شناسه مطلب صحیفه
نمایش نسخه چاپی

نداء [خطاب أخلاقي، سياسي وعبادي الى الحجّاج‏]

طهران، جماران‏
خطاب أخلاقي، سياسي وعبادي الى الحجّاج‏
زوّار بيت الله الحرام، مسلمو إيران والعالم‏
جلد ۱۹ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۲۹۳ تا صفحه ۳۰۱

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم‏
أتقدم بالشكر الجزيل للألطاف العالية لحضرة الباري تعالى وأدعية حضرة بقية الله أرواحنا لمقدمه الفداء يعيش الشعب الإيراني العظيم في وقت يتوجه زوّار بيت الله الحرام نحو الموعد الإلهي ليلبّوا دعوة الله استجابة لنداء حضرة إبراهيم أبي الأنبياء وحضرة محمدٍ المصطفى، خاتم الرسل صلى الله عليه عليهما وعلى آلهما فالملبون والساعون والمهرولون يتشرفون بحضور المحبوب في ذلك المكان المقدّس، وعلى الرغم من أنَّ المحبوب تعالى حاضر في كل مكان وأنَّ شمس الإسلام العظيم تنشر أشعتها على شرق العالم وغربه، وأنَّ النداء الإبراهيمي المحمّدي يدوي في كل زاوية ومنعطف من العالم، ويبعث الحياة في قلوب مسلمي العالم وأرواحهم، وأنَّ هتاف الوحدة بين طوائف من كل فرقة والمستضعفين والمظلومين من كل أمة من أقصى العالم إلى أقصاه قد أحدث زلزالًا عظيماً، وأنَّ قصور آمال الظالمين والمستغلين قد أشرفت على الافول والسقوط، فكأنَّ دولة المستضعفين على وشك الظهور ووعد الحق تعالى قريب الوقوع.
فزوّار بيت الله والعاشقون للقاءالله الذين يهاجرون من بيوتهم وأنفسهم نحو الله ورسوله الأكرم (ص) حيث تحتضن الكعبة المعظمة وتفتح ذراعيها لتستقبل عشّاق الحق والعدالة وصيحاتهم المحطمة لرؤوس الظلمة والغزاة على مدى الدهور، وتنتظر استقبالهم بفارغ الصبر، وبيت الله الحرام والكعبة المعظمة تجذب الزوّار الأعزّاء إلى أحضانها لتحوّل الحج من العزلة السياسية والانحراف الأساسي إلى الحج الإبراهيمي المحمّدي وتجدّد له الحياة وتحطّم أصنام الشرق والغرب وتفرض المعنى الحقيقي لقيام الناس والبراءة من المشركين، والميقات ينبض قلبه بهوى الزوّار الآتين من بلد ال- (لا شرقيّة ولا غربيّة) ليلبّوا دعوة الله في اتجاه الصراط المستقيم والإعراض عن فلسفات الشرق والغرب والانحرافات العنصرية والفئوية، وعلى كل الشعوب دون النظر إلى اللون والدين والمحيط والمنطقة أن تتعامل فيما بينها بالأخوة والمساواة وحمل الهموم وتثبيت الوحدة وأن يكونوا يداً واحدة في الهجوم على أعداء البشرية والمتجبرين ومستغلّي العالم، والجمرات تنتظر المضحّين القادمين من بلد أخرج شعبُهُ‏ الشجاع الشياطين الكبار والصغار والمتوسطين من وطنه دون أيّ خوف أو وجل وقطعَ أيديهم القذرة عن ذخائر وطنهم، وحضروا في هذا المكان ليرمُوا مجموعة الشياطين ويطردوها من (أمّ القرى) و (ما حولها)، أيّ من العالم بالحصيات والشعارات المحطمة، وعرفات والمشعر ومنى تستضيف أشخاصاً قد نهض شعبهم المسلم ليحقق عن وعي وشعور سياسي تطلعات الإسلام وآماله في بلده وفي سائر البلدان التي ترزح تحت الظلم، وتفضح المتلاعبين بالسياسة الزائفين الذين هجموا على مظلومي العالم واستولوا بالحيلة والمكر على كل ثرواتهم، ورأيتم ورأينا كيف أن شعبنا صغيراً في محيط محدّد وأشخاص معدودين بعزم كبير وإرادة قوّية وقبضة حديدية بالاعتماد على الله القادر تعالى كيف أزالوا من الوجود ذلك النظام الطاغوتي مع كل تجهيزاته الحربية وكل ذلك الدعم من القوى العظمى وكيف قلّصوا سيطرة القوى العظى عن بلادهم، ونرى أن وسائل الإعلام الجماعية المرتبطة بالقوى العظمى التي تقضي أوقاتها ليلًا ونهاراً بتسطير الأكاذيب التي لا أصل لها وتبثّ الفتنة كيف تعامل هذا الشعب معها، التعامل الذي جعلها تجلب على نفسها وعلى أسيادها العار والشنار وجعل كل تُهَمِهَا سبباً في تقوية الجمهورية الإسلامية ولفت أنظار مظلومي العالم ومستضعفيه إلى الجمهورية الإسلامية، ونرى أنَّ تُهَمَ القتل وتربية القتلة من قبل إيران التي تصورها مسؤولو البيت الأبيض وعملاؤهم والأجهزة الإعلامية المرتبطة بكبار الجناة والمجرمين مضعفة للجمهورية الإسلامية بشكل واسع وملتفته للنظر، كل هذه الأمور قد أعطت بعون الله تعالى نتيجة معكوسة وأدّت إلى إضعاف معنويات أعداء الإسلام وأعداء الجمهورية الإسلامية وتقوية معنوياتنا وبالأخص معنويات مقاتلينا وسائر الأمم المظلومة والمستضعفة (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) «1»، ومن جملتها دفاع الحق تعالى وردّ كيد البيت الأبيض إلى نحره، حيث يدور موضوع تربية سادة البيت الأسود الأمريكي للقتلةعلى جميع الألسن حتى مفكري أمريكا، والبيت الأسود بحذفه اسم العراق من قائمة القتلة أثبت بشكل واضح أنه مربّ للقتلة ومساند لهم، فالقتلة ومخالفوهم في ميزان البيت الأبيض هم من يوافقونه أو يخالفونه في ممارسة الجرائم في كل أنحاء العالم، فعند ما كان العراق معارضاً لأمريكا كان اسمه ضمن قائمة القتلة، وعند ما طأطأ رأسه طاعة للبيت الأبيض، محي اسمه من تلك القائمة رغم كل الانقلابات الدموية التي اشتهرت في المنطقة وخصوصاً في الخليج الفارسي.
وإيران وسائر الشعوب قد وجدت اليوم بحمد الله ومنته طريقها الصحيح، وهذا العدد الكبير من زائري بيت الله الحرام من إيران وسائر الدول الإسلامية قد تجمّعوا حول المسجد الحرام لإحياء مراسم الحج العبادية السياسية، المسجد الذي هو مركز ثقل الإسلام ومهبط ملائكة الله ومحل نزول الوحي، لقد تجمعوا هناك لأداء واجباتهم الإلهية والقرآنية التي هي إعلان البراءة من المشركين، البراءة التي أنجزها رسول الله (ص) بواسطة مولانا علي بن أبي طالب (ع) في يوم الحج الأكبر. فلو أنَّ الزائرين كلهم الذين اجتمعوا في هذا المكان الشريف من كل طائفة ومذهب من أطراف العالم كافة استجابوا لنداءالله وأدانوا أعمال الظالمين بصرخة واحدة لانهارت قصور الظلم، ولو أنَّ ممثلي مليارد مسلم أعلنوا البراءة من كل المعتدين على حقوق المظلومين بالاسم والرسم وطالبوا بقطع أيدي الظالمين فلن تتمكن أية قوة من مقاومتهم. ولو أنَّ الشعوب الإسلامية وحكوماتها التي تمتلك الطاقات الإنسانية والثروات التي تقوم عليها حياةالجبابرة قد عاملوهم من موقع القوّة ولم يخشوا صخب سكّان القصور وضجيجهم ولم يتأثروا بالدعايات الكاذبة لو سائل الإعلام الملتزمة لجانب كبار الجناة العالميين ومرتزقتهم، واعتمدوا على قدرة الله الأزلية وشكروا نعم الله عليهم وصرخوا في وجوههم وهدّدوهم بإغلاق الحدود دونهم وقطعوا موارد النفط وغيرها عنهم فما من شك في أنهم سيستسلمون لهذه القدرة التي لا نعرف قدرها.
