بسم الله الرحمن الرحيم
مخاطر حب النفس والغفلة عن الله عزوجل
في البداية أسأل الله أن لا يحرم أحداً منكم من فضله وكرمه وأن يهديكم لما فيه مرضاته وينصركم لبلوغ أهدافكم وخدمة الإسلام والوطن.
إن حب النفس من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان ورأس كل خطاياه، والسبب في كل ما يلحق بالإنسان من بلاء وبالمجتمع من مصائب وويلات. يروى عن الإمام الصادق أنه قال: «رأس كل خطيئة حب النفس» «1».
على الإنسان أن يسعى لإزالة هذه الخصلة البشعة عن نفسه أو على أقل تقدير أن يعمل على تخفيف حدتها. طبعاً إن في الأمر صعوبة بالغة ويتطلب ممارسة مستمرة وجهداً مضاعفاً ولكنه ليس بالأمر المستحيل. فلو ترك الإنسان الأنانية ووضع مرضاة الله والمصلحة العامة نصب عينيه لكتب له التوفيق والنجاح في كل أعماله ومساعيه.
أنتم اليوم أمام مسؤولية كبيرة تجاه الشعب وتجاه الإسلام نظراً للمراكز الحساسة التي تشغلونها والتي تفرض عليكم أن تنجزوا مهمات صعبة وكبيرة.
عليكم السعي والعمل الدؤوب؛ فالرئاسة على مختلف درجاتها وأنواعها ليست مسألة اعتبارية. انظروا إلى أمير المؤمنين (ع) الذي حكم دولة مترامية الأطراف من الحجاز إلى مصر والعراق وإيران، أنظروا إلى حياته الشخصية وإلى أسلوب تعامله مع الأمة وتمعنوا بالوصايا التي كان يبعث بها إلى عماله في الولايات، يا لها من وصايا قيمة حقاً. بالطبع لا يمكننا أن نكون كالإمام علي (ع) ولكن يمكننا أن نكون شيعة وأتباعاً مخلصين له وأن نسعى جاهدين لتنفيذ ما أمرنا به وتعلمناه منه.
لم تكن الرئاسة والدنيا مهمة له بل كان الله مبتغاه الأول والأخير ولم تكن الرئاسة إلّا وسيلة لإقامة حكومة العدل الإلهية وتطبيق الأحكام الإسلامية.
علينا أن نتمعن في حياة الأئمة الأطهار (ع) ونتعلم منهم الدروس والعبر والامتثال لها قدر المستطاع وأن نبعد أنفسنا عن كل شرك نصبه الشيطان لنا كالأنانية وحب النفس، وأن نسير على خط الولاية والهداية لنتمكن من إصلاح أنفسنا ومجتمعنا.
تمعنوا في حكومتكم هذه وانظروا من أين أتت ومن قام بتسليمكم إياها والقوا نظرة إلى الماضي، إلى خمس أو عشر سنوات مضت كيف كان الوضع آنذاك؟ وأي نوع من الحكم كان قائماً؟ وأي نوع من العلاقة كانت قائمة بين الشعب والحكومة؟ ومدى فظاعة التعذيب والإضطهاد وقسوة السجن وبشاعة القتل الذي كان يرتكب آنذاك.
ثم إسألوا أنفسكم عن سبب التغيير الذي حصل في هذا البلد والذي أدى إلى وضع نهاية لعهد الإجرام والإضطهاد وغيّر حالنا الى هذه الحال، حيث أصبحتم أحراراً تخاطبون الشعب بصدق وتتقبلون انتقاداته برحابة صدر وهتافاته المؤيدة والمناصرة باعتزاز.
ما الذي حدث يا ترى؟ ومن أين حصلنا على استقلالنا هذا؟ وكيف أصبحت حدودنا منيعة لا يمكن لأحد أن يتخطاها؟
أليس الذين حققوا وصنعوا كل ذلك هم أولئك المستضعفون والحفاة الموشحون بالسواد والطلبة المحرومون والناس العاديون الذين ثاروا متحدين في سبيل الله وحققوا هذه الثورة العظيمة وحرروا البلاد من قيود الإستكبار العالمي وحطموا تلك الموانع الصلبة والتي لم يكن أحد يتوقع زوالها يوماً ما.
إنهم هم الذين صنعوا منكم وزيراً ورئيساً، إذاً فكل ما في هذه الدولة قد حققه الشعب بنفسه وكل ما لدينا اليوم هو من صنع الشعب، هذا الشعب الذي أطلق نداء الله أكبر في كل مكان.
توقعات الشعب من المسؤولين
علينا أن نرى في البداية ما الذي يريده الشعب منا أن نفعله، وأي أهداف هذه التي يطالب بها الشعب وعهد إلينا دفة الحكم لتحقيقها. إنه يريد من كل الدوائر والمؤسسات الحكومية ومن رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة أن يعملوا على خدمة الإسلام ورفع رايته عالياً.
فقد حقق الشعب هذه الثورة المباركة محاطاً بالرعاية الإلهية، ولذلك فإن أهدافه تصب في خدمة الإسلام وإحقاق الحق.
علينا أن نتبنى النهج الإسلامي القويم والمتمثل بحماية المستضعفين ورفع الظلم عنهم. لو ألقينا نظرة إلى تاريخ الدول والحكومات لما وجدنا حكومة تشد على أيادي المستضعفين وتساند المحرومين، بل كانت جميعها حكومات متسلطة ترتبط بالبلاط بشكل أو بآخر وحتى تلك التي يعتبرها البعض حكومات عادلة فإن سجلها حافلٌ بالمخالفات والتجاوزات التي تصب في مصلحة البعض ويتضرر منها الكثيرون. كالذي حدث على أرض هذه البلاد في الماضي، حيث قامت الحكومة آنذاك بتسليم خراسان بأكملها لأحد الاقطاعيين الأثرياء مقابل مبلغ من المال، وتعهدت الحكومة بعدم التدخل في شؤون هذه المحافظة مهما سمعت عن مظالم شعبها وبؤسه مقابل أن يستلموا أموالهم بشكل كامل وفي الموعد المحدد. انظروا إلى هذه الفظاعة في التعامل مع الشعب وهذا البؤس والحرمان الذي يعاني منه. إننا اليوم أمام حكومة إسلامية تختلف عن الماضي كلياً، وعليكم نسيان ذلك ودفنه، دفن الدكتاتوريين والناهبين والأنانيين، يجب دفن كل هذا والدخول في حكومة جديدة لا تضاهيها إلا ما كانت قائمة في صدر الإسلام، وإن هذه الحكومات لم تكن لإيران، حتى في الوقت الذي فتحوا إيران، فإنهم وضعوها مرة أخرى تحت تصرف هؤلاء، الذين كانوا يديرون هذا البلد وكانت الجرائم نفسها.
النفس الأمارة والحيل الشيطانية
أيها السادة يجب أن تلتفتوا إلى نقطة في غاية الأهمية؛ وهي أن الشعب هو الذي أنقذكم وخلّصكم من عمليات الإعتقال والسجن والتعذيب وها أنتم الآن تنعمون بالحرية وتتنسمون عبق هذه الحرية.
ولكي تردوا للشعب هذا الدَّين وتشكروا الله على نعمه، عليكم التفاني في خدمة الشعب والإسلام والإتحاد والتضامن من أجل ذلك. أعود وأؤكد على أهمية نبذ الإختلاف والنزاع فلو اجتمع كافة الأنبياء في طهران وأرادوا أن يفعلوا شيئاً لما اختلفوا فيما بينهم، ولِمَ الإختلاف أصلًا؟
لقد ربّى الأنبياء أنفسهم وهذبوها لأنها منشأ الإختلاف والنزاع.
يظن الإنسان أحياناً أن ما يقوم به فيه مصلحة واضحة مع أنه لا يعي وجوده ولا يدرك طبيعته. بعضنا يظن أن كل ما ينجزه من أعمال ويقدم من اقتراحات يصب في مصلحة المسلمين جميعاً. أريد أن أسأل هؤلاء، أنه لو تصرف شخص آخر بطريقة تخدم مصالح المسلمين بصورة أفضل هل ستبقون على نفس الرأي؟ هل تفضلون أن تنجزوا هذا العمل بنفسكم أم ستتركونه لمن يقدم اقتراحات أفضل وخدمات أجل؟ أم أنكم تودون أن تتحقق مصالح المسلمين على أيديكم فقط؟
إنه الشيطان الذي يغوي الإنسان ويوسوس له (أنت الآن مقتدر ولديك كذا وكذا، فما الداعي للسماح للآخرين بالعمل؟ فأنت الأن وزير طاعتك واجبة على الجميع). أيها السادة إن السبب في كل هذه المشاكل هو أن الإنسان لم يهذب نفسه ويروضها ولو كان فعل ذلك لما إستاء من إنتقاد الآخرين أبداً.
لو فرضنا إنتقاد شخصين، أحدهما أنت، والثاني شخص آخر، والاثنان يتصفان بصفة واحدة، فلو إنتقد شخص رفيقك على الصفة التي يحملها، لانتابك الفرح لأنك تعتبره نداً لك وهو الآخر سيسر عندما يرى الآخرين يوجهون لك الإنتقادات. ولو وجهت الإنتقاد له شخصياً لإستاء كثيراً.
إن هذا كله من حيل الشيطان وخداعه. فشيطان النفس الأمارة أخطر من الشيطان المعروف. أتختلفون فيما بينكم وقد عهد الشعب إليكم بهذه الأمانة وحطم كل الموانع وتغلب على كل الصعاب، وأوصلكم إلى هذه المناصب الرفيعة وتحمل ما تحمله من شقاء؟ لقد قدم الشعب الكثير من الشهداء والتضحيات وأنتم ترون اليوم كيف يستشهد الكثير من عناصر الحرس الثوري والجيش يومياً في كردستان وتُراق دماؤهم الزكية هناك كل يوم ويقصف الشعب من قبل العدو، فالأعداء محدقين بنا من كل حدب وصوب.
هل ستمضون في نزاعاتكم وإختلافاتكم بعد كل هذا؟ إن كل هذا من عمل الشيطان الرجيم، والأنا شيطان بحد ذاته أيضاً، وكل من يدعو الناس لإطاعته شيطان.
إن المجلس الذي تديره كلمة أنا هو مائدة شيطانية، فالأنانية من أشد الخصال ارتباطاً بالشيطان. كيف سنواجه الله سبحانه وتعالى بهذه الصورة؟ كيف سنواجه الشعب الذي يراقبنا باستياء؟ ماذا سنقول لتلك المرأة الثكلى التي قدمت أبناءها فداءً للإسلام وفي سبيل إقامة الجمهورية الإسلامية؟
ماذا سنقول لأبناء الشهداء؟
ماذا سيقول أفراد الشعب عندما يرون المسؤولين في خصام ونزاع على توزيع المناصب والصراع على السلطة؟
لقد قرأت صحف اليوم والأمس ورأيت فيها الكثير مما يثير استياء الشعب وسخطه. انتبهوا أيها السادة جيداً فالأمر في غاية الأهمية. ولا تظنوا أن تولي هذه المناصب العليا سيخولكم القيام بما يحلو لكم، فالدولة إسلامية وليست طاغوتية، لا تخلطوا بين الأمرين أبداً.
إن جل ما أخشاه هو أن تتراكم هذه القضايا وهذه المشاكل، لا سمح الله، وعندها سيقوم الشعب بنفسه بعزلكم كما فعل مع الطاغوت. فالطاغوت طاغوت بأعماله وليس بحسبه ونسبه، فلقد كانت أعمالنا طاغوتية من خلال التنازع على المناصب والإضرار بمصلحة الأمة فحينها سنكون نحن طواغيت أيضاً فللطواغيت درجات ومراتب. فقد كان محمّد رضا خان طاغوتاً ورضا خان طاغوتاً وكارتر أيضاً كان طاغوتاً. ونحن أيضاً سننضم في هذه الحالة إلى جند إبليس ورجاله.
أيها السادة عليكم أن تفكروا بمعاناة هذا الشعب وبالتضحيات التي قدمها من أجل أن تتولى أنت هذا المنصب. فكروا في هؤلاء. عندما تخلو بنفسك في الليل، فكّر هل أن العمل الذي قمت به اليوم كان من أجلي أم من أجل الشعب. واليوم عندما أتحدث، فهل اتحدث لنفسي أم لمصلحة البلاد؟
تجنب جميع التيارات والأجنحة الاختلاف
عليكم أن تلتفتوا جيداً للتضحيات الجسام التي قدمها هذا الشعب المعطاء والتي وصلتم من خلالها إلى مناصبكم هذه. وكذلك ينبغي أن تهتموا بمشاكل الشعب وبالأخطار المحدقة به، الداخلية منها والخارجية. لقد سلمكم الشعب هذه الأمانة لتحفظوها، ولذلك تجنبوا النزاع والإختلاف ولا تصغوا لأنفسكم الأمارة بالسوء والداعية إلى الأنانية، فخداع النفس وحيلها هي أشد من حيل وخداع الشيطان نفسه ومن الصعب تشخيصها وفهمها، ولكن الإنسان قادر على فهم الواضح منها على أقل تقدير.
هل ترون أن الصراع على المناصب التي عهد الشعب بها إليكم أمر مناسب؟ هل توجيه الإتهامات والإنتقادت المغرضة هو جوابكم لهذا الشعب؟ هل يمكن تحمل كل هذا الحجم من الإهانة والإفتراء في صحفنا؟ كيف ستواجهون ربكم بهذه الأعمال؟ وكيف ستواجهون الشعب؟
إن المستفيد الوحيد من كل هذا، هو الغرب المستكبر الذي يود لو تنازعتم واختلفتم وغفلتم عن مصالح البلد كي ينتهز الفرصة المناسبة لتوجيه الضربة القاصمة. لقد سعت أمريكا والقوى العظمى الأخرى وطوال خمسين سنة وأكثر مضت لنهبنا وبث التفرقة بيننا وصرف أذهاننا عن مصالح الأمة، ولكن الله كان لهم بالمرصاد.
هل تودون اليوم أن تفعلوا ذلك، كما خطط له الغرب، لإغفالنا عن القضايا الأصلية وإشغالنا بالمخدرات والفحشاء لنحيد عن الخط الإنساني. فأمريكا وكافة الدول الطامعة بثرواتنا عملت على غرس اللامبالاة في أعماقنا تجاه مستقبلنا وحاضرنا وقضايانا الأساسية. وها أنتم اليوم تسيرون على نفس الخطى الاستكبارية.
إنكم وبدلًا من حل المشاكل في كردستان على سبيل المثال والعمل على نصرة المستضعفين والفقراء الذين قدموا الكثير في سبيل انتصار هذه الثورة قد غفلتم عن المصالح الوطنية والإسلامية. إن الشعب لا يطالبكم بالكثير بل يريد منكم توفير إحتياجاته الأولية فقط من ماء وخبز وكهرباء فاعملوا على توفير ذلك فوراً ولا تغفلوا عن خدمة هذا الشعب وتنشغلوا بالنزاع والإختلاف.
في عهد الشاه كان الوضع كالذي نحن عليه الآن، إذاً فما الفرق بينكم وبين الطاغوت؟ ما الفرق بينكم وبين الأمريكان، فهم يدعونكم إلى الإختلاف وأنتم تمارسونه عملياً! فلا فرق بين أن تتلقى أمراً من السفارة الأمريكية وتنفذه وبين أن تخدم مصالح أمريكا وتحقق أهدافها عن غير قصد لأن النتيجة واحدة.
فابتعادكم عن مصالح الشعب ومطالبه والإنشغال بالقضايا الفردية وأن الشعب يعارض فلاناً ويؤيد الآخر، يثبت أنكم أمريكيين من حيث الاتجاه والمسير طبعاً عن دون قصد.
المحافظة على روحية خدمة الشعب
انتبهوا، انه لا وجود للحكومة بمعناها الحالي في الإسلام فمناصبكم هذه مراكز لخدمة الإسلام وليس لحكمه. أنتم خدام للإسلام، حيث لا توجد حكومة بهذا المعنى في الإسلام. للإسلام خادمون.
طبعاً لابد من وجود جيش منظم لضرب كل من يخون الإسلام والبلاد ويعتدي عليهما. إن الحكومة بمعناها الإسلامي لا ترهب الشعب ولا تتعالى عليه.
هل تظنون أن خروج محمد رضا إلى شوارع المدينة كان كخروج أمير المؤمنين (ع) إلى أحضان الشعب وهو أمير الأطراف تبلغ مساحته أكثر من عشرة أضعاف دولة محمّد رضا؟
فقد كان امير المؤمنين (ع) يخرج للسوق دون أن يعرفه الكثيرون.
هل تظنون أن مالك الأشتر كان كقادة الجيش والمسؤولين في زمن الطاغوت؟
يذكر لنا التاريخ أن مالكاً خرج يوماً إلى السوق فقام أحدهم بالاستهزاء منه حيث ظن أنه أحد الفقراء البسطاء ولم يكن يعرفه! أنظروا إلى عظمة هذه الشخصية الفذة حيث لم يرد عليه بل ذهب للمسجد ودعا له بالهداية! يا لها من أخلاق رفيعة.
لنطالع أيها السادة سيرة هؤلاء العمالقة وأسلوبهم في الحكم لنأخذ العبر ولنصائح المفيدة لا تعتبر نفسك حاكماً للبلاد بل خادماً لها فثواب ذلك أكبر وأعظم عند الله تعالى.
الحاكم بالمعنى الحقيقي هو خادم، والجيش هو خادم الشعب ولو اعتبرنا كل مسؤولية في هذا البلد هي خدمة له وطلبنا من الشعب أن يكف عن الهتاف والمدح والثناء وابتعدنا عن النزاع والخلاف، فأي سعادة ستغمر الشعب حينئذٍ؟ وسيشعر الشعب حينها أن تضحياته لم تذهب سدىً.
ولكن لو استمر النزاع بين أعضاء الحكومة، لشعر الشعب بالمرارة والإستياء.
لقد منّ الله علينا بالحرية والاستقلال وأوصلنا إلى ما نحن عليه الآن، ولذلك علينا أن نشكره على هذه النعمة وأن نعمل على خدمة الإسلام والوطن وأن نوفر لأولئك المستضعفين إحتياجاتهم الأساسية من ماء وكهرباء. فبعض المناطق في البلاد تعاني من حرمان شديد كمنطقة بختياري التي يعاني الأهالي فيها أشد المعاناة.
أيها السادة إن شعبنا مؤمن ومخلص وهو في نفس الوقت محروم مستضعف يحتاج للرعاية والاهتمام. إذاً اتركوا النزاع جانباً.
لا تركزوا اهتمامكم على المدن وتنفقوا ميزانية الدولة عليها وعلى شمال المدنية والتي غالباً ما يقطنها الطواغيت. بل ركزوا إهتمامكم على من يعيش في أطراف المدن من المستضعفين والمحرومين.
أيها السادة أطلب منكم جميعاً ومن كل مسؤول في هذه البلاد أن تمتنعوا عن فعل ما يؤدي إلى غضب الله والشعب.
إن الدنيا قد مكنتكم من نفسها أياماً معدودة فاستغلوا ذلك جيداً لتكسبوا مرضاة الله تعالى. وابتعدوا عن النزاع والصراع الذي يشغلكم عن الاهتمام بالشعب وتنمية الاقتصاد الوطني. إن الوضع الراهن غير مقبول مطلقاً فلم نشهد أي تقدم من الناحية الإقتصادية والأمنية وهذا مخالف لما يطالبنا به الإسلام.
النقد البناء وتجنب الانتقام
أقول لجميع السادة؛ لا تنازعوا فيما بينكم. ولا تملأوا الصحف مرة أخرى بتبادل الإتهامات والإنتقاد. فالإنتقاد لا يعني الإنتقام. ويجب أن يكون هناك إنتقاد سليم.
الإنتقاد البناء حق كل مواطن ولكن لو تحول إلى حقد وإنتقام فسيدخل الدائرة الشيطانية وحينها سيصبح مخرباً للبناء، إذاً فالأمر بأيدينا نحن فيمكننا أن نسطر أفكارنا وإنتقاداتنا بقلم شيطاني أو بقلم رباني.
إنتبهوا أيها السادة إلى أن أيامكم المعدودة في طريقها إلى الزوال ومهما طالت هذه الأيام فإنها لن تبلغ مدة حكم محمّد رضاشاه والذي ذهب إلى الجحيم وهو يقف الآن أمام الله بما اقترفت يداه من جرائم.
وأما نحن فلا نملك إلّا هذه الأيام المتبقية وخاصة أنا، حيث أشعر بدنو أجلي وأنا أعيش آخر أيام حياتي.
أيها السادة إنكم ما زلتم شباباً وعليكم إصلاح أنفسكم والعمل على خدمة البلاد وإياكم أن ترجعوا إلى النزاع والخصام وتجاهل مصالح البلاد.
إن مشاكل البلاد تنتظر حلولكم، فاجتمعوا وتناقشوا في كل مشكلة وابدأوا بمشكلة كردستان الكبيرة وضعوا الحلول المناسبة لها، لا أن تمتنعوا من تزويد بعض الشباب الذين يريدون التضحية ولو طائرة هليوكوبتر. يجب أن يحاسب المسؤولون عن ذلك والذين يعرقلون أعمال الحكومة من الداخل.
التزموا بالإخوة التي دعا إليها القرآن والتي أكد الله سبحانه وتعالى على أهميتها مراراً واعملوا على خدمة المحرومين والمستضعفين وتوفير الأمن في ربوع هذا البلد.
وفقكم الله جميعاً وسدد خطاكم لخدمة هذا الشعب.
والسلام عليكم ورحمة الله