بسم الله الرحمن الرحيم
في مأتم استشهاد الشهيدين رجائي وباهنر
إن منطق شعبنا ومنطق المؤمنين هو منطق القرآن وهو «إنالله وإنا إليه راجعون» «1». لاتستطيع أية قوة مواجهة هذا المنطق. إن جمعاً- شعباً- يري نفسه لله ويري كل ما يملكه من الله ويعتبر الانتقال من هنا إلى محبوبه هدفه المطلوب، لن يستطيع أحد مواجهته. إن من يستقبل الاستشهاد وكأنه يحتضن شخصاً عزيزاً عليه، لايستطيع هؤلاء الذين عميت قلوبهم مواجهته. إن هؤلاء لديهم خطأ واحد وهو أنهم لايعرفون الإسلام والإيمان ولا يعرفون شعبنا المسلم، ويتوهمون أن بإمكانهم أن يواجهوا هذا الشعب من خلال اغتيال الشخصيات واغتيال الناس. إنهم لم يشاهدوا بل عميت أعينهم عن مشاهدة تنامي وحدةالشعب وتلاحمه كلما قدّمنا شهداء.
لايمكن بالاغتيال قهرُ شعب ثار لأجل الله ضد جميع القوى العالمية ثار لأجل الإسلام، ثار لأجل الله ولتطبيق أحكام القرآن. إنهم يظنون أن أفكار المؤمنين وأفكار شعبنا الثائر مثل أفكار المتغربين والغربيين الذين لايفكرون إلّا في الدنيا ومتاعها. وأنهم مثلهم. إن شعباً ضحّي هو وقادته منذ عصر صدر الإسلام بأنفسهم في سبيل هدفهم الذي هو الله والإسلام فإنه لن يزول بهذه الأمور ولن يضعف.
لقد قرأ شعبنا العزيز التاريخ ويعرف كيف أن على بن أبي طالب (ع) قد شق رأسَه المبارك أحد هؤلاء المنافقين، أحد هؤلاء المتظاهرين بالإسلام والبعيدين عنه عملياً «2». لأن شعبنا قد قدم أمثال على ابن أبي طالب لأجل الإسلام فإن تقديم أمثال هؤلاء الشهداء ليس بالأمرالمهم له وهذا على الرغم من أهميةالحادث وأهميةمن استشهدوا فيه في نظرنا جميعاً، لقد كان السيد رجائي والسيد باهنر شهيدين يقاتلان ويجاهدان القوى الفاسدة في جبهات القتال. وقد قال لي المرحوم الشهيد رجائي بأنني كنت مع السيد باهنر عشرين عاماً، ولقد شاء الله أن يهجرا هذه الدنيا معاً وأن يذهبا إليه.
إنّ من يعتبر الهجرة إلى الله ويري الاستشهاد الفوز العظيم، ويري أن الشهداء الذين قدمهم في صدر الإسلام ومنذ صدر الإسلام وحتي اليوم أجلّ شأناً وأرفع قدراً من جميع الموجودين في هذا القرن، من أمثال على بن أبي طالب (ع) وحسن بن على (ع) وحسين بن على وأصحابه- سلام الله عليهم وسائر أئمتنا- عليهم السلام- لقد بذلوا جميعاً حياتهم في سبيل صيانة الإسلام وعلينا أيضاً أن نبذل هذه الحياة لصيانة الإسلام الذي وصل إلينا. وعلى الرغم من فداحة مصيبةاستشهاد هذين العزيرين على إلّا أنني أعلم أنهما تصلوا بالرفيق الأعلى ولهما الهدوء والراحة وإنهما لايشعران بالمصاعب التي نعانيها نحن الآن إنهما بلغاغايتهما. وإنني أهنئهما وأهنُّيء أسرتيهما والشعب المسلم بهذه المناسبة حيث يقدمون هؤلاء الشهداء. فعلى الرغم من شعورنا بالحزن لهذه المصائب إلّا أن بلادنا وشعبنا يقفان صامدين لتقديم أمثال هؤلاء الشهداء ولايمكنهما التفكير في الانسحاب بل لايفكران في التقاعس. إن هؤلاء الذين عميت قلوبهم ويتوهمون أن رحيل عدة أشخاص سيؤدي إلى زوال الجمهورية الإسلامية لتسقط في النهاية، فإن أفكار هؤلاء ليست إسلامية بل يجهلون الإسلام ولايعرفون الإيمان إذ أن أفكارهم مادية ويعملون للدنيا وللأهواء الدنيوية.
دوافع المنافقين من وراء الاغتيالات
لابد من أن نعلم دوافع هؤلاء الذين يرتكبون هذه الأعمال أيطمعون في أن تأتي مجموعه منهم لتحكم الناس؟
الم يعرف هؤلاء هذا الشعب حيث إنه لايقبل شخصاً منحرفاً عن الإسلام ولايقبل رؤساء الإرهابيين ورؤساءهم الذين يأمرونهم بالتخريب. ولأن حكومتنا يرأسها أناس جاؤوا من داخل الشعب وليسوا من الطبقات العليا التي هي السفلي (في الواقع) لتحكم هذا الشعب لذلك فإن شعبنا مرتاح البال ومطمئنٌ بأن عدم وجود هؤلاء الشهداء سيؤدي إلى حضور متطوعين آخرين في الساحة لنيل الشهادة، وإننا رغم تأثرنا وحزننا لهؤلاء الشهداء إلّا أنّ لدينا أشخاصاً ملتزمين آخرين يسيرون على نهجهم إن لدنيا أرأناساً مومنين وملتزمين بالإسلام بل إن شعباً لايقبل بأي تنازل في هذه الأمور يسير على خطهم، بناء على ذلك فإن الجمهورية الإسلامية لايصيبها أي أذي.
تضامن الشعب الإيراني مع الحكومة
لقد كانت الأنظمة السابقة كالأنظمة الملكية تتخلخل أركانها إذا ما قتل ملك أو مات. حيث أن المهم في أمرها هو كثرة الظلم التي مارسها الملك وعملاؤه على الناس كانت تؤدي إلى ثورة الشعوب والحشود المليونية بمجرد هلاك هذا الشخص لقد كان الناس بأنفسهم يثورون ضد الحكومة.
إلا أن لجمهوريتنا الاسلامية وضعاً آخر حيث أن الشعب هو الذي يأتي بفرد وهو الذي يطيح به. وهو الذي يختار شخصاً آخر بدل من يستشهد. وهو يعتبر نفسه من الحكومةو الحكومة منه، كما يعتبر نفسه مع رئيس الجمهورية الملتزم ويري رئيس الجمهورية الملتزم منه.
لأجل ذلك لو استشهد رئيس جمهوريتنا أو رئيس ورزائنا أو أي مسؤول آخر فإن شعبنا لا يتزعزع من ذلك أبداً وسيختار أناساً آخرين مكانهم. فإذا لاحظتم أرجاءبلادنا سواء تلك الجموع المحتشدةقرب جامعة طهران وبقيةالمدن التي هي مثل طهران لوجدتم أن هذه الجمهورية تختلف عن سائر الجمهوريات في العالم ولأدركتم مدي الفروق الموجودة بين هذه الحكومة والأنظمة السابقه في هذه البلاديمكنكم أن تقارنوا كان يسحيل صدور رد فعل من الشعب ومن السوق ومن الناس في العهود السابقةإذا ما قتل رئيس للوزراء إلا إبداء السرور والفرح واليوم بعد استشهاد هذين الشهدين نجد البلاد بأكملها في مأتم كما أن بلادنا ستحفظ وحدتها وحفظت أيضاً وإذا أعلن غداً عن اختيار رئيس جديد فإن هؤلاء الناس مستعدون للمشاركة في الانتخابات إنني أعلم أن العناصر المعادية للجمهورية الإسلامية بل المعاديةللإسلام خارج البلاد وأبواق الدعاية الأجنبيه ستتحدث عن أن إيران ستشهد بلبلةً من جراء استشهاد هذين الشخصين وستتحدث أيضاً أن الشعب لم يكترث بتأبينهما بل كان مسروراً.
إنّ هؤلاء يقومون بنشر هذه الدعايات رغم علمهم بالواقع. انظروا إلى بلادنا اليوم فإن الجميع في الحداد وإن جميع الشوارع والأزقة والأسواق تعيش الحداد وقدأ خبروني اليوم بأن الحشود المجتمعه اليوم حوالي الجامعة اكثر من الزمن الذي استشهد فيه اثنان وسبعون شخصاً. إن شعبنا هكذا، وإذا ما استشهد أناس آخرون- لاسمح الله- بعد اليوم فإن شعبنا هو نفس هذا الشعب وإن ثورتنا هي نفس الثورة. والمهم في الأمر أن هذا عمل لله وليس للناس ولا للأفراد ولا للشخصيات. إن هذا العمل لايمكن أن يتوقف برحيل الأشخاص أو الشخصيات. إذا كان شعب بأفراده في إحدي البلاد مرتبطاً بشخص معيّن فإن هذه البلاد ستتزعزع ولاينطبق ذلك على بلاد مرتبطة بالله نهضت لأجل لله. وقد هتفت منذ البداية بهتاف «لا شرقيه لا غربيه جمهورية إسلاميه» ورددت هتاف «الله اكبر» وكان صغارها وكبارها ونساؤها ورجالها موجودين في الساحة وأسسوا هذه الثورة إنه هذا الشعب نفسه، لأن الله موجود، فإذا كان رجائي وغيره قدر حلوا فإن الله موجودٌ. ففي إحدي حروب صدر الإسلام أعلن المنافقون بأن الرسول قد استشهد لكن البعض أجابوا: إذا كنتم تعبدون الرسول فاهتموا باستشهاده لأنه استشهد ولكنكم إذا كنتم تعبدون الله فإن الله موجود حتى إذا رحل الرسول. لقد ضحي أميرالمؤمنين (ع) بحياته من أجل الإسلام واستشهد ولكن الإسلام قد بقي كما أن الإمام الحسين (ع) قد ضحي بنفسه وأولاده وأقربانه ولكن الاسلام زاد قوة بعد استشهاده.
إن رحيل هؤلاء الشهداء الكرام الذين كانوا كراماً رغم حزننا عليهم إلّا أن توجهنا نحو الله وكون ثورثنا لله يجعلاننا لا نضعف ولا يضعف الناس ولا يرتكبون الخطأ بارتكاب بعض الأفراد أموراً كهذه لقد نصركم الله تبارك وتعالي منذ البدء ومادمتم موجودين في الساحة وأنتم كذلك إن شاء الله، فإن الله تبارك وتعالي ينصركم وستكونون أقوياء. على قواتنا المسلحة في جبهات القتال أن تنتبه إلى أنّها تقاتل لله ولا تقاتل لأجل رئيس الجموريةأو رئيس الوزراء أو غيرهما. عليها أن تكون قوية. وكلما زاد الفاسدون من توجيه الضربات نحو هذه البلاد فإن عليها أن تزيد من قوة جهادها وكفاحها في مواقعها.
أعمال المنافقين الحقيرة والعارية عن المروءة
لا تظنوا أنهم يرتكبون هذه الأعمال لأنهم أقوياء، فإن تفجير قنبلة في مكان ما، يقدر عليه طفل في الثانية عشرةمن عمره حيث يتركها في مكان لتنفجر تلقائياً. ليس هذا نابعاً من القوةبل ينجم عن الضعف المطلق. إنني أعتبر ابن ملجم «3» أشرف من هؤلاء لأنه لعنه الله ارتكب جريمته أمام الناس، ولكن هؤلاء يفتقرون إلى هذه الرجولة التي صدرت من شخص عديم الرجوله مثله، حيث يرتكبون أعمالًا متلصصين ولايظهرون أبداً. إن عباس آقا الذي اغتال رئيس وزراء ايران «4» بالقرب من المجلس بمسدسه أمام الجميع وعندما أردك أنه سيقبض عليه انتحر، إنني اعتبره رجلًا وأعتبر هؤلاء عديمي الرجولة.
إن من هربوا من هنا ليستقروا خارج البلاد يأمرون باغتيال الناس متلصصين فإن هذه الفكرة تصدر عمن يعدم الرجولة. إنني آمل لهذا البلد الذي وقف في وجه جميع القوى وصمد أمامها سواء في ذلك نساؤه ورجاله وشبابه وشيوخه وأطفاله وكباره حيث وقف بقبضته وطرد القوى الكبرى من البلاد أن يظل موجوداً اليوم في الساحة.
وإن الجميع صامدون أمام هذه المصائب صابرون وإن منطقهم هو أننا لله ونعود إليه ولأننا لله، لأن كل ما نملكه لله، فإننا نبذل حياتنا في سبيل الله ولا نظن بأننا عندما نترك هذه الدنيا فإن كل شيءٍ ينتهي، بل على الأعداء أن يخافوا حيث يرون بأن القيامة في هذه الدنيا ويتصورون أن البعث يتم هنا ويرونه بعث الأمة وينكرون بعث الأنبياء ووجود يوم القيامة. عليهم أن يشعروا بالخوف لأنهم يفضلون الموت كالحيوانات على الموت الإنساني. لكن شبابنا ومسؤولي بلادنا الذين ينتظرون الشهادة بفارغ الصبر لا يخافون الشهادة لقد مرّ شعبنا بكثير من تجارب الشهادة وقدم خلال السنوات الأخيرة المئات من الشهداء والآلاف من المعوقين ولكنه صامد، وإن أمثال هؤلاء الذين استشهدوا رغم أننا نُعزّهم جداً إلّا أنهم قد ذهبوا إلى ربهم وإن لدنيا أناساً ملتزمين غيرهم حيث يفكرون في الشهادة ويتطوعون لها. وإنني آمل أن يزداد شعبنا انسجاماً ويحضر في الساحة أكثر مما مضي. وأن يقدم الحثالاث المتبقية من النظام السابق والهاربين من خلال المراقبه وبملءِ إرادته أينما وجدوا، وعلى قوات الشرطة والقوات العسكرية وقوات الدرك أن تقوم بأمر النظم وسائر الأمور وأرجولكم النجاح وأنتم ناجحون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته