بسم الله الرحمن الرحيم
الذكريات المرّة للشعب عن المجلس في العهد البهلوي
في هذا الظرف حيث تريدون البدء بالانتخابات، مع إني كتبت بعض الموضوعات وتم بثها، ولكن لأن الأمر مهم واحتمل أن تقع المسؤولية على عاتقي، سأتكلم ببعض الكلمات مرة أخرى أداء للواجب.
يحمل شعبنا ذكريات مريرة عن المجلس في زمن رضا شاه ومحمد رضا بهلوي. إنني أتذكر بعض دورات الانتخابات حتى قبل زمن رضا خان، وقد حضرت في بعض مراكز الاقتراع. منذ ذلك العهد الذي أتذكره ولحد الآن، كان مجلس الشورى لفظة بلا محتوى. مجلس الشورى الوطني معناه إن الشعب ينتخب بنفسه اشخاصاً ليتشاوروا ويحددوا مصالح البلاد. قبل مجيء رضا خان، كانت الانتخابات في زمن احمد شاه بيد الاقطاعيين والملاكين والأكابر في كل منطقة. لم يكن للحكومة يومذاك نفوذ كبير. لكن الأمراء أصحاب الأملاك، والاقطاعيين ذوي القدرة، والأقوياء في أطراف البلاد، كانوا يأتون برعاياهم واتباعهم عنوة الى صناديق الاقتراع لينفّذوا ما يمليه عليهم أسيادهم. وفي زمن رضا خان حينما تولى السلطة وفي زمن محمد رضا، لم تكن للمجلس علاقة بالشعب ايضاً. لم يكن مجلس الشورى وطنياً. الاول يجب أن نسميه مجلس الاقطاعيين، وهذا يجب أن نسميه المجلس الشاهنشاهي، سواء مجلس الأعيان أو مجلس الشورى. لم يكن للشعب أي دور. والجماهير حينما كانوا يرون إنهم لا يستطيعون فعل شيء، كانوا يعتزلون جانباً. فقد كانوا يشاهدون أن الذين يدخلون المجلس اشخاص يريدهم الذين أدخلوهم للمجلس، ولا علاقة للأمر بمصالح البلاد. طبعاً كان هنالك كلام دائماً، كان هنالك كلام وثناء وترقيات، إنْ على لسان محمد رضا، وإنْ على لسان الذين يعيّنهم. لو يُعثر الآن على محاضر الجلسات آنذاك، ستلاحظون إن المجلس من أوله الى آخره كان ينقضي بالثناء والمدح لمحمد رضا ومن يدور في فلكه. لم يكن للشعب يومذاك مسؤولية، لأنه لم يكن قادراً بل كان تحت سلطة الاقطاعيين، وبعد ذلك تحت سلطة هذين الشخصين رضا ومحمد رضا، ولم يكن بوسع الشعب فعل شيء، لم يكن يستطيع حتى أن يتنفس. ولهذا فكل المسؤوليات أمام الله وأمام الأجيال القادمة كانت تقع على كاهل الاقطاعيين وعلى نواب الاقطاعيين في ذلك الزمان، وعلى رضا خان ومحمد رضا والنواب المنصوبين من قبلهم في هذا الزمان. كان هذا يومئذ.
المسؤولية الكبرى للشعب في انتخابات المجلس
مرارة هذه الأمور واللاأبالية في الانتخابات والمجلس وما الى ذلك، قد تؤدي الى أن يتصور البعض ان الحالة اليوم كما كانت في السابق. أو كما يقال من تلسعه الأفعى يخاف من الحبل الأبلق، وشعبنا لسعته الأفعى، لسعه الاستعمار، لسعه الاقطاع، ولسعه محمد رضا ورضا خان. ولهذا قد يخطر ببالهم إن هذا المجلس شبيه تلك المجالس. ولكن يجب أن يعرف الجميع إنه ما من قوة اليوم تستطيع فرض نائب، من رئيس الجمهورية الى الجيش الى الشرطة الى الدرك، أما الاقطاعيون فلم يبق منهم اليوم شيء. وكذلك الأشراف والأعيان، وليس لدينا متنفذين. ما من أحد اليوم في ايران، ما من شخصية مسؤولة اليوم تقع في ايران تستطيع أن تفرض نائباً. إذن فالمسؤولية اليوم على عاتق الشعب. إذا اعتزل الشعب جانباً، وإذا اعتزل المؤمنون والملتزمون، ودخل الى المجلس من رسموا المخططات لهذه البلاد من يسار ويمين، تقع المسؤولية كلها على الشعب. وأي خطوة يتخذونها ضد الإسلام، تكتب في صحيفة أعمال الشعب، وأي شيء يقومون به تعود مسؤوليته على الشعب.
إن مصير الإسلام ومصير المسلمين في ايران ومصير البلاد بيد الشعب اليوم. فإذا تهاونوا في هذا الأمر واهملوه ولم يذهبوا للاقتراع، ألقيت المسؤولية على عاتقهم عيناً. أما إذا ذهبوا ولم يتساهلوا في التشخيص، واختاروا الاشخاص الملتزمين الاسلاميين والذين يقدرون البلاد وأهلها ولا يريدون ان تقع زمام البلاد في يد اليسار او اليمين، فقد قاموا بواجبهم. وإذا تساهلوا في هذا الأمر، ونجح اولئك الذين يريدون تقييدنا بأغلال اليسار واليمين وجعلنا مكّبلين بأغلال القوى الكبرى، إذا نجح اولئك ولزمتم الصمت، وقعت كل المسؤولية على عاتقكم. إنها مسؤولية جد جسيمة نتحملها اليوم جميعاً.
إتمام الحجة على الشعب أمام الله
إنني بمقدار قدرتي على الكلام، ومع انني في حالة نقاهة، لكنني اشعر بالواجب واخاطب الشعب. وإذا لم يصغ الشعب لهذا الكلام فإن في يدي حجة. غداً سنُسأل أمام الله تبارك وتعالى. وسوف أقول هناك إنني ذكرت للشعب المصالح والمفاسد. وقلت لهم إنكم إذا تساهلتم، فسينجح الذين يريدون تكبيلكم، والذين يعارضون الإسلام وكانوا يعارضون جمهورية الاسلام منذ البداية الى اليوم. وإذا نجح أولئك لا سمح الله، وعادت بلادنا الى سابق حالها، ووقعت إما بيد اليساريين او بيد اليمنيين، كانت مسؤولية ذلك كله عليكم. ليست الحال كالسابق، كما كانت في زمن النظام السابق. لم تكونوا مستطيعين في النظام السابق، ولم تكن لكم القدرة. أما اليوم فأنتم قادرون على صيانة كرامة الإسلام ومصالح البلاد وحفظ استقلالكم وحريتكم. إذا تساهلتم فأنتم مسؤولون أمام الله تبارك وتعالى. إنْ لم تذهبوا وتصوّتوا، وذهب الجادّون في الدخول الى المجلس لإفساد الأوضاع في ايران لا سمح الله، فإن مسؤولية ذلك تقع على عاتقكم مباشرة.
كل الجماهير مسؤولة. مراجع الدين مسؤولون، والعلماء مسؤولون، وأئمة الجماعة مسؤولون، والخطباء مسؤولون، والتجار مسؤولون، والكسبة مسؤولون، والجامعيون مسؤولون، وطلاب العلوم الدينية مسؤولون، والعمال مسؤولون، الكل مسؤولون. كل شرائح الشعب مسؤولون اليوم. فاليوم قد اخذ أولئك الذين عارضوا الجمهورية الاسلامية منذ البداية الى الآن، وعارضوا الإسلام ووجدوه معارضاً لمقاصدهم، يتخبطون ويمارسون الدعاية. إذا اعتزل المؤمنون جانباً، واعتزل الملتزمون بالإسلام، وجاء هؤلاء وأمسكوا بالأمور، كما حصل في أوائل الحركة الدستورية «1» إذ اعتزل الملتزمون، وأمسك بزمام السلطة غير الملتزمين بالاسلام، وجرّوا الاسلام الى حيث شاهد الجميع.
لو كان العلماء قد نزلوا الى الساحة في بداية السلطة، ولو كان المؤمنون، وكذلك المثقفون الملتزمون والمسلمون لو كانوا قد نزلوا إلى الساحة وأمسكوا بزمام المجلس، ولم يسمحوا للآخرين بأن يأتوا ويمسكوا بالمجلس، لما وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه اليوم، ولما دُمّرت بلادنا، ولما سحقت عزتنا. لكن الشياطين يومذاك همسوا في آذانهم أن لا تتدخلوا في السياسة، هذه هي السياسة، فما لكم والسياسة، وقد صدّقوا انهم يريدون الخير لهم. واليوم ايضاً قد تظهر هذه الأمور لدى بعض شرائح المجتمع فيقولون مالنا ولهذه الأمور. اتركوا هذه الأعمال لأهلها. يجب أن يعرف الجميع إنكم جميعاً مسؤولون. كلكم معاقبون غداً أمام الله تبارك وتعالى لا للمعمم حجة إذا لم يعمل، ولا للكاسب حجة إذا لم يعمل، ولا للمزارع حجة إذا لم يعمل، ولا لطالب الجامعة ولا لطلاب العلوم الدينية. العامل ورب العمل، كلكم مسؤولون أمام الله تبارك وتعالى، ومسؤولون أمام الشعب والأجيال القادمة. لا تتصوروا إن الأمر لا يعنيكم. كلا، كل شيء يعنيكم. ليس الأمر كما كان في السابق حتى تقولوا لم نكن قادرين ولم نستطع. إنكم تستطيعون اليوم. إن السلطة كلها اليوم بيد الشعب. فرئيس الجمهورية وقائد أركان الجيش مثلكم ومثل أي إنسان آخر. لا هو قادر على فرض شيء عليكم، ولا أنتم قادرون على فرض شيء عليه، ولا أنتم ترضخون. كلنا اليوم مسؤولون. جميعنا ينبغي أن نذهب الى صناديق الاقتراع، وننتخب كلنا سوية الأشخاص الملتزمين الإسلاميين الذين ليست لهم ميول يسارية ولا ميول يمينية، ولا يريدون بيعنا لهذه الجهة أو تلك، حتى يكون مصيركم ومصير الإسلام في الاتجاه الصحيح.
اللهم، إني قد أديت الواجب الذي على عاتقي في حالة الضعف والنقاهة التي أنا عليها. وأنت الشاهد عليّ إني أتحدث بهذه الأمور أداءً للواجب. ولدي مسائل مهمة أترك الحديث بشأنها إلى اليوم الأول من السنة الجديدة. إن شا الله سوف أذكرها إذا بقيت حياً الى ذلك الحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته