شناسه مطلب صحیفه
عنوان:   
تاریخ:   
مکان:   
باريس، نوفل لوشاتو
موضوع:   
الحكومة الإسلامية انسب الحكومات‏
حضار:   
جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج‏
شناسه ارجاع:   
جلد ۴ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۳۰ تا صفحه ۳۳۵

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‏
بسم الله الرحمن الرحيم‏

مأساة الشعب الايراني‏

لقد وصلت مأساة الشعب الإيراني الى ذروتها تقريباً: الاحكام العرفية والحكومة العسكرية، والمدافع والدبابات تستقر في الشوارع- حسبما ذكروا- وفوهات المدافع موجهة الى المساجد والشعب معرض لأشد الضغوط، فقد ضيقوا عليه في عيشه ومعائشه بل وحتى في ماء الشرب- كما نقل بعضهم- ولا أعلم مدى صحة ذلك.
والشاه يحارب الشعب الآن بكل قواه، والجهاد وصل ذروته تقريباً، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى إقترب سقوط الشاه، وهذا هو السهم الأخير الذي كان في كنانتهم. وقد كان متوقعاً ان يفهم هؤلاء عدم جدوى هذه الاجراءات، لان الحكومة العسكرية لا تختلف عن الحكم العسكري الذي سبقها فهو نفس الحكم ونفس العسكري! وحتى لو كانت الحكومة العسكرية اكثر بطشاً وشقاءً فلا يمكن إسكات الشعب بهذه الحراب ولا يمكن كسب رضاه بالقمع.
إن هؤلاء يسعون لارضاء الشعب وتهدئته، ولكن هل يمكن إرضاء أحد بالقوة؟ وهل يمكن تهدئته بالحراب؟! يمكنهم أن يقمعوه بالحراب مؤقتاً، أي أ، يمنعوا انطلاق صوته، ولكن لا جدوى من ذلك، فحتى لو منعوا إنطلاق هذه الاصوات فرضاً، فماذا يفعلون مع الاضرابات عن العمل، فإيران تبدو اليوم معطلة لأ، الاضراب عن العمل يعم جميع المجالات. فهل يمكنهم إجبار جميع أبناء الشعب وتشغيل عجلات العمل بقوة الحراب؟!
لقد إنهزم وانهزمت الحكومة العسكرية كما كان واضحاً منذ البداية، لكنهم اليوم فهموا واقع هذه الهزيمة، وهم يسعون الآن الى اسكات الشعب وإيقاف الاضرابات بالمدافع والمدافع الرشاشة وهذا محال.

تحقيق الهدوء من خلال الحرية

ونحن عندما نقول إن الشعب لن يهدأ إذا لم يرحل الشاه، فأننا قد درسنا جيداً أوضاع إيران والخدمات التي قدمها الشاه للأجانب، لذا فمن الواضح أن إصلاح الامر محال بمثل تلك الاجراءات.
والخطوة اللاحقة هي تنفيذ إنقلاب عسكري يذهب بهذا (الشاه) ويأتي بخادم أخر، ولا فائدة لهم من هذه الخطوة أيضاً. فما دامت أيدي الاجانب- أميركا والاتحاد السوفيتي وامثالهما- تتحرك في ايران فلن يهدأ الشعب ولا ينهي الاضرابات عن العمل.
عليهم ان يكفوا أيديهم عن ايران، فالشعب يطالب بالاستقلال والحرية، لذا يجب منحه الحرية أي ان يتركوه وشأنه، ويوقفوا ضغوطهم ضده التي يمارسونها الآن بالحراب والمدافع والدبابات لارضائه والاستحواذ على قلوب ابنائه!! وهذا محال.

الحكومة الاسلامية تنسجم مع حكم الله ورغبة الشعب‏

نحن عندما نطالب بالحكومة الاسلامية فاننا نقصد الحكومة التي يتمناها الشعب والتي يصفها الله تبارك وتعالى تارة بقوله: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) «1» أي ان تكون اليد الحاكمة يد الذي تكون مبايعته مبايعة الله، والذي إذا أطلق في الحرب سهماً فإن الرامي يكون الله تبارك وتعالى أي مصداقاً لقوله: (وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى) «2» حيث يعتبر يده يد الله وظل الله، أي ان تكون حكومته حكومة إلهية ومثل هذه هي الحكومة التي ننشدها. وأملنا ان تقام مثل هذه الحكومة التي لا تنقض الدستور الالهي.
ولان يد الرسول الأكرم لم تنتهك- طوال عمره الشريف- ما أمره الله تبارك وتعالى، لذا فهي يد الله والبيعة له بيعة لله، فما قام به كان تجسيداً للارادة الالهية وعمله تابع للأفعال الالهية، ولذلك فحكومته إلهية، ولذلك يقال له: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) فرغم أنه رمى لكنه كان ظل الله ولا حركة له اصلًا من تلقاء نفسه، بل كل حركة من حركاته كانت إتباعاً للدستور الالهي. كان الرسول الاكرم قرآناً مجسداً، أجل كان قرآناً مجسداً ..
وما نريده هو حكومة دستورية تتبع الدستور لا أن تتبع الشيطان وتكون شيطاناً متجسداً وإبليساً متجسداً بين الناس كما هو حال محمد رضا خان (الشاه). فهؤلاء أبالسة وجيش إبليس، وهذه الحكومة العسكرية شيطان وتابعة للشيطان، فهي حكومة شيطانية لأنها خلاف ما يرضاه الله وما يرضاه الشعب.
نحن نريد إقامة حكومة إلهية تنسجم مع آراء الشعب ومع تطلعاته، حكومة موافقة لحكم الله، والمنسجم مع إرادة الله تعالى ينسجم مع ميول الشعب أيضاً. فالشعب شعب مسلم ويدعم الحكومة التي يراها تسعى لإقامة العدالة، والله يأمر باقامة القسط بين الناس وحل مشاكل الضعفاء والطبقة الثالثة من المجتمع، بيد ان ما نراه اليوم استحواذ على جميع الامكانات، فتجد في ضواحي طهران فئة متخمة تأكل وتتنعم وأخرى صرعى من الجوع محرومة حتى من الماء والكهرباء والخبز وكل شي‏ء.

توبة الشاه لخداع الشعب‏

هل يريد هذا (الشاه) إقامة العدل؟! إنه يكرر مراراً الحديث عن العدالة الاجتماعية وأحكام الاسلام البينة! لكنها إدعاءات لا اكثر .. يأتي لاعلان التوبة أمام الشعب! وهذه خدعة لا ينبغي للشعب ان ينخدع بها ولن ينخدع، ثم يقول (الشاه): لقد إرتكبنا أخطاء غير مقصودة لن نكررها بعد الآن!
فمن يضمن أنكم لن تخطئوا مستقبلًا؟ طبعاً لم تكن أخطاء غير مقصودة بل عن عمد. فقد وهبت ثروات هذه الامة- عن عمد- لأميركا والاتحاد السوفيتي، ومثل هذا ليس خطأ. بل أمر متعمد.
انكم تعون تماماً ما تفعلون. فمع معرفتكم الكاملة بأن هذه الثروات ملك الشعب وان أميركا عدوته، رغم ذلك تهبون ثروات الشعب لعدوه دون مقابل. وهذا يعني أنك عالم بذلك وليس خطأ. ولا أرى انك ستكف عن ذلك في المستقبل، وربما ستعاود ثانية بعد إرتكابها الى الاعتذار وتقول: إني أخطأت!، كلا إنك لم تخطأ بل أعطيت ثروات الشعب للأجانب عن عمد خلافاً لمصالحه.
نحن نردي حكومة تعمل لصالح هذا الشعب. وطبعاً نحن لا نستطيع الارتقاء الى حكومة الرسول الاكرم، فقد قضي الامر، ولا حاكم مثل علي بن أبي طالب، نحن لا نقول اننا نتطلع الى شخص مثل علي ابن ابي طالب (سلام الله عليه) فأين نجد مثيلًا له؟! لكننا نتطلع الى حكومة تتبع على الاقل الدستور الاسلامي والقوانين الانسانية السليمة. أما هؤلاء (الحكم البهلوي)، فان مجيئهم كان خلاف الدستور اصلًا وهم يعملون خلافه الى النهاية. فلا الشرع يرضى عنهم ولا دستور البلد ينسجم مع أفعالهم، وكانت ولا زالت افعالهم مناهضة للدستور والشرع المقدس وخلاف ما يرضاه الله والشعب.
نحن نريد تأسيس حكومة، وليس هذا بالأمر الصعب وليس كما يتصوره البعض بأننا نريد المجي‏ء بحكومة من السماء! كلا، يوجد على هذه الارض اشخاص قادرون على العمل طبق‏ مبادئ العدالة، فالشرفاء موجودون داخل ايران وخارجها. يوجد داخل إيران اشخاص قادرون على تسيير أمور بلدهم وإقامة القسط بين الناس ودفعهم للإلتزام بالعدالة وتنظيم شؤون الدولة ولكن ليس على وفق هذا التباين والاضطراب القائم، قادرون على السيطرة على الاقتصاد الوطني، فعمليات النهب الآن كثيرة وتوجد أفواه كبيرة! يبتلع احدها أو اثنان كل النفط!
وطبيعي ان يقود مثل هذا الوضع البلد الى الافلاس حيث يوجد الكثيرون من الطفيليين الذين كلما أكلوا أكثر كلما أتسعت أفواههم أكثر. ونحن نريد لجم هذه الافواه وتوزيع الثروة على الافواه المحرومة ليحصل كل منها على نصيبه.
نحن نريد حكومة تقوم بذلك وليس حاكماً يبتلع هو وعائلته كل الثروات أي أن ينهبوا ويذهبوا، ثم يأتي الآن ويدعي قائلًا: تعالوا اعدوا قوائم بثروات هؤلاء وحاكموهم! «3»
فإلى متى تظل ايها القزم تواصل إطلاق مثل هذه الاقوال؟! أتظن ان الشعب لا يعرفك ولم يعرفك؟! هل تريد حقاً محاكمة عائلتك واخوانك «4»؟! أبدأ أنت بمحاكمة نفسك، أو اسمح لهم بأن يحاكموك لنعرف مقدار ما نهبته، فانت زعيم اللصوص والسراق، وانت الذي إرتكبت كل الخيانات، واخواتك تابعات لك وهن مثلك، وكذلك حال اخيك وعمك وابن عمك. يقال أن تعداد افراد هذه الاسرة والمرتبطين بها يزيد على ستين ألفاً ولعلهم اكثر. وهم يبتلعون كل ثروات بلدنا ثم يأتون ليقولوا: إن اقتصادنا يعاني من كذا وكذا!
فمتى فكّرتم بأمر هذا الاقتصاد؟ نحن فكّرنا بذلك وتوصلنا الى انه لو تخلص الشعب من هذه الافواه الواسعة لأصبحت ثرواته اكثر من حاجته، فالبلد غني ولكن اللصوص كثيرون، والنهب ليس له حدود، والافواه واسعة، والقصور في الخارج تحتاج الى ادارة. كذلك لابد من الانفاق على الصحفيين والصحف الاجنبية، لعله مائة مليون دولار، لكي تكيل المدح للسيد (الشاه) وتقول: إنه يقيم العدالة والاجتماعية، وأن الشعب الايراني لم يصل الى المستوى الذي يؤهله لنيل الحرية!
ما معنى هذا؟ ألا يريد الشعب الحرية؟ وهل لم يبلغ بعد المستوى الذي يؤهله للتحرر؟!
كلا، بل أنتم الذين لم تبلغوا مستوى الآدمية، وامثال كارتر لم يبلغوا بعد مستوى كأناس ويكونوا أناساً حقاً، وليس الشعب الايراني الذي يطالب بايقاف منح ثرواته لكم.

ضرورة الصحوة واحباط دعايات الاعداء

أفيقوا أيها السادة!! إن الدعايات بلغت أوجها في الخارج، وهم يروجون على نطاق واسع لمزاعم تقول: ان المعارضة عاجزة عن ادارة الدولة!
ولكن إذا كانت ادارة البلد تعني قتل الناس، فجميع الحيوانات تستطيع القيام بذلك، ولو تسلطت الذئاب على بلدنا لسيّرت شؤونه افضل من هؤلاء!!
فأي قول هذا؟! إنه يعني ان ايران تفتقد للساسة والمعلمين، ولكن هؤلاء موجودين غير انهم اما تركوا البلد وفضلوا العيش خارجه ولا يتجرأون على العودة اليه، او الحكم عمل على انزوائهم. فلو تخليت (الشاه) عن الحكم ورحل هذا النظام، سيأتي الاكفاء لادارة الدولة بصورة سليمة.
فما معنى القول بأنهم لا يقدرون على ذلك؟! انتم العاجزون عن ذلك وها قد إنطلقت الصرخات ولا تستطيعون إسكاتها. انكم عاجزون عن ادارة الدولة. حسناً فأرحلوا، فنحن قادرون على ادارتها بأنفسنا.
الدعايات الاعلامية كثيرة، فأهتموا انتم أيضاً بالاعلام وواجهوا تلك الدعايات. الفتوا انظار العالم الى انهم هم العاجزون عن إدارة البلد، فأي (فرصة) افضل من هذه، فهم الآن عاجزون، والدولة في حالة شلل في كافة المجالات، فالجميع الآن مضربون عن العمل لأنهم جميعاً ساخطون.
أنكم جعلتم الجميع في كل انحاء البلد ساخطين عليكم، والقادر على تسيير شؤون الدولة لا يؤدي عمله الى ظهور هذا العدد الكبير من الساخطين. لكنكم عاجزون عن ادارة البلد وبسبب عجزكم يسخط عليكم الجميع، التاجر والكاسب والموظف الحكومي والعسكري.
هل توهتم ان كل أفراد الجيش هم مثل هؤلاء الاراذل المرتزقة الذين تمادوا في قتل الناس وإيذائهم؟! كلا، ليس الجميع كهؤلاء، لقد أرسلوا لنا (العسكريون) رسالة يعلنون فيها عن إستعدادهم، وهم مستعدون للقيام بالمهام المطلوبة عندما يحين وقتها.
فمن الذي أبقيته راضياً عنك؟! لقد ارضيت اربعة اشخاص وهؤلاء الذين يهاجمون الناس ويهلكون الحرث والنسل، لقد ارضيتم بالمال، بأموال نفطنا التي مكنتهم من نهبها، أو بموارد البلد الأخرى فاخذوا يهاجمون الناس ويقتلونهم. ونحن نريد ان نطرد هؤلاء من بلدنا، فليذهبوا لشأنهم، فقد نهبوا ما فيه الكفاية، ليذهبوا الى مكان آخر يواصلوا نهبهم فيه.

ضرورة التعريف بقضايا النهضة

إنكم جميعاً مكلفون بتوضيح حقائق ما يجري في ايران، للأوروبيين والأمريكيين عرفوهم بحقائق الوضع في ايران التي عم السخط جميع ارجائها بسبب ما فعلته أيدي أميركا والاتحاد السوفيتي والخادم محمد رضا (الشاه) وأبيه وهو مثله أو لعله افضل قليلًا.
تحدثوا مع كل ما تلتقونه عن مصائب إيران، فقد شوّه هؤلاء حقيقة ما يجري فيها، وصوروا شعبها بأنه شعب متوحش لا يدع الحكومة تدير شؤون الدولة! إنكم أنتم المتوحشون لأنكم لم تبقوا بلدنا بأيدينا لنديره بأنفسنا.
حيثما تضعون أيديكم في هذا البلد تجدون يداً أمريكية، في الجيش تجدون ستين أو خمسة واربعين ألفاً من هؤلاء المستشارين وقد بدأوا الآن بالرحيل تدريجياً. وكذلك الحال في المجال الثقافي والتعليمي، والشي‏ء نفسه بالنسبة للمجلس النيابي، حيث أن اعضائه من الايادي الامريكية التي تم اعداد قوائم باسمائهم، كما ان الشاه وكل شي‏ء تحت هيمنتهم. فما الذي بقى لنا؟! لم يبقى لنا شي‏ء. هل إقتصادنا بايدينا؟ كلا انه بأيدي الامريكان الذين استحوذوا على كل شي‏ء بسبب خيانات هذا الرجل (الشاه) وجرائم اسياده.
نحن نريد دولة تكون بأيديكم وأيدي هؤلاء الحفاة العراة الذين يقاسون الجوع. فكّروا أنتم من أجل حل مشاكلهم. نريد أن تسلم الدولة الى أيدي اشخاص يتحلون بالشرف والإنسانية ويؤمنون بالله ويوم الحساب، وليسوا مثل هؤلاء الذين لا يعرفون الله ولذلك لا يفكرون بحال الفقراء والعمل من اجلهم ولصالح البلد. نريد الخلاص من مخالب سراق النفط والطفيليين.
أنتم مكلفون بتوضيح محنة هذا البلد حيثما ذهبتم وباي شخص إلتقيتم، وكذلك بلغت الانظار الى العلاج يكمن في رحيل هذا (القزم) وسقوط هذا النظام الباطل وكف ايدي الاجانب عن ثرواتنا.
فإذا زال المرض وتحقق العلاج برحيل هؤلاء وهذا القزم- وهم جميعاً ميكروبات مرضية كالورم السرطاني- فاننا سنقطع بأنفسنا تلك الأيدي، وبلدنا مترامي الاطراف وكثير الخيرات، ولكن شرذمة من الخونة تثير الاضطراب فيه، فلترحل هذه الفئة الخائنة، فان بلدنا بلد طيب ونحن نديره بانفسنا.
وفقكم الله جميعاً بمشيئته تعالى ودمتم مسددين! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سایت جامع امام خمینی رحمة الله علیه