فيا أيها المسلمون الأقوياء المقتدرون عودوا إلى أنفسكم فاعرفوها وعرّفوها للعالم وانبذوا بحكم الله تعالى والقرآن المجيد الخلاف والفرقة التي أوجدها بينكم الناهبون الدوليون وعملاؤهم من أجل نهب ثرواتكم وسحق شرفكم الإنساني والإسلامي، واطردوا المفرقين من المرتزقة المتزيين بزي علماء الدين والعنصريين الذين لا علم لهم بالإسلام ولا بمصالح المسلمين الذين لا يقلّ ضررهم عن ضرر الناهبين، فهؤلاء يعرضون الإسلام معكوساً ويفتحون الطريق للغزاة. حفظ الله تعالى الإسلام والدول الإسلامية من شرّ الناهبين وأنقذها من شرهم وشرّ أتباعهم والمرتبطين بهم.
وهنا لابدّ من التذكير بعدة نقاط آمل أن تكون نافعة:
اولًا أطلب إلى الإخوة والأخوات المحترمين الذين حضروا من الدول الإسلامية أن اداء الحج العبادة الكبرى بشكل لائق وطبقاً للأحكام الإلهية وأن يتعلموا مناسكه لدى العلماء الأعلام بدقة فائقة كي لا يتبين بعد إنهاءالمراسم أنه قد حصل خلل في الأعمال يستوجب بطلان الحج لا سمح الله وتذهب أتعابكم هدراً. وأن يسعى حضرات السادة العلماء المحترمين لتعريف الزائرين المحترمين بواجباتهم ليتم أداءالحج بالصورة المطابقة للشرع المطهّر، والأمر المهم في كل العبادات، الإخلاص في العمل، فلو قام أحد بالعمل من أجل الرياء والتظاهر أمام الناس والتباهي عليهم بحسن عمله فعمله باطل، وعلى الحجاج المحترمين أن لا يشركوا رضا غير الله تعالى في أعمالهم، والجهات المعنوية في الحج كثيرة فالمهم أن هو أن يعلموا إلى أين يتجهون؟ ولدعوة مَن يستجيبون؟ وضيوف مَن هم؟ وما هي آداب هذه الضيافة؟ وليعلموا أنَ‏ الأنانية وحب الذات بجميع أشكالهما ينقضان محبة الله ويخالفان الهجرةإلى الله ومستوجبة لنقص معنويات الحج. ولو تحققت للإنسان هذه الجهة العرفانية والمعنوية، وتحققت التلبية الصادقة مقترنة بنداءالحق تعالى فسيفوز وينتصر في كل الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية وحتى العسكرية، ولا معنى‏للهزيمة لدى‏مثل هذا الإنسان، نسأل الله تعالى- أن يرزقنا شمّة من هذا السير المعنوي والهجرة الإلهية.
ثانياً- وأنتم أيها الزائرون الأعزاء تذهبون من بلد باتجاه الحق حيث اجتزتم في ظل الألطالف الإلهية وبركة دعاء وليّ الله الأعظم روحي لمقدمه الفداء كل الصعوبات والمشاقّ والمظالم وانتصرتم بحمد الله في كل الميادين وما يزال هذا أول العمل، لقد أعرضتم اليوم من الناحية الثفافية عن الثقافات القديمة المتهرئة للشرق والغرب والثقافة المنحطة للعصر الشاهنشاهي التي كانت تجرّ شباننا أفواجاً أفواجاً نحو الفساد وكانت تتقدم في خدمة الغرب وأحياناً في خدمة الشرق وتركتموها وراء ظهوركم، ودستم بأرجلكم على الثقافات التي تجعل من أمتنا أمة مرتبطة ومستهلكة وخادمة للقوى العظمى التي كانت توسع مجالات الفحشاء والفساد والاعتياد على الممخدرات يوماً بعد يوم وتبعد الشعب عن الإنسانيةو الأخلاق، واستعضتم عنها بالشرف اإنساني والتقوى والشهامة والشجاعة والصبر والبسالة والمروءة والتعاون على البر والتقوى والتوجه نحو مصالح البلاد.
لقد اتجهتم اليوم مرفوعي الرأس نحو تقدم الثقافة الإلهية، كما اتجهتم من الناحية الاجتماعية نحو رصّ صفوفكم وإحكام الوحدة بين الفئات المختلفة ووجّهتم الجميع نحو هدف واحد، وطردتم مفرقي الصفوف والمتحزبين وخدّام الشرق والغرب الصُّمَّ العُمْيَ وزويتموهم وجعلتم جميع الفئات فئة واحدة في خدمة البلد والشعب ودين الحق الخالد. وأمّا من الناحية السياسية فقد جعلتم اسم إيران يدور على ألسن جميع الدول من الأصدقاء والأعداء، ولقد شخصت أنظار الأصدقاء إلى النهضة الإسلامية التي جدّدت حياة الإسلام، ونهضت بالسعي والجهاد من أجل الوحدة الإسلامية تحت لواء التوحيد، هذه الوحدة التي انطلق نداؤها مدويّاً من هذه الزاوية من العالم إلى جميع أنحاء الدنيا، وقد فقد الأعداء توازنهم خوفاً من هذه البارقة الإلهية التي قطعت دابر جناياتهم عن بلاد الله وعباده، لكنَّ قدرة الإسلام قد سلبتهم الراحة والأمان، وارتجفت أبدانهم من وحدة الشعوب الإسلامية ومستضعفي العالم، وتحاول الدول الصغرى والكبرى والشرق والغرب جاهدة عقد روابط مع إيران والجمهورية الإسلامية، كل هذه الأمور هي من العنايات الخاصّة لله تعالى وبركات الإسلام العظيم (ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم). وعلى الصعيد العسكري فإنَّ النظام العراقي التعيس بتأييدات الله القادر مهزوم وعلى أبواب الانهيار ولن تتمكن كل التجهيزات العسكرية للشرق والغرب ومساندة الناهبين الدوليين من إنقاذ هذا العميل، وقد سلبتهم الضربات الحديدية لحرّاس الإسلام فرصة التفكير، والأمل بعون الله أن تزال هذه الاشواك في القريب العاجل بالذلَّ والخزي عن طريق المسلمين وخصوصاً الشعب العراقي الشريف ويتسلم أموره المصيرية بيده ويتعامل مع سائر المسلمين بالأخوّة والمساواة.
إنَّ هدفي من هذه التذكيرات للحجاج المحترمين هو أن ألفت أنظارهم إلى الوظائف الخطيرة المهمة في السفر المهم جدّاً التي ألقاها على عواتقهم الشرع المطهر والشعب الذي قدم الشهداء. وأنتم اليوم في هذا السفر قد وقعتم في بوتقة الامتحان لأنكم نموذج للشعب الإيراني وعليكم أن تعلموا أنَّ العيون المتطلّعة ومئات الزائرين المتجمعين من أطراف العالم كله تراقب أعمالكم وحركاتكم بدقة متناهية، والمحبون لكم الذين هم زوّار بيت الله الحرام يحبّون وبشوق كبير أن يروا هذا التحوّل العظيم الذي طرأ على الشعب الإيراني في أبعاده المختلفة وخصوصاً التحوّل الذي بدأ تحققه في البعد الأخلاقي كيف حصل وإلى أيّ حدّ؟ ومعارضوكم الذين أوصلوا أنفسهم إلى هذا المكان المقدّس لنقل الوقائع والأخبار وبث النفاق يتربصون بكم ليروا أيّة نقطة ضعف ليجعلوا من القشّة جبلًا ويثيروا ضجّة مفتعلة في وسائل الإعلام الجماعية وفي الصحف والخطب والمحاضرات لا ليدينوا الجمهورية الإسلامية فقط بل ليدينوا الإسلام، وأنتم أيها الزائرون الكرام كما قيل على مُفترق طريقين: طريق السعادة الذي هو حفظ كرامة الجمهورية الإسلامية والإسلام العزيز والشعب العظيم والمقاتلين الأشاوس والشهداء الذين التحقوا بالرفيق الأعلى للقاء الله تعالى، وذلك بمراعاة الموازين الإسلامية والأخلاقية ومراقبة أعمالكم وأفعالكم وأقوالكم في المواقع كافة وفي شعائر الحج كلها، وكذلك مراعاة الآداب الإسلامية الأخلاقية تجاه عباد الله جميعاً.
وطريق الشقاء والرفض من قبل ساحة القدس الإلهية وذلك بعدم مراعاة النقاط السالفة الذكر وبما يتنافى وكرامة الجمهورية الإسلامية. أسأل الله تعالى توفيق الجميع لحفظ شؤون الإسلام والجمهورية الإسلامية.
ثالثاً- ومن الأمور التي أرغب التوصية بها وإن ذكرتها من قبل هو أنَّ المسيرات في الوقت الذي يجب أن تكون هتافات البراءة من المشركين والظالمين قوية ودامغة، وبالمشاركة الجماعية التي توصل أصوات المظلومين من المسلمين والشعوب التي ترزح تحت نفوذ كبار المجرمين، إلى آذان العالم، وتوقظ النيام وتحذر المتخاذلين أمام الجبابرة والناهين عن المعروف الآمرين بالمنكر الذين يساندون المشركين ومصّاصي الدماء العالميين وويتفانون ويتشنجون في هذا السبيل خلافاً لأوامر الله تعالى والقرآن المجيد وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما نحذر بالخصوص العلماء القابعين في القصور والبلاطات والمرتزقة الذين يحاولون بالقلم والبيان إخماد الشعلة التي اندلعت في العالم لإنقاذ المظلومين من ظلم الظالمين وتوقفهم عند حدّهم، فيجب التزام النظام والآداب الإسلامية بشكل لائق ومناسب ومراعاتها بشكل دقيق واجتناب ترديد الشعارات المرتجلة التي يمكن أن يطلقها المنحرفون للإخلال بالمسيرات والإضرار بالزائرين الكرام المشاركين من الدول الإسلامية كافة وخصوصاً من الجمهورية الإسلامية، وهتك حرماتهم، والالتزام بالشعارات التي يعلنها المشرفون على المسيرات بأمر ممثلي المباشر سماحة حجة الإسلام الشيخ الكرّوبي أيّده الله تعالى ومتابعتها وعدم تخطّيها، وعدم متابعة من يريدون أحياناً إطلاق شعارات خلافاً للأوامر الصادرة، وعليهم أن ينصحوهم بالكف عن ذلك، وإذا أصرّوا على موقفهم فعليهم أن يطردوهم ويقيموا المسيرات المقرّرة ولا ينظموا مسيرات اعتباطية، وليعلموا أنَّ أيّ ضرر بكرامة حجاج الدول الإسلامية أو الجمهورية الإسلامية جرّاء مخالفة المعارضين وتجاوزهم الحدود المعيّنة لهم سيعرضهم للمسؤولية أمام الله تعالى وسيحاسبون عليه، وعليهم أن يعلموا أنَّ إحدى الفلسفات المهمة لهذا الاجتماع العظيم من كل أطراف العالم في هذا المقام المقدس ومهبط الوحي ارتباط المسلمين بعضهم ببعض وتحكيم الوحدة بين أتباع نبي الإسلام وأتباع القرآن الكريم في مقابل طواغيت العالم، فلو حصل خلل في الوحدة بسبب أعمال بعض الزائرين لا سمح الله وتسبب هذا الخلل في إيجاد التفرقة فستستوجب سخط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعذاب الله القادر. فليتعامل الزائرون المحترمون بجوار بيت الله ومحط رحمته بالرفق والمروءة والأخوّة الإسلامية مع عباد الله وأن يعتبروهم جزءاً منهم بغضّ النظر عن اللون واللغة والمكان والمنطقة، وأن يكون الجميع يداً واحدة وأمّة قرآنية واحدة ليتغلّبوا على أعداء الإسلام والإنسانية. وفق الله الجميع للسلامة في الأفعال والأقوال.
رابعاً- أقول بكل تواضع للحجاج المحترمين وزوّار بيت الله الحرام من كل بلد وطائفة ومن أتباع أيّ مذهب كانوا، أنكم جميعاً أمّة إسلامية وتتبعون نبيّاً واحداً وتنفذون تعاليم القرآن المجيد، ولكم جميعاً عدوٌّ غدارٌّ مشترك يحاول بثّ الاختلاف بواسطة عملائه التُعَساء ووسائل الإعلام الجماعية والدعايات المفرّقة على طول التاريخ وخصوصاً في القرون الأخيرة وبالأخص في عصرنا الحاضر قد وضع كل الشعوب الإسلامية في قيد أسره واستحوذوا على ثروات بلادكم وثمرات أتعاب شعوبكم المظلومة ونهبوها وما يزالون ينهبونها وهم ينوون إيكال الأمور إلى أشخاص قد صمّوا آذانهم وأغمضوا عيونهم لخدمتهم خدمة خالصة وجعل الشعوب شعوباً مستهلِكة والحيلولة دون التطور الإنساني والابتكار الصناعي لشعوب الدول المظلومة بالحيل والمؤامرات الشيطانية، فهم يزيدون من اعتماد الشعوب على الشرق والغرب أكثر فأكثر، ولا يفسحون المجال لأي أحد بالتفكير بالاستقلال والابتكار، ويخنقون الأنفاس في صدور الشعوب المستعدّة لليقظة، وترون أنَّ الوضع المؤسف في الدول الإسلامية وسائر الدول المظلومة هو وليد مؤامرات العدو المشترك للمسلمين والمظلومين. والآن وقد اجتمعتم في مركز الإسلام المحيي بأمر الله ونداء رسوله من كل شعب ومذهب، في هذا المكان العظيم لتفكّروا في‏ إيجاد وحلّ لهذا الألم المهلك والسرطان القاتل، فعليكم أن تعلموا أنَّ العلاج الأساس يكمن في وحدة المسلمين جميعاً واجتماعهم الشامل لقطع أيدي الدول العظمى عن الدول الإسلامية وتطبيق شعائر المواقف الكريمة والمشاهد المشرّفة في دولهم، والخطوة الأولى في هذا المجال هي إزالة اليأس الذي غرسه في القلوب عملاء القوى الكبرى الأرجاس بمساعي الشرق والغرب وجعلوهم يعتقدون بأنهم لا يستطيعون العيش من غير الارتباط بإحدى القوى العظمى، وقد أثبت الشعب والحكومة الإيرانية بثورتهم العظيمة أنَّ هذا الاعتقاد واهٍ ولا أساس له، ومع أنَّ القوى العظمى حاولت بكل الوسائل والحيل إطفاء النار المشتعلة المحرقة التي أشعلت لتحويل آمال الشرق والغرب إلى رماد، فإنها لم تفلح في ذلك، وإيران الإسلامية اليوم ببركة الإيمان القوّي والالتزام والتمسك بالإسلام والتحوّل العظيم الذي حصل في مختلف الفئات قد قطعت أيدي الشرق والغرب والطفيليين المنحرفين ولم تسمح لأيّة قوّة أن تتدخل أدنى تدخّل في شؤونها الإسلامية والداخلية وهذه حجة قاطعة لمسلمي العالم ومظلوميه للعمل على منع أيدي المعتدين من أن تمتدّ إلى إرادةالشعوب وتعارضها، والشعب الذي بفضل الشهادة على الذلّ لا يندحر، وليس لشعوب العالم المظلومة غير هذا الخيار، ولو سايرت حكومات الدول الإسلامية شعوبها المحرومة وتابعتها لتخلصت من هذا الارتباط وهذه التبعيةالمذلّة ولعاش الجميع في عزة وقيم إنسانية رفيعة. أسأل الله تعالى أن يُبصّرنا جميعاً بوظائفنا الإلهية وواجباتنا الإنسانية، وعليّ أن أذكّر الحكومات العميلة والرجعية بأنها لا تستطيع إنقاذ نظام العراق الكافر والمجرم ومن الممكن أن يغرقوا هم في المستنقع الذي غرق فيه حزب البعث العفلقي، إذاً فمن مصلحة دينهم ودنياهم أن يتخلَّوا عن تحركاتهك ولايجرّوا هذا التعيس إلى الفضائح والخذلان أكثر مما هو فيه الآن، ولا يلقوا بأنفسهم في هلكة الدنيا وعذاب الآخرة.
خامساً- وفي الختام أودّ الإشارة إلى أمر حياتي يمثّل الطريق إلى رفع كل مشكلات المسلمين والمستضعفين في العالم وهو أن مَن يفكّر قليلًا في أوضاع الدول الإسلامية سيعلم بوضوح أن ما اتفقت عليه الدولتان العظميان والدول السائرة في فلكيهما هو إبقاء دول العالم الثالث وخصوصاً الدول الإسلامية الواسعة والغنيّة متأخرة في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وفرض الأفكار الاستعمارية عليها في جميع المجالات السابقة، ولتحقيق هذا الهدف المهم للغاية قد تحمّلوا كثيراً من المتاعب وصرفوا وما يزالون يصرفون الكثير من الأموال والوقت. كان زعماء هذه المؤامرات في الزمن السابق بريطانيا وفرنسا، وجاءت بعدهما أمريكا والاتحاد السوفياتي فبادرا للانقلابات العسكرية المتعددة لتحقيق أهدافهما المشؤومة بإزاحة الأنظمة القائمة وإحلال أنظمة مرتبطة بهما ومن المستبعد أن تحاول هاتان القوتان العظميان إزاحة المنافس عن طريقهما لأنهما قد يئستا منه ولكن الخلاف بينهما حول تقسيم الفريسة ودول العالم الثالث، وقد استخدما للحصول على السلطة الاستعمارية الجديدة الهجوم الثقافي على ثقافات الشعوب والجامعات، وللسيطرة على هذه المراكز فقد أوجدا برلمانات شكلية وشكّلا حكومات حسب رغباتهما وأنظمة غربية أو شرقية من رأسها إلى‏قدمها، وكانت الدول الوحيدة المتضرّرة أكثر بهذه المشاجرات التي تحصل بينهما والتي عانت من آلامها وما نزال هي الدول الإسلامية، لأنَّ الإسلام يتمتع بثقافة غنيّة صانعة للإنسان، حيث توجه الشعوب نحو الأمام لا إلى اليمين ولا إلى اليسار ومن دون النظر إلى اللون واللغة والمنطقة، وتهدي الناس إلى الأبعاد الاعتقادية والأخلاقية والعلمية وتدفعهم إلى طلب العلم والبحث عن المعرفة من المهد إلى اللحد. فالإسلام في البعد السياسي يهدي الدول إلى إدارة حكومة سليمة في جميع المجالات دون اللجوء إلى الكذب والخداع والمؤامرات الخادعة، وإلى إقامة علاقات أخوية ووثيقة مع الدول الأخرى التي تلتزم بالتعايش السلمي بعيداً عن الظلم والاستغلال، ويكون الاقتصاد بشكل سليم وغير مرتبط وفي مصلحة الجميع ورفاههم فيكون الاهتمام بالضعفاء والمحتاجين المعوزين مثمراً، كما يسعى الى تطوير الزراعة والصناعة والتجارة، أما في البعد العسكري فإنه يقوم بتدريب كلّ من له صلاحية الدفاع عن البلاد تدريباً عسكرياً للاستفادة منهم في المواقع الضرورية، ويجعل التعبئة العامة في هذه المواقع اختيارية وأحياناً إجبارية، أما في الأيام العادية فيدرّب طاقات مؤمقةمتمرّسة للدفاع عن الحدود وتنظيم المدن وتأمين الطرق وحفظ النظام.
و مع كل ما قيل حيث قيل الكثير في هذا المجال فإنَّ القوى العظمى بمؤمراتها لم تدع الثقافة الإسلامية الأصيلةتنمو وتتطوّر وتستقر، ليس هذا وحسب بل استهدفوها عن طريق الجامعات غير المهذبة والمتفرنجين غير الملتزمين والعنصريّين المتعصّبين بالهجمات ومن هجمات هؤلاء تعرّضت الدول الإسلامية لجراحات أساسية، وإذا لم تنهض اليوم الفئات المختلفة للشعوب بدءاً بعلماء الدين ومروراً بالخطباء والكُتّاب والمفكّرين الملتزمين، نهضة شاملة بتوعية الجماهير الإنسانية الإسلامية العظيمة لمساعدة الدول والشعوب الواقعة تحت الظلم، فستتحطّم بلدانهم وتنجزّ إلى الفناء والتبعيةالشاملة، ويمتص الغزاة من ملحدي الشرق والأسوأ منهم ملحدو الغرب جذور حياتهم، ويُسلِمونَ شرفهم وقيمهم الإنسانية إلى الفناء والإبادة.
لقد أصبحت أسواق البلدان الإسلامية مراكز للمنافسة بين بضائع الشرق والغرب، فسيل البضائع الكمالية المستهجنة ووسائل اللهو واللعب والبضائع الاستهلاكية قد انهال عليها فجعل من الشعوب شعوباً مستهلِكة بحيث صاروا يظنون أنهم لا يستطيعون مواصلة الحياة من دون هذه البضائع الأمريكية والأوربية واليابانية وغيرها من الدول الأخرى. وممّا يؤسف له هو أنَّ مكة المعظّمة وجدّة والمشاهد المشرّفة في الحجاز مراكز الوحي ومهبط جبرائيل وملائكة الله التي يجب بحكم الإسلام أن تحطّم أصنام الجناة هناك وأن يصرخ في وجوههم‏ ويُثبِّر أمنهم، صارت تلك الأماكن المقدسة مملوءةبالبضائع الأجنبيّة وأصبحت سوقاً لأعداء الإسلام والنبيّ الأكرم صلى‏الله عليه وآله وسلم. وكثير من حجّاج بيت الله الحرام الذين يذهبون لأداء فريضة الحج يجب عليهم في هذا المكان المقدّس أن ينهضوا في مقابل مؤامرات الأجانب ويصرخوا في وجوههم: «يا للمسلمين» لكننا نراهم غافلين يترددون في الأسواق بحثاً عن البضائع الأمريكية والأوربية واليابانية فيوجعون بعملهم هذا قلب صاحب الشريعة حيث إنهم يتلاعبون بكرامة الحج والحجّاج وشرفهم.
فيا حجّاج بيت الله المحترمين! عودوا إلى وعيكم، ويا أيها المسلمون في كل بلدان العالم وأقطاره انهضوا، ويا علماءالعالم الإسلامي الأعلام هبّوا لنجدة الإسلام والمسلمين وبلدانهم، واضربوا بأيدي الرفض في صدور ظلمة الغرب والشرق في كل منعطف وزاوية كما فعل شعب إيران وعلماؤه وشخصياته البارزة، واطردوا من بلدانكم عملاءَهم وخبراءَهم المزيّفين ومستشاريهم الناهبين للنفط، ورجّحوا الشهادة على‏الذلّة، والشرف الإسلامي أو الإنساني على الرفاه والعيش أياماً معدودة بالمهانة والخجل. وانتصروا عليهم في ميدان النزاع السياسي والعسكري ولا تخشوا ضجيجهم الإعلامي والدعائي لأنكم: (إنْ‏تنصروا الله ينصركم ويُثبّتْ أقدامكم) «2».
إلهي: قد أوصلت أنا عبدك الحقير من بلد مظلوم بنفوسه القليلة من حيث العدد وكل شئ، لكنه حيٌّ بعنايتك، أنين مظلوم على قدره الضئيل وقد أوصلت أنّاتي وما أشتكي منه إلى الشعوب المظلومة ومظلومي العالم وأبلغتهم صرخة (يا للمسلمين! أغيثوا الإسلام) وإذا لم تشملنا ألطاف عنايتك فلن تُحلَّ أية عقدة أو مشكلة ولن يحصل دواءلأيّ داء. فبرحمتك الواسعة اعطف على‏المسلمين بنظرة منك وأنقذنا وإيّاهم من قيود النفس والأنانية وعبودية الأصنام خصوصاً صنم النفس، واصرف كيد الظالمين وشرورهم عن مظلومي العالم وخصوصاً المسلمين، وأعد المسلمين إلى أنفسهم، وامنح حكومات الدول الإسلامية الجرأة والشجاعة كي لا يخضعوا للذل للأجانب ولا يكونوا أسراء لهم مع امتلاكهم هذا المقدار من العُدّة والعدد، وامتلاكهم لشريان حياة الشرق والغرب، وأن يضموا صوتهم إلى صوت شعوبهم، فيكونوا صوتاً واحداً. على أمل انتصار المقاتلين المسلمين ومناضليهم في كل أقطار العالم على‏الكفر العالمي، والسلام على‏عباد الله الصالحين.
روح الله الموسوي الخميني‏

«۱»-من سورة آل عمران، الاية ۵۴. «۲»-سورة محمد«ص»-، الآية ۷.


امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378
 

دیدگاه ها

نظر دهید

اولین دیدگاه را به نام خود ثبت کنید: