شناسه مطلب صحیفه
نمایش نسخه چاپی

خطاب‏ [أهمية العلم والمعرفة في الإسلام وضرورة مسايرة التربية والتعليم‏]

طهران، جماران‏
أهمية العلم والمعرفة في الإسلام وضرورة مسايرة التربية والتعليم‏
مسؤولو حملة محو الأمية في كافة أنحاء البلاد والمشاركون في ندوة محو الأمية
جلد ۱۳ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۵۲ تا صفحه ۳۵۶

بسم الله الرحمن الرحيم‏

تحويل البنادق إلى أقلام‏

أشكر جميع السادة المجتمعين في هذا المكان الضيّق والجو غير المناسب، لنتحدث إليهم ويطرحوا علينا بعض ما عندهم. وأمّا السادة الذين جاؤوني الآن، يشكون عدم إقبال الناس كما يجب على صفوف محو الأمية هذه السنة، وعدم توفر الوسائل والإمكانات اللازمة، فنأمل من الله أن لا يكون الأمر كذلك في المستقبل. فمن الطبيعي لأي إنسان في بداية أي‏مشروع أن يتعرض لبعض الأمور غير المتوقعة، وأن يشعر أثناء التنفيذ ببعض النواقص، وكلي أمل أن يولي، من الآن فصاعداً، كل من الشعب والحكومة اهتماماً أكبر بهذا الأمر الحيوي. من بين اللافتات التي برفقتكم واحدة متكوب عليها «إذا تطّلب الأمر بدلنا أقلامنا بنادق رشّاشة»، لكننا نأمل من الله أن تصل البشرية إلى درجة من النضج تبدل معها بنادقها إلى أقلام، فإن الخدمات التي قدمها القلم للبشرية لم تقدمه البنادق لها، فقد كانت البنادق غالباً في خدمة القوى الكبرى ولأجل دمار البشرية. وإسلامنا الذي أمر بالجهاد والدفاع «1»، وتهيئة وسائل القوة وآلات الحرب، إنما منطلقة في ذلك الدفاع عن الحق، واستبدال لغة القوة والبندقية بلغة العلم والمنطق، وإن القادر على بناء البشرية هو العلم والقلم والفكر لا البندقية وسائر أدوات التدمير الأخرى، بل إن هذه الأدوات ذاتها مدينة للعلم بوجودها، والذين ابتكروها، منهم من كان قصده القتل والسيطرة والتدمير ومنهم من كان قصده خدمة الإنسان وحمايته وتأمين الاستقرار والأمن له. أمّا أنتم فاسعوا بأقلامكم وفكركم إلى وضع البنادق جانباً، وسلّموا الساحة للعلم والمعرفة والأقلام.
فمادامت البشرية تريد العيش في ظل البنادق والمدافع والدبابات فلن تستطيع التقدم نحو كمالها الإنساني ما لم تصل إلى مرحلة تتغلّب فيها لغة العلم والمنطق على لغة العنف والقتل، وتتغلّب فيها الأقلام على البنادق، فتضع آلات الموت جانباً وتفسح المجال لساحة العلم والمعرفة والقلم.

المعيار قيمة الاعمال وأهدافها

نحن عندما نقرأ في القرآن الآية الأولى من سورة العلق، والتي تعتبر حسب الظاهر أول ما نزل على رسول الله (ص)، نجد أنها توصي بأمرين: أولهما؛ القراءة يعني العلم والمعرفة. وثانيهما؛ تحديد الجهة التي يجب لهذه القراءة وهذا العلم أن يكونا في خدمتها. فعندما يقول الباري عزّ وجل: «إقرأ باسم ربك» «2» فالمقصود ليس مطلق القراءة أو مطلق العلم والمعرفة، وإلا هناك من العلم ما هو ضد الإنسانية ومخالفٌ لمصلحة الإنسان وكرامته، إنما المقصود ذلك العلم النافع الذي يكون في جهة خير البشرية وسعادتها، ويكون بإسم الرب وذي وجهة إلهية، وغير غافل عن اسم الله، ليكون هذا العلم وتلك القراءة وكل ما يتمخض عنهما لخدمة الإنسان وصلاحه.
فعمدة القول، إن المعيار في تقييم أفعال الإنسان في كل ما ينتجه من علم ومعرفة وصناعات وفنون، الغرض والدافع الكامن وراء إيجاد هذه الأشياء، بندقية كانت أو قلماً، دبابة كانت أو كتاباً علمياً فإن كان الغرض منها غرضاً إلهياً إنسانياً، يعود على البشرية بالخير والصلاح، أخذت قيمتها الإلهية والإنسانية، وإن كانت خلاف ذلك، سلبت منها هذه القيمة، وتحولت إلى وسائل خطيرة خصوصاً ما يخطه القلم ويفصح عنه اللسان من البيان، فإن القلم الفاسد أشد فتكاً من البندقية الرشاشة، وإن اللسان المغرض الزلق أخطر من المدفع والدبابة، وأمّا خطر العلم فهو أكثر من الجميع. ولكن إذا ما سخرنا كل ذلك لخدمة الإنسان ولخير البشرية وصلاحها، ووفق ما يمليه علينا الوجدان والدين، أصبحت لهذه الأعمال قيمة، وأصبح القلم بندقية، وأصبحت البندقية قلماً.

