شناسه مطلب صحیفه
نمایش نسخه چاپی

خطاب‏ [رسالة علماء الدين وواجباتهم‏]

طهران، حسينية جماران‏
ذكرى مولد الامام المهدي (عج)
رسالة علماء الدين وواجباتهم‏
آية الله مهدوي كني، علماء الحوزة العلمية في قم وطلبتها، علماءطهران وآذربيجان الشرقية والغربية وخراسان، علماءأهل السنة في تركمن صحرا وسيستان وبلوجستان، وأئمة جمعة مراكز محافظة فارس ويزد وإصفهان وأقضيتها، والطلاب غير الإيرانيين المقيمون في قم‏
جلد ۱۹ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۲۱۸ تا صفحه ۲۲۶

بسم الله الرّحمن الرّحيم‏

كسب رضا الله في أداء الواجب‏

أهنّئ بهذا العيد الكبير وهذا اليوم العزيز كل السادة الحاضرين وابناء الشعب جميعاً والشعوب الإسلامية ومستضعفي العالم جميعاً، وآمل أنْ يتحقق إنْ شاء الله وعد الله المؤكد ويملك المستضعفون الأرض فهذا وعد الله ولن يخلف الله وعده «1»، غاية الأمر هي هل إنَّنا ندركه أم لا ندركه وهذا بيد الله، فمن الممكن أنْ تتهيّأ في لحظةبعض الأسباب فتكتحل أنظارنا بجمال طلعته «2». إنَّ وظيفتنا المهمة في هذا العصر هي إنتظار ظهوره المبارك، لكنَّ الإنتظار وحده- مع الوضع الذي عليه الكثيرون- لا يكفي، بل علينا ملاحظة واجباتنا الشرعية الإلهية في الوقت الحاضر ولايخشى شيئاً. فعلى من يقوم بواجبه من أجل رضا الله أنْ لا يتوقع رضا الجميع عنه إذ لاينال رضا الجميع، حتى أعمال الأنبياء لم تنل رضا الجميع ولكنَّهم عملوا بواجباتهم ولم يقصّروا في أداء ما أوكل إليهم مع عدم إصغاءأكثر الناس لكلامهم، ونحن كذلك نعمل بما نحن مكلفون بعمله ويجب أنْ نعمل حتى لو لم ترض الأكثرية عنا أو تعرقل عملنا.

مسؤولية خطيرة تقع على عاتق علماء الدين‏

الأصل في القضية هم علماء الدين، هذه الفئةالتي عليها واجبات أكثر من غيرها، وقد إجتمع اليوم بحمد الله هنا علماء وخطباءوفئات أخرى من أهل العلم المحترمين في هذا المجلس النيّر فعلينا أنْ نتحدّث إليهم بما ينفع المجتمع الإسلامي والمسلمين جميعاً وإنْ لم يكن في حديثي أمر جديد: إنَّ مسؤولية علماء الدين ربّما تكون أكثر، من مسؤولية باقي الفئات إذ كلما يقترب الإنسان من الإسلام تكون مسؤوليته أكبر وأكثر فالأنبياء كانت مسؤولياتهم أكثر من غيرهم، وفي الوقت الذي كانت مسؤولياتهم أكثر نراهم قد أدّوا ما عليهم ولم يقصّروا في ذلك، ومسؤوليةالعلماء في أيّ مكان هي أكثر من مسؤوليات غيرهم ولا عذر لهم في التقاعس عن القيام بها. فقد يعذر الكثير من الناس بأنَّهم لم يكونوا يعلمون أو أنَّهم لم يتمكّنوا من عمل شئ، أمّا علماء الدين اليوم في إيران فلا عذر لهم لأنَّهم يعرفون الطريق ويتمكّنون من العمل، فلو ظهر بينهم- لا سمح الله- أشخاص يقومون بأعمال منافية فهذا يعود إمّا أنَّهم يعارضون الإسلام من حيث المبدأ، وإمّا لأنَّهم لا يفهمون أنَّ الإسلام هنا في أيّ حال.
فعدّة تقول: إنَّ عهد النظام السابق كان أفضل من الوضع الحاضر. فلا بد أنَّ هؤلاء يعتقدون أنَّ حانات الخمر ومحلات بيعه التي كانت منتشرة في كل أنحاء البلاد من الأفضل أنْ تبقى على حالها، وأنْ لا تكون جمهورية إسلامية، ولتبْقَ كل مراكز الفساد والفحشاء في طول البلاد وعرضها ولا تكون جمهورية إسلامية وهذا لا يكون إلّا أنْ يكونوا عارين عن كل الأمور وبريئين منها، أو أنَّ لديهم عُقداً فهُم وإنْ كانوا يعلمون أنَّ الحقيقة ليست هكذا ولكنَّهم يتظاهرون بخلاف ذلك ولكنَّهم أقليّة لا ينبغي للشعب أنْ يصغي لكلامهم، والأكثرية الساحقة من رجال الدين وأهل العلم هم متمسكون بالجمهورية الإسلامية ويفهمون ماذا فعلته لإيران ويفهمون كيف مقارنتها بعهد الشاه ويتعهدون بدفعها إلى الإمام ويخطون خطوات واسعة وهذا لا يتمَّ إلّا بملاحظة بعض الجهات، إحداها أنْ تستحكم الأخوّةبين علماء الدين أنفسهم، وهذه الوحدة هي التي منحتكم النصر ونحّت النظام السابق جانباً وأحلّت محله نظاماً إسلامياً إذ كان الجميع متحدين ولم يكن خلاف في الأمر وكان الكل يعلمون أنَّ النظام السابق كان سيّئاً، وكلهم كانوا متألمين منه ومنزعجين، ولو حصل- لا سمح الله- بينكم من يحاول بثَّ الاختلاف والفرقة فاعلموا أنَّ هذه اليد قد امتدت من أمريكا ووصلت إلى هنا، يجب أنْ تكونوا واعين ولا تحسبوا العدو ضعيفاً، فعلينا أنْ نكون على الدوام واعين ويقظين إلى أنَّ هؤلاءالأعداء- سواء كانوا معادين لأصل الإسلام أو معادين للجمهورية الإسلامية- قد ازدادت نشاطاتهم في الآونة الأخيرة فعليكم بحفظ اجتماعكم، وعلى الروحانيين حفظ أخوّتهم الروحانية.

مسؤولية رجال الدين في حفظ هويتهم‏

وبالإضافة إلى وجوب وجود الوحدة بين الفئات كلها فإنَّ على علماء الدين واجباً إضافيّاً إذ لو أنَّ رجل دين واحداً إنحرف عن الطريق فسيقولون: «رجال الدين هم هكذا» ولا يقولون إنَّ فلاناً إنحرف. أما لو أنَّ بقالًا طفف في الميزان فإنهم يقولون: (ذاك البقال طفف في الميزان) ولا يقولون: «البقالون طففوا في الميزان» وهذه هي الدعايات التي حصلت، لو أنَّ روحانياً- لا سمح الله- إرتكب خطأ فقد صار الوضع الآن أنْ يقولو: رجال الدين هم هكذا، فالمسؤولية مسؤولية كبيرة. ولهذا فلو صدر خطأ- لا سمح الله- منّا ومنكم فإضافة إلى المسؤولية الشخصية التي نتحمّلها هناك المسؤولية الإنسانية والإجتماعية لأنَّ هذا الخطأ يحسب على الجميع، فعلى هذا لا تعتبروا أنفسكم أناساً عاديين وكذلك طالب العلم في المدرسة لا يفكّر هكذا ويقول: «حسناً! أنا كسائر الناس طالب عادّي فلو إرتكبت ذنباً فسيحسب عليَّ وحدي» كلّا، ليس هكذا، بل يحسب الذنب على الجميع فهذه مسؤولية كبرى ولا يمكن تحمّلها إلّا أنْ يتم التهذيب في الإنسان نفسه وتحصل الوحدة مع كل الرفاق والأصدقاء وسائر الفئات والأشخاص، ومسؤولية أئمة الجمعة من بين الروحانيين أكبر وأعظم لأنَّ إرتباطهم بالناس أكثر من غيرهم. فعليهم أنْ يكونوا حذرين جدّاً، فلو حدثت- لا سمح الله- مشكلة في مكان ما فعليهم أنْ‏يحلّوها بطريقة روحانية وبطريقة أبويّة، إذ لو أراد أحدهم استخدام نفوذه- لا سمح الله- باستغلال منصبه كإمام جمعة فلا يُعزى الأمر إليه بل يُعزى إلى الروحانية ككل وإلى الإسلام وعلى هذا فمسؤوليتهم خطيرة جدّاً وعليهم الملاحظة بدقة متناهية.

حُبَّ الذات والغطرسة منشأ كل فساد

الغطرسة لدى أيِّ كان تتسبب في السقوط أرضاً، والغطرسة من أيِّ شخص كانت فهي من الشيطان سواء كان هذا الشخص رئيس جمهورية أمريكا أو الطلبة في المدرسة العلمية أو إمام الجمعة في منصبه، فإذا صار الوضع بأنْ تحكمه الغطرسة وأنَّي هكذا يجب أنْ أكون، فاعلم أنَّ هذا من الشيطان، فالشيطان قد أوحى لنا هذه الفكرة منذ البداية، وعن هذا الطريق يستطيع أنْ يتلاعب بنا إذ يوسوس لك بأنك فلان وأنَّك صاحب المقام الفلاني وأنَّ الآخرين من هم؟ وهكذا، لا فرق في ذلك بين من هو في الظاهر جبّار الدنيا وما يزال يواصل بطشه، وبين الزاهد في صومعته فلا فرق بينهما إذا كان الزاهد يقول: أنا الزاهد و أنا الكذا وكذا، أو يقول الجبّار إنَّني جبّار. فالاثنان من الشيطان بل إنَّ فساد الزاهد أكثر من فساد ذلك الجبّار، فحُبَّ الذات دائماً يتسبب في جرّ الإنسان إلى الفساد، وكل المفاسد التي تظهر في العالم تنشأ من حُبَّ الذات، وحُبَّ الجاه وحُبَّ السلطة وأمثالها كلها ترجع إلى حُبَّ الذات فهذا هو الصنم الأكبر ودحره أصعب من الجميع إنْ لم تتمكنوا من كسر شوكته بكل معنى الكلمة وتتمكنون إنْ شاء الله فاعملوا على كسر يديه ورجليه، ولو تركتموه لجرّكم إلى الهلكة، فإنَّه لا يتركنا وشأننا إنَّه لا يتركنا وشأننا إلّا حينما نرتكب معصية ويتركنا كذلك عند ما نرتكب معصية أكبر من سابقتها وهكذا يتقدّم بنا في المعاصي مرحلة بعد مرحلة حتى يصل إلى مرحلة يسلب فيها الإنسان دينه، وهذا أمر طبيعي، وعمل الشيطان هو هكذا، لا فرق بين الشيطان الباطني للإنسان والشيطان الذي يرتبط به هؤلاء.

حفظ قدسية خطب صلاة الجمعة

إنَّ على أئمة الجمعة والجماعة وعلماء الدين المحترمين أنْ يعلموا أنَّ لهم مكانة الأب لدى هذا الشعب، ويجب أنْ تكون لهم سمة الأبوّة للناس، ويجب أنْ يكون تعاملهم مع الناس تعاملًا أبويّاً، وتعاملهم فيما بينهم تعاملًا أخويّاً، وأنْ يعقدوا فيما بينهم إجتماعات في كل مدينة مرّة في الأسبوع أو مرّتين يتحدثون فيها عن مشاكلهم وقضاياهم، فإذا حدث حادث أو طرأت فكرة فليطرحوها على بساط البحث وليحلوها فيما بينهم ولا يطرحوا في خطب الجمعة أية مشكلة تحصل بينهم، سواء كانت مشكلتهم مع المحافظ أو الوزارة الفلانية أو الشخص الفلاني، فموقع خطبة الجمعة محل الدعوة بالحق والدعوة إلى التقوى والحديث عن مصالح المسلمين. وليس من شأن أئمة الجمعة التعرض إلى الأمور الجزئية في خطبهم، فليتجنّبوا هذا الأمر.

ضرورة أنْ يعيش رجال الدين عيشة بسيطة

و من الأمور المهمة أنْ يعيش رجال الدين ببساطة، الأمر الذي حفظ الروحانية وجعلها تتقدّم، وأولئك الذين خلفوا لنا الآثار العظيمة قد عاشوا حياةبسيطة، وقد يتذكر القليل من السادة الحاضرين في بداية مجيئنا إلى قم. العلماء الأوائل الذين كانوا فيها. لقد كانوا زاهدين متقين، وهؤلاء هم: المرحوم الشيخ أبو القاسم القمّي «3» والمرحوم الشيخ‏ مهدي «4»، وعدد آخر، والشخص النافذ هناك والمتقي المرحوم الميرزا السيد محمد البرقعي «5» والمرحوم الميرزا محمد أرباب «6»، كل هؤلاء قد ذهبت أنا إلى بيوتهم، هؤلاءالذين كانت لهم الزعامة الظاهرية على الناس والزعامة المعنوية أيضاً فكانوا إضافة إلى زهدهم متشابهين في المعيشة، فالمرحوم الشيخ أبو القاسم أنا لا أتصوّر أنَّ أيّ طالب علم كان مثله، فلقد كانت معيشته كمعيشة سائر الطلبة إنْ لم تكن أقلّ منها، والمرحوم الميرزا أرباب الذي ذهبت إلى بيته مراراً، لقد كان بيته يتكوّن من ثلاث غرفٍ غاية في البساطة وكذلك المرحوم الشيخ مهدي، وهكذا كان الآخرون وعند ما يراهم الإنسان في ذلك الزمان يأخذ درساً وعبرةً من وضعهم المعيشي. وأنتم حينما تسعون للحصول على بيت أحسن فكل خطوة تخطونها في هذا المجال ينحط من قيمتكم بمقدارها، فقيمة الإنسان ليست بالبيت والمزرعة والسيّارة، فلو كانت قيمةالإنسان تقاس بهذه الأشياء لفعله الأنبياء، لقد رأيتم كيف كانت سيرةالأنبياء، ليست قيمة الإنسان في أنْ يكون له دوي وعنده السيّارة الكذائية ويرتاد بيته ومكتبه الكثيرون، ليست قيمة رجل الدين بالمفروشات والمكتب ودفتر الصكوك المصرفية، فكّروا في إكتساب القيمة الإنسانية ولا تفقدوا القيمة الروحانية، وعند ما تطلبون المظاهر الخداعة في طلب العلم- وإنْ شاء الله لستم بطالبيها- فستنقص قيمتكم العلمية، فإنَّ الذين كتبوا هذه الكتب الضخمة القيمّة كانوا يعيشون عيشة طلبة كالشيخ الأنصاري وأمثاله، لقد إستطاع هؤلاء حفظ الإسلام في كل الجهات وطوّروا الفقه وزادوا في المسائل الدينية وفروعها وعرضوا تلك الكتب الثمينة على الناس، ذلك أنهم لم يكونوا يرون أنْ قيمتهم منوطة بالمسائل المادية، كامتلاك بيوت واسعة مشتملة على عدد أكثر من الغرف. ولو أنَّكم إمتلكتم داراً ذات عشر غرف فهل تظنونها كافية لا شباع طمعكم؟ كلًا فلو أعطيت الدنيا كلها لشخص فلا يراها كافية له بل يقول يجب أن أذهب إلى مكان آخر لا متلاكه وهذه هي فطرة الإنسان.
هذه هي إحدى الفِطَرِ وهي أنَّ الشخص مهما وجد من شئ فإنَّه لم يجد مطلوبه، فالمطلوب شيئ آخر لذلك تراه يسعي وراء التسلط والقدرة المطلقة، «القدرة المطلقة هي قدرة الله» إنَّ من يطلب العلم إنما يطلب العلم المطلق و «العلم المطلق هو علم الله»، وكل من يطلب أيّ كمال أو أيّ شي‏ءٍ فهو يطلب الكمال المطلق، والكل يريدون الله ولا يرون أنفسهم شيئاً، أمّا العذاب الذي نعانيه فهو بسبب الحُجُب التي فينا، فمن خرّق هذه الحُجُب فقط فهم القيم ووصل إلى المحل الذي يجب أنْ يفهمه.

ضرورة اقتران الدعوة بالعمل‏

إقرأوا المناجات الشعبانية فإنَّها من المناجات التي لو تتبّعها الإنسان وفكّر فيها لأوصلته إلى ما يريد إنَّ من أطلق هذه المناجات وكان الأئمة كلهم- حسب الروايات- يقرأونها فهؤلاء أناس كانوا قد تحرّروا من كل شي‏ءٍ ومع ذلك كانوا يناجون بهذا الشكل لأنَّهم لم يكونوا مغرورين ومهما كانوا فإنَّهم لم يكن أحدهم يري نفسه أنَّه الإمام الصادق أو غيره من الأئمة- عليهم السلام-. كلا فالإمام الصادق (ع) يناجي الله كما يناجي الإنسان العادي الغارق في المعاصي لأنَّه يرى نفسه لا شئ وأنَّه كله نقص وأنَّ كل ما في الوجود فمن الله وكل كمال من الله وأنه هو لا شئ عنده وأيّ إنسان آخر لا شئ عنده، والأنبياء كذلك لم يكونوا يملكون شيئاً والكل هباء، الله هو وحده كل شئ والكل تابع له وكل فطرة تابعة له، وبما أنَّنا محجوبون فلا نفهم أننا تابعون له. أمَّا الذين يفهمون فإنَّهم يتحررون من كل شئ، ويتبعونه هو. وهذا هو كمال الانقطاع الذي طلبوه، وكمال الانقطاع يعني التنحّي عن كل ما في وجوده، ويفسّر بعضهم قول الله تعالى: «ظلوماً جهولًا» الوارد في الآية الشريفة: «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ...» ثم يقول:» إنَّه كان ظلوماً جهولًا « «7». فسّروه بأنه على وصف الله به الإنسان وقالوا: إنه قال «ظلوماً» لأنَّه كسر الأصنام وكل شئ، و «جهولًا» لأنَّه لم يلتفت إلى أيَّ شئ ولم يلتفت إليه شئ وغافل عن الجميع، ونحن لا نقدر أنْ نكون هكذا، ولا نقدر أنْ نكون مؤتمنين، لكننا يمكن أنْ نكون في هذا الطريق. وأنتم أيّها السادة الذين تريدون أنْ تدعوا الناس إلى الآخرة وإلى صفات كذا وكذا، عليكم أنْ تخطوا الخطوة الأولى أنتم أنفسكم لتكون دعوتكم دعوةحق، وإلّا فدعوة الحق تكون دعوة شيطانية وبلسان الشيطان تدعون الإنسان. وهذا الذي يدرس التوحيد كذلك إنْ كان أنانيّاً فلسانه لسان شيطان ويدرّس التوحيد بلسان الشيطان. وأنتم أيّها السادة الذين تريدون الذهاب إلى أماكن أخرى لتربية الناس، تنبهوا كي لا تتلوثوا وأنتم تدعونهم.

القوى العظمى مصدر مصائب الشعب الإيراني‏

نحن اليوم مبتلون بالدنيا وقواها، وإيران لم تكن في وقت ما مبتلاة بهذا القدر من الابتلاء، لأنَّ إيران كانت بقرة حلوباً وقد أرخت أضرعتها ليحلبوها، فهل كان ذلك الاستقرار استقراراً وتسليماً حقيقيّاً؟ هل الاستقرار أنْ تُسلّم البقرة الحلوب أضرعها للآخرين ولا تقول شيئاً؟ وعند ما تسلّم إيران كل مخازنها إلى الآخرين فلماذا لم يحافظ عليها الآخرين؟ ولماذا لم يحل الاستقرار فيها، نعم كان استقرار ولكنَّ أيّ استقرار؟ إنَّه شبيه باستقرار الحيوان في مقابل الإنسان ولكنَّ هذا الاستقرار قد مضى وانقضى وعند ما يريد الإنسان اليوم أنْ يحصل على كرامته بيده فالشرق والغرب يعارضانه وحتى دول المنطقة والغافلون والمعاندون في الداخل كذلك يعارضونه. فواصلوا مسيركم واحفظوا وحدتكم، وسايروا المجتمع والناس وأهدوهم وأنسجموا معهم وعايشوهم فهؤلاء هم الذين حرّروكم من القيود والأغلال واليوم لا قيد ولا غل في أعناقكم من قبل أيّ بلد وليس لكم تعهدو إلتزام تجاه أيّ أحد.

المحرومون هم حماة الإسلام والثورة

واليوم فإنَّ البلد المحايد هو إيران، ولن تجد أيّ بلد آخر محايداً واقعياً وهذا بفضل سكان المغارات والأكواخ المحترمين من بين فئات الشعب والذين قدّموا كل هؤلاء الشبّان، فليأتوا ولتعُدّوا كم شخصاً من هؤلاء المرفهين الذين يندّدون بالجمهورية الإسلامية قد ذهبوا إلى جبهات القتال؟ وكم شهيداً قدموا؟ حبّذا لو وجدتم واحداً منهم. إلّا أنْ يكون شخصاً إنفصل عنهم وعن بيئتهم المرفه وصار من حزب الله فهذا ممكن ولكنه قليل جداً، إذ كل الشهداء الذين ترونهم هم من هذه الفئة المحرومة التي تسكن المغارات أو من كسبة السوق أو العمال أو الفلاحين فكل هذه الطبقات محرومة، إنَّ كل من يقدم الخدمة في الجبهة في هذا الوقت هم من هذه الطبقات، وإنْ كل من يتحمّل المشاقّ من أجل حفظ البلاد وحفظ الإسلام هم أبناء الطبقات المحرومة، فهؤلاء سادتنا وأولياء نعمتنا ولهم الفضل علينا فعاملوهم بكل تواضع.

الدعايات لاثارة الاختلاف وضرب الإسلام‏

إنَّ إيران اليوم مبتلاة أكثر من أيّ وقت مضى، إذ الكل معارض لها، فالإعلام العالمي والدعايات في كل أنحاء الدنيا تعمل على إسقاط الإسلام، يقولون: «اقبلوا الصلح»!! هذا خلاف النظام الإنساني وخلاف النظام الإسلامي وخلاف عقيدة الأنبياء القاضية بعدم الصلح مع المفسد الذي ترون مفاسده تزداد يوماً بعد يوم. فهو مفسد بالطبع والذات ومعارض لكل ما جاء به الأنبياء، فالقبول بالصلح أمر مخالف للقرآن والعقل والإسلام والقيم الإنسانية، وهؤلاء الذين يأتون من الأماكن المختلفة إلى إيران وهؤلاء الذين يأتون طهران لابسين الأكفان وغيرهم ويصرخون منادين: إننا نريد القتال، أليس هؤلاء من هذا الشعب؟ وهل الشعب يتمثل في هذا الذي يطالب بالصلح؟ أي شعب يطالب بالصلح غير هؤلاء المرفهين أو الذين لم تتوفر وسائل اللهو لديهم، أو الذين هم غير مدركين للأمر. فلنحسن الظن بهم ونقول إنَّهم غير مدركين.
و على هذا فحين يكون الجميع معارضين لنا، علينا أنْ نكون جميعاً بعضنا مع بعض، أنا لا أقول إننا لسنا كذلك الآن، لنستمع أوّل الليل لنراهم يقولون: «حسناً! من قال إنَّ الناس يخالف بعضهم بعضاً، ما الخبر؟ يظهر أنَّ في الأمر شيئاً». حسناً، دعوهم يقولون: وأنا في الوقت الذي أقول: إنكم متحدون، أقول كذلك: كونوا أكثر من هذا وتمسّكوا به، فالكل معارضون اليوم لنا، فعلينا نحن أنْ نحفظ وحدتنا، ولتكن وحدتنا أقوى كلما إزدادت معارضتهم لنا، وكلما إزدادت الدعايات المضادة لنا، فلتزدد وحدتنا قوّة، لقد سخر هؤلاء كل إعلامهم من أجل إلقاء الفرقة والاختلاف بيننا، وانتشر عملاؤهم في كل مكان لا يجاد الاختلاف في إيران إنهم لا يخافون من أيّ بلد غير إيران، ولا يبثون الدعايات المغرضة ضد أيّ بلد آخر غير إيران، لقد رأيتم أنَّه كان في بريطانيا إضراب لعدة شهور أو ما يقرب من السنة ولكن لم يُذكر عنه شئ لأنَّها بريطانيا، لكنَّ لو فرضنا أنَّ أربعةأشخاص أضربوا في مكان ما فسيذاع الخبر ويعاد ويكرر طول اليوم ويقال: لقد حدث إضراب في إيران! وحَدَث وحَدَث! ولا يقولون عدة أشخاص بل يقولون: «لقد تعطلت المصانع عن العمل» لأنَّ أملهم كان معلقاً على يوم العمال العالمي، لقد كنت أراقب الأوضاع، إنَّهم يتخيّلون أنَّ عمالنا سيلطمون الصدور من أجلهم، لكنَّ يوم العمال حلّ ومضى وعمالنا الأعزاء حضروا الساحة وهتفوا كما في السابق: نحن نريد أنْ نخدم، فهل يخدمون من أجلي لكي يتخلّوا عن الخدمة عند ما أكون سيئاً، كلّا! إنَّهم يعملون لوجه الله ولوطنهم، الوطن الذي يعطيه الآخرون كل شئ، وهم الآن منشغلون بالإصلاح. إنَّهم يعملون ويتابعون كل شئ لاعماره وهم قادرون على ذلك. وعند ما يكون العزم على أن يعمل الجميع من أجل هدف واحد وهذا الهدف إلهي وليس دنيوّيا. وإذا كان الهدف إلهياً فالله موجود والقيامة موجودة ونحن مسؤولون، ولا يمكن التخلي عنه بسبب هذه الأشياء افترضوا أن أربعة أشخاص يجلسون في مكان ويتحدثون فيما بينهم ويقولون: إنَّ الناس يقولون هكذا، لكنَّ الأمر ليس كذلك، والأفضل أنْ نكون كلنا واعين والله يوقظ الجميع.

خدمات نظام الجمهورية الإسلامية للإسلام‏

إنني آمل في هذا الشهر المبارك شهر رمضان الذي هو شهر الله، أنْ توفقوا جميعاً للدعاء للإسلام، وأنْ يكون دعاؤكم للإسلام على رأس الأدعية وكذلك الدعاء للجمهورية الإسلامية وبقائها، فالخدمات التي قدمتها الجمهورية الإسلامية للإسلام خلال الأربع أو الخمس سنين لم يقدّمها أحد على طول التاريخ ما عدا زمان الأنبياء. فكل من يعارض هذا القول فليأت وليُعدَّ قائمة بالجزئيات، ماذا قد حدث في ذلك الزمان؟ ماذا قد حدث في عصر القاجار؟ فعصر القاجار كان أهدأ العصور، فماذا كان في عصر القاجار، وما الخبر الآن؟ أمّا في العصر البهلوي فالكل يعلم ماذا كان، وإنَّ من كمال عدم الإنصاف أنْ يقول شخص: «إنَّ ذلك الوقت مثل الآن، بل هذا أسوأ من ذاك» أو الجهل الكلي والعناد، والإنسان عنيد وعند ما يكون عنيداً لا يدري ماذا يفعل. يقال: إنَّ مجموعة من أهل جهنم كانوا يعذبون ثم توقف عنهم العذاب فجأة وحلّ الهدوء- كما ورد في الروايات- فتساءلوا ماذا حدث؟ فقيل لهم «مرّ النبيّ (ص) من هنا» قالوا: «سُدّوا الأبواب كي لا نرى» ذلك الشخص الجهنمي يقول: «سدّوا الأبواب» ومع أنَّ الهدوء قد حلّ والعذاب رفع عنهم فهو يرضي بالعذاب وأنْ لا يري النبيّ (ص) فهو يرضى بعذاب جهنم بدلًا من أنْ يرى النبي (ص)، ليكن فساد ولكنَّ لا تكون الجمهورية الإسلامية، لينتشر الفساد في الشوارع علناً ولا تكون الجمهورية الإسلامية فهؤلاء يرضون بانتشار الفساد بديلًا من الجمهورية الإسلامية. فهذا مرض لا علاج له إلّا حضرة عزرائيل- عليه السلام-.
شفى الله هذه الأمراض كلها، وآمل أنْ نوفق جميعاً للعمل برضا الله، حفظ الله الإسلام والجمهورية الإسلامية، ووفقنا لرؤية جمال طلعة صاحب الزمان المباركة- سلام الله عليه-.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

«۱»-إشارة إلى الآية ۵ من سورة القصص. «۲»-يعني الإمام المهدي الموعود«عج»- «۳»-السيد الشيخ ابو القاسم القمي، من كبار علماء قم في اوائل إنشاء الحوزة العلمية بقم. توفي عام ۱۳۵۲ ه-. ق. «۴»-السيد الشيخ مهدي حكمي، من علماء قم البارزين وصاحب كرامات اخلاقية في أوائل تأسيس الحوزة العلمية بقم. «۵»-السيد ميرسيد محمد البرقعي، من علماء قم البارزين، وهو الابن الاكبر للمجتهد الكبير في قم المرحوم السيد عبدالله البرقعي. «۶»-السيد ميرزا محمد ارباب قمي، من كبار العلماء والمحدثين العظام، توفى في أوائل تأسيس الحوزة العلمية بقم. وهو جد السيد شهاب الدين إشراقي«صهرالامام الخميني»-. «۷»-سورة الأحزاب، الآية ۷۲.


امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417
 

دیدگاه ها

نظر دهید

اولین دیدگاه را به نام خود ثبت کنید: