بسم الله الرحمن الرحيم
الحفاظ على الدين والبلاد
إننا وإياكم نتحمل مسؤوليتين، الاولى مسؤولية صغيرة والأخرى مسؤولية كبيرة. المسؤولية الصغيرة تتمثل بحفظ البلاد والنظام وتقدم الثورة ومراعاة النظم وتربية الافراد. وهي رغم أهميتها إلّا أنها اصغر من المسؤولية الثانية المتمثلة بحفظ مبادئ الإسلام وكيانه. وإذا ما تقدمنا في الأمر الأول فهو تقدم عظيم وإذا ما خسرنا فسوف نتحمل خسارة عظيمة، ولكن لن تكون لنا خسارة أخرى بحفظ سمعة الإسلام والمبدأ! فالخسارة هي في العمليات العسكرية. ولكن إذا ما حافظنا على سمعة الإسلام ولم نهزم، فإننا سننتصر. فإذا ما نظرنا الى عهد الرسول الأكرم (ص) وخلافة الإمام امير المؤمنين، نجد أن حروباً كثيرة حدثت وكلها كانت تربية للمجتمع وتهذيبه.
فلقد خاض رسول الإسلام (ص) حروباً متعددة وخسر في بعضها، لكن مبدأه لم يهزم وكان محفوظاً! ورغم أن أمير المؤمنين- سلام الله عليه- خسر الحرب التي دارت بينه وبين معاوية وهزموه بالحيلة، إلّا أن المبدأ كان محفوظاً فلم يهزم وإنما انتصر أخيراً وكشف حقيقة معاوية. وكذلك كان سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) فقد قاتل بعدد قليل جموعاً كبيرة في كربلاء وانتهى الأمر بمقتله وأسر أهل بيته، لكنه في الوقت نفسه كان قد هزم يزيداً وفضحه امام العالم، ولم تكن هناك هزيمة لأن المبدأ كان محفوظاً.
الهزيمة الحقيقية هي هزيمة الإسلام
إننا الآن على مفترق طرق ومن الممكن أن نتحمل خسارة في نضالنا لا سمح الله. فلو افترضنا أن شعبنا قد هزم- لا سمح الله- في جهاده ضد محمد رضا بل أمام جميع الدول التي وقفت الى جانبه، فإن النصر كان سيعقب هذه الهزيمة، وحتى لو كنا قد خسرنا فلم يكن هناك من بأس برأيي! ذلك لأن مبدأنا كان محفوظاً، ومع الاحتفاظ بالمبدأ والعقيدة فإن الحق ينتصر على الباطل في نهاية المطاف.
أما الآن فمن الممكن أن يظهر الوجه الرائع للإسلام بشكل آخر أمام الدول الاجنبية والأعداء المحليين على أيدينا، وبذلك يهزم مبدؤنا. إننا نقول دائماً بأن كل المدارس الأخرى منحرفة وإن الإسلام قادر على تربية المجتمعات والمجموعات والشعوب. والإسلام مبدأ لتربية الإنسان وهو الذي يحول الإنسانية من القوة الى الفعل، ولكن المخاوف الآن هي فيما لو بدت أعمالنا خلاف ما ندعيه، أن أعداءنا لا يحملوننا ذلك، بل يتربصون بالإسلام ويقولون إن حراس الثورة وعلماء الإسلام والنظام الإسلامي هكذا يعملون! إنهم يبحثون عن ذرائع عسى أن يروا مخالفة فيضخموها مائة مرة ويشهروها للعالم ليشهدوا بنا كما يتصورون قائلين: إن الجمهورية الإسلامية التي كانوا ينادون بها هي هكذا، فقد تخلص الناس من مشاكل النظام السابق فصاروا يعانون من هذا النظام!
الثورة الايرانية ثورة بيضاء
في حين أن ثورة الشعب الايراني كانت أهدأ من كل ثورات العالم وينبغي أن يطلق عليها اسم (الثورة البيضاء)- ليس مثل الثورة البيضاء لمحمد رضا!- بمعنى أننا حصلنا على مئات اضعاف ما خسرناه، لكن ليس ذلك الذي نريد وإنما الذي نريده لم يتحقق بعد! إن ما حصلنا عليه هو أننا أزلنا الكثير من العقبات عن الطريق.
ارتكاب المخالفة من قبل المسؤولين
لكن إذا قمنا الآن بعمل بحيث يقال (كان النظام الشاهنشاهي سابقاً يقوم بمثل هذه الأعمال والآن فإن هذه الجمهورية الإسلامية التي تتحدث بالقرآن والإسلام تعمل نفس الشيء، ولكن تختلف عنه بالألفاظ)! إن هذا الأمر مسؤولية عظيمة تقع على عاتق كل ابناء الشعب! إن على كل من يعيش في ظل الجمهورية الإسلامية الآن تقع مسؤولية. إنها ليست مسؤولية شخص، ولو كانت كذلك لما كانت شيئاً مهما.
افرضوا أن اتهاماً وجه الى السيد لاهوتي «1» أو وجه إليّ أو الى السيد أبي شريف «2»، فليس مهماً، وإنما المسألة هو اتهام الدين! فلا شأن لهؤلاء مع الأشخاص، لأنهم هزموا أمام مدرستنا، لذلك يسعون لاتهام مدرستنا! إن ديننا هو الذي قدم هؤلاء الشباب الذين يقولون (ادع لنا لنيل الشهادة). هذه هي عقيدتنا، وهذا هو ديننا، فالمسلم لا يقدم على الموت لأمر يتعلق بهذه الدنيا. فليس من المعقول أن يقدم على الموت أحدهم من أجل هموم الدنيا الزائلة. فمثل هذا لا يعبأ به الناس. العقيدة هي التي تدفع الناس لممارسة الحياة الحرة الكريمة .. العقيدة هي التي حملت سيد الشهداء (ع) على التصدي للطاغية المستبد وطلب الشهادة .. الإيمان هو الذي دفع الإمام الحسين (ع) للتضحية بالغالي والنفيس رغم هزيمته الظاهرية.
إن فئتي علماء الدين وحرس الثورة هما حماة الإسلام، وعلى جميع أبناء الشعب ان يكونوا حراساً (كلكم راع) «3» فلابد للجميع مراعاة ذلك. فكلكم رعاة. فالكل رعية والكل مسؤول، يعني يجب على الجميع ان يكون كراع يقود قطيعاً للرعي ويجب ان يأخذهم الى اماكن جيدة، فالمسؤول هو ان يأخذ القطيع الى مراتع جيدة ويسقيهم من مياه نظيفة فهو مسؤول امام صاحبه اذا لم يأخذه الى هذه الاماكن.
الامر بالمعروف ومسؤولية الجميع
فكلنا نشعر بهذه الحالة، نحن مسؤولون امام الله وامام الضمير. ويجب علينا جميعا المراعاة، يعني لا ان اراعي نفسي؛ وانما ان اراعيكم انتم جميعا، وانتم ايضا كل واحد يراعي الآخر. وهذا الامر يقودنا الى ان نقول (لماذا) للجميع، وفرض على كل واحد منا ان يامر بالمعروف .. لقد فرض الإسلام على الجميع أن يأمروا بالمعروف. فلو أن شخصاً عادياً بنظر الناس، شاهد خطأ لدى شخص أعلى منزلة منه بنظر الناس، فلابد من التصدي له ومصارحته بأن عملك خطأ، فلا تفعل. يقولون إن عمر بن الخطاب عندما كان خليفة كان يقول إذا ما رأيتموني أعمل باطلًا فقوّموني! فشهر أحد المسلمين سيفه وقال لو رأيناك تعمل باطلًا لقوّمناك بسيوفنا.
إن التربية الإسلامية هي عدم المبالاة بأحد تجاه تنفيذ أحكام الله وإقامة الثورات الإسلامية! ويجب أن يكون التقييم: هل العمل في سبيل الإسلام أم لا؟ فلابد من تكريم من يعمل في سبيل الإسلام، وإذا ما كان مخالفاً للاسلام- فليكن من هو كائن، سواء أكان عالماً دينياً ذا منزلة، أو إنساناً من المسؤولين- فمن الواجب على كل شخص أن يتصدى له ويحول دون خطئه!
أهمية واجبات حرس الثورة
والآن من الواجب علينا جميعاً ألّا تشوه أعمالنا وجه الثورة! فالاسم الشريف (الحارس) قد أطلق عليكم. إن حارس الثورة الإسلامية ليس لفظاً، وإنما هو واقع. وهذا الواقع يعني أن من يعمل بخلاف مسيرة الإسلام في أي مكان لابد لكم من إخماد فتنته! وهذه الواقعية هي أننا إذا كنا حراساً بالاسم والواقع، فلابد لنا من أن نحرس أنفسنا كي لا نسير خلاف مسيرة الإسلام. فعندما يشاهد حارس وهو متلبس بعمل يخالف مهمته، لا يقولون إن هذا الرجل عمل كذا وإنما يقولون إن حراس الثورة هم هكذا. ولو أن احد علماء الدين ارتكب خطأ- لا سمح الله- فإنهم يقولون بأن علماء الدين هم هكذا. إن الأعداء يسعون الى فرض أخطاء الشخص على النوع، بل وأخطر منه أنهم يربطونه بالإسلام! إنهم يريدون القضاء على الإسلام، ذلك المحور الذي يخشونه، لذلك يهاجمونه أحياناً باسم المعممين وأحياناً باسم حرس الثورة الإسلامية وأحياناً باسم لجان الثورة الإسلامية وأحياناً أخرى باسم المحاكم الإسلامية.
اليقظة والحذر في مقابل المغرضين
فمن الواجب علينا ألّا نعطي ذريعة للمغرضين، وعلى كل منا حراسة نفسه ورفاقه. إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أساسان يريد الإسلام أن يصلح بهما كل فئات المسلمين. لقد كلف الإسلام الجميع بمهمة، فليكن الجميع حراساً، لأن الحراسة مهمة شريفة جداً وهي حفظ الإسلام، ومسؤولية هذا العمل عظيمة جداً. فلو عمل حارس الثورة بخلاف التعاليم الإسلامية فإنه سوف يضع بين أيدي اولئك الذين يريدون تشويه صورة الإسلام ذريعة، ليعرّفوا الإسلام تعريفاً سيئاً، وسيمنى مبدؤنا وعقيدتنا بالخسارة لا سمح الله. وإذا ما هزمت عقيدتنا فسوف ينتهي كل شيء، وهذه مسؤوليتنا جميعاً، فلابد لنا من حفظ الدين والعقيدة.
نسيم الإسلام في ايران
إنني أسأل الله تبارك وتعالى أن يكون لدينا دائماً أمثال السيد (أبي شريف) الذي التقيته قليلًا لكنني وجدته جيداً! وهذا السيد (لاهوتي) الذي هو قرّة عيني وأعرفه منذ سنوات عديدة، إنه قد عانى من النظام الفاسد بحيث أخبرني شخص بأن آثار التعذيب لازالت باقية على بدنه! فاعرفوا قدر هذا السيد، إنه ليس إنساناً عادياً وإنما هو استثنائي! إن هذه الثورة ستتقدم إن شاء الله وستظهر صورة الإسلام مشرقة. ونحن لدينا بضاعة لو عرضناها لقبلها العالم أجمع. إنهم لا يسمحون لنا بعرض هذه البضاعة! لقد منعونا من عرضها سنوات عديدة، وتلك هي الإسلام. والآن هبّ نسيم من الإسلام في هذه البلاد. إنهم يأتون الآن من كل مكان ويقولون بأن الناس في كل مكان هم عشاق ايران! إن عيون العالم اليوم تحدق بنا لترى ما نفعل؟ وهل قولنا (حكومة العدل الإسلامي) صحيح أو غير صحيح- لا سمح الله- وإننا لسنا بإسلاميين! فإذا قالوا هؤلاء ليسوا اسلاميين لما كان شيئاً مهما، أما الخسارة أن يقولوا: هذا هو الإسلام!.
إخوتي! اعلموا أن مسؤوليتكم عظيمة ولابد من المحافظة على أنفسكم وعلى مبدئكم لكي يتشكل بلد اسلامي- إن شاء الله- بحيث تفوح رائحة القرآن الكريم ورسول الإسلام (ص) في كل مكان تطؤه أقدامنا. حفظكم الله جميعاً بمشيئته!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته