسوا الأشياء التي وجدت في آخر عهد محمد رضا. حيث كان قد ضعف وأراد أن يقوي نفسه بعناصر الغوغاء وبعد الثورة وفي أثناء الثورة أيضاً فإن الغوغائيين استفادوا منها حتى في الحوزة العلمية في قم وفي الشوارع حيث قاموا بتحطيم الزجاج ظناً منهم أنّ العصا تساعد على الحصول على شي‏ء.
والآن أيضاً القضية بهذا الشكل: ولكن اسوأ أنواع العصي هو عصا القلم واللسان والتي فسادها يعادل مئات أضعاف فساد العصي الأخرى. هؤلاء الذين يريدون التحدث وهم كثر هذه الأيام يجب أن ينتبهوا إلى أن يجلسوا ويفكروا قبل أن يتحدثوا أن اللسان هل هو نوع من العصي التي تنهال على رؤوس الآخرين أو أن هذا اللسان هو لسان رحمة ومن أجل الوحدة؟ وإذا كانوا مالكين لانفسهم وهذا امر مهم أن يملك الشخص نفسه، كان موسى سلام الله عليه عنده مثل هذا الادعاء وكان هو بحق قد قال لله تبارك وتعالى انني لا املك أحدا إلا نفسي وأخي «1»- هذا ادعاء كبير لائق بالأنبياء. نحن لا نملك أنفسنا ولا نملك أخوتنا أيضاً ولا نملك أولادنا ولا نملك أصدقاءنا. أهم ما يملك هو امتلاك الإنسان للنفس. عندما يريد الإنسان أن يتحدث يجب أن يكون اللسان مملوكاً له وأن يكون له سلطة على لسانه، لا أن يكون الشيطان متسلطاً على نفسه ولسانه بحيث تكون الكلمات والعصي أسلحة قاطعة أكثر من أسلحة صدام.

الكمال الكبير هو طلب الحق من أجل الحق‏

الذين يريدون التحدث يجب أن ينظروا هل يريدون الحق من أجل الحق؟ أكبر شي‏ء يعدّ وجوده لدى الإنسان كمالًا كبيراً هو أن يطلب الحق من أجل الحق وأن يسر للحق لكونه حقاً.
وأن يكره الباطل لأنه باطل. وإذا جرى الحق بيد عدوه أن تكون عنده السيطرة على نفسه بحيث يمدح ذلك الحق. وإذا صدر الباطل من أبنائه أو أصدقائه أن تكون لديه السيطرة بحيث يكرهه ويظهر كرهه له. الذين يريدون الحق من أجل الحق قليلون جداً. وقليلون هم الذين يكرهون الباطل ويبغضونه لكونه باطلًا. الإنسان نفسه لا يستطيع أن يفهم ما هو. الإنسان يجب أن يذهب إلى شخص عدو له ليرى رأيه بهذا ما هو حتى يمكن له أن يفهم عيوبه. لا يستطيع أن يتعلم الإنسان من أصدقائه. الإنسان يجب أن يتعلم من أعدائه. عندما يتحدث ليرى ماذا يقول اعداؤه ويفكر لأن العيوب يفهمها الأعداء. الأصدقاء مهما كان عندكم من عيوب ومهما كان عندنا من عيب لأنهم لا يريدون الحق للحق ولا يعادون الباطل لانه باطل يأتون إلينا وإليكم ويقولون كم كان حديثك جيداً وكم كانت مقالتك جيدة وكم كانت مقالة مفحمة، كيف جعلت خصمك ينزوي وكم أبطلت أقوال منافسك حتى ولو كانت صحيحة! أصدقاء الإنسان هم الأعداء الحقيقيون للإنسان. وأعداء الإنسان هم الاصدقاء الحقيقيون للإنسان. يجب على الإنسان أن يتعلم من الذين ينتقدونه. الذين يمدحونه لسانهم لسان المدح، خصوصا في الأمور التي هي محل انتقاد هو نفس لسان الشيطان وتاييده هو تاييد شيطاني. خطباؤنا وكتابنا والأشخاص الذين يريدون التحدث في مثل هذا الظرف، عليهم أن ينتبهوا إلى أنهم هل يملكون أنفسهم؟ هل يملكون أن يدّعوا الادعاء الذي ادعاه نبي الله الكبير موسى (إني لا أملك إلا نفسي وأخي). أخوه كان نبياً ولأنه كان نبياً فان كلام موسى كان كلاماً يتم تطبيقه. ولكن من لم يصل إلى هذا المقام عليه أن يقول: لا أملك لا نفسي ولا أخي. لا أن يقول (إني لا أملك إلا نفسي وأخي). إخوتنا انتبهوا في أقوالكم وفي كتاباتكم لو حصل من جرائها اختلاف وأردتم قمع الخصوم أو المنافسين حسب ظنكم وقد أدى ذلك إلى فتور الجيش أو قوات الحرس أو حرس الحدود والأمن وحصل قتل بسبب هذا الفتور فأنتم شركاء في عمليات القتل وفي ذلك القتل وراضون بالقتل. جاء في الروايات إذا قتل شخص في الشرق مظلوماً وكان هناك شخص في الغرب راض عن قتله فهو شريك في قتله. «2» إنتبهوا أن لا تكون أقلامكم شريكة للخناجر التي توجه إلينا من الخلف.
إنتبهوا إلى أن لا تكون ألسنتكم وأقلامكم عصياً واكتبوا بالأقلام الحقيقية لأن العصا سيئة! إنتبهوا أن لا تكون أقلامكم وألسنتكم رشاشات توجه إلى صدور شبابنا. ثم تقولون في ذلك الوقت لقد هُجم علينا! أنتم أيضاً قد هجمتم. لن يكون صدام هو الوحيد أنتم أيضاً ستكونون شركاء في عمله. قبل أن تتوجهوا إلى خطبكم وقبل أن تكتبوا مقالاتكم وقبل ان تكتبوا المانشيتات العريضة إختلوا بأنفسكم قليلًا وانظروا لماذا تريدون أن تقوموا بهذا العمل؟
ما هو هدفكم؟ هل تريدون الحق من أجل الحق أم إنكم لا تقبلون الحق من منافسيكم؟ هل تكرهون الباطل لكونه باطلًا؟ أم أنكم تقبلون الباطل من أصدقائكم؟ إمتحنوا أنفسكم. الإنسان موجود غريب وعجيب لا يمكنه أن يعرف نفسه حتى آخر عمره. الإنسان لو أراد أن يقتل في آخر عمره فان قلبه يريد لو أنه يُقتل بشكل طاغوتي! بعض الكفار الذين كانوا في صدر الإسلام عندما أوشك أن تقطع رؤوسهم كان يقول كما ينقل في التاريخ إقطعوا رأسي من أسفل الرتبة بحيث يكون أطول من بقية الرؤوس عندما يرفع على الرماح! هذا المرض يبقى عند الإنسان حتى آخر عمره. لا تظنوا أن الإنسان يصفّي نفسه، يصبح إنساناً بسهولة. إذا كان كما كان شيخنا يقول بانه مستحيل، فهو كذلك واذا لم يكن بهذه الدرجة من الشدة فهو صعب جداً. ومن أكبر المشكلات للإنسان.
ربما يتخيل الإنسان أنه يعمل عملا حسنا، في حين أنه عمل سي‏ء، لأن الخصيصة التي فيه هي حجاب يحول دون القدرة على تمييز السي‏ء من الجيد. تحصل قضية وعندما يلاحظ الإنسان هذه القضية في الأقوال والكتابات والصحف فانه يجد أن هذه القضية تذمها جماعة، وتروّج لها جماعة أخرى! قضية تحصل في البلاد وهذه القضية تؤيدها جماعة وتمدحها، وتشرع الأقلام بمدحها وتقف جماعة في مقابلها وتدين هذه القضية وتشرع الأقلام والخطب بإدانتها. لماذا؟ لأن هذا العمل لصالح الفئة الفلانية ويضر الفئة الفلانية؛ هل حصلت من الأصدقاء أم من المنافسين لنا؟ إذا كانت من المنافسين فهي ليست جيدة أياً كانت. الحسن نريده للأصدقاء وليس للعدالة؛ العدالة نريدها لأصدقائنا. الآخرون هم الذين يقفون مقابلنا، ونحن نعدّهم منافسين لنا. وأي عمل حسن يصدر منهم فنحن نعدّه سيئاً، وتشرع الأقلام بالذم وتتوالى الانتقادات. وعندما يصدر هذا العمل من أصدقائنا وأيّاً كان تشرع الأقلام بدعمه. إذاً لا تريدون العدل من أجل العدل، ولا تريدون الحق من أجل الحق. إذا أراد إنسان الحق من أجل الحق فانه يريده ويحبّه حتى ولو كان على نفسه. وإذا صدر الباطل منه فانه يبغضه ويُقر به. هل هؤلاء الذين يريدون التحدث يطلبون الحق للحق ويرفضون الباطل لأنه باطل؟ أم أنهم يريدون الحق من أجل أنفسهم، ويصورون الباطل حقا إذا صدر عنهم أو عن أصدقائهم؟ ولو صدر الحق عمن يتوهمونه منافساً لهم فانهم يصورونه باطلًا. لا يستطيع أن يبتعد الإنسان من شر نفسه- الذي هو أكبر من شر الشيطان- بهذه السهولة. لكنه يستطيع أن يضع قلمه جانباً ويستطيع أن يضع لسانه جانباً. يستطيع أن يفكر قبل أن يتحدث أنه على أي أساس يريد أن يتحدث؟ ما هي المبادئ التي اجبرته على أن يتحدث عن هذه المسالة. هذه مسالة عامة وموجودة في كل مكان، كل عمل يصدر عني فهو حسن! والميزان هو أنا نفسي. وأي عمل يصدر عنّي فهو جيد، لأنني أنا الميزان. وكل عمل يصدر عن منافسي، فهو سي‏ء لأنه منافسي! ومهما كان عمل المنافس حسناً فهو سي‏ء؛ وعملي السي‏ء حسن! هذه قضية ومرض في الإنسان يمكن معالجته بصعوبة ومشقة. ويجب أن يعالج الإنسان نفسه عند الأشخاص الذين يمكنهم المعالجة. ليذهب إلى أطباء الروح ويعالج نفسه. قبل أن يتناول قلماً وقبل أن يحرك لسانه، عليه أن ينتبه لنفسه وللمسائل السياسية والاجتماعية وإلى الأمور التي نحن مبتلون بها الآن. ولِيَرَ هل يتسبب هذا الخطاب بتوتر على مستوى البلاد والفوضى والشغب. أم أنه يقود إلى الهدوء؟ لينظر إلى هذه الصحيفة وهذا القلم هل يسبب هدوءاً نحتاجه الآن في البلاد أم توتراً؟ اذا أوجد توتراً فهذه الصحيفة عصا وذلك الخطاب أو الحديث عصاً. وإذا أوجد هدوءاً بين الناس فهو رحمة وهو مشكور عند الله تبارك وتعالى.

إيجاد الخلاف والنفاق في البلاد من اكبر المعاصي‏

إجعلوا الله نصب أعينكم أيها الخطباء، يا موظفي البلاد. ويا أيها الموظفون الاداريون وغير الاداريين ويا أيها المزارعون جميعاً! واجعلوا الله نصب أعينكم واعتبروه حاضراً في كل مكان. لسانكم في محضر الله. عينكم في محضر الله. جميع قواكم في محضره. ولا تعصوا الله في محضره. اليوم في بلادنا أكبر معصية هو إيجاد الخلاف؛ وايجاد النفاق. وأكبر رحمة لنا وأكبر واجب علينا هو إيجاد الهدوء والرفاه.
خطباؤنا وكتابنا مهما كانوا جيدين فلا يظنّوا أنهم قد طُهّروا من شر باطنهم ومن شيطان باطنهم. لينتبهوا ان الشيطان الباطني للإنسان يرافق الإنسان إلى اخر عمره. احيانا هذا الشيطان يقوم بعمل بحيث ان الإنسان يهلك نفسه من أجل أن يهلك رفيقه. سمعتم هذه القصة أن شخصاً كان عنده عبدٌ وكان يحسن إليه كثيراً ويعتني به كثيراً ثم قال له: بعد كل هذه المحبة التي قمت بها تجاهك، لي اليك طلب وهو أن تاتي إلى سطح دار جارنا الذي ينافسني وتقطع رأسي على سطحه! مثل هذا الموجود الذي هو مستعد أن يقطع رأسه ليهلك جاره. إصطلاحنا القديم هو (حمار ديزه) وهو نوع من الحمير الهائجة التي تلقي بنفسها بالبئر من أجل الإضرار بصاحبها! الإنسان موجود من هذا القبيل! الإنسان موجود معقّد. موجود من هذا القبيل لم يتمكن الأنبياء أن يجعلوا منه إنسانا [بمعنى الكلمة] إلا القليلين. في كل مكان كان الأنبياء فيه كان هناك عدد قليل جداً قبلوا تربية الأنبياء السامية التي تليق بالإنسان ولم يتمكن الأنبياء من إنجاز ما يريدونه. ولكننا يمكننا أن نقلل هذه الشيطنات، نستطيع، وليس أننا مجبورون ولسنا معاقبين من باب اننا مجبورون ولسنا مختارين. نوجد الفساد باختيارنا. بإختيارنا نمسك أقلامنا ونطلق لها العنان من أجل إراقة ماء وجه الآخرين. نُعمل أقلامنا وألسنتنا من أجل طرد منافسينا من الميدان. هذه جميعها مكائد في نفس الإنسان. الإنسان يتخيل في نفسه أنه يحسن صنعا في حين أنه يعمل عملًا سيئا. يتخيل أنه يعمل من أجل الله في حين أنه يعمل للشيطان.
وفق الله تبارك وتعالى جميع الشعوب الإسلامية وأيّدهم للنجاة من شر الأجانب وشر الشياطين وخصوصاً شياطين أنفسهم. وليحفظ الله بلدنا من شر الشياطين والأجانب والأقلام والنوايا والألسنة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

سایت جامع امام خمینی رحمة الله علیه