بسم الله الرحمن الرحيم
سكوت حكومات المنطقة إزاء جرائم إسرائيل
أشكر سلفاً السادة الحاضرين هنا، من القوة البحرية ومن وزارة الارشاد ومن الضيوف الأعزاء الذين قدموا من الخارج. آمل أن يتفضل الله تبارك وتعالى على هذه الشعوب الضعيفة ويقطع أيدي الظالمين إن شاء الله.
إن مصيبة الإسلام اليوم هي أن الآذان التي يجب أن تصغي إلى مشاكل المسلمين قد صُمّت، وخرست الألسن التي يجب أن تتكلم من أجل مصالح المسلمين، وعميت العيون التي يجب أن تشاهد المصائب التي نزلت على المسلمين، فماذا عسانا أن نقول لهؤلاء الخرس والصم والعميان؟ ألا تعتبر حكومات المنطقة هذه قضية لبنان فاجعة؟ أو ليس هجوم إسرائيل على لبنان والمذابح التي لا حدّ لها كارثة؟ أو ليس كارثة للإسلام؟ أو ليس كارثة للمسلمين؟ ألا يتناهى إلى سمعهم أن ذلك حدث بموافقة أميركا؟ إن لم يكونوا صماً، فلماذا لا يسمعون صرخات وأنّات أعزائنا في لبنان؟ وإن لم يكونوا عمياناً، فلماذا لا يرون هؤلاء القتلى الذين يتساقطون كل يوم في لبنان وإيران، والشباب الأعزاء الذين يقتلون في الجبهات، والنساء والأطفال والرجال المسنين الذين يهلكون في خارج الجبهات وفي المدن؟ إذا كانوا يرون ذلك ويعتبرونه كارثة، فلماذا لا يتكلمون؟ إذا كانوا معنيين بكيان الإسلام، والقرآن الكريم، والحرمين الشريفين، فلماذا يلوذون بالصمت؟ لماذا لا يقدمون المساعدة رغم ذلك؟ ماذا حدث كي يؤيدوا اتفاقية كامب ديفيد ومشروع فهد، ويعترفوا بإسرائيل وهذه المصائب تحدث في حضورهم، وتحدث الجرائم أمام أعين الجميع، فضلًا عن أنهم لاذوا بالصمت؟ على من نطرح هذه الكوارث؟ على الحكومات التي عصبت عيونها وآذانها واستسلمت لأميركا دون إرادة؟ على الشعوب المظلومة التي تحتضر تحت ضغوط هذه الحكومات؟
ضرورة يقظة الشعوب واتحادها
يجب طرحها على الشعوب؛ كما حدث في إيران، فالشعب الإيراني هو الذي قضى على الفاجعة التي نزلت على الإسلام على يد أميركا وعملائها متمثلين في النظام البهلوي المشؤوم- شباب إيران، والشعب الإيراني والجيش الإيراني والقوات البحرية والجوية والبرية الإيرانية وحرس الثورة وشباب التعبئة وعشائر إيران والذين أدركوا سوية واجبهم، فنهضوا، وكوروا قبضاتهم معاً، واخرجوا الدبابات من الساحات بهذه القبضات. ما لم تنهض الشعوب مثل هذه النهضة، وما لم تتوحد الشعوب مثل هذا التوحّد، فإن عليها أن تعلم أنها ستكون محكومة من قبل الحكومات الفاسدة، ومحكومة بأميركا المجرمة والقوى الكبرى الأخرى. إنها بكل تلك الثروات والامكانيات، إذا قطعوا نفطهم لأسبوع واحد في وجه هؤلاء المجرمين، فسوف تحل جميع القضايا، ومع ذلك فإنهم يدّعون أنهم لا يفعلون ذلك. ترى إلى من نشكو هذه المصائب، إلا لله تبارك وتعالى؟ إلى اين نقدم شكوانا من هذه الحكومات سوى لله تبارك وتعالى؟ كيف نشكو من اولئك الذين يقترحون الجهاد ضد إيران التي صمدت وتريد أن تقف أمام كل القوى الكبرى، وتحقق الإسلام في العالم، أولئك الذين لاذوا بالصمت [مقابل] إسرائيل التي هبّت لمحاربة الإسلام وتقول بصراحة إن المنطقة لها من النيل وحتى الفرات وتعتبر الحرمين الشريفين ملكاً لها؟ إلى من نشكو هذه الآلام؟ وعلى من نطرح هذه المصائب؟ على من نطرح هذا الصمت الذي يؤيد المجرمين، الصمت الذي يشجع الظالمين، وممن نطلب أن يتفضل ويحطم هذا الصمت؟ هل عدد سكانكم قليل؟ هل ثرواتكم قليلة؟ هل نفطكم قليل وأراضيكم قليلة؟ أفلا تسيطرون على المراكز المهمة التي تعتبر ذات قيمة كبيرة في [المواقع] الستراتيجية؟ إن جميع الإمكانيات متوفرة، ولكن الشيء الوحيد المعدوم هو الايمان.
إن الشعب الإيراني لم يكن يمتلك أي شيء، ولكنه كان يمتلك الايمان، وإيمانه نصره على جميع القوى. وحكومات مسلمي جميع البلدان تمتلك كل شيء ولكنها تفتقر إلى الإيمان. إن ما نصر بلدنا وشعبنا، هو الايمان بالله وحب الشهادة. حب الشهادة مقابل الكفر، مقابل النفاق، لحفظ الإسلام، وحفظ القرآن الكريم.
فليحمل هؤلاء الضيوف الأعزاء الذين جاؤوا، رسالة إيران إلى الشعوب بأن تفكر هي نفسها؛ ولا تجلس كي يعمل لها عملاء أميركا. إنهم يشترون الجمال لحديقة حيوانهم في هذه المصيبة التي تعاني منها إيران: «1» ترى إلى اين نذهب بهذه المصيبة؟ إنهم يشترون اربعة عشر جملًا لحديقة حيوان السلطان الفلاني في المنطقة من الخارج، ويريدون أن ينقلوها بالطائرات إلى هناك. إنهم يسلبوننا كل شيء منا في حين انهم يشترون الجمال! أنا لا أعلم متى ستفتح هذه الآذان، هل يجب أن تفتح مع الفن في الصور؟ متى ترتد هذه العيون بصيرة، وتنطق هذه الألسنة؟ «صمُّ بكم عميٌّ فهم لا يعقلون» «2». إن سبب ذلك كله هو «لا يعقلون». و «صم بكم عمي» جاءت على إثر «لا يعقلون».
المعتدي يطلب الاتاوات!
إننا منتصرون في الجبهة الداخلية والحمد لله، ومقاتلونا جميعهم في الساحة ويقفون مقابل أي طارئ، من أي صنف كانوا، سواء القوة البحرية أو القوة الجوية، أو القوات المسلحة الأخرى مثل حرس الثورة وغيرهم. بلدنا الذي وضع ثرواته الكبرى وهي شبابه على طبق الإخلاص، ويجاهد للإسلام، ولدين الله تبارك وتعالى. إنهم يرابطون في الساحة تحسباً لأي طارئ يحدث للمسلمين. ومما يثير السخرية أن حكومتنا تقترح أن يفسحوا المجال كي نتوجه لقتال أعدائكم، وتجعل ذلك أحد الشروط، ذلك لأنها يائسة منكم وعليكم أن تجعلوا ذلك شرطاً، في حين أنهم يقولون أن علينا أن نتغاضى عن كل شيء كي نفسح لكم المجال، وأي فسح! أليس من المصائب التي نزلت على الإسلام أن تريد مجموعة مضحية أن تذهب لتقاتل أعداء العرب، وأعداء الإسلام، وأعداء الحرمين الشريفين، وأعداء المنطقة بأسرها؟ إنهم هم أنفسهم الذين جلسوا مكتوفي الأيدي، بل إنهم يؤيدونهم، يريدون الرشوة منا كي نفسح لهم المجال ليذهبوا إلى هناك، ويحاربوا لهم؟! مثلهم كمثل الغريق الذي هو في حال الغرق في البحر ثم ينطلق شخص لإنقاذه فيقول له: ماذا تعطيني كي أسمح لك بأن تنقذني؟!
لقد اتخذت الحكومة العراقية من قضية إسرائيل ذريعة كي يهربوا من قبضة الانتقام والعدالة الإلهية. لقد تذرعوا بها كي تقول: إذا أردتم أن نسمح لكم بالذهاب، وننقذ الغرقى، فإن عليكم أن تغضوا النظر عن الجرائم التي ارتكبناها بحقكم، وأن تتصالح حكومة واحدة، أو حكومتان كي يخلوا ويتوجهوا من هناك لإنقاذنا. إن هذه الحالة تنطبق عليها [الآية]. «صم بكم عمي فهم لا يعقلون»؟ ترى هل كانت الحكومة الإيرانية تقول كلاماً آخر غير هذا الكلام الذي تقوله الآن، عندما كنتم تتمتعون بالقوة على ما تتوهمون؟ إنها تصرح بالتصريحات نفسها. وأما الموضوعان الآخران اللذان طرحهما المسؤولون الكبار في البلد وجعلوهما شرطاً، فإن سببهما هو أنهم يائسون منكم. إنهم يقولون ان شرط الصلح هو أن تدعونا نذهب. إن ذلك الشرط الذي يجب عليكم أن تشرطوه علينا، أخبرونا بأي شرط علينا أن نتصالح كي تأتوا وتذهبوا من هنا. إن ذلك لا يفسّر سوى أنهم لا يتعقلون، وأن الأهواء النفسية قد أغلقت عيونهم وآذانهم؟
إيران حجة على جميع الدول
إن رجال حكمنا يقولون إن أولئك المساكين الذين أخرجتموهم من العراق وأرسلتموهم إلينا والذين نستقبلهم بصدور رحبة، هؤلاء وطنهم العراق، ومن شروطنا أن تفسحوا لهم المجال [للعودة]، فهل هذا شرط غير معقول؟! هل هو شرط يزيد على الشروط التي طرحناها منذ البدء؟ إن السماح لأهالي بلد ما في وطنهم، والسماح للمشردين من هناك والذين أخرجتموهم بالقوة، بالعودة، هل هو شرط أضفناه إلى شروطنا؟! كلا، بل هو أمر طبيعي، مكمل لشروطنا تلك، ونحن لم نضفه.
إن وقف إطلاق النار الذي يطرحه صدام، هو وقف إطلاق نار يفتح بعده النار. والطريق الذي يريد أن يفتحه صدام لنا، هو الطريق الذي يجد فيه خلاصه، بل إنه يريد أن يفتح الطريق لإسرائيل. لقد لاحظ ذلك طرفا القضية. فإن قبلنا، فقد حدثت المصالحة، ونجا الصداميون. وإن لم نقبل، فيتضح إذن إننا لا نريد أن نجاهد، لا نريد أن نحارب إسرائيل. إنا نقول لهم إننا موافقون على أن تتنحوا جانباً، ويأتي الخبراء ليروا ماذا فعلتم في هذا البلد، والجرائم التي ارتكبتموها. وليأت الخبراء ليروا من الذي ارتكب هذه الجريمة. ولكن أن نغمض عيوننا عن الجرائم؛ لأننا نريد أن نعمل لكم، فان ذلك من العجائب التي تبقى في التاريخ، فمن العجائب التي يسجلها التاريخ أن إيران كانت تريد أن تذهب وكانت الحكومات تطلب منها الرشوة، وذلك لإنقاذ العرب خاصة وإن إسرائيل تعادي العرب ولإنقاذ الحرمين الشريفين ولإنقاذ البلدان الإسلامية التي تتعرض جميعها لتهديد إسرائيل، ولمواجهة هذا السرطان الخبيث. إنها قضايا سيسجلها التاريخ وعار سوف يسجل على جبين هؤلاء الأشخاص.
ما لم تحتذ البلدان الإسلامية، والشعوب الإسلامية بما حدث في إيران وما لم ينزلوا إلى الشوارع بأنفسهم ويطالبوا حكوماتهم بمواجهة إسرائيل، فلا تظنوا أن هؤلاء الصمّ والعمي سوف يعقلون. على الشعوب أن تقف وتطالب جيوش منطقتهم وحكومات منطقتهم أن يبادروا إلى مساعدة هؤلاء الفلسطينيين والسوريين الذين تعرضوا للظلم كي تزول هذه الغدة السرطانية. وأما إذا كانوا متفرجين هم أيضاً ولا يبالون، وتتذرعون بأن الحكومات هي التي يجب أن تقوم بذلك، فإنهم هم أيضاً سوف لا يكون لهم جواب صحيح أمام الله. إن إيران حجة على جميع البلدان. فمن الممكن أن يجعل الله تبارك وتعالى إيران حجة في الآخرة على اولئك الذين بنوا بالظلم واستسلموا للظالم ولم يثوروا. إذا كانوا يؤمنون بالله وبالمعاد فيجب أن يعدّوا الجواب لله تبارك وتعالى. وفي ذلك اليوم سوف لا يكون بمقدور أميركا وإسرائيل أن ينقذوكم. إن عليهم أن يعدوا الجواب للأجيال القادمة الذين سوف يسقطون لا سمح الله في الفخ بهذه المواقف التي يتخذونها. واذا لم يحسبوا حساباً للقيم الإيمانية، وأخذوا بنظر الاعتبار قيمهم العسكرية، وقيمهم الوطنية، والقيم الإنسانية ولا يرضخوا للذل مقابل أيام معدودة من السلطة، الذل تحت أقدام إسرائيل. على المسلمين أن ينهضوا، عليهم أن يقوموا. فقد قال الله [تعالى]: «إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى» «3». لا تقولوا: إننا لوحدنا. بل عليكم القيام لوحدكم أيضاً. كما عليكم أن تقوموا مجتمعين. قوموا سوية. جميعنا مكلف بأن نقوم لله، ونقوم لحفظ البلدان الإسلامية مقابل هاتين الغدتين السرطانيتين واحداهما حزب البعث الفاسد في العراق، والأخرى إسرائيل ومصدر كليهما أميركا.
زوال إسرائيل مرهون بقيام البلدان الإسلامية
ليس هناك من عذر أمام الله تبارك وتعالى، فلا نحن معذورون ولا أنتم. فليس عذراً أن تقولوا لم نكن نمتلك شيئاً، بل أنتم تمتلكون كل شيء. ليس عذراً أن تقولوا لا نمتلك القوة، فأنتم أقوى من الجميع. عندما تقفون إلى جانب بعضكم البعض، وتمدون يد الاخوة إلى بعضكم البعض، فإن بإمكانكم أن تشكلوا قوة عالمية كبرى. ليس عذراً أن تقولوا إننا لا نمتلك الأسلحة، فالسلاح الذي تمتلكونه لا يمتلكه العالم ألا وهو سلاح النفط. إن العالم بحاجة إلى سلاحكم، الذي هو شريان حياة العالم. فاستخدموا هذا السلاح الذي وضعه الله تبارك وتعالى، في سبيل الله تبارك وتعالى. استخدموا هذه القوة التي أودعها الله تبارك وتعالى في سبيل الله تبارك وتعالى. نسأل الله أن يوقظ هذه الحكومات وأن يوقظ بإذنه هذه الحشود الكبيرة التي تئن تحت الظلم رغم امتلاكها لكل شيء. آمل أن تبقى إلى النهاية هذه الحرية والاستقلال وهذا التواجد الجماعي كما بادرت إيران حتى الآن إلى قطع أيدي الظالمين، وسوف تتجه بدورها نحو حضارة [كبيرة]. آمل ان تلتفت شعوب هذه البلاد الإسلامية إلى هذه القضايا ولا تتوانى حتى يفوت الوقت. إن هذا اليوم، هو اليوم الذي إذا قاموا فيه سوية، فإن إسرائيل سوف تزول بشكل نهائي. وأنا آمل أن تتيقظ هذه الحكومات وأن تحارب هذه المادة السرطانية التي يعم خطرها جميع المنطقة والإسلام وأن لا تتجاوز القضايا بالأحاديث والكلام والمزاح، في نفس الوقت الذي تقول فيه إسرائيل صراحة «يجب أن أسيطر على جميع هذه المناطق» وتعتبرها ملكاً لها.
إني آمل أن تهتم هذه الحكومات بالإسلام، كما تهتم بحدائق حيواناتها. نسأل الله أن ينصر هذه القوى التي تعمل للإسلام. وأن يؤيدكم أيها الشباب الأعزاء المتواجدون في الساحة والعاملون للإسلام منذ بداية الثورة وحتى الآن ومن الآن وفيما بعد. أرجو من الله أن يؤيد جميع مسلمي العالم، وأن يتحرروا من وطأة ظلم القوى الكبرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته