بسم الله الرحمن الرحيم
بالرغم من ان يوم الجيش في الجمهورية الإسلامية، لا ينفصل عن يوم الشعب، لان الجيش ولله الحمد اصبح شعبيا ويخدم الشعب كما ان علاقة الشعب بالجيش علاقة لا تنفصم فانهما يشكلان وحدة واحدة، وان يوم الجيش هو يوم الشعب، لكن تخصيص يوم للجيش من اجل التكريم يعني تكريم بطولاتهم وقتالهم. فالشعب الإيراني يبارك للجيش يوم 29 فروردين (19 نيسان)، لكن التبريك في هذا العالم يكون أكثر مقرونا بالشموخ والافتخار وذلك بسبب الانتصارات العظيمة التي حققها الجيش وسائر تشكيلات القوات المسلحة ولا سيما في عمليات (الفتح المبين) الذي جرى تحقيقها للبلد الاسلامي، فالخلود للقوات المسلحة والجيش والسمو لبلد بقية الله الأعظم- أرواحنا لمقدمه الفداء- حيث يملك مثل هؤلاء الجنود الملتزمين والمضحين، لقد اثبت الجيش الإيراني وسائر القوات المسلحة في هذه الحرب المفروضة والدفاع عن الحق، اثبت للعالم ان المجاهدين في سبيل الإسلام والوطن العظيم يتمتعون بقدرة غيبية ما وراء الطبيعة وأقوى من حسابات سكنة القصور الجائرين ولا يمكن قياسها بمعايير الذين عميت قلوبهم ولا يعرفون الله ولا يمكن معرفتها بالمعايير الإلحادية. فبأي المعايير والمقاييس يمكن تحليل عمليات (الفتح المبين)؟ وبأي المعادلات يمكن تقييم الحرب غير المتكافئة التي يقف على أحد طرفيها قوة شيطانية تملك جميع أدوات وأسلحة الحرب الثقيلة والمتوسطة ويتمتع بدعم مطلق من قبل القوى العظمى ومعظم دول المنطقة التي وضعت تحت تصرفها بطيب خاطر جميع الإمكانات وسخروا لها جميع الأبواق الإعلامية العالمية، ويقف على الطرف الآخر قوات مسلحة ولدت بعد انتصار الثورة وخرج جيشها حديثا من سيطرة المستعمرين الأميركيين وقادة النظام الشاهنشاهي الظالم وانتقل من النظام الطاغوتي الى النظام الإسلامي الإنساني، فيما قام حرسه الثوري وتعبئته من أعماق الشعب وتدربوا حديثا على استخدام السلاح ولم يدرسوا كثيرا في الكلية العسكرية ولم تكن بحوزتهم المعدات الحربية الكافية وكان فيهم جميع أسباب الضعف الظاهرية، وكان سلاحهم الوحيد في هذه الحرب غير المتكافئة هو الإيمان بالله وعشق الشهادة في سبيل الإسلام وروح التضحية والإيثار، وقد استطاعوا في غضون نحو أسبوع ان ينزلوا ضربة قاصمة بقوى الشيطان العظيمة حتى أخذت قوات العدو تسلم نفسها أفواجا أفواجا أو تهرب أو تقتل، فأي مثقف محلل وأي جامعي مفكر يستطيع ان يفسر هذا النصر الإعجازي؟ وإذا لم يتمتع الجيش وسائر القوات المسلحة بالنصر الإلهي المعنوي، كيف يمكن ان يحصل هذا العمل الإعجازي؟ نعم ان الفرق كبير بين شباب يمضون ليلتهم بالمناجاة وتلاوة القرآن والصلاة والدعاء ويبدأون الهجوم بذكر الله ونداء الله أكبر، وبين أولئك الذين يمضون ليلتهم بمعصية الله ويفتتحون يومهم بالحرب مع الله .. نعم! هناك فرق بين خنادق يوجد فيها كتاب الله ونهج البلاغة وكتب الدعاء وبين خنادق كما يقول المنتصرون، عثرت فيها على أدوات القمار وشرب الخمر والمسكرات وأسوأ من ذلك. وهناك فرق بين أولئك الذين يعتقدون بان صاحب الزمان- روحي فداه- قائدهم ويحاربون تحت قيادته، وبين أولئك الذين يقودهم صدام العفلقي المجرم الأكبر. وهناك فرق بين أولئك الذين يعتبرون أنفسهم إخوانا للشعب العراقي المسلم ولا يسمحون لأنفسهم أبدا بالاعتداء على مدن أو قرى إخوانهم، وبين أولئك الذين يرتكبون كل يوم مجزرة في مدينة أو قرية ويقتلون الأطفال والنساء والشيوخ العرب رغم انهم يدعون انهم يحاربون من اجل العرب .. وهناك فرق بين أولئك الذين يعاملون أسراهم في الحرب مثل أخوة لهم. وبين أولئك الذين يتعاملون مع الأسرى الإيرانيين ومعظمهم من العرب من أهالي القرى ولا علاقة لهم بالحرب معاملة الجلاد، حتى انهم وخشية الفضيحة لم يسمحوا لأقارب وذوي هؤلاء الأسرى بالالتقاء بهم .. واليوم نملك جيشا يلمع في العالم شامخ الرأس مستقيم القامة، ويحيي الشعب الإيراني بالفخر والاعتزاز يوم الجيش في هذا العام وبشكل لم يسبق له مثيل في الأعوام السابقة، وقد صمد الجيش مقابل العدو بشكل قل نظيره أو انعدم في تاريخ حياته، ويحدونا الأمل ان يكون كل عام اكثر فخرا من سابقه، وهنا اذكر بعض النقاط أرجو ان تلتفتوا إليها:
1- لا تغفلوا الرعاية الإلهية الغيبية واسعوا من أي تشكيل من القوات المسلحة كنتم ان تحافظوا على هذه الرعاية الإلهية لأنفسكم وللشعب. والسبيل الى ذلك هو ان تعملوا بالتزامكم وضحوا في محضر الحق تعالى في سبيل الإسلام والجمهورية الإسلامية ما استطعتم ذلك، وتواجدوا في الساحة من اجل رضى الله وليس من اجل الأهواء النفسانية الشيطانية ... ومن اجل الدفاع عن الإسلام ووطنكم، ولا يأخذكم الغرور بالنصر ولا تغفلوا التأييدات الغيبية لكم فالغرور والغفلة يجران الإنسان الى الضلال .. ولاشك انه يضعف القدرة العسكرية، وبعد التوكل على الله اعتمدوا على قوتكم التي هي من الله تعالى.
2- تعلمون ان الانتصارات تحققت لكم نتيجة تلاحم وانسجام القوات المسلحة أو الخطة الواحدة والفكر الواحد، فينبغي المحافظة على هذا الانسجام وعلى هذه الوحدة، لان الضعف في هذا الأمر الإلهي يعتبر من أكبر أسباب الفشل والهزيمة لا سمح الله، وإذا حاول شخص أو جهة إيجاد الفرقة فابلغوا القادة بذلك من دون تأخير للحيلولة دون ذلك. وعلى جميع القوات المسلحة في الجمهورية الإسلامية ان تعمل لتحقيق الهدف المعين وينبغي ان يكون الجميع يدا واحدة ضد الأعداء واعداء الإسلام والجمهورية الإسلامية. واعلموا انه ما دام هذا التكاتف والوحدة وهذا الهدف الإسلامي السامي قائما فلا يصيبكم شيء.
وأوصي الاخوة في الجيش والحرس والدرك والشرطة والتعبئة والقوى المسلحة الشعبية، ان يعتبروا أنفسهم اخوة فيما بينهم كما أمر بذلك القرآن الكريم، ويكونوا اخوة وخطا واحدا وفكرا في الجبهات وفي الخطوط الخلفية، حيث تستطيعون في هذه الحالة ان تتمتعوا بالقوة المعنوية والغيبية الإلهية وتحلوا جميع المشكلات. أدعو لكم من الله بالتوفيق والنصر ويكون الله في عونكم ويحفظكم.
3- من الأمور المهمة التي ينبغي على جميع تشكيلات القوات المسلحة ان تتبعها ولا يمكن التساهل بشأنها، هو ان لا يدخل أي فرد من أفراد القوات المسلحة سواء من الرتب العليا أو الدنيا في أي حزب أو تشكيل وتحت أي عنوان كان حتى وان كان ذلك الحزب والتشكيل إسلاميا مائة بالمائة، وكل من دخل حزبا أو تشكيلا، فعليه ان يترك الجيش والحرس وسائر القوات العسكرية والأمنية، وينبغي على القادة والمسؤولين ان ينبهوا كل من دخل حزبا أو تشكيلا سياسيا أو دينيا ويطلبوا منه ان يخرج من ذلك الحزب أو التشكيل، وإذا تخلف عن تنفيذ الأمر فينبغي ان يطردوه من الجيش أو سائر القوات المسلحة، وعلى جميع الأشخاص ان يبلغوا القادة بمثل هؤلاء الأشخاص، لان دخول القوات المسلحة الى الأحزاب والتشكيلات والمنظمات يؤدي الى ضعف هذه القوات، علما ان المخالف لذلك يتعرض للعقوبات.
4- نعلم جميعا ان الجيش الإيراني وسائر القوات المسلحة تتمتع بدعم جميع أبناء الشعب وبشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ أو قل نظيره. فلا أظن ان هناك من يستطيع الإدعاء بان هناك شعبا غير الشعب الإيراني العظيم من الصغار والكبار والرجال والنساء يتسابقون فيما بينهم لدعم وإسناد القوات المسلحة ويتوجهون متطوعين الى جبهات الحرب للتضحية ونيل الشهادة. كما لا أظن بان هناك معيارا غير معيار الإيمان بالإسلام والتضحية في سبيل الله والهدف المعنوي يستطيع ان يفك هذا اللغز. إنني انصح الجيش العزيز وسائر الأعزاء ان يشكروا هذه النعمة الإلهية وان يسعوا بكل جهودهم لكي يحافظوا على هذا المشاركة العامة من قبل الشعب وحضورهم في الساحة وعلى هذا الدعم الكبير. والسبيل الى ذلك هو الاستقامة والصمود في سبيل الهدف والتضحية من أجل الإسلام وإيران والجمهورية الإسلامية. وما دمتم في الساحة تدافعون عن الوطن والإسلام والجمهورية الإسلامية بالوحدة والتضامن فلا تخشوا مؤامرات أعداء الإسلام لإسقاط الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقفوا بوجههم كالسد الحديدي وهاجموا العدو لهامات مرفوعة واضربوهم بقوة. فالشعب العظيم يقف صفا واحدا خلفكم وان يد الرعاية الإلهية ونور قدرته ستبقى على رؤوسكم. أدعو لكم بالنصر وان تسيروا بقوة وصلابة الى الأمام وان تطردوا أعداء الله من البلاد وتقطعوا أيادي المنحرفين الداخليين والأجانب وان تطلبوا العون من الله القادر.
5- ان الشعب الإيراني المضحي فقد الكثير من أعزائه في الجبهات، وتحمل معاناة وصعوبات كثيرة وعانى كثيرا من أعدائه المتحالفين وأصدقائه الظاهريين والماكرين، لكنه اصبح مرفوع الرأس وأبيض الوجه أمام الله ونموذجا وأسوة في العالم ومأجورا عند الأجيال القادمة، أدعو الله تعالى ان يتفضل على هذا الشعب بالسعادة وعلى المقاتلين في الجبهات وفي الخطوط الخلفية الاستقامة والثبات والصمود وعلى الشهداء العظام منذ بداية الثورة وحتى الآن بالرحمة والمغفرة وعلى الجرحى بالصحة والعافية، وعلى ذويهم والمظلومين بالصبر والشهامة وللجيش وسائر القوات المسلحة بالشجاعة والإخلاص والمروءة وعلى الجمهورية الإسلامية بالبقاء وعلى المسؤولين بحسن التدبير والسياسة، وعلى الأعداء الجاهلين غير المغرضين بالوعي والإنصاف وعلى المغرضين منهم بالخذلان والذلة وعلى مسلمي العالم بالتضامن والوحدة، وعلى الدول الإسلامية بالاستقلال والعظمة وعلى رؤسائها بالخلاص من قيد الأنانية والتمرد على التبعية للأجانب وعلى الجميع بمعرفة الإسلام العزيز وعظمته وقدرته.
الهي! انصر الجيش وسائر جنود الاسلام على الكفر العالمي في أقرب وقت، ووفقنا للخدمة والإخلاص .. وتحية لمنتسبي الجيش المحترمين ولمنتسبي الحرس وسائر منتسبي القوات المسلحة.
روح الله الموسوي الخميني
طهران، جماران
يوم الجيش (29 فروردين)
شرح خصوصيات جيش الإسلام وتوجيهات للعسكريين
الشعب الإيراني والقوات المسلحة
جلد ۱۶ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۱۵۲ تا صفحه ۱۵۵
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417