بسم الله الرحمن الرحيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
كم هم سعداء أولئك الذين يمضون العمر في خدمة الإسلام والمسلمين، وينالون في آخر العمر الفاني، الفيض العظيم الذي يتمناه عشاق لقاء الله.
كم هم سعداء وفي منزلة سامية، أولئك الذين سعوا طوال حياتهم إلى تهذيب النفس والجهاد الأكبر، والتحقوا في نهاية حياتهم بكل فخر، بركب الشهداء على طريق الحق وفي سبيل تحقيق الأهداف الإلهية.
كم هم سعداء ومنتصرون أولئك الذين لا يقعون في الشراك الشيطانية والوساوس النفسانية خلال رحلتهم في الحياة بكل تعرجاتها وسموها ودناءتها، واخترقوا آخر حجاب بينهم وبين المحبوب، بتضرجهم بدماء الشهادة، والالتحاق بمقر المجاهدين في سبيل الله.
كم هم سعداء ومحظوظون أولئك الذين اداروا ظهورهم للدنيا وزخارفها، وقضوا العمر بالزهد والتقوى، وفازوا بأسمى مدارج السعادة في محراب العبادة وفي خلال إقامة الجمعة، على يد أحد المنافقين والمنحرفين الأشقياء، والتحقوا بأسمى شهداء المحراب الذين التحقوا بالملأ الأعلى بفعل اليد الخائنة لأشقى الأشقياء.
وشهيد المحراب العزيز لهذه الجمعة هو إحدى الشخصيات التي أكن لها احتراماً وإخلاصاً كبيرين، إذ عرفت هذا الوجود المبارك الملتزم منذ ما يقارب ستين عاماً، وطوال هذه المدة المديدة عرفت المرحوم الشهيد المعظم سماحة حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد عطاء الله اشرفي، بصفاء النفس وهدوء الروح واطمئنان القلب والتجرد عن الأهواء النفسانية، تاركاً للهوى ومطيعاً لأمر المولى، وجامعاً للعلم المفيد والعمل الصالح. وفي الوقت نفسه كان مجاهداً ملتزماً أبيّ النفس. وكان تواجده في جبهات الدفاع عن الحق يبعث الحماس في نفوس الشباب المجاهد ومن المصاديق البارزة لقوله تعالى: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) «2». وقد ألحق رحيله ثلمة بالإسلام، ومصيبة بأسرة رجال الدين. حشره الله مع شهداء كربلاء، وأنزل لعنته وغضبه على قتلة أمثال هؤلاء الرجال.
العار الأبدي لأولئك الذين حرموا شعبنا من هذا الرجل الصالح، الذي لم يؤذ حتى النملة، وبرهنوا أكثر فأكثر على عزلتهم وجريمتهم في محضر الله المتعال ولدى الشعب المضحي.
لقد التحق هذا المعظم إلى جوار رحمة الحق كغيره من شهدائنا الأعزاء، وسيواصل شعبنا المجاهد وقواتنا المسلحة البطلة، تقدمهم بمسيرة الثورة بعزم أكثر رسوخاً.
كيف يبرر هذه الجريمة العظيمة أولئك الذين يزعمون واهمين الدفاع عن الخلق ويفعلون مع خلق الله ما يعرفه الجميع؟ وكم من المكاسب يحصلون عليها بقتلهم عالماً خدوماً وشيخاً عظيما يبلغ من العمر ثمانين عاماً، وما جدوى ذلك بالنسبة لهم؟ وما هي دوافع أولئك الذين يذرفون دموع التماسيح في عزاء هؤلاء المجرمين، ويعترضون على تنفيذ حكم الله بحقهم؟ هل ينتقمون من الجمهورية الإسلامية بقتلهم أحد العلماء الزهاد واحراق عدد من الأطفال والنساء والرجال والجماهير الكادحة؟ وهل الوصول إلى الحكم واستلام السلطة يكون عبر هذه الجرائم؟!
إلهي! أية أحداث وأية وجوه يواجهها شعبنا المجاهد في هذا العصر؟. عصر حكومات المسلمين فيه بهذا النحو، ووسائل الإعلام بتلك الصورة، والقوى العظمى بهذا الوضع .. عصر يصور الباطل فيه للناس حقاً، والجريمة وسيلة للسلام. عصر يمارس فيه أعداء الإسلام والمسلمين مع الشعوب المستضعفة ما لم يمارسه جنكيز، وان معظم حكومات المسلمين تناصر المجرمين في الجرائم التي ترتكب بحق شعوبهم.
عصر لا تمكن فيه الشكوى إلى جوار بيت الله الآمن من أعداء الإسلام الذين يمارسون الإجرام بحق المسلمين .. عصر يعتبر فيه هتاف الموت لإسرائيل وأميركا مناهضاً للإسلام. عصر يهب فيه أدعياء الإسلام للمواجهة العسكرية والإعلامية لبلد يسعى إلى إقامة الحكومة الإسلامية وتطبيق أحكام الإسلام، ويحاربون الإسلام العزيز باسم الإسلام.
إلهي! إن الشعب الإيراني المجاهد مظلوم في عصر الجاهلية والظلام هذا، وليس له ملاذ غير الاتكال عليك والأمل في رعايتك، وطلب العون من محضرك المبارك. وإنه يواصل طريقه، طريق الحق، ولن ترهبه هذه الوحشية. ولن يتخلى عن العزة لك ولرسولك وللمؤمنين، من أجل العيش أياماً معدودات أخرى.
إلهي! أسألك الرحمة للشهداء الأعزاء لا سيما شهيد المحراب لهذا الأسبوع، والسلامة والسعادة والصبر لأبناء الشعب خاصة ذوي الشهداء وأبناء [مدينة] باختران «3» المحترمين، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين، والانتقام من أعداء الإسلام.
تحية إلى أرواح الشهداء الأعزاء الطاهرة .. تحية إلى ذوي الشهداء ... السلام على الجرحى والمصابين، وصلوات الله والمقربين من حضرته وسلامه على بقية الله- أرواحنا لمقدمه الفداء- والسلام على عباد الله الصالحين.
روح الله الموسوي الخميني
طهران، جماران
شهادة شهيد المحراب السيد اشرفي اصفهاني
الإشادة بشخصية شهيد المحراب السيد اشرفي اصفهاني «1»
الشعب الإيراني
جلد ۱۷ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۴۷ تا صفحه ۴۹
«۱»-السيد عطاء الله اشرفي اصفهاني، مندوب الإمام وإمام جمعة كرمانشاه، من العلماء الزهاد ومم- ن تتلمذوا ل- دى الإمام الخميني، وذو شخصية نافذة تحظى باحترام أبناء محافظة كرمانش-- اه وثقتهم، استشهد يوم الجمع- ة الموافق ۲۳/ ۷/ ۱۳۶۱ ه-. ش في المسجد الجامع بمدينة كرمانشاه أثناء صلاة الجمعة على يد أحد عناصر منظمة المنافقين الإرهابية المجرمة. «۲»-سورة الأحزاب، الآية ۲۳. «۳»-تسمى المدينة حاليا ب-«كرمانشاه»-.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417