بسم الله الرحمن الرحيم
حب النفس أساس جميع الفساد على طول التاريخ
أرجو ان يكون هذا العام الجديد وذكرى الجمهورية الإسلامية مباركا لجميع الشعب الإيراني ولشعوب العالم المستضعفة وللسادة الموجودين هنا، وان ينتصر المستضعفون ان شاء الله ويسقط مستكبرو العالم في الهاوية، وأشكركم أيها السادة سواء كنتم من أعضاء حزب (جمهوري اسلامي) أو أعضاء البنك أو من العاملين في البنوك وسائر المجالات بعنوان (الجمعية الإسلامية)، وأرجو ان نسير جميعا وجميع الشعب بخطى اكثر نحو الإسلام والأهداف الإلهية وان تتحقق هذه الأهداف الإلهية والإسلامية في جميع أرجاء العالم.
ان ما يهدد الدنيا ليس الأسلحة والحراب والصواريخ وأمثال ذلك، بل ان ما يجعل كوكبنا (الأرض) على طريق الانحدار نحو الانحطاط هو الانحراف الأخلاقي، ولولا هذا الانحراف فان هذه الأسلحة الحربية لا تضر الإنسان، بل ان الذي يسوق الإنسان والبلدان الى الهلاك والانحطاط، هو الانحطاط الموجود في رؤساء الدول وفي أعمالهم والناجم أصلا عن الانحطاط الأخلاقي الذي اخذ يسوق جميع أفراد البشرية الى الانحدار الانحطاطي، ولا ندري ماذا ستكون عاقبة الإنسان ومصيره. وأدعوكم الى ملاحظة الأسلحة الحديثة المتطورة الموجودة لدى الدول العظمى، وفي أي مجال يجري استخدامها؟ هل هي لخير الإنسان؟ وهل هي لاحلال السلام كما يدعون؟ أم تستخدم من اجل تدمير الإنسان ومن اجل أنانية هؤلاء الرؤساء؟
ان الرواية التي تقول: (حب الدنيا راس كل خطيئة) «1» حقيقة واقعة، وان أساس وجذور حب الدنيا هي حب النفس وهو بدوره حب الدنيا. فان جميع الفساد التي ظهرت في البشرية منذ قيام البشرية تعود الى حب النفس، ومنه ينشأ حب الجاه والمنصب والموقع وحب المال وحب جميع الدوافع الشهوانية. لذلك كان أساس مهمة الأنبياء هي قمع وضبط حب النفس قدر الإمكان، لكن الأنبياء لم ينجحوا بالشكل الذي أرادوا، ولم يستطيعوا ان يحققوا هدفهم كما أرادوا ذلك، وسيبقى حب النفس لدى الكثير من الناس حتى في حكومة العدل التي يقيمها الإمام صاحب الزمان. وهذا الحب للنفس الوارد في الروايات هو الذي يقوم بتكفير الإمام المهدي «2»- سلام الله عليه-. وفي الحقيقة ان أساس جميع الخطايا هو هذه الأنانيات الموجودة في البشر، وهذه الحروب وهذه المفاسد والمظالم وأعمال الجور. وكان سعي الأنبياء لإقامة حكومة عادلة في الدنيا من أجل ان تكون هذه الحكومة ذات دوافع إلهية وأخلاقية وتقوم على أساس القيم الإنسانية العليا، فإذا قامت مثل هذه الحكومة فإنها تستطيع احتواء المجتمع وإجراء الإصلاح الى حد بعيد. أما إذا أصبحت الحكومات بأيدي الجبارين والمنحرفين وبأيدي أشخاص يرون القيم في آمالهم النفسانية، ويعتبرون إنها هي التسلط والشهوات ذاتها، فان البشرية تسير بوجود مثل هذه الحكومات نحو الانحطاط، وإذا تحققت آمال الأنبياء في دولة ما- وان كان بعض هذه الآمال- فان هذه الدولة تسير نحو الصلاح.
لا مثيل للمسؤولين وللشعب الإيراني
أدعوكم الى ان تقارنوا هذه الجمهورية الإسلامية ورؤسائها ومسؤوليها وهذا الحزب (الجمهوري الإسلامي) في بلدنا مع أي بلد تختارونه، فأنني لا أتصور ان يكون هناك مثيل لدولة إيران ولما هو قائم فيها من الشعب والحكومة والمجلس والرؤساء ولما يديرون به شؤون البلاد. وهنا لا أريد القول بأننا مبرأون من العيوب والنواقص، بل هناك الكثير من النواقص والأهواء النفسانية، لكننا نريد ان نعرف ذلك من خلال المقارنة، ولا نقول ان الجمهورية الإسلامية تسير مائة بالمائة على نفس النهج الذي خطه الأنبياء أو ان الحزب (الجمهوري الإسلامي) وسائر المؤسسات الموجودة هي كذلك، إذ ان أحدا لم يدع بان هذه الأمور سليمة مائة بالمائة، لكننا ندعي ان نسيما معنويا هب من قبل الله تعالى على هذا البلد، وان هناك شعلة إلهية سطعت على هذا البلد وأخذت تسوقه نحو الإسلام وآمال الأنبياء وان كانت هناك أخطاء في كثير من المواقع والأشخاص غير الاصلاء والمجموعات، لكننا ينبغي ان ننظر الى الموضوع في إطاره العام. حيث إننا لا نستطيع القول ان جميع الأفراد في المجتمع ساعون، لان هذا لم يتحقق في كل العصور التاريخية حتى في عصور الأنبياء، وفي عصر الرسول الأكرم في الإسلام، فالنظر الى الموضوع يجري من خلال المجتمع بشكل عام وليس من خلال الأفراد، فينبغي ان ننظر الى المجتمع وهل هو يسير نحو الإصلاح والصلاح أو نحو الانحطاط.
إنني هنا لا أريد ان أقول ان المجتمعات البشرية منحطة وإن الأفراد الذين يعيشون فيها فاسدون، لكنني أريد القول ومن دون تعصب ان المؤسسات الموجودة في إيران أفضل من المؤسسات الموجودة في سائر الدول، فان المؤسسات الإيرانية تسير على منهج الإسلام وتريد تحقيق أهداف الأنبياء، ولكننا لا نشاهد مثل هذا الأمر في سائر المؤسسات على الأقل، صحيح ان فيها أفراد صالحين أحيانا، لكنها بشكل عام تسير نحو الانحطاط والانحراف.
أدلة الانحطاط الأخلاقي في الدنيا
إننا نستطيع في بعض الحالات القليلة ان نطلع الى حد ما على الأسباب، فعندما قامت الجمهورية الإسلامية ينبغي ان نلاحظ الوضع الذي كانت عليه الدول التي عارضت هذه الجمهورية حتى نطلع على عمق الانحطاط الأخلاقي في البشر، فمنذ انطلاق الثورة الإسلامية في أيامها الأولى، كان هتاف وشعار الشعب وقطاعاته المختلفة هو (الله اكبر)، ومازال هذا الشعار قائما في البلاد ومازالت الدعوة الى الإسلام حية في الإنسان، لكن ما هي الدول التي تعتبرنا مسلمين- إلا قليلا منها-؟ ومهما رفعنا شعار الإسلام وقلنا بأننا نريد الإسلام، فان هذه الدول تبقى وتقول بان هؤلاء زرادشتية أو عبدة النار أو مجوس! وهذا لا يعني إلا الانحطاط الأخلاقي في هذه الأجهزة الحاكمة في جميع البلدان، ويعلم المطلعون على الأمور والقضايا الجارية في العالم بأننا كنا منذ البداية نرفض إسرائيل، ومنذ اكثر من عشرين عاما كانت أحاديثنا تؤكد على انه ينبغي إلا تكون إسرائيل دولة مستقلة، وينبغي إزاحة هذا الظالم عن هذه الدنيا لأنه يشكل خطورة، لكن هذه الدول التي تعتبر نفسها مسلمة مازالت تتهمنا بالتعاون مع إسرائيل، وكذلك الحال بالنسبة لأميركا فقد اعتبرناها منذ البداية دولة ظالمة وجائرة ورفضنا ان تبقى بلادنا بسبب خيانة الحكومة السابقة وثار الناس ضدها وهم يهتفون (الموت لأمريكا) وحرروا وكر التجسس وطلبوا من أعضاء السفارة ان يرحلوا، ورغم كل ذلك مازال البعض يتهمنا بأننا نتعاون مع أميركا وكأننا مع الأميركان في تضامن! وهذا هو الانحطاط الأخلاقي الذي ينحدر إليه رؤساء كثير من الدول.
لقد دفعوا صدام لمهاجمة هذا البلد الإسلامي برا وبحرا وجوا، وخان بعض الذين كانوا يمسكون بزمام الأمور في هذا البلد عندما كتموا المعلومات التي عندهم بهذا الصدد، لكن صدام الذي هاجم بلادنا يدعي الإسلام ويقول بأنه يحارب المجوس، ويريد ان يطرح نفسه بهذا العنوان، الأمر الذي لا يعني غير الانحطاط الأخلاقي، وكذلك يدعي أولئك الذين قدموا الأسلحة والمال وأرسلوا الجيوش الى صدام .. يدعون بأنهم مسلمون، ولكن ألا ينظرهؤلاء الى الطرف الآخر الذي يحاربونه؟ ألا يحارب هؤلاء شعبا ينادي صغاره وكباره، من الرجال والنساء ومن الحكومة والمجلس وفي كل مكان، بالإسلام وهم يعلمون ذلك؟ ورغم ذلك يدعون بأنهم مسلمون وان نهجهم هو الإسلام! لكن عندما تلاحظون إذاعاتهم ودعاياتهم وتلفزيوناتهم وأحاديثهم وسائر شؤونهم، تجدون انهم على نفس النهج الذي كان عليه النظام الشاهنشاهي. أليس ما يذاع في إذاعتنا وتلفزيوننا وإعلامنا ومؤسساتنا وما يتحدث به رؤساء السلطات الثلاث يشكل الإسلام قسمه الأعظم؟ ففي أي دولة في العالم تبث الإذاعة فيها درسا في الفقه والفلسفة الإلهية؟ وفي أي دولة تخصص الإذاعة فيها معظم وقتها لبرامج التبليغ الإسلامي، وكذلك الحال بالنسبة للتلفزيون؟ وهل هناك حزب يكون رؤساؤه مثل رؤساء حزب (الجمهوري الإسلامي)؟ طبعا أنا لا أعرف جميع أعضائه، لكني اعرف رؤساءه، وما يؤيده هؤلاء فنحن نؤيده، ولا أقول بأنه لا يوجد هناك أفراد في هذا الحزب من دون أخطاء سهوا أو عمدا، لكننا يجب ان نحكم عليه في الإطار العام، وعندما ننظر الى الأمور من هذا المنظار، وتقارن هذا الحزب مع الأحزاب الأخرى مثل حزب توده أو الأحزاب الموجودة في عصر محمد رضا شاه ونقارن رؤساءه مع رؤساء تلك الأحزاب ونعمل منصفين، نرى ان هذا الحزب حزب إنساني وإسلامي في حين ليست الأحزاب الأخرى كذلك، ومن هنا فان رفض هذا الحزب ورؤساءه ورفض سائر المؤسسات والتشكيلات الموجودة في إيران ليس إلا رفض للأخلاق والقيم الإنسانية، فالمهم هو الهدف فالأسلحة مثلا متوفرة لدى حرس الثورة الإسلامية ولدى جيشنا وكذلك تتوفر لدى جيش صدام ولدى الحكومة الأردنية والاميركان والروس، ولا شك ان أسلحتنا تعتبر صغيرة قياسا الى تلك الأسلحة، ولكن المهم هو العمل وليس الأسلحة، فالأسلحة في ذاتها لا تعد شيئا، فسيف الإمام علي بن أبي طالب وسيف ابن ملجم واحد لا فرق بينهما وربما كان سيف ابن ملجم أحد من سيف الإمام علي، لكن المعيار هو استخدام السيف والهدف المنشود من ذلك فضربة علي بالسيف مرة واحدة تعادل عبادة الثقلين بل أفضل منها، ولكن ضربة ابن ملجم يريق دماء من كانت ضربته أفضل من عبادة الثقلين، فالمعيار هو الهدف من هذه الضربات.
استخدام الأسلحة من أجل الأهداف الإلهية
منذ بداية الحرب المفروضة نلاحظ الهدف الذي من أجله يستخدم حرسنا وجيشنا أسلحتهم، كذلك نلاحظ الهدف التي من أجله يستخدم الاميركان وأولئك الذين شجعوا صدام على شن الحرب، ونرى طائراتهم تقصف ديزفول وآبادان والأهواز وانديمشك وغيرها ويدمرونها ويقتلون الناس، فيما نستخدم أسلحتنا في الدفاع عن هذا الشعب الضعيف وفي سبيل الهدف الذي أمر به الله تعالى وكلاهما نفس الأسلحة، لكن المعيار عن وجهة نظر جماهير الشعب ونظر المجتمع هو استخدام أسلحتنا في سبيل تحقيق المبادئ والقيم الإسلامية والإلهية، فيما يستخدم هؤلاء أسلحتهم في سبيل التخريب ومحاربة الإسلام.
ان ما أقوله بان العالم مهدد بالفناء عن طريق الانحدار الأخلاقي معناه ان هناك طائفتين تستخدم إحداهما الأسلحة في مهاجمة الناس وتشريد النساء والأطفال مثلما شردوا الشعب العراقي من بلده وخربوا بلادنا، حيث ينبغي ان نعمل سنوات لإعادة أعمار تلك الخرائب، لكننا في نفس الوقت نرى ان مختلف الدول تساعد مثل هذا الظالم والخبيث، بالأسلحة والمال وبكل شيء حتى بالدعاية، وكل ذلك بهدف القضاء على هذه الجمهورية الإسلامية، وقد سمعنا ان الرئيس الأميركي قال انه ينبغي القيام بما من شأنه إيقاف هذه الحرب لأنها لم تعد لصالح أميركا. فماذا يعني اعتراف رئيس دولة عظمى- ان صح التعبير- بان الحرب كانت حتى الآن لصالح أميركا؟ انه يعني ان الحرب قامت لأجل الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، حيث اخفقوا في ذلك وأخذت مفاهيم الجمهورية الإسلامية وأفكارها تنتشر بين سائر الشعوب المسلمة بسبب الصحوة، وتحولت الى خطر جاد ضد أميركا حتى لم تعد الحرب لصالح أميركا، فاخذ الرئيس الأميركي يدعو لإيقاف الحرب وإقرار السلام. في حين إننا قلنا منذ البداية بأننا لسنا طلاب حرب مع أحد بل نريد السلام مع جميع العالم، وكنا حتى الآن ندافع عن أنفسنا ولسنا على خلاف مع أحد ولا نريد احتلال دولة بل ندافع عن النفس طبقا لما أمرنا به الإسلام ونحن تابعون للإسلام ونعمل بكل ما يأمر به، فإذا أمرنا بعدم الدفاع نتخلى عن الدفاع. ولكنه أمر بالدفاع فندافع، فهؤلاء هم الذين بدأوا الهجوم ونحن بالدفاع. ولو ان هذه الدول الإسلامية التي تقول إنها تعمل بالإسلام التزمت فقط بآية واحدة لقبلنا نحن ذلك وهي الآية التي تقول: (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله) «3».
تحديد المعتدي، طلب إيران المنطقي
إننا مازلنا على قولنا الأول، سواء الذي قلناه على لسان رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس المجلس وهو كلام منطقي إنساني، فالدولة التي اعتدت علينا وألحقت بنا هذه الخسارة ومازالت تحتل أراضينا، ينبغي منطقيا ان تغادر أراضينا، فالمعتدي هو الذي يدخل بلدا غير بلده، وإذا أردتم من المجتمع الدولي ان يحدد المعتدي فانه يعتبرنا نحن المعتدين كما فعل ذلك من قبل! وهذا هو الانحطاط الأخلاقي الذي تحدثت عنه. فماذا يا ترى وكيف يتعامل الإسلام مع هذه الأخلاقية المفضوحة؟ وعندما هزمهم الإيرانيون وأجبروهم على الخروج من أراضينا قالوا ان صدام هو الذي أمر جيشه بالانسحاب! وحتيعندما شاهد المراسلون الأجانب حقيقة ما جرى، لم يعترفوا بالهزيمة، ويقولون انه سحب جيشه وربما كان يدعو الى السلام! وهذه كلها أدلة على ان العالم تنحدر الى الهاوية أخلاقيا، واقصد هؤلاء الذين يحكمون هذا العالم.
على الشعوب ان تنتبه حتى لا تنساق مع هؤلاء نحو الانحطاط، وعلى الشعب العراقي ان يعلم انه لو بقي صدام يحكم العراق فانه يجرهم الى الفساد ويحرف شبابهم، والله وحده يعلم كم أصاب العراق من ضربة على يد هذا الحزب العفلقي الكافر ولا سيما على الشباب وخاصة من الناحية الأخلاقية! وان الذي يهدد الشعوب والدول هي الانحرافات الأخلاقية، وإلا فان السلاح في ذاته لا يفعل ذلك.
منع دخول المنحرفين الى الأحزاب والجمعيات الإسلامية
والآن لي حديث مع السادة الذين تفضلوا بالحضور وهو إنني اعرف جيدا رؤساء هذا الحزب وكنا معا قبل ذلك. لكن عددهم قليل ولا يحيطون بكل ما يجري في البلاد وفي حزب (الجمهوري الإسلامي)، فينبغي عليهم ان يدققوا في الأشخاص الذين يديرون أمر هذا الحزب بحيث يكونوا من الأفراد الصالحين ويبعدوا المنحرفين الذين يريدون ان يحرفوا الحزب عن الإسلام، بل ان الفرد الواحد من هؤلاء المنحرفين يشكل خطورة. وأخص بالذكر الذين يديرون الحزب في المراكز ويمارسون العمل التبليغي، فعلى رؤساء الحزب ان ينظروا الى سوابق هؤلاء وحاضرهم والى عوائلهم والأعمال التي يقومون بها. فالإنسان يلاحظ أحيانا ان هناك عملا جيدا ولكن يأتي فرد فيحرفه عن هدفه أو يشوه سمعته، ويكفي ان يشوه هؤلاء عملا أو أمرا يريده الناس، فان هؤلاء يريدون ان يشوهوا كل ما نملك ابتداء من الحكومة والمجلس والجمهورية الإسلامية وحزب (الجهوري الإسلامي)، ومن هنا ينبغي علينا الانتباه جيدا حتى لا يحرف هؤلاء الطريق الذي جعلنا الله عليه ونريد ان نسير عليه. فالشيطان هدد منذ اليوم الأول بان يحرف عباد الله، وهؤلاء يسيرون على نهج الشيطان حتى النفس الأخير «4». وإذا لم يستطيعوا ذلك فانهم على الأقل يسعون لتشويه السمعة، وليس هناك أفضل عندهم من النفوذ الى هذه الأحزاب والجمعيات باسم الإسلام ويعملوا باسمه.
ان الجمعيات الإسلامية عمل جيد ومطلوب وان أفرادها في الغالب صالحون ان شاء الله، لكن ينبغي الانتباه الى هوية الأشخاص الذين يدخلون هذه الجمعيات وماذا كانوا يعملون قبل ذلك، فإذا دخلها أفراد فاسدون فان هذه الجمعيات الإسلامية تسير نحو الانحراف وتتشوه سمعتها.
وهكذا يتسع الأمر حتى يقال ان الذين يديرون هذه الجمعيات معارضون ومنحرفون. فينبغي على القائمين ان يختاروا الذين يعرفونهم والذين يصلحون الأمور. فإذا ارتكبت جمعية إسلامية أعمالا غير لائقة وأخلت بالأمور، فإنها لا تعتبر جمعية إسلامية، فالجمعية الإسلامية ينبغي ان تراقب الأوضاع وتقدم العون في كل مكان. أما إذا أرادت جمعية إسلامية- في البنك مثلا- ان تطرد الصالحين وتوظف غير الصالحين فإنها ليست جمعية إسلامية.
ينبغي الانتباه الى ان لا يكون انحراف في الأشخاص الذين يعملون معكم، لأنهم بانحرافهم يجرونكم الى الانحراف أيضا أو على الأقل يشوهون سمعتكم، حتى ينحرف كل شيء في هذا البلد من المجلس والحكومة والحزب والبنك وسائر المؤسسات. فينبغي ان نجهد حتى ينسجم هؤلاء مع الجمهورية الإسلامية، لأننا ندعي إننا أقمنا جمهورية إسلامية، وأيد الشعب كله ذلك سوى عدد ضئيل لكن إذا فسد المجلس والحكومة عند ذاك تكون الجمهورية الإسلامية كالأسد الذي لا ذيل له ولا معدة «5». إذن يجب ان نغير هؤلاء ما قدرنا على ذلك ونجعلهم بالشكل الذي يريده الإسلام.
ضرورة انطباق عمل البنوك مع أحكام الشريعة
ينبغي ان تدرك بنوكنا ان البنك اليوم هو بنك إسلامي وليس مثل بنوك عهد رضا شاه ومحمد رضا شاه، لذلك ينبغي ان تسعى البنوك من اجل ان تنطبق أعمالها مع الإسلام شأنه شأن جميع المؤسسات.
وبشكل عام فإننا مطمئنون بان مجتمعنا مجتمع إسلامي ويسير نحو الإسلام، إلا ان القلق يكمن أحيانا عندما يكون هناك أشخاص خطرون جدا، حيث لابد من عدم السماح لهؤلاء، النفوذ في كل مكان يستطيعون النفوذ إليه، حتى لا يجروا ذلك المكان الى الانحراف، ولا ينبغي التساهل في هذا الخصوص والسماح للشخص الفاسد ان يجر جمعية أو بلد ما الى الفساد. فيجب علينا الاهتمام بهذه القضايا.
ان الحدود التي وضعها الله تعالى تعاقب الشخص الذي يقوم بأعمال منافية داخل بيته ولكنها تتسرب الى الخارج، لان مثل هذه الأعمال المنافية، وان كانت تجري داخل البيت، تسري الى الخارج وتفسد المجتمع .. فالله الرحمن الرحيم، رحيم مع جميع عباده ويريد السلامة والسعادة للجميع وهو ما ورد في الشريعة. فعندما يجرد شخص سيفه ويهدد الناس في الشارع، فالإسلام يقول بقتل هذا الشخص لانه لو ترك على حاله، فانه يجر بلدا كاملا نحو الفساد والدمار، لان تهديده يكبر ويتسع ولا يقتصر عليه فقط. فالفساد قابل للانتشار وكذلك الأخلاق الفاسدة تسري الى الآخرين حتى ترون بلدا كاملا يعيش في الفساد. وقد منع الإسلام ذلك منذ البداية وحدد عقوبة للشخص الذي يرتكب مثل هذا الفساد، حتى يقطع الطريق أمام ظهور وانتشار فساده.
وانتم حيث تعملون في البنوك وفي الجمعيات الإسلامية، ينبغي عليكم وعلى الجمهورية الإسلامية وحزب الجمهوري الإسلامي والحكومة والجميع ان تقطعوا دابر الفساد حتى ولو اقتصر على حالة واحدة لكي لا ينتشر ويجر الجمهورية الى الفساد أيضا أو على الأقل يشوه سمعتها في العالم. وعلينا ان لا نعمل ما من شأنه أن يساعد هؤلاء لتشويه سمعة هذه الجمهورية خاصة لدينا ما يكفي من الاعداء. ولكنكم إذا استطعتم صيانة أنفسكم وتخلقتم بالأخلاق الإسلامية، ستحصلون على نتائج مهمة منها الوحدة وعدم التفرقة، والتضامن، وما حققناه لحد الآن هو من هذه النتيجة، فالوحدة هي التي حققت الجمهورية الإسلامية وقطعت جذور الفساد وهي التي حققت إعمار البلاد الى هذا الحد.
لقد اعتبرنا القرآن نحن المسلمين والمؤمنين اخوة «6»، فيجب على الاخوة ان يتعاملوا فيما بينهم بحسن النية ويتحدوا وهم كذلك ولله الحمد. ويجب ان نحافظ على هذه النعمة الإلهية الكبرى، وما دمنا نحافظ عليها، فنحن في أمان من جميع الشياطين، ولكن إذا فقدنا هذه النعمة- لا سمح الله- فان الضرر يصيب البلد، فأرجو ان تواصل الجمهورية الإسلامية نهجها الذي عليه، وان يتكاتف جميع العاملين في إيران ويتضامنوا فيما بينهم ولا شك ان هذا الوعي واليقظة الموجودة في الشعب والحكومة والآخرين، هي التي أحبطت ولله الحمد كل مؤامرة، وستحبط المؤامرات التالية ان شاء الله. وأدعو الله تعالى ان يمن عليكم جميعا وعلى البلاد والدول الإسلامية وجميع المسلمين بالوعي الذي يمكنهم من خدمة الإنسانية- ان شاء الله- كما يحدوني الأمل ان تحقق هذه الجمهورية الإسلامية هدفها وتستمر حتى ظهور إمام الزمان- سلام الله عليه- وادعوه ان يعيننا على ان نتخلق بالأخلاق الحسنة والأعمال المحمودة ويقمع أهواءنا النفسانية برحمته وفضله وقدرته ان شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته