أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أدركت أمريكا أخيراً تهرؤ الملك، فقد كان (الطعام) ملحاً حتى إن الخان نفسه علم به حسب الاستعمال الشائع!. ولذلك أخذت تسلك الآن سبلًا أخرى، فبعد ما كانت تعلق دعمها وتأييدها للملك، بدأت مؤخراً تعلن تأييدها للحكومة، وتسعى لحفظ النظام (الملكي) بدعم الحكومة، وهي تفكر في إعادة خادمها القديم- فيما بعد- ليسيطر على الناس، أي أنهم يفكرون- طبق أوهامهم- بأن يخرجوا الملك الآن، ثم يعيدوه بعد مدة مرة أخرى بقوة ووحشية في غاية الشراسة.
و أحد سبلهم لتحقيق هذه الاوهام هو دعم هذه الحكومة، وقد قلنا سابقاً ونكرر اليوم القول بأن هذه الحكومة جاءت للسلطة بتعيين من الملك، وهو فاقد للصلاحية الدستورية حسب الاستفتاء العام الذي جرى، فهو باغ وغاصب، وليس ملكاً.
فهذه الحكومة المنصوبة من قبله إذن ليست قانونية و لادستورية أيضاً. كما أنها جاءت بمصادقة المجلسين (الأعيان والنواب) عليها، وكلاهما غير منتخبين من قبل الشعب، بل إن الشعب لا يعرف هؤلاء النواب أصلًا، ولم ينتخبهم، فهما أيضاً غير قانونيين. ولذا مازلت لا أصدق أنهم سيقدمونه للمحاكمة، وإن كان الامر غير مستبعد كاملًا، ولكن قد يكون الوعد بذلك مثل وعد الاصلاحات التي يريدون القيام بها، وهي مثل الإصلاحات التي كان الملك يريد القيام بها. فلا يصدق المرء أنهم يريدون تحقيق خطوة إصلاحية، ولو قاموا بها، لما قُبلت.
وإذا فرضنا أن الملك أو حكومته- يريدون جعل الجنة لنا، فنحن لا نريد جنة تًصنع بيد الملك أو بيد خادمه، ولن يحدث مثل هذا، ونحن نرفضه على فرض حدوثه، لأن الملك غير شرعي طبق القوانين وطبق الشريعة المطهرة، وليس ملكاً أصلًا، وكذلك حال الحكومة، ولذا نرفضه نحن والشعب، ونأبى جميع أعمالهم سواء اقاموا لنا جنة أو جهنم.
وثمة سبيل آخر، إذا نقلوا لنا عبر قنوات مختلفة أن المقرر- وإن كنت لا أصدق بذلك كثيراً- هو أنهم يريدون تنفيذ انقلاب عسكري، وقد وردت الى الآن عدة أقوال بهذا الصدد إحدها أنهم قد جاؤوا ببعض هؤلاء القصابين وسلطوهم على المناصب الحساسة وهم جناة متوحشون للغاية، وأنهم يعزمون على تنفيذ انقلاب عسكري عند خروج الملك، وأنهم سيفعلون ما يفعلون، وهذا ما لم أصدق به الى الآن لأنه إذا كان الملك هو الذي يسعى للقيام بذلك، فإنه هالك ولا يملك هوية خاصة، لكي يقف الجيش الى جانبه، وما ترونه الآن من بقائه في العرش هو نتيجة لإحساس هؤلاء المسؤولين من شركائه في جريمته وأن سقوطه قد يعود عليهم بعواقب وخيمة، ولذا يبذلون كل جهدهم لإبقائه مثلما يحفظ الميت في التابوت، فهو لا يملك القدرة على القيام بعمل ما.
وأما بالنسبة للقول بأن الجيش يريد القيام بهذا الانقلاب بلا إذن من أميركا، فإن قادته كافة هم خدم وعملاء مجرمون نهبوا ثروات الشعب وكنوزه، وهم الآن يسعون للفرار، فهم عاجزون عن القيام بذلك بصورة مستقلة.
ويبقى القول بأن أميركا تريد تكليفهم هذا الأمر، وهو احتمال بعيد في نظري، لأن الخبراء الأميركان درسوا هذا الأمر، وبرغم ضعف عقلهم تقدّموا قليلًا، وأخفقوا دائماً، وقد عمدوا في البداية الى تقوية الملك، وظلوا يدعمونه مدة طويلة، ثم أقاموا الحكم العسكري الذي تعامل بكل قسوة وشدة مع الأهالي إلا أن الشعب لم يخضع له، فعندما كان الحكم يعلن منع اجتماع أكثر من اثنين، ويحذر من عواقب ذلك، كان الاهالي يخرجون في اجتماع مليوني!
وهذه هي القاعدة، وهذه حقيقة يجب أن ينتبه عليها شعبنا، فإذا أعلنوا يوماً منع الخطباء من الكلام على إسرائيل من على المنابر وهددوا كل من يقوم بذلك بشدة تبعاته، فعلى جميع الخطباء أن يصعدوا المنبر ويتحدثوا بذلك إذا أرادوا إحباط ذاك التهديد، فلن يستطيع مطلقوه ارتكاب حماقة ما حينئذ.
فهم دائماً يسعون إلى استغلال الخلافات، ويخيفون طائفة من صعود المنابر، وإذا رأت الطائفة الأخرى وهي الأقل عدم صعود الأكثرية للمنابر والتحدث بهذا الموضوع، ستحجم هي الاخرى عن ذلك، ولو تصدى اثنان أو ثلاثة منهم لتلك التهديدات، لما وجدوا من يهددهم. ولهو هددوا بإغلاق جامعة، فقامت الجامعات كافة بفتح أبوابها في آن واحد، فلن يفعلوا شيئاً. أجل إذا إستطاعوا إثارة الخلافات بينها فأنهم سيستغلونها لتحقيق مآربهم.
وعندما أعلنوا الحكم عسكرياً، وهددوا بعقاب اثنين فصاعداً يجتمعون معاً في شارع او زقاق، وحذروا من خروج أحد في المساء خرج شعبنا في اجتماع مليوني ولم يستطع هؤلاء أن يرتكبوا أية حماقة، كما شكل الاهالي أحزمة بشرية سدوا بها الشوارع في المساء، لكي يتحدوا قرار حظر التجول الليلي، وبقوا في الشوارع في حشود غفيرة، فعجز هؤلاء عن القيام بأي شيء في مواجهتهم، ولو استطاعوا فعل شيء، فلن يتجاوز حدود الاجراء الثانوي المفضوح، وليس عملًا معقولًا يمكن أن يحصلوا على ثمرة ما منه.
إذن هم عجزوا عن الوصول الى نتيجة ما من إقامتهم الحكم العسكري في اثنتي عشرة مدينة بل إتسع نطاق الثورة الى جميع المدن، وما زال الحكم العسكري قائماً فيها، وقد أعلنت هذه الحكومة أنها سترفعه وهي ليست صادقة في قولها. وعلى أي حال لا فرق بين أن ترفعوا الحكم العسكري، أو تبقوه فالشعب لم يعد يرهب الحكم العسكري ولا العساكر.
وهذه الحقيقة شاهدها الاميركان فشكلوا فيما بعد الحكومة العسكرية الى جانب بقاء حالة الحكم العسكري، وسعوا لقمع الأهالي بها، فقاوموها وتصدوا لها ورددوا نفس الشعارات التي كانوا يرددونها في السابق، وقاموا بالنشاطات وتقديم الضحايا مثلما كانوا يفعلون، فلم تؤثر هذه فيهم أيضاً.
في السابق أيضاً عايش الأهالي الحكم العسكري لكن نضوجهم الفكري لم يكتمل بعد، ولذلك كانوا يعتبرون منظمة السافاك شيئاً مهماً والملك ملكاً، ولكنهم حطموا هذه الحالة، وحطموا هذا الوثن، ولم يعد له ولا للمرتبطين به هيبة، وأصبح حال المسؤولين العسكريين الكبار مزرياً، وإذا بقي إحترام لهؤلاء المسؤولين العسكريين، فهو لمن لم تصطبغ أيديهم بدماء الشعب، وهؤلاء قلة، فأكثر المسؤولين ارتكبوا الجرائم، وغرقت أيديهم في دماء شعبنا، وغير هؤلاء ثلة قليلة جداً يعرفهم الشعب، وقد عرفهم لنا أيضاً لاتخاذ اللازم في المرحلة اللاحقة- إن شاء الله-.
ولكن شعبنا لا يعادي كل الجيش- كما يزعمون- ولا يعادي كل قادته وضباطه ومراتبه، فهؤلاء أخوتنا ولا نعاديهم، بل نحن نرفض سفاكي الدماء. ومن اللازم بقاء القوى الأمنية، فنحن سنحتضنها، ونقبل أفرادها بروح أخوية. ولا يتوهم الجيش أن زوال صاحب الجلالة يعني زوال الجيش أيضاً وزوال إيران، لا، فلا مصداقية لهذه الادعاءات، وقد رأيتم اليوم أن صاحب الجلالة قد تفسخ بينما بقيت إيران وبقيتم على حالكم.
وسيهرب هؤلاء اللصوص الأربعة الذين يسيطرون الآن عليكم بعد أيام معدودات حالما يجمعون الأموال، فهم سيهربون إذا سمح لهم الشعب، ولم يجسد جدرانه. أما أنتم، فباقون في مواقعكم فالشعب يحبكم، وأنتم أيضاً تحبونه، إنكم جيش الشعب لا الملك، ويكذب القائلون بأن الجيش للملك، فما شأن الملك والجيش؟
الشعب هو الذي يحتاج للجيش، والملك يجب أن يكون جزءاً من الشعب، ولو كان كذلك لما حدثت كل هذه الأمور، ولما كنت ولا كان السادة هنا اليوم، ولكن هؤلاء انفصلوا عن الشعب، إذ تصوروا أنهم قادرون على قمعه الى النهاية، فساقتهم أوهامهم وعزلتهم الى هذا المصير، فلا يمكنهم فعل شيء ما دام الشعب رافضاً لهم، إذ تقف الآن كل القوى الدولية خلف هذا الملك، واجتمعوا من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن أقاصي الشرق والغرب، واتفقت كلمتهم على وجوب بقائه، فوقف الشعب متحدياً ومعلناً كلمة الرفض له. وعندما شاهدوا هذا الموقف الشعبي أدركوا أن عليهم هم أيضاً أن ينبذوه، فقالوا: لا للملك.
لكنهم سعوا في الخطوة الثانية لغرض القبول بهذه الحكومة كحل وسط، لكن الشعب بقي يقول: لا لهذه الحكومة أيضاً، وعندها يعلن الشعب ذلك فلا يمكن تحقيق شيء. وقد نقل أن موظفي الوزارات منعوا الوزراء من دخول وزاراتهم، فالمعارضة قائمة داخل الأجهزة الحكومية نفسها، ولا يقتصر الأمر على الكسبة وحدهم أو الجامعيين وحدهم أو الفلاحين وحدهم، بل إن الأذى والمعاناة شملت من في الدوائر الحكومية أيضاً وهؤلاء أكثر اطلاعاً على الاعمال القذرة التي إرتكبت، ولذلك منعوا الوزراء من الدخول الى وزاراتهم- كما ينقل- وعندما سألوهم عن مسوغ المنع أجابوهم: لأنكم لستم وزراء قانونيين نرفضكم. هل تستطيع الحكومة التي يمنع وزراؤها من دخول وزاراتهم أن تحكم؟!
إن هذه أوهام، إذا كان هؤلاء الفاقدو الكرامة الذين جلبوهم وأجلسوهم في هذا المجلس النيابي وما هو بمجلس نيابي- وأعطوهم عنوان النواب- وليسوا بنواب- إذا كان هؤلاء عقلاء، لقالوا لهؤلاء الوزراء: أيها السادة إن الأهالي يطردونكم من مكاتبكم، فكيف يأتي أحدكم إلى هنا، ويقول إني وزير، وإني أريد أن أقوم بتنفيذ الإصلاحات، أين تقوم بهذه الاصلاحات والأهالي يمنعونك من دخول وزارتك؟! وأين تريد أن تحكم وأعضاء حكومتك ممنوعون من دخول وزاراتهم؟!
لقد أدركت أميركا حقيقة أنه لا فائدة من العسكر، إذ لا يستطيع الجيش مواجهة الشعب، فالجيش ليس عدواً للشعب، بل العداء منحصر في هذه المجموعة القليلة المسلطة على الجيش وهو يعاني آثار تسلطها السيء عليه، وهي عاجزة عن فعل شيء، وقد ذكروا لنا أن المذابح الأخيرة قد جلبوا الاسرائيليين لأرتكابها، ولكن ليس لدي وثائق معتمدة في هذا الشأن قبل أيام جاءني أحدهم وقال:- إن فلاناً- لا أتذكره الآن جاءني وقال: إننا أردنا الذهاب الى آبادان، وفي وسط الطريق توقفنا في أحد الأماكن للسؤال عن الطريق، فرأينا جندياً واقفاً هناك، فناديناه فعرفنا، أنه لا يعرف اللغة الفارسية، وكان أحدنا يعرف العربية، فتحدث إليه بها فعرفنا أنه من عرب إسرائيل، وقد اعترف أنهم أتوا به من إسرائيل إلى إيران، وكانت هناك سيارة مليئة بزملائه من الجنود الاسرائيليين!
أجل، لقد ذبح هؤلاء شعبنا بأيدي الجنود الاسرائيليين. وبرغم ذلك الذبح ما زال شعبنا ثابتاً يعلن كلمة الرفض لهذا النظام بعدما ضحى بشبانه. وهذا الموقف الراسخ لا ينحصر في محلة معينة أو مدينة واحدة أو محافظة، لكي يقال: أن بالإمكان سحقها وتدميرها. بل إن هذا الوضع يشمل الكل. فالشعب كله يهتف:- لا للملك والنظام الملكي، نعم للإسلام. ولا يمكن لأي قوة أن تجابه البلاد كلها، ولذلك ترون أنهم قد نصبوا العملاء الواحد بعد الآخر، عسى ان يحققوا شيئاً، ولكن دون جدوى.
لقد أدرك الخبراء الأميركان أن الحكم العسكري قد زاد الاوضاع سوءاً وأسوء منه ما فعلته الحكومة العسكرية، وهم الآن يريدون- فرضاً- القيام بانقلاب عسكري، فهل هذا يعني شيئاً آخر غير هذا الحكم العسكري؟! إنه يعني مجيء عسكري آخر للسلطة، ليذبح الناس بمقدار أكثر قليلًا، ولكن الأهالي راسخون في مواجهته.
وعلى الانقلابيين- أي الذين أحتمل أن يقوموا بهذا الانقلاب، وهو احتمال يبدو بعيداً في نظري أن يعلموا أننا عرفناهم، ولن يستطيعوا الاختفاء في أي مكان. وإذا ارتكبوا مثل هذه الحماقة، فلن يستطيعوا الفرار، وسننتقم منهم حيثما ذهبوا.
ليعلموا بذلك، ويعقلوا ويتحلوا بالعقل، ولا يلطخوا أيديهم بأمثال هذه الأعمال القذرة، فلا يتمادوا في هذه الاعمال فيما يأتي، ولا يظنوا أننا لا نعرفهم، إننا نعرفهم وسيعرفهم الشعب أيضاً، وأستبعد أن تكون أميركا وخبراؤها حمقى فترتطم رؤوسهم بصخرة ثم يعاودوا الاصطدام بها مرة أخرى، محال ذلك. وهذه هي الخطة الثانية التي يقال: انهم يفكرون بتنفيذها وهي مستبعدة حسب وجهة نظري.
وثمة خطة ثالثة اكثرشيطنة وخبثاً، واحتمالها أكثر، إذ نقلوا أن أميركا تفكر بتنفيذها، وقد قدمت مشروعها، وهي تتضمن الإتيان بمجموعة من الأشرار من عملائهم ليقوموا- بعد خروج الملك- بمهاجمة الجيش تحت ستار أنهم من أبناء الشعب، ويخدعوا مجموعة من الأهالي، ويجروهم خلفهم، ثم يقوموا بتهديد العسكريين بأن الأهالي يريدون قتلكم، ليحرضوهم على الاهالي ويوقعوا الفتنة بينهم، ثم يختفوا عندما يبدأ العسكريون بإطلاق النار على الأهالي، ويقتلون أعداداً كبيرة منهم.
فالخطة الأخيرة هي أن يقوموا بأرتكاب مذابح واسعة للأهالي تحت غطاء أن الأهالي يريدون إبادة الجيش وكل قادته بعد رحيل الملك. ولتحقيق ذلك يقومون أولًا بتعبئة مرتزقتهم من القوات الخاصة والغجر والمأجورين لتحريض مجموعة من الأهالي، ثم يهاجمون مراكز الشرطة والمعسكرات والقوات العسكرية، ويقولون للذين لا يعلمون بأن الاهالي سيبيدونكم، فقد رحل صاحب الجلالة. فيحاول هؤلاء الدفاع عن أنفسهم وهذا عمل مشروع في أنظار العالم، لأنهم معرضون للقتل من قبل الشعب، وبذلك تقع مذابح جماعية فظيعة تحت هذا الغطاء.
من أجل الحيلولة دون ذلك نبهنا الشعب على ضرورة إدراك هذه المؤامرة، كما نبهنا المسؤولين العسكريين والضباط الشباب والجميع على ضرورة الحذر من هذه المؤامرة وعدم الانخداع بتضليلها.
وعلى جميع القادة والضباط والجنود وسائر العسكريين والشرطة وقوات الدرك وباقي القوات المسلحة أن لا يتوهموا أن الشعب يعاديهم. فهو يعادي ذاك الرجيل (الملك) وقد رحل، وسيرحل إن شاء الله، الشعب لا يعادي قوات الدرك ولا الشرطة ولا الجيش، فكل هؤلاء جزء منه وهو منهم، فلينتبهوا على هذه الخطة التي حاكها الشيطانيون ابتغاء الفتنة بين هاتين الفئتين من الشعب وإثارة اقتتال الأخوة، أي: أن يخدعوا القادة والضباط والجنود بدعوى أن الشعب قد هاجمكم في حين أنهم جزء منه، وبذلك يدفعونهم الى قتل الاهالي.
فليحذروا ذلك، وليدركوا حقيقة أن الشعب يحبهم، ويعاملهم بالحسنى، فهم أبناؤه وأخوته ومواقعهم محفوظة وسيبقى وضعهم على حاله لا يتغير منه شيء سوى إنهاء التجاوزات التي كانت تمارس عليهم وكان يفرضها عليهم المستشارون العسكريون الأميركان، فلن يبقى أثر لهذه الممارسات، وسيكون الجيش مستقلًا وطنياً وليس أميركياً، بل سيصبح جيش الشعب، والشعب بحاجة لهم وهم بحاجة له، وهذا خيار آخر يفكرون به.
وثمة خيار ثالث محتمل، وهو أن يقوموا بانقلاب عسكري غير عنيف، أي: أن ينفذوا الانقلاب وفي الوقت نفسه يعمدون إلى التضليل والخداع، وإذا كان الملك في إيران اعتقلوه وقتلوه، وأعلنوا أنهم سيعيدون ثروته للشعب، ويقيمون مجالس الدعاء وأمثالها! وبهذه الصورة يخدعون الشعب، ويحفظوا تسلط أميركا علينا.
وإذا لم يقتل الملك أعادوه بعد إخماد النار، أو استبدلوه بوجه آخر يقوم بما كان يقوم به، أي: أن يكون خادماً لأميركا لتستمر في نهب النفط وصنع قواعد عسكرية لها بثمنه في إيران وتدمير مصالح شعبها.
وعلى الشعب ان ينتبه الى ضرورة أن يكون مستعدا ومتسلحا لاحباط هذه المؤامرات الشيطانية التي يحتمل وقوعها، وأن لا يرهب أي شيء، لقد وصل الشعب الى المرحلة التي شد فيها أنظار العالمي إليه، ورفع اسمه عالياً على الصعيد الدولي، وإنني ملتفت لكثرة المدح الذي يوجهونه له من كل مكان، إذ يرسلون لي رسائل بذلك من كل مكان، تتصورنه، من أميركا نفسها الى الدول العربية وسائر البلدان الأخرى وهم يعتبرون ما يجري في إيران معجزة حقيقية، وأنا أيضاً أرى الأمر إلهياً، ولم تصنعه يد بشرية.
إن يد الله معك أيها الشعب الإيراني، فلا تخش شيئاً، ولو لم تتدخل يد الله في الأمر لما أستطاعت اليد البشرية أن تعبئ الطفل الصغير والشيخ ابن الثمانين عاماً للسير معاً في طريق واحد، وتحقق هذا الأمر على يد البشر محال، وما دام الله معكم فأي شيء تخشون؟! إن جميع القوى عدم مقابل الله- تبارك وتعالى.
توكلوا على الله- تبارك- وواصلوا نهضتكم ومظاهراتكم، ولا تخشوا شيئاً، واصلوا إضراباتكم عن العمل فالفرج قريب- إن شاء الله- تحلوا بالثبات والصبر، فالنبي الاكرم (صلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلمْ) قضى كل عمره في المتاعب، ولن تستطيعوا أن تجدوا في تأريخ النبي الأكرم أنه قضى شهراً واحداً في راحة، لقد عانى كل المتاعب التي عانيتموها، ودينه اليوم في أيديكم، وهو معرض لخطر الإبادة، فيجب علينا حفظه.
إنهم يقومون الآن بتدمير ذخائر الإسلام، وواجبنا الدفاع عنها، لا ترهبوا شيئاً، كونوا أقوياء صابرين، واقتدوا بنبي الإسلام واستلهموا منه، لقد بقي في الأذى والعذاب ثلاثة عشر عاماً في مكة، وعاش البقية في خضم الحروب المستمرة ومجاهدة الظالمين، وإذ نقوم نحن اليوم بهذا النشاط منذ مدة قصيرة فمم نخاف؟! إذا قتلنا، فنحن ذاهبون للجنة إن شاء الله، وإذا أصبنا، فمصيرنا الجنة أيضاً.
وهذا هو منطق الإسلام، لأن هذه الأعمال هي في سبيل الحق، فنحن لا نريد أن تكون الدنيا لنا، بل إن هدفنا إحقاق الحق وإقامة العدالة، ولكن ليست على نمط العدالة الاجتماعية التي يتحدث بها الملك وتعني في منطقه أن يسرق ثروات الشعب، ثم يقول: إنها عدالة الإسلام الاجتماعية!!
حفظكم الله جميعاً ووقفكم- إن شاء الله- (الحاضرون: آمين) أسأل الله أن ينصر الشعب الإيراني- إن شاء الله- (الحاضرون: آمين).
باريس، نوفل لوشاتو
الدعم الأمريكي لحكومة بختيار، دور الجيش، وضرورة أن يكون الشعب الإيراني مستعداً
الجامعيون والإيرانيون في الخارج
صحيفة الإمام الخميني ج ۵ ص ۳۰۹ الى ۳۱۴
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378