بسم الله الرحمن الرحيم
و لا حول و لا قوه الا بالله العلی العظیم
14 ربيع الثاني 1398 ه- ق
بعد مرور أربعين يوماً على مقتل قتلى تبريز المظلومين تتجدّد أحزان الشعب الغيور، فعلى الشعب الايراني أن يرفع بيارق الحداد بين حين وآخر، وأن يقيم مجالس العزاء للشباب الأعزاء أحباب الإسلام الذين ضُرِّجوا بدمائهم بأيدي عملاء أميركا وبأمر من الشاه.وعندما تجري الدموع، وتتشقق القلوب على مجرزة من المجازر التي ترتكبها أميركا وبقية الأجانب بيد الشاه يتجدّد الحزن بمجزرة أخرى. وأنا لا أعلم هل ستتبع هذه المجزرة مجزرة أخرى، وهل سيُجدِّد نيرون العصر سفكه للدماء أو أنه سيكلّف مهمة أخرى بأسلوب آخر؟
هذه المجازر الوحشية والجرائم برغم أنها تثير فينا الحزن والألم تبعثنا على الأمل، الحزن على فقد الشباب الأعزاء من رجال الدين والجامعيين والتجار وبقية الشرائح الذين يشكلون مستقبل البلاد، والأمل لأنّنا نرى هذه الجرائم الملكية وهذه المجزرة الوحشية لا ولن تستطيع تثبيط عزائم هذا الشعب الواعي وثورته.وكلّما زاد القتل والجريمة زاد الشعب عزيمة، بل قويت عزيمته الحديدية.
ومجزرة قم القاسية هاجت الشعب، وجرّت تبريز الغالية إلى ثورة شاملة رجولية على الظلم والجور، ومجزرة تبريز هزت الشعب بشكل يتوقع منه الانفجار في كل حين، ذلك الانفجار العظيم الذي سيقطع أيدي الأجانب بإذن الله- تعالى- إلى الأبد، انفجار سيأخذ بثار المظلومين من الشاه، وسيزيل سلالة البهلوي المفضوحة من تاريخ ايران إلى الأبد، وسيزيل وصمة العار هذه.
صحيح اننا قدّمنا القتلى وعانينا الكثير، ولكنّ كل قطرة من دمائهم قد حرّكت دماء شبابنا الغيارى، وأشعلت في دواخلهم نيراناً لن تخمد بإذن الله- تعالى- إلا إذا أحرقت شجرة الاستعمار وعملائه المفضوحين.
أنتم أيها الشعب الايراني العظيم لا تهابون هذه المحاولات اليائسة للنظام الظالم، ولا تخافون مجزرتي قم وتبريز، ولن تخافوه، لأن هذه الجرائم نفسها خير دليل على خوف الشاه واضطرابه وفقدانه للتوازن العصبي.عليكم الآن أن تصونوا وحدة كلمتكم-وهي حاصلة والحمد لله-بكل جدية، وأن توحدوا صفوفكم تحت راية الإسلام الراعي للعدالة.وعلى جميع التيارات التي تسعى إلى تقدم الدين الإسلامي المنقذ أن تتضامن، وتتجاوب بشعار واحد، ألا وهو شعار الإسلام والقرآن.على الجميع أن يتوحّدوا، ويبذلوا جهودهم الجبّارة بوحدة وتضامن لإنقاذ هذه السفينة التي تُعرَّضُ للغرق بمخالب وأنياب الشياطين الخارجية والداخلية أقول هذا لمن في المدارس الدينية من رجال الدين ولمن هم في الجامعات وكذلك للتجار في الأسواق، كما أوجّه كلامي إلى المعامل والسهول الواسعة والمزارعين الكادحين في الصحارى والرابضين في محاريب المساجد والساحة السياسية وأحزابها والمفكّرين والأطباء والمهندسين والجماعات العسكرية والادارية.
ان الإسلام العزيز يستمدكم العون-أيتها الجماعات المسلمة-في أي زي ووظيفة كنتم، وواجب الجميع هو السعي لحفظه وردّ الضربات التي تلقّاها من سلاطين الجور خاصة خلال الخمسين عاماً من الحكم المعادي للاسلام والقومية، للسلالة البهلوية(كلكم راع وكلكم مسؤول) «1»وعليكم أن تطردوا بكل قوة ووعي الأفراد أو الجماعات التي تنزع منزعاً غير إسلامي، وتريد لطبيعتها الانتهازية أن تستغل الفرص، وتندسَّ في صفوفكم، لتوجّه إليكم الضربة في الوقت المناسب، ولا تفسحوا المجال لهم.لا يمكن الخلاص لهذه البلاد، إلا بالفكر الإسلامي والشعار الإسلامي، فعليكم أن تفضحوا الأجهزة الإعلامية التابعة للشاه وعملائه المفضوحين الفضيحة الكبرى.أيّ اجهزة إعلامية هذه التي تحاول منذ خمسين عاماً تثبيت السلالة البهلوية الخائنة التي تدّعي الخدمة للوطن وقد بلغت خدماتها للوطن ذروتها خلال الأيام الأخيرة!وهناك مدّاحون غافلون، عن الله-تعالى-يمدحونهم في حين يعرفون جيّداً كذب أقوالهم، كما يعرف الشعب ذلك جيداً.
هنالك أبواق وطبول تقدّم الشاه إلى الجميع داعية الإسلام والعدالة، وقد بدأ أخيراً الكلام الخطير على تأسيس الجامعة الإسلامية في مدينة مشهد، ولكنهم غافلون عن أنهم أصغر من أن يدحروا الإسلام باسم الإسلام.هنا نكرّر ما قلناه سابقاً من أن كل من يدخل هذه الجامعة المزيفة سنقدمهم إلى الشعب ونعتبرهم أسوأ وأكثر ضرراً للاسلام والبلد من الأعضاء الرسميين لمؤسّسة الأمن المزيفة، وسيعاملهم الشعب معاملة المعاندين للإسلام، وسيفتضح أمرهم في المجتمع بشكل لا يمكنهم الكلام على الإسلام الذي صنعه الشاه.
إن مصائبنا لا تنحصر في المجازر الوحشية المتتابعة بأمر من الشاه، إنّه ينوي منذ مدّة شراء الأسلحة بكميات هائلة وسفن متعددة وما دام لدينا قطرة من النفط والثروات الأخرى التي يحتاج اليها الأجانب فشراء هذه القطع الحديدية العديمة الفائدة ستكون مستمرة.وما دام هذا الكابوس الخطير جاثماً على صدر هذا البلد، فإن المصيبة ستعتبر أمراً مألوفاً لهذا الشعب.ومن مصائب المسلمين الكبرى هي مسألة إسرائيل المغتصبة التي تقاتل الآن المسلمين، وتزحف في الأراضي اللبنانية وهي مدعومة من قبل الشاه وأكثر الدول الإسلامية تتبع اسلوب اللامبالاة في هذا الأمر الحيوي، ولا تدري أنَّ إسرائيل لو نجحت- لا قدّر الله- في زحفها ستعامل بقية الدول بنفس الأسلوب.إن هذه المصائب التي نعاني منها تأتينا من أميركا وعملائها.
وتمتع الشاه بدعم الرئيس الأمريكي قد سبّب هذه المجازر الوحشية، وأصاب الشعب المسلم بهذه المصائب، والدعم الأمريكي هو الذي ضرَّج تبريز بدمائها.
وثورة تبريز الإسلامية كثورات بقية أرجاء ايران تقوم للدفاع عن الحق والأحكام الإسلامية، وإنّ وصفها بالماركسية أو الماركسية الإسلامية- الذي نسمعه في وسائل الشاه الإعلامية- ما هو إلّا خدعة، وهو يدل على أن هذه المدارس الفكرية المنحرفة لا تحظى بشعبية في ايران، وإلّا لم يكن الشاه ليذكرها.على جميع التيارات أن تعرف اليوم أنّ طريق النصر مسدود، إلّا في ظلال الإسلام وتحت راية التوحيد والقرآن.ولكون الشاه يسعى إلى تحريف الحركات الإسلامية الأصيلة من طريقها الصحيح ويحاول وصفها بالانتماء إلى المجموعات المنحرفة التي ليست لها قاعدة شعبية يجب على جميع الفئات السياسية والشرائح المثقفة أن تعلن بكل صراحة ودون إبهام أنّ ثورتها وحركتها إسلامية، وأنّها تجري لتطبيق قوانين القرآن الداعية إلى العدالة، وأن تنضم إلى فئات رجال الدين والعمال وفئات الشعب المختلفة.وبذلك ستخسر مخططات الأجانب المدروسة التي تطبق على لسان الشاه، وإلا فإنهم قد ينجحون في وصف هذه الحركات بالماركسية أو الماركسية الإسلامية، ويبعدونها بذلك عن طبقات الشعب التي تدين بالاسلام، ويسلبونها قدرتها ممّا سيؤدي إلى إضعاف الشعب ومنع النصر عنه أو تأجيله مدّة طويلة.
مع أنّ مصائبنا لا تعدّ ولا تحصى يجب أن يعيش هذا الشعب العزاء دوماً في هذا البلد المليء بالرجال والنساء الأحرار- على حدّ قول الشاه- وفي بلد العدالة الاجتماعية والحركة نحو ما يسمّى-بالحضارة الكبرى-حسب ما يقوله كارتر والشاه.والمصيبة الكبرى التي أصابت إخواننا في تبريز ونحن على أعتاب أربعين يوماً من مرورها توجب أن يقيم الشعب حداداً عاماً على هؤلاء، لتسمع الشعوب الحرّة في العالم صوته، وأن يوضّح لهم الوضع الذي نعيشه.أرجو من الله- تعالى- عظمة الإسلام والمسلمين وآمل قطع أيدي الأجانب.
روح الله الموسوي الخميني
النجف الأشرف
مرور أربعين يوماً على شهادة شهداء تبريز
الشعب الايراني
جلد ۳ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۳۱۴ تا صفحه ۳۱۶
«۱»-بحار الأنوار، ج ۲، ص ۳۸.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 1417