بسم الله الرحمن الرحيم
المدد الالهي للثورة الايرانية
أشكر السادة على روح المسؤولية التي تحلوا بها في هذا الظرف الحساس. ان السرّ في بلوغ الأمور هذا المستوى، هو الوحدة الشاملة لابناء الشعب. لقد اتحدت فئات الشعب مع بعضها، واصبح الناس صوتا واحدا بدءً من العاصمة وحتى ابعد نقطة في القصبات والقرى. كنت في باريس وجاءني احد ممن اعرفهم وقال: لقد ذهبت الى قرى جابلق «1» وبختياري وتلك الناحية من حدود كمره «2» وقرى أخرى ذكر اسماءها، وذكر قلعة تقع بالقرب من جبل بعيدة عن اي عمران. قال ذهبت الى القلعة ورأيت الناس تتكلم بنفس الكلام وتردد الشعارات ذاتها التي كانت تتردد في العاصمة. يقول هذا الشخص: حينما ذهبت الى القرى في تلك النواحي واصبح الصباح، خرج كبير القرية في المقدمة وتبعه القرويون في مظاهرة. ان السر في هذا النصر هو وحدة الكلمة ووحدة الكلمة هذه اوجدها الله. فانا لا استطيع ان اتصور قدرة البشر في جعل شعب يزيد تعداده على ثلاثين مليون نسمة يتحدثون بصوت واحد خلال مدة قصيرة هكذا، يجعلهم قلبا واحدا بحيث ان الطفل الذي لم يبلغ الثالثة من عمره ينطق ويتحدث بنفس الأمور التي يرددها الرجل العجوز الذي بلغ الثمانين. ويتحرك الجميع نساء ورجالا واطفالا، صغارا وكبارا باسلوب واحد. ان هذا لا يمكن ان يحدث الا بالارادة الإلهية.
ونظراً لأنني احسست بهذا المعنى منذ البداية، لذا توقعت آمالًا كبيرة على هذه الثورة. فالثورة التي وحدت الشعب بارادة الله لابد ان تنتصر. وسر النصر هو وحدة الكلمة هذه وعلينا ان نحافظ على ذلك. ان كل واحد منا وفي اي مقام كان، سواء انا بصفتي طالب علوم دينية أو السادة من العلماء الأعلام أو أنتم من المثقفين والمفكرين، جميعنا مسؤولون عن مستقبل البلاد.
وحشية السلاطين وظلم الاسرة البهلوية
لقد تمكنا حتى الآن من طرد عدد من اللصوص، من اولئك المجرمين الذين دمروا البلاد والذين الحقوا بها ضررا قد يفوق ما تلحقه الطائرات الحربية بالمدن، لقد جاؤوا ومروا سريعا ورحلوا ولكن ايران التي ظلت تحت نير الظلم 2500 عاما من الملكية، وكان جميع سلاطينها جميعهم تقريبا من الناهبين، حتى اولئك المعروفين بالعدالة، فالمطلعون على التاريخ يعلمون اي رجل كان" كسرى انوشيروان" الذي يلقب بالعادل، وأي ظالم. واستمر الأمر كذلك حتى اتصل بعهد رضا خان المستبد، ثم ابنه الذي كان اسوأ منه والذي كان بحق خلفا حقيقيا لأبيه!.
هؤلاء تصرفوا معنا بما هو اسوأ مما تصرف المغول، لان المغول لم يمسوا ثقافتنا، لقد جاء المغول ونهبوا ما استطاعوا وتركونا ورحلوا وعاد الناس الى حياتهم، اما هؤلاء فقد حكمونا خمسين عاما حكما متجبرا أدى الى القضاء على كل ما لدينا، خمسون عاما من التدمير والتخريب تحت شعار" الحضارة العظمى"! خمسون عاما من التدمير الثقافي تحت شعار" الثقافة السامية"! خمسون عاما من الجرائم تحت شعار" العدالة الاجتماعية"! خمسون عاما من الكبت تحت شعار" الحرية": حرية المرأة وحرية الرجل!. لقد حطم هؤلاء مصداقيتنا وقضوا عليها، لقد افرغوا خزائننا مما فيها من المجوهرات، فقد نهب رضا خان جزء منها ثم نهب ابنه الجزء الآخر. لقد اخذوا اموال هذا الشعب الى خارج البلاد فبنوا القصور، فقصورهم هناك، والاموال في تلك البنوك، سيما بنوك سويسرا، انهم يستحوذون على مقادير كبيرة من اموال الشعب، وسوف نبحث هذا الأمر في المستقبل القريب ان شاء الله ونطالب بتسليمه لنا (الشاه) واذا لم يعيدوه الينا فاننا سنحاكمه غيابيا ونصادر امواله الموجودة هنا ونجمد ما موجود في البنوك الاجنبية، سنجمد اموالهم ان شاء الله.
التعبئة العامة لاعمار ايران
على أية حال فان ما حققناه لحد الآن والذي تحقق بوحدة الكلمة، هو اننا طردنا الخائنين واللصوص والمخربين. وقد تركوا لنا بلادا ... لقد ورثنا عنهم بلادا تفتقر الى ثقافة مستقلة سامية، تفتقر الى جيش مستقل، تفتقر الى الزراعة. لقد رأيتم الوضع المزري التي وصلت اليه الزراعة، وكيف جعلوا ايران سوقا لدول أخرى. ان كل شيء في هذه البلاد مضطرب تقريبا. ومن الآن فصاعدا نعيش مرحلة اعمار هذه الخربة، ونحن جميعاً مسؤولون عن اعمار هذه الخربة، انا باعتباري طالب علوم دينية مسؤول، والسادة العلماء الاعلام في البلاد ومراجع التقليد مسؤولون، انتم ايها السادة باعتباركم النخبة من العلماء مسؤولون ايضا، المثقفون كذلك مسؤولون، كافة فئات المجتمع مسؤولة. اي ان الامر لا يمكن لعلماء الدين فقط النهوض به ولا الحكومة وحدها، ولا العدلية، ولا القضاة، لا يمكن لاي احد ان يقوم بهذا العمل لوحده، كما هي الحال في مكافحة الفساد الذي لا يمكن مكافحته الا بوحدة الشعب وذلك ايضا بحدود معينة وسيواصلون ذلك ان شاء الله.
كذلك ولأجل اعمار ايران، على الشعب المشاركة في ذلك بأسره .. فالمزارع في زراعته، والفلاح في ارضه، والصناعيون في صناعتهم، وكافة فئات الشعب من الحكومة ومن غير الحكومة، عليهم جميعا ان يتعاونوا فيما بينهم وان يمدوا يد الأخوة لبعضهم ويعيدوا أعمار هذه الخربة التي تركوها لنا.
القيام لله يؤتي أُكله
انني اسأل الله تبارك وتعالى ان يوفقكم جميعا لخدمة البلاد، والمهم ان تكون نهضتنا الهية. انني اشعر بان الآية الشريفة" انما اعظكم بواحدة ان تقوموا لله مثنى وفرادى" والتي تشير الى ان القيام ينبغي ان يكون لله، تنطبق علينا، فالله تبارك وتعالى يقول بان لديه موعظة واحدة فقط وهي ان تقوموا وان تنهضوا لله، والقيام حينما يكون لله فانه سيؤتي أُكله. انني أشعر بان النهضة التي قام بها الشعب الايراني كانت لله لانها أتت أكلها ولا نرى فيها حالات نفسانية، بل تجلت الانسانية بين الناس وهذا لا يمكن له ان يكون ما لم يستند الى الايمان والعبودية لله ونوع من التمثل لله.
الجرائم والجنايات التي لا توصف
على اية حال علينا جميعا ان نرسخ ايماننا وان نتوكل على الله تبارك وتعالى، وبتوكلنا على الله تبارك وتعالى لن نسمح للاجانب من الآن فصاعدا ان يتدخلوا في شؤون البلاد وان ينهبوا ثرواتنا، لقد رأيتم كيف انهم استولوا على نفطنا ولو ان الشاه بقي بضعة سنين أخرى لما بقي لنا نفط كما قال هو نفسه. وفي مقابل ذلك ماذا اعطونا؟ في مقابل ذلك اقاموا قواعد لامريكا! اي انهم اخذوا نفطنا ثم اقاموا قاعدة من أجل مصالحهم. ان الحديث يطول عن مصائبنا وسيكتب المطلعون، واولئك الذين يعرفون الحقائق، سيكتبون في المستقبل وسيثبتون في التاريخ كل ذلك، فلا اطلاع لنا نحن على ذلك، لا اطلاع لنا على ما قاموا به من نهب وما قاموا به من خيانات، لا يمكننا الآن ان نشرح كل ذلك، وليس لنا اطلاعا عليه وسيكشف المطلعون ذلك بالتدريج.
عموما اننا نحتاج من الآن فصاعدا ان نكون معاً ونتحرك في سبيل الله تبارك وتعالى بايمان راسخ، مثلما مكّن ايمان الشعب الراسخ من القضاء على القوى العظمى.
المطالبة باعادة الشاه الى ايران
لقد رأيتم حينما تمكنت هذه النهضة من التقدم كيف أصرت امريكا على عدم السماح لها بذلك وكيف اضطربت وهددت! سأفعل كذا وسأفعل كذا! وكيف ان الآخرين تصرفوا بنفس الطريقة، بريطانيا تصرفت بهذا النحو. الاتحاد السوفيتي ايضا تصرف بنوع من الهدوء ولكن حقيقة موقفه كان كذلك ايضا، وكذا الصين. هؤلاء جميعا وقفوا بشدة في البداية ولكنهم وبعد ان اصر الشعب تراجعوا تدريجيا الى درجة اضطر محمد رضا للتوجه الى الرباط! ولا أدري اين هو الآن، فلا احد يريد ان يستقبله، والدول ترفض واحدة تلو الاخرى استقباله وتقول بانها لا تتمكن من المحافظة عليه! لقد بلغ الامر حد عدم استقباله! و ان شاء الله لن يستقبلوه. نحن نستقبله فليأت وليقف في محكمة عادلة ليحاكم ويعيد للناس اموالهم، ولا ينبغي قتله اذا عاد، ينبغي اولا أخذ الاموال منه، ينبغي ان يعيد أموال الناس وبعد ذلك اذا كان جزاؤه القتل فليقتلوه، وجزاؤه سيكون كذلك حتما!.
اسأل الله تبارك وتعالى السلامة والتوفيق لجميع السادة وآمل ان نتمكن معا من انقاذ هذه السفينة الغارقة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته