شناسه مطلب صحیفه
عنوان:   
تاریخ:   
مکان:   
طهران، حسينية جماران‏
مناسبت:   
ميلاد النبي المصطفى (ص) والامام الصادق (ع)
موضوع:   
الغاية من تعريف الله تعالى بكل أسمائه وصفاته‏
حضار:   
الخامنئي، السيد علي (رئيس الجمهورية) - الموسوي، مير حسين (رئيس الوزراء) - الهاشمي الرفسنجاني، أكبر (رئيس مجلس الشورى الاسلامي) - الموسوي الأردبيلي، السيد عبدالكريم (رئيس المحكمة العليا في البلاد) - المسؤولون العسكريون والاداريون والشخصيات العلمائية - أعضاء لجنة إسناد الحرب - المحققون في خارج البلاد
شناسه ارجاع:   
جلد ۲۰ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۲۹ تا صفحه ۳۳۲

بسم الله الرحمن الرحيم‏

القرآن والأدعية كاشفان عن النبي الكريم (ص) والأئمة (ع)

ليس لدي موضوع جديد ولا أرى نفسي جديراً بالتحدث عن رسول الله (ص) والامام الصادق (ع)؛ لأنّي لست على‏درجة تؤهلني للتحدث حول تلك المواضيع، لكنّي أريد أن أقول للسادة الأعزاء إنّ القرآن الكريم كاشف عن رسول الله (ص)، كما إنّ الرسول الأمين (ص) والامام الصادق وولي الله الأعظم (ع) مظهر تام للحق تعالى، وكذلك القرآن مظهر تام للحق تعالى، أي تجلى بجميع أسمائه وصفاته، وحقق ولي الله الأعظم والرسول الاكرم ذلك التجلي لكافة الصفات والأسماء بالاشراقات التي لم نتمكن من إدراكها؛ فكل من تصفح المصحف الشريف وتأمل في ألفاظه ومعانيه يدرك عظمة من جاء به.
القرآن عبارة عن مائدة بسطت لكافة الفئات والطبقات، أي إنّ لغة القرآن هي لغة السواد الأعظم من الناس ولغة الفلاسفة والعرفاء والعلماء وغيرهم، وقد حوى هذا الكتاب أموراً كثيرة أهمها الأمور المعنوية.
ما جاء النبي الكريم وسائر الأنبياء لتشييد حكومة فقط، وما كان هذا هدفهم الرئيسي، ولم يأتوا بهدف إقامة العدل، إذ لم تكن تلك إلا مقدمات، ولم يكونوا يرومون من كل تلك المشاق والشدائد التي تحملوها ابتداءاً من آدم ونوح وابراهيم الى رسولنا الكريم إلا اجتياز تلك المقدمة والوصول الى‏المطلب الرئيسي ألا وهو التعريف بالذات الالهية المقدسة، وكذلك فإنّ مغزى نزول الكتب السماوية لا سيما القرآن الكريم هو بلوغ هذا الهدف السامي، أي التعريف بالباري جل وعلا بكل ما له من أسماء وصفات.
يفهم غالبية البشر الكثير مما جاء في هذا الكتاب، والخواص يفهمون المسائل ذات العمق الأكبر، وخواص الخواص يدركون ما هو أعمق من كل ذلك، لكن «إنّما يعرف الكتاب من خوطب به»، فكل من يرغب بالتعرف على‏النبي (ص) - ينبغي عليه أن يعرف القرآن، ولا أحد يستطيع ذلك.
بناءاً على ‏هذا، ليس بمقدور أحد التعرف على ‏النبي؛ لأنّ‏كتابه معرف له وكاشف عنه وعن الامام الصادق (ع) أيضاً بعد كون وجود النبي نفسه كاشف عن نفسه وغيره.
هذا هو الفقه الذي بسط بلسان القرآن ذاته وهو الذي يحتاجه البشر الى ‏آخر الزمان والذي يجيب عن جميع المسائل المستحدثة.
إنّ هذا الفقه الوارد في الكتاب والسنة والذي بيّن الامام الصادق (ع) غالبيته يلبي جميع الاحتياجات الظاهرية والمعنوية والفلسفية والعرفانية لكافة البشر الى‏يوم القيامة، نعم هذا هو مضمون القرآن الكريم، وهو كاشف عن هؤلاء العظام فلا نستطيع نحن أن نثني عليهم بما يليق بشأنهم.
و تتضمن أدعية أئمة الهدى (ع) نفس المواضيع التي حواها القرآن الكريم بلهجة مختلفة، فالقرآن ذو لغة معينة ويتحدث بأسلوبه الخاص ويتضمن جميع المواضيع، لكنّ أغلبها بشكل إيماءة لانتمكن من إدراكها، بينما تختلف حالة أدعية الأئمة، وبحسب تعبير أستاذنا الشيخ العارف فإنّ الأدعية كتاب صاعد والقرآن نازل «1»، كان يقول: إنّ القرآن كتاب نازل حيث نزل منه تعالى، وأدعية الأئمة كتاب صاعد، ويقصد أنّ القرآن آخذ في الصعود تقريباً.
من أراد أن يدرك منزلة الأئمة فعليه الرجوع الى‏آثارهم، وما هي إلا أدعيتهم من قبيل المناجاة الشعبانية وأدعية نهج البلاغة ودعاء يوم عرفة، وفي الحقيقة لا يعرف الانسان ما ذا يقول بشأنها.
على ‏أية حال، نحن نعجز عن شكر النعمة العظيمة بكوننا ننتمي الى‏مذهب يعتمد على ‏مصدري الوحي والولاية، فأغلب الفرق تفتقر الى‏المصدر الثاني ونحن نعجز عن تقديم الشكر للباري جل وعلا على‏ ذلك، ونسأل الله تعالى ‏أن يوفقنا لذلك.
عندما نقرأ الآيات الشريفة أو نطالع سيرة الأنبياء نلاحظ أنّ جميعهم عملوا على‏إيجاد العدالة في الدنيا، مع أنّ هذا لم يكن هدفاًرئيسياً، بل عبارة عن مقدمة لتحقيق الأهداف المتوخاة، فالنبي الكريم (ص) سعى‏لإقامة العدالة لتكون مقدمة لطرح مواضيعه الجوهرية نظير إصلاح وتهذيب الانسان، ومنذ أن هبط الوحي على ‏الأنبياء كان هدفهم الأول معارضة الظالمين والجائرين كل بطريقته الخاصة، فلا يُتصور أنّ النبي يجلس في بيته ويقرأ الأدعية ويصدر الأوامر والأحكام؛ كلا ليس الأمر كذلك، كانوا يصدرون الأحكام ويتابعونها من أجل تنفيذها.

الأنبياء وتشكيل الحكومة الاسلامية

كان النبي ابراهيم (ع) يبين المسائل الالهية ثم ينال من آلهتهم وأصنامهم آنذاك- وهي بمثابة التطاول على‏الله تعالى ‏و العياذ بالله في مذهبنا- هكذا كان يبدي معارضته، ففي الوقت الذي كان ينقل التعاليم الالهية كان يواجه الظلم والجور بكل صلابة.
إنّ هذه السياسة التي تروج لها القوى الاستكبارية في العالم من وجوب عدم تدخل الدين في السياسة ما هي إلا إحدى الوسائل للابقاء على‏تخلف المسلمين والحيلولة دون معارضتهم لها، لذا نراهم يكثفون دعاياتهم بين الكثير من الفئات بالقول: ما شأن رجل الدين والسياسة؟ فلينصرف لقراءة الأدعية! حتى أنّ‏أتباع النبي عيسى (ع) يتصورون أنّ‏النبي عيسى ماجاء إلا لقول المعنويات، كلا كان على ‏نهج بقية الأنبياء، وكان مصمماً على المعارضة منذ البدء.
ينقل القرآن الكريم بأنّه عندما ولد قال: آتاني الله كتاباً، فلما اتهم اليهود أمه العذراء بتلك التهم الشنيعة والباطلة قال لها: لا تحزني ولئن أتى أحد للتحدث معك أشيري له بأنّك صائمة- وكانت صائمة حتماً- واذهب لسؤال ذلك الطفل؛ جاؤوا فعلًا لإطلاق بعض الكلام غير اللائق فأشارت السيدة مريم بالتحدث مع الطفل الرضيع، فقالوا: كيف نكلم هذا الطفل؟ عندئذ كلمهم المسيح وقال: آتاني الله كتاباً؛ تأملوا فيما يقول! حيث يتضح من مسألة إيتاء الكتاب أنّ هناك أموراً سبقت تولده، فنبي كالنبي عيسى (ع) لا يكون جليس البيت وينقل التعاليم الالهية فقط، وإلا لماذا صلبوه؟ ولم آذوه؟!
هكذا كانت سيرة جميع الأنبياء، وأوضح مثال على ذلك نبينا الكريم (ص)، إذ جاء لتشكيل حكومة؛ وهذا يعني اهتمامهم بالحكومة والسياسة، ولا تنفك إقامة الحكومة عن التدخل في السياسة وورود ميدانها.
بناءاً على‏ ذلك، ما هذا الموضوع الذي نشره الأعداء بين المسلمين حتى‏اعتقد به بعض المقربين أيضاًمن كون المسجد لنا والحكومة لهم إلا للقضاء علينا ولجعل المسلمين ينصاعون لهم.
ينبغي أن يصحو المسلمون، وعليهم أن يطالعوا سيرة الأنبياء وسيرة النبي الكريم (ص) على وجه التحديد، ويجب علينا التأسي بهم، فان جاء النبي للجلوس في مسجد المدينة وقراءة القرآن والتخلي عن بقية الأعمال لتأسينا به وحذونا حذوه، لكنّ الحقيقة أنّه خاض غمار الحرب منذ بداية الدعوة في مكة المكرمة الى ‏أن ذهب الى المدينة وأقام فيها الحكومة، ثم نشر حكومته في جميع الأصقاع والأمصار التي تمكن من بلوغها، وبشر الناس ببسط نفوذ الاسلام على جميع‏ العالم والقضاء على‏كافة الظلمة في الروم وايران وغيرها، أي يخلصهم من عبادة الأوثان والنار، ولو سنحت له الفرصة لأحيا البشر جميعاً وخلصهم مما هم فيه على قصر أمد وجوده.
يجب على المسلمين التأسي بسنته الكريمة، ويجب علينا أن نفعل ذلك أيضاً، أقام حكومة فيجب أن نقيم حكومة، حارب فينبغي أن نحارب أيضاً، دافع فيجب أن ندافع كذلك؛ لأننا لو كنا تابعين لهذا النبي الأكرم ولأئمة الهدى (ع) لفعلنا ما فعلوه في حياتهم، فهل جلسوا وذكروا المواعظ فقط؟ إذن لماذا قتلهم الظالمون وسجنوهم ونفوهم ومنعوا الاتصال بهم؟ لكن في الوقت الذي مروا فيه بهذه الكربات تلاحظون المدى الواسع للفقه والذي سوف تتسع آفاقه ويزداد نطاقه في المستقبل القريب، والفضل في كل ذلك يعود الى القرآن والسنة.
نسأل الله تعالى أن يخلصنا وإياكم من شر المستكبرين، ونسأله جل وعلا أن يوقظ الشعب الايراني والشعوب الأخرى كي يمرغوا أنوف المستكبرين بالتراب ويفضحوهم.
والسلام عليكم ورحمة الله‏

سایت جامع امام خمینی رحمة الله علیه