بسم الله الرحمن الرحيم
إن كان ينبغي أن يكون أحد الأيام يوماً للمرأة، فأي يوم أسمى وأرقى فخراً من يوم الولادة السعيدة لفاطمة الزهراء- سلام الله عليها- المرأة التي تعد مفخرة بيت الوحي، وشمساً في سماء الإسلام العزيز. امرأةٌ فضائلها في مصاف الفضائل غير المتناهية للرسول الأكرم وبيت العصمة والطهارة. امرأة كل من قال فيها وبغضّ النظر عن طبيعة نظرته إليها لم يفِ بمديحها- والأحاديث التي وصلت عن بيت الوحي في حدود فهم المستمعين- فهي بحر لا يستوعبه إناء. وكل ما قاله الآخرون كان بمقدار فهمهم لا في حدود منزلتها.
إذن فالأولى أن نتجاوز هذا العالم المدهش، ونتوجه الى فضائل المرأة. فالأقلام المسمومة الأثيمة وأحاديث الخطباء الجهلة في نصف القرن الأخير من العهد البهلوي المخزي، أرادت أن تجعل من المرأة بضاعة، وقد جروا ضعفاء النفوس إلى مراكز يخجل القلم من ذكرها.
من أراد أن يطلع على جزء بسيط من تلك الجرائم، فليراجع صحف ومجلات واشعار الأراذل في زمن رضا خان منذ الفترة المهلكة للسفور الإجباري فما بعد، ويتتبع شؤون مجالس ومحافل ومراكز الفساد آنذاك. سوّد الله تلك الوجوه وأخزى أقلامهم. ولا يُظن أن تلك الجرائم التي وقعت باسم (النساء الحرات والرجال الأحرار) كانت بمعزل عن مخططات ناهبي العالم والمجرمين الدوليين. كانت إحدى خططهم أن يجروا الشباب إلى مراكز الفحشاء، وقد نجحوا. وافرغوا بلادنا من الشباب وهم الشريحة الفاعلة في المجتمع، ونزعوا من أدمغتهم قوة التفكير حتى لا يبالي أحد بما يسلبون وينهبون من هذا البلد المريض المتغِّرب. واليوم اكتسبت المرأة؛ هذا العنصر الاجتماعي المؤثر، مكانتها إلى حدٍّ ما بفضل النهضة الإسلامية.
إذا صرفنا النظر عن عدد قليل من الطبقة العليا التي تمثل تركة العهد الأسود للنظام المنحط البائد، الذين يرون مكانة المرأة في كثرة تبرجها ومشاركتها في مجالس الترفيه واللهو، وتجعل من ذاتها سلعة، وهؤلاء أتباع وعملاء ذلك النظام ومنفذي مخططات الأجانب ومساعدي السي. آي. أي. والسافاك. إذا صرفنا النظر عن هؤلاء، فإن باقي النساء الباسلات الملتزمات، عملن إلى جانب الرجال الأعزاء لبناء إيران العزيزة، كما عملن لبناء الذات في مجالات العلم والثقافة. ولا تكادون ترون مدينة أو قرية إلا وفيها جمعيات ثقافية وعلمية لنساء ملتزمات وسيدات مؤمنات محترمات. وقد أوجدت النهضة الإسلامية بفضل الإسلام تغييراً في نفوس النساء والرجال بحيث قطع به طريق مئة عام في ليلة واحدة.
وقد شاهدت ايها الشعب النبيل أن النساء الإيرانيات المحترمات الملتزمات، تقدمن امام الرجال إلى الساحة وحطمن السد الشاهنشاهي الهائل. ونحن جميعاً مدينون لنهضتهن وأعمالهن. وبعد تحطيم القوى العظمى واجتثاث جذورها الفاسدة، نستطيع بحق أن نحدد يوماً ونعتبره يوم المرأة، ونتحدث للعالم والمجتمعات البشرية بفخر وشموخ عن المرأة وتقدمها في الجمهورية الإسلامية. إن النساء في الجمهورية الإسلامية اليوم يقفن إلى جانب الرجال في السعي لبناء الذات والبلاد. وهذا هو معنى النساء الحرائر والرجال الأحرار، وليس ما كان يقال في زمن الشاه المخلوع؛ حيث كانت الحرية سجناً وإرهاباً وإيذاء وتعذيباً.
إنني أدعو النساء الى نسيان سلوك زمان الطاغوت، والى بناء إيران العزيزة وهي منهن وأبناؤها أبناؤهن بنحو لائق، حتى نتخلص بهمم جميع أبناء الشعب من التبعية بكل أبعادها. أبارك للنساء الملتزمات يوم العشرين من جمادى الثانية، وهو يوم المرأة المبارك. وأسأل الله تعالى لهن السلامة والسعادة، وعظمة الإسلام والمسلمين.
روح الله الموسوي الخميني
طهران، شميران، دربند
ذكرى ولادة السيدة فاطمة الزهراء (ع) ويوم المرأة
تكريم مكانة السيدة فاطمة الزهراء (ع) ومنزلة المرأة
الشعب الإيراني
صحيفة الإمام الخميني ج ۱۲ ص ۲۲۹ الى ۲۳۰
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417