التأكيد على الهدف الإلهي للأفعال‏

على البشرية أن تفكر بجدية في مسألة إعطاء مراكز التعليم والتربية وجهتها الحقيقية. فالجامعات ما لم تعطى وجهتها الحقيقية، ستتحول إلى مراكز وبؤر لتربية وتخريج عناصر وقوى الفساد والتخريب، كما هو الحال في عالمنا اليوم، وأما لو أعطيت وجهتها السليمة، فستقدم للبشرية خدمات لا يمكن لأي جهة أخرى أن تقدم مثلها، فالأساس هو الوجهة التي يسار فيها. وقد عبر القرآن عن ذلك بأبلغ بيان بقوله تعالى: «إقرأ باسم ربّك الذي خلق» إقرأ؛ ولكن ليس مطلق القراءة، تعلّم ولكن ليس مطلق التعلّم، حصّل العلم، ولكن ليس مطلق العلم والتحصيل، وإنما العلم والتعلّم ذو الوجهة السليمة، الذي وجهته اسم الرب، والتوجه إلى الله، والذي يكون لأجل الله وخدمة خلق الله. فإن الأقلام إذا ما سُخّرت لأجل الله ولخدمة خلق الله، تنحَّت البنادق جانباً، وأمّا لو لم تكن كذلك، كانت صانعة للبنادق، فأدوات القتل والدماء إنما أوجدتها تلك الأيدي الحاملة للأقلام، أيدي العلماء المتواجدين في جميع الجامعات، كما أن رقي البشرية وتقدمها صنعته أيدي العلماء وأقلامها أيضاً.
فليكن سعيكم في أن تعلّموا الناس تعليماً موجّهاً، فهذه الصفوف الدراسية التي أنشأتموها لمحو الأمية، ويحضرها الكثير من الشباب وكبار السن، يجب أن لايكون هدفكم منها، مجرد محو أمية هؤلاء الأعزاء، وتعليمهم القراءة والكتابة، بل أعطوها وجهتها، وعلّموهم أن يقرأوا لله ويكتبوا لله، ولأجل خدمة الإسلام وخلق الله.

ضرورة إقتران التعليم بالتربية

يجب أن يقترن تعليم الناس مع تربيتهم. تلك التربية الإنسانية التي تعود على الإنسان بالنفع والفائدة، وذلك التعليم الموجّه، الحاضر فيه اسم الرب والتوجه إلى الله. فعلى جميع العاملين في حقل التعليم والتربية في كافة أنحاء البلاد أن يراعوا هذه المسائل فيما يقدمون للتلاميذ والطلاب من علم ومعرفة، وأن يسعوا جاهدين لإعطائه وجهته الإلهية والإنسانية، ليكون علمهم لله، وطاعة له. فإن كان هكذا علم إلهياً وإنساني الوجهة، جعله الله تبارك وتعالى من أعظم العبادات هذه الوجهة متمثلة في «إقرأ باسم ربّك». فإننا لا نجد ديناً أو أمةً أعطت العلم أهميته وأبعاده الحقيقية كالإسلام.
فقد تحدث القرآن في مواطن كثيرة عن العلم والعالم وطلب العلم، وعندما تحدث عن الحديد أخذ مسألة نفعه للناس بعين الاعتبار «وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس» «3» فإن قيمة الحديد هي بمقدار نفعه للناس، وأمّا لو سقط بأيدي الطغاة والقوى‏ الكبرى وتحول إلى أداة للدمار والضرر، فعندها يفقد قيمته، وقس على ذلك جميع الأشياء الاخرى.
فقيمة أي شي‏ء متوقفة على الغرض الذي يؤديه الإنسان من أجله. فالصلاة مثلا قيمتها بتلك النية التي يؤديها الإنسان بها فلو كانت خالصة لله، أوردته الجنان، وإن كانت رياءً ونفاقاً أكبته على وجهه في النار. فكم من المصلين الذين لا ينتفعون بصلاتهم، وكم من الجنود والعساكر وقوات الحرس من يعمل لله بنية خالصة، وقيمة عملهم تفوق قيمة الصلاة، ورشاشاتهم تفوق في قيمتها القلم. فاعملوا على أن تعلّموا وتربّوا في تعليمكم، فقوله تعالى: «بإسم ربك»، واستعماله لإسم الرب بالخصوص فيه تنبيه للناس إلى أهمية وضرورة التربية، وأن عليهم أن يقرأوا ويتعلّموا بإسم الرب، فتكون قراءتهم وتعلّمهم لأجل تربية البشر، وتكون أقلامهم مسخّرة لتربية البشر، فإن البشرية لم تنتفع من شي‏ء بقدر إنتفاعها من الأقلام الصالحة، ولم تتضرر من شي‏ء بقدر تضررها من الأقلام الفاسدة، فإنما غذاء العقول ما تنتجه الأقلام والألسنة، وجميع أنواع المعرفة والعلوم وطرق التعليم لو تحركت وفق الخط والمسار الإلهي، لربّت وأنتجت عقولًا إلهية، وأمّا لو كانت خلاف ذلك، أنتجت عقولًا مغرورة طاغوتية.

التأكيد على ضرورة التعليم للأميين‏

اتمنى من جميع أفراد الشعب الإيراني أن يساهموا في إنجاح هذا الأمر الحيوي وأن يُقبل في القرى من لم يوفق للتعلّم حتى الآن على هذه الصفوف، ليتعلم ويتنوّر، فإن «طلب العلم فريضة» كما أمر الله عزوجل على لسان نبيه الأكرم (ص) حسب هذه الرواية، وفي روايات أخرى «فريضة على كل مسلم ومسلمة» «4». فبالعلم يستطيع الإنسان أن ينال سعادة الدارين الدنيا والآخرة، وبالتعليم يمكنه تربية أبنائه من الشباب على أن يحفظوا مصالح دنياهم وآخرتهم بأنفسهم، فلو نجحت بلادنا في نشر العلم والمعرفة مقرونين بالأدب والتربية، مع التوجيه السليم والحث على العمل، لن تستطيع قوة في العالم أن تنال منهم وتخضعهم لسيطرتها.

جهل الناس هو البلاء الأعظم لبلادنا على مرّ التاريخ‏

إن كل ما تعرضنا له من بلايا ومحن على مرّ التاريخ، كان سببه الجهل المتفشي بين الناس. فقد اتخذوا من جهل الناس وسيلة لتجنيدهم وسوقهم في المسير المخالف لمصالحهم‏ ومصالح بلادهم. فلو كان الشعب محصّناً بالعلم، العلم الموجّه، ما كان لهؤلاء المخربين وأمثالهم أن يفعلوا ذلك. وحده العلم المٌعطى وجِهَتَه الحقّة، القادر على تخليص الأمة من كل ما هي فيه من المصائب والمحن، والقادر على وضع حد لأولئك الذين يسعون لإلحاق الهزيمة بالنهضة الاسلامية، والحؤول دون تطبيق الإسلام في هذه البلاد. إنه العلم، القادر على تجنيبنا كل هذه المفاسد والبلايا، فإن تسلحت أمتُنا بسلاح العلم إلى جانب التربية الإلهية، الإسلامية، الإنسانية، فسيمنحها ذلك قوة ومنعةً تضع حداً لكل طامع يريد الإعتداء عليها، ولكل ظالمٍ يريد الاستبداد فيها، وأمّا إذا تجرّدت من هذا السلاح، كانت فريسة سهلة للغزاة الطامعين ليجرّوا أبناءها إلى ما كانوا عليه في السابق من الاستبداد والتبعية.
أنتم أيها المعلمون العاملون في حقل محو الأمية في كافة أنحاء البلاد، عليكم أن تعلموا أنكم بعملكم هذا إنما تقدمون خدمة للإنسان لا تفوقها خدمة، وعلى غير المتعلمين من أهل القرى ومختلف المناطق في البلاد، أن يقبلوا على هذه الصفوف بكل شوق وحماس، وأن لا يظنوا أن الوقت قد فاتهم وأنهم لم يعودوا قادرين على التعلّم في هذه السن، فطلب العلم والتعلّم ليس محدوداً بسن معينة، وقد أوصانا ديننا أن نطلبه من المهد إلى اللحد «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد». فالدنيا يجب أن تدار بالعلم، العلم ذي الوجهة الحقّة، والعلم لا يعرف صغيراً أو كبيراً في طلبه، فالجميع يمكنهم أن يطلبوه. فعلى جميع الشباب والأطفال وكبار السن من أبناء القرى أو المدن أن يساعدوا على إنجاح هذا الأمر الذي فيه إنسانيتهم وتمدنهم والتعرف أكثر على دينهم وإسلامهم. فعلينا جميعاً أن نساعد ونساهم في إنجاح هذا الأمر، وإن شاء الله سنشهد معاً في السنة القادمة- إن بقيت بينكم- تقدماً باهراً في هذا الجانب، ولو لم أكن بينكم أن تشهدوا ذلك بأنفسكم. نسأل الله تعالى أن يوفقكم ويوفق شعبنا للتسلح بسلاح العلم والمعرفة إلى جانب تسلحها بالسلاح المادي، وأن تسخر كل ذلك في خدمة السلام العالمي والتدريب العسكري.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

«۱»-إشارة إلى الآية الشريفة «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم» سورة الأنفال، الآية ۶۰. «۲»-سورة العلق، الآية ۱. «۳»-سورة الحديد، الآية ۲۵. «۴»-بحار الأنوار، ج ۱ ص ۱۷۷، ح ۵۴.


امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417
 

دیدگاه ها

نظر دهید

اولین دیدگاه را به نام خود ثبت کنید: