بسم الله الرحمن الرحيم
مبارك للشعب الإيراني الواعي وجميع أفراد القوات المسلحة، التاسع والعشرين من فروردين يوم الجيش في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الفخر والتقدير لجيش حطم في ذروة قراره الخالد حصار عبودية الطاغوت، واضرم النار في بنيان النظام الملكي وحكومة 2500 عام من الشاهنشاهية وحرر نفسه من قيود هيمنة الظالمين والمستشارين الأميركيين الذين صنعوا من إيران، بوحي من آمالهم وتطلعاتهم، جزيرة الاستقرار لتحقيق مصالحهم. وعلى الرغم من كل ما بذله قادة الجيش المرتبطين البائعين لأنفسهم حتى اللحظة الأخيرة من عمر حكومة بهلوي وصمة العار، لإنقاذ عرش وتاج الملكية، غير أن القرار الشجاع لمنتسبي الجيش الشرفاء بما فيهم الضباط وضباط الصف والجنود، كان بدرجة من الحزم والحسم وكان قاصماً إلى حد سلب فرصة التفكير واتخاذ القرار من أعداء الله والجماهير. وان التحاق أفراد الجيش لا سيما القوة الجوية بصفوف الشعب الإلهية، جسد لحظة بهجة عباد الله، وبث اليأس والاحباط في نفوس الظالمين. إن تلك الأيام والساعات الحلوة المفعمة بذكريات عشق الجيش للإسلام والوطن الإسلامي، لن تمحى من ذاكرة الشعب الإيراني مطلقاً. حقاً أن القوة الجوية اضطلعت بالنصيب الأكبر، وان التحاق الجيش بالشعب جسّد القيمة الحقيقية للجيش وزرع الحقد في نفوس الناهبين الدوليين.
إبان انتصار الثورة، شمّر كل من الشرق والغرب وأولئك الذين لم يكونوا قد ادركوا إخلاص وأمانة وتدين ووطنية القوات المسلحة في ملحمة الانتصار بعد، شمروا عن سواعدهم للقضاء على الجيش، وقد عقدوا العزم على انحلاله ونهب أسلحته ومصادرة قدراته الدفاعية. وربما وقع بعض البسطاء تحت إلقاءات المتظاهرين بالثورية وعملوا على تمهيد الطريق لتحقيق هذا الهدف المشؤوم. غير أن الله تعالى أنقذ بلدنا وثورتنا الإسلامية من المؤامرات المشؤومة هذه.
كما وجّه جيش إيران الإسلامية العزيز ضربة قاصمة للمتآمرين الذين كانوا يحلمون على الحدود بتجزئة إيران، وجعل من كردستان وكنبد وتركمن صحراء مقبرة لعمي القلوب. إن كل ذلك من المفاخر التاريخية التي لا تنسى للجيش البطل.
واما الأهم من كل ذلك ملحمة السنوات الثماني من الدفاع المقدس ومظلومية الجيش والحرس والقوات الانتظامية والشعبية التي صمدت في الحقيقة بوجه الناهبين الدوليين وألقت بالمعتدين الذين كانوا يحلمون بفتح خوزستان وسقوط طهران في ظرف ثلاثة أيام، في مستنقع الموت والاندحار.
حقاً، ان الجيش وقوات الحرس والتعبئة قاتلوا بمظلومية وبأقل الإمكانيات، واهدوا الإسلام العزيز صفحات ذهبية من الفخر والكرامة والشرف والشهادة. إن الشجاعة والكفاءة الفريدة للقوات الجوية والقوات المحمولة جواً والطيارين الشجعان، في النفوذ إلى عمق أراضي العدو ومواجهة أكثر التكنولوجيا تطوراً التي أهداها الاستكبار للصداميين، والدفاع عن اجواء الوطن؛ كل ذلك يدل على مدى التزام وعشق وإيمان هذه القوة بالله والإسلام والوطن الإسلامي.
كما أن صيانة وتصليح المعدات والأجهزة المعقدة للطائرات والرادارات والمضادات الجوية والصواريخ، برهنت على مهارة وخبرة هؤلاء الأعزاء ومكانتهم العلمية، وان الله تعالى يزيد من قدراتهم وإيمانهم.
وان القوة البرية البطلة، التي كانت في الحقيقة رأس الحربة في حملات العدو الوحشية دائماً، قد جسدت بحق الوجه الصادق الذي لا يهزم في الدفاع عن حدود بلدنا الطويلة. فالتواجد الدفاعي على الحدود الغربية وفي الشمال الغربي وجنوب البلاد، ومع كل ما تمتاز به هذه المناطق من تضاريس وطقس حار أو بارد بنحو لا يطاق، وبوجود المقاطعة والحصار؛ لم يكن بالعمل السهل. حيث استطاع الجيش وبالتنسيق مع حرس الثورة واقوات التعبئة، ان يحطم القوة الاسنادية للعدو ويحرر الأراضي المحتلة المقدسة لوطننا العزيز من براثن المعتدي، وان يقدم على عمليات كبرى أمثال فك الحصار عن مدينة آبادان والفتح المبين وبيت المقدس وعشرات العمليات الأخرى التي تبعث على الفخر. واليوم أيضاً تمارس هذه القوات دورها في الذود عن الحدود بكل قدرة وصلابة وتقف على أهبة الاستعداد للتصدي لأي خطر محتمل.
كذلك سطعت القوة البحرية شأنها شأن القوات الأخرى، كالماس في مياه الخليج الفارسي وعلى الحدود المائية للبلاد، دفاعاً عن البلد الإسلامي المقدس، وزهدت صامدة على عرش سفينة فخرها وصلابتها. إن تصديها لقوة العدو البحرية، وتجسيدها كل هذه المفاخر في القتال والصمود والشهادة، وكذلك اشرافها على مضيق هرمز وتفتيش السفن في الخليج الفارسي والأهم من كل ذلك معركتها البطولية أمام اميركا المعتدية وحضورها الجاد في المياه الدولية؛ كل ذلك يدل على اقتدار ومصداقية هذه القوة العظيمة التي هي مدعاة للفخر.
على الشعب الإيراني أن يفخر بمثل هذا الجيش المؤمن والوفي. وينبغي أن تعلم القوات المسلحة وجيش إيران العظيم، بأن كل هذه المفاخر تحققت ببركة الإيمان بالله والدفاع عن بلد إمام الزمان أرواحنا فداه-، وفي ظل الوحدة والانسجام والتضامن والأخوة ودعم أبناء الشعب لبعضهم البعض. وكي تتحقق كل هذه العزة والشوكة الإسلامية، ضحى الشعب بثروة كبيرة وشهداء عظام في سبيل الله. ولا بد من الحرص على هذا التوجه وهذه السياسة، أي الإيمان والوحدة والنظم، وترسيخه حتى النهاية. وعلى القوات المسلحة، سواء الحرس والجيش، أن تشمر عن سواعد الجد جنباً إلى جنب لإعادة الأعمار وتقوية البنى الدفاعية للإسلام والبلد.
إنني سأبقى أدعم الجيش والحرس والتعبئة حتى النهاية، واعتبر تضعيفهم حراماً، انني بصفتي القائد العام للقوات المسلحة، أوصي المسؤولين وأصحاب القرار بأن لا يغفلوا عن تقوية القوات المسلحة مهما كانت الظروف، والارتقاء بالتعاليم العقيدية والعسكرية وتطوير الخبرات الضرورية لا سيما المضي على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال العسكري، وإبقاء البلد على أهبة الاستعداد الكامل للدفاع عن قيم الإسلام الأصيلة وعن المحرومين والمستضعفين في العالم. وحذار أن يؤدي الاهتمام بالبرامج الأخرى إلى إغفال هذا الأمر الحياتي، إذ أني على ثقة من أن أية غفلة عن تقوية البنية الدفاعية للبلاد، تُجرأ الأجانب وتطمعهم في بلادنا وتدفعهم لفرض الحروب والمؤامرات ضدنا.
على الجيش وبقية أفراد القوات المسلحة أن يبذلوا حتى في مرحلة إعادة البناء والأعمار، توجهاً كافياً لعملية إعادة البناء المعنوي والعقائدي أيضاً. إذ أدرك الجميع في ساحة القتال والمعركة ولمسوا عن كثب مدى تأثير الإيمان والمعنويات في تحقيق الانتصارات والنجاحات والارتقاء بقدرات القوات المسلحة واستقامتها.
إنني وإذ أشكر جهود علماء الدين الأعزاء والمسؤولين عن التوجيه السياسي العقائدي في الجيش؛ لا سيما مندوبي سماحة حجة الإسلام السيد صفائي، والوجوه المؤمنة والطيبة والصديقة لهذه الثورة؛ اؤكد على ضرورة بذل المزيد من الاهتمام بأمر التعاليم العقيدية والأخلاقية.
إن مدة الخدمة العسكرية تعد بالنسبة لشباب البلد أفضل فرصة ومناسبة بوسع النظام والجيش ومسؤولي التوجيه العقائدي السياسي، الاستفادة منها وتدريب الشباب العزيز والغيور على أفضل الأساليب الدفاعية سواء العملية والعلمية والعقائدية، لكي يكونوا على الدوام والى آخر العمر جنوداً بواسل يدافعون عن الإسلام والوطن الإسلامي.
في الختام وإذ أعرب عن شكري لكافة أفراد القوات المسلحة، لا سيما القوات العزيزة والمؤمنة والمضحية للجيش: الضباط والجنود وضباط الصف والكوادر المختلفة في هيئة الأركان والقادة الأعزاء، ومندوبي في الجيش والمكاتب الاستشارية ووزارة الدفاع وكافة المؤسسات والمراكز التابعة للجيش؛ اسأل الله العلي القدير بأن يزيد يوماً بعد آخر من قدرة وشوكة وصلابة المدافعين الصادقين عن الوطن الإسلامي، وان يحشر شهداءهم العظام، حيث أننا نرفل جميعاً بفضل بركاتهم في نعمة الأمن والحرية والاستقلال، مع شهداء الإسلام العظام، وان يمنّ على معاقيهم الأعزاء بالشفاء، وان يعيد مفقوديهم وأسراهم العظام إلى وطنهم، وان ينعم على أسر الشهداء المعظمة بالصبر والأجر.
وأخيراً ألفت نظر الشعب الإيراني العظيم، لا سيما المسؤولين في الجمهورية الإسلامية المباركة والمخلصين للجمهورية الإسلامية والإسلام العزيز، بأن كل هذا الذي تحقق في هذه السنوات من عمر الثورة، من الانتصارات الإعجازية على القوى الكبرى والعظمى وعلى وسائل الإعلام العالمية التي لم تألوا جهداً للقضاء على الجمهورية الإسلامية وفي حقيقة الأمر على الإسلام العظيم، غير أن كل محاولاتهم باءت بالفشل ولله الحمد؛ كل ذلك من بركات الله تعالى وألطافه، وبفضل إيمان الشرائح المختلفة المتمسكة بمبادئ الإسلام، التي كانت ولا زالت تحظى دون شك بالأدعية المباركة لسيدنا بقية الله صلوات الله وسلامه عليه وروحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء ومن الواجب علينا جميعاً، وضمن شكر هذه النعمة العظيمة، أن نحرص على استمرار هذه الألطاف والعنايات والسلام على عباد الله الصالحين.
28 فروردين 1368
روح الله الموسوي الخميني
طهران، جماران
يوم الجيش (29 فروردين) الموافق ل 18 ابريل- نيسان
تقدير وتكريم القوات المسلحة في جيش الجمهورية الإسلامية
الشعب الإيراني القوات المسلحة
جلد ۲۱ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۲۳ تا صفحه ۳۲۶
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378