بسم الله الرحمن الرحيم
حزب البعث الكافر سبب مشاكل الشعب الإيراني والعراقي
أعزي الأمم المستضعفة في العالم والمسلمين خصوصاً والعراق وإيران بشكل خاص بشهادة المرحوم آية الله الصدر «1».
أخوتي، أعزائي الذين تشردتم من أوطانكم، كما أنكم تعرضتم لمشاكل طيلة حكومة البعث، نحن أيضاً كنا مبتلين في إيران، كما أنتم في العراق. فنحن كنا تحت ظل حكومة ديكتاتورية خبيثة «2» فعلت بشعبنا ما لم يفعله المغول به، نفوا علماءنا وشردوهم من أوطانهم وقتلوا بعضهم، أساءوا لنسائنا وأهانوهنّ، سجنوا شبابنا وعذبوهم، حتى أنهم كووا اجسام بعض المجاهدين بالمقلاة ونشروا أرجل آخرين بالمناشير.
فقد نفوا الكثير من علمائنا عن أوطانهم وسجنوهم وأهانوهم وظلموهم بشكل مؤلم. وأنتم ايضاً ابتليتم في ظل هذا الحزب الفاجر الكافر وبالشكل الذي ابتلينا به. فقد كانوا يلقون القبض على شبابكم بجريمة أنهم كانوا يزورون سيد الشهداء، وكانوا يعاملونهم بشكل وحشي. وكان علماؤكم مبتلين بهذا الحزب الفاجر الفاسد ايضاً. لقد فعلوا ما فعلوا بالسيد المرحوم آية الله الحكيم وكنا نحن شاهدين على ذلك، وقتلوا آية الله الصدر بذنب أنه كان يشتكي من ظلمهم وكان يريد إقرار حكومة إسلامية، وقتلوا أخته المكرمة المظلومة.
نحن قدمنا شهداء وأنتم قدمتم الشهداء، نحن قضينا في السجن، وأنتم كذلك، لكن أراد الله تبارك وتعالى أن يبعد الظلم عن الشعب الإيراني ووفقه للغلبة على تلك الحكومة الجائرة آنذاك في ظل الوحدة والتوكل على الله الكريم، وطَرْد ذلك النظام من وطنه، ومَنْعِ أيدي القوى العظمى من التدخل في بلادهم، فأقرّوا حكومة إسلامية- إنسانية في إيران، ومع الأسف فالأيدي الخارجية الظالمة لها دور في كل عمل وكان لها دور منذ البداية بحيث أنهم لا يسمحون لهذه الحكومة الإسلامية أن تستقر في إيران ولم يسمحوا في باقي الدول الإسلامية بأن تكون الحكومة في أيدي الشعب.
فهذا الشخص «3» الذي فعل بالعراق كل هذا الظلم والجور، كان من أجل إرضاء القوى العظمى، هاجم إيران، وهاجم أيضاً المناطق التي يسكن فيها العرب. فهذا الشخص الفاسد الذي هاجم الإسلام باسم العروبة فعل ما فعل بمناطق العرب في إيران، ما فعله محمد رضا بكل إيران وأسوأ من ذلك، فقد قتل عرب إيران و شردهم. وقد قتل النساء والأطفال في مناطق العرب قتلًا جماعياَ وفي باقي المناطق لأجل العروبة كما يدعي وفي الواقع من أجل الشيطان الأكبر «4» وحلفائه «5» حتى تضاعفت مقابر إيران.
ففي زمان حكومة هذا الجائر السفاك، لم يكن هناك حل سوى وحدة الكلمة والتوكل على الله، فعندما كنت في إيران وقبل أن انفى وينتهي الأمر بي إلى العراق، كنت أظن أن العشائر العربية تمتلك السلاح أيضاً، وسوف تقف في وجه هذه الحكومة وسوف تضع لها حداً، لكن بعد أن أتيت إلى العراق، كان تعجبي أكثر عندما رأيت أن القائد الروحي للشعب العراقي محاصر مع وجود هذا الشعب وتلك العشائر، وحتى الشعب الإسلامي كان محاصراً، وقد نقلوه من بغداد إلى النجف في ظل الحراسة ويجب أن نقول أنه استشهد أيضاً مظلوماً.
الثورة والنضال الطريق الوحيد لنجاة الشعب العراقي
إذا أراد الشعب العراقي التخلص من المشاكل الموجودة والخروج من ظلم الظالمين، ليس هناك حل سوى أن يجتمع كاجتماع الشعب الإيراني واتحاده، وبوحدته وتوكله على الله يستطيع أن يسقط هذه الحكومة الجائرة، مع أن تلك الحكومة كانت قدرتها أكبر بكثير من قدرة النظام البعثي الصدامي الخبيث، ومع ذلك استطاع الشعب الإيراني- علماً أنه لم يكن يمتلك السلاح- أن يزيل الجرثومة الفاسدة والسلسلة الخبيثة من السلاطين والذين كانوا على مر التاريخ من أكثر الأفراد إجراماً ويؤسس مكانها الجمهورية الإسلامية، فليس للعراق أيضاً حل غير هذا، فهذه الأمم يجب أن تنهض، وتثور حتى تخلص نفسها من شرور الأشرار، فلا يجب أن تهدأ الشعوب حتى يأتي من يخلصها، فمبدأ النجاة هو الشعب نفسه، فايران مع أنه لم يساعدها أي بلد آخر، بل لعل كل البلاد الإسلامية وغير الإسلامية إلا القليل اختلفت مع إيران وساعدت النظام السابق، ومع ذلك لأن الشعب أراد انقراض هذه السلسلة الخبيثة حاول ونجح، فلو أن الشعب رفض شيئاً فلا يمكن أن يفرض عليه، ولا يمكن أن يفرض عليه خلاف ما يريد، فعلى الشعب العراقي أن لا يبقى جالساً ساكناً وينتظر أن يأتي أحد من الخارج ويخلصه.
فالشعب العراقي شعب مسلم وتابع للقرآن والإسلام ومخالف للاستبداد، ومخالف للظلم، مخالف للتبعية والوحشية، فالشعب يجب أن يتبع ويهتدي بالإسلام.
فيجب أن يخلص الشعب نفسه، فالشعب العراقي والشعب الإيراني لا يختلفان ولا يختلفان كذلك مع باقي المسلمين، فهؤلاء جميعاً مسلمون وعددهم حوالي المليار نسمة، أمة لها خزائن غير معدودة وثروات لا تحصى ومع الأسف وبسبب انحراف أكثر الحكومات الإسلامية، جعلوا هذا المليار من المسلمين يعيشون تحت ضغط القوى الشيطانية العظمى وتؤكل ثرواتهم العظيمة بواسطة هذه القوى، فعلى الشعوب أن تنهض وتخلص نفسها من أيدي حكوماتها ومن أيدي القوى الكبرى، فلو أن الشعب الإيراني جلس ينتظر أن يساعده أحد من خارج البلاد ويخلصه، لبقي حتى النهاية تحت ذلك الضغط وبقيت حكومة البهلوي الجائرة، ولكنه لم ينتظر ومع أن الدول الشرقية والغربية ساعدت ودعمت محمد رضا، ومع ذلك، ومع كل القوى الخارجية والقدرة العسكرية التي كان يمتلكها في الداخل، عندما ثار الشعب الإيراني وانتفض وكان يداً واحدة، الرجل والمرأة، الكبير والصغير يصرخ بأننا لا نريد هذه الحكومة الجائرة وهذه السلطة الكافرة، فلم يستطع أحد من القوى الخارجية أن يمانعه، وعادت القوى الداخلية والتحمت بالشعب. والجيش العراقي سوف يلتحم بالشعب العراقي لو انتفض المسلمون العراقيون وثاروا ويستطيعون أن يقتلعوا جذور هذا الفساد.
كفر صدام وحزب البعث العراقي
وأخيراً قرأت في إحدى المقالات عن بعض وكالات الأنباء بأن حكومة العراق تقول: نحن دائماً مسلمون، ونشهد بوحدانية الله ورسالة نبيه، إذاً نحن مسلمون فلماذا تحسبوننا كفاراً؟.
فأقول لهم: قبل أن نتكلم بهذا، فقد كفركم آية الله الحكيم- رضوان الله عليه-، الشعب العراقي مسلم، ولكن عقائد حزب البعث ليست عقائد إسلامية لذلك كفَّرهم مرشدهم الديني، وما يظهره صدام من إسلامه مثل الإسلام الذي كان يظهره محمد رضا. وأنا أحتمل أن يكون محمد رضا في باطنه مسلماً، لكنه مسلم أسوأ من الكافر. لكن لا أحتمل هذا بالنسبة لصدام، فهو في ذاته لا يرغب في الإسلام أساساً فالقيام والهجوم على بلد إسلامي وحكومة إسلامية كإيران في حد ذاته ضد الإسلام، وفي حكم الإلحاد والكفر.
وقد قام هذا الرجل ضد الإسلام على الرغم من ادعائه بأنه مسلم. وذنب شعبنا المسلم هو أنه يريد أن يمنع أيدي القوى العظمى عنه وعن خزائنه وأنه يريد أن يقيم دولة إسلامية. وكان منذ البداية يريد إقامة حكومة إسلامية وصوّت لتأسيسها وتأسست ولهذا غضبت القوى العظمى وبدأت بالعدوان عليه بواسطة عملائها المرتبطين بها.
ادعاءات صدام الواهية في إظهار القوة
لقد قال صدام إذا لم تلبوا طلباتي سوف أخرب بلدكم أكثر من هذا. لقد فعلت كل ما بوسعك وتفعل كل ما تستطيع ولن تفعل أكثر من هذا، ليس أنك لم تكن تريد. لو أنك تستطيع سوف تقتل كل مسلمي إيران، لكن هذا وهم باطل وظننت أن الشعب الإيراني كله غير مبالٍ بالأمر، فلو أنك هجمت على بلده فالجيش الإيراني ضعيف وعاجز. فأفهمك الشعب والجيش الايراني أن الأمر ليس كما توقعت وليس كما توقعت القوى العظمى، وعندما هجمت بشكل مفاجئ، فأوقفوك عند حدودك ولم يسمحوا لك بالتقدم ولو خطوة واحدة والآن أيضاً سوف تتقهقر كل يوم إلى الخلف.
ولولا الخوف بأن يتضرر الشعب العراقي، فلو كنا نحن وجيشنا نفكر كما يفكر صدام بأن المهم هو التقدم حتى ولو قتلنا الشعب، ولو بقتل الأطفال والنساء والمسنين، فلو كان هناك خطة كهذه، لرأيت اليوم أن العراق لا يوجد فيه من يستطيع أن يقوم بأي عمل.
لكن بلدنا ملتزم بالإسلام وجيشنا ملتزم بالإسلام، الجيش الذي يستطيع العبور من كل المدن الكبيرة للوصول إلى آخر نقطة في العراق، في الحدود الأردنية وضرب المراكز العسكرية ولكنه لم يلق قنبلة واحدة على المدن العراقية. هذا هو البلد الإسلامي وهذا هو الجيش الإسلامي والقوات المسلحة الإسلامية، ومن يضرب المسلمين ويشرد العرب المسلمين ويقتل البلد الإسلامي متبجحا بإيمانه بالإسلام فذلك ليس من المسلمين، فمهما نادى بأنني مسلم، بأنني أشهد الشهادتين، لكن هذا إسلام النفاق حيث أن هناك من يشهد بالكثير وفي صدر الإسلام شهدوا أيضاً، لكنهم كانوا منافقين وأسوأ من باقي الكفار.
وأطلب من الله تبارك وتعالى أن يوقظ الأمم المسلمة وينبّه الشعب العراقي لكي يخلصوا أنفسهم من قيد القوى العظمى وأن يطاوا بأرجلهم هذه الجراثيم الفاسدة التي تقتل المسلمين قتلًا جماعياً باسم الإسلام ويضعون أحكام الإسلام تحت أرجلهم باسم الإسلام، وباسم الإسلام يقتلون علماء الإسلام كالسيد محمد باقر الصدر الذي كان عقلًا إسلامياً مفكراً وكان يرجى أن يستفيد منه الإسلام فائدة أكثر وأتمنى أن يقرأ المسلمون كتب هذا الرجل الكبير وأرجو من الله أن يحشره مع أجداده العظام ويحشر أخته المظلومة مع جدها ونتمنى أن تقطع الأمم الإسلامية بنهوضها أيدى القوى العظمى من أوطانها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.