الإمام الخميني: ان ثورتنا وان كانت قدرتها المادية قليلة فان رصيدها المعنوي هو الذي ادى الى تقدمها، ولذا فان القوة الشيطانية العظيمة التي كانت تدعم الشاه، والقوى العظيمة التي كان يستند اليها والتي كانت مجهزة بكل القدرات الشيطانية هزمت امام شعبنا الذي لم يكن لديه سوى قبضاته الفولاذية ودماء ابنائه، وتمكنت تلك القبضات وذلك الدم من التغلب على جميع تلك القوى الشيطانية والقوى العظمى والتي كانت قبل هزيمتها تدعم الشاه وتظهر له الوفاء.
ان قوة ايمان شعبنا هي التي ادت الى انتصار القبضات والدماء على جميع اولئك، وسر هذا النصر فضلا عن قوة الإيمان التي استند اليها وادت الى ظهور هذا السر الحقيقي، وهو وحدة الكلمة بين ابناء الشعب، الذي ادى الى الأنتصار. ان هذه الثورة انتشرت في كافة ارجاء ايران كالبرق لانها كانت ثورة اسلامية وانسانية، وقد سرت في كافة الارجاء من القرى البعيدة وحتى العاصمة وشملت كافة الفئات الاجتماعية في ايران، وادت بوحي من وحدة الكلمة الى جعل تلك القوى الشيطانية عاجزة عن مقاومتها ودفعتها لترك خنادقها الواحد تلو الآخر.
ومن الطبيعي ان المشاكل التي نواجهها كثيرة للغاية ... لقد نهبوا بلادنا، واظهروا الآثار الحضارية فيها بشكل مقلوب فقد جعلوا ثقافتنا متخلفة تحت شعار" الحضارة الكبرى" وقضوا على زراعتنا بشكل كامل تحت شعار" التقدم"، وصادروا حرية المطبوعات ووسائل الاعلام تحت شعار" الحرية". وورثنا الآن بلدا مضطربا يعاني من الدمار في كل انحائه وعلينا ان نبادر الى اعماره من الأساس. ولكن وبفضل الله، ولان المسألة مسألة الهية ولان الأمر كما أستشعره بان ارادة الله شاءت للمستضعفين ان ينتصروا، فان جميع فئات الشعب متعاضدة ومتفقة على مواجهة المشاكل. وسوف نتمكن- ان شاء الله- وبهمة شعبنا من حل مشاكلنا.
وانني اسأل الله تبارك وتعالى ان يمكن اخواننا من ابناء الشعب الفلسطيني من التغلب على مشاكلهم، نحن أخوة لهم، وانني ومنذ اوائل هذه الثورة وقبل خمسة عشر عاما، اشرت دوما في كتاباتي واحاديثي الى القضية الفلسطينية والجرائم التي ارتكبتها اسرائيل بحق الفلسطينيين. وسوف نقف الى جواركم ان شاء الله بعد ان نتفرغ من هذه الفتنة كما وقفنا معكم سابقا ونأمل ان نقف جميعا كالأخوة في مقابل ما يعترضنا من مشاكل. اسأل الله تبارك وتعالى العزة للاسلام والمسلمين وعودة القدس الى اخواننا.
[ياسر عرفات: لا أدري هل انه سوء حظ أو حسن حظ انني ولدت هناك (القدس) واصبحت تلك المدينة وطني، فقد شاءت المقادير ان اولد هناك، وهذا لا يعني انني مسؤول عن بيت المقدس، فانتم المسؤولون عن تحريره، ان مسؤوليتكم بعد هذا الانتصار العظيم في ايران اكبر من مسؤوليتي أنا الذي ولدت في بيت المقدس. فانا لا املك في سبيل تحرير القدس غير دمي ولكنكم وبهذا النصر العظيم اصبحتم تمتلكون امكانات كبيرة. وعليكم ان تعملوا على ان نصلي جميعا في القدس. وسنسعى ان شاء الله الى رفع العلم الفلسطيني في القدس بعد ان رفع في ايران. لقد صرح مناحيم بيغن حول انتصاركم بكلام هام وقال:" لقد ابتدأ عصر الظلمات في اسرائيل".].
الإمام الخميني: ان شاء الله.
[ياسر عرفات: انما حصل زلزال، وان هذا الزلزال قد اقترب منا أو انه وصل الينا" وما رميت أذ رميت ولكن الله رمى" وقد اجبت موشي دايان ومناحيم بيغن وقلت لهم" يمكنكم ان تختاروا من تستندون اليه وتعتمدوا على امريكا، ولكني أنا ايضا اتمكن من العثور على سند داعم لي، وقد وجدت هذا السند وهو الشعب الايراني بقيادة حضرة آية الله العظمى الموسوي الخميني.].
الإمام الخميني: الشاه ايضا كان قد استند الى امريكا وبريطانيا والصين واسرائيل وكل هؤلاء. ولكن السند قد يكون ضعيفا، وقد يكون قويا راسخا حينما يتمثل في الله تعالى، فالله سند، وانني اوصيكم (ياسر عرفات) واوصي شعبي وشعبكم بأن تجعلوا الله دوما نصب اعينكم وان لا تلتفتوا الى تلك القوى ولا تعتمدوا على الماديات وانما على المعنويات. فقدرة الله غالبة على كل القوى، ولهذا رأينا كيف ان شعبا مستضعفا محروما تمكن من الغلبة على جميع القوى وسيفعل ذلك مستقبلا ان شاء الله. ونحن لا نخاف من اي شيء حينما نكون مع الله لاننا اذا قتلنا وكنا مع الله فاننا سعداء واذا انتصرنا فاننا سعداء ايضا.
[ياسر عرفات: لقد تم في العام الماضي ارسال قوات اسرائيلية كبيرة الى جنوب لبنان لقمع الفلسطينيين وابناء الجنوب اللبناني من المسلمين، ولم يكن عدد المقاتلين الذين تصدوا لهذه الوحدات العسكرية وقاوموها اكثر من الفي مقاتل، واجهوا خمسة وستين الف جندي اسرائيلي كانوا في ساحة المعركة فضلًا عن من يدعمهم في الخطوط الخلفية، وكانوا يعتقدون بانهم سيقضون على اولئك المقاومين خلال ساعتين وقد واجهنا حصارا شديدا ولكنني وفي غاية الأزمة قلت: الهي اذا قتلت هذه الفئة القليلة فلم يبقى من يعبدك في هذه المنطقة ورأيت كيف ان النصر هلّ علينا. ورغم ما توقعه السيد برجنسكي الذي قال: وداعا لمنظمة التحرير الفلسطينية التي سيقضى عليها، لكننا راينا بان الله قد منّ علينا بانتصار عظيم ولم تمض سنة واحدة على انتصارنا في جنوب لبنان، والذي كان انتصارا بسيطا ومحدودا، حتى منّ الله علينا باكبر الانتصارات" جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا"، لقد زرعنا الرعب في قلوب الاعداء فحينما يقول مناحيم بيغن:" لقد بدأ عصرالظلمات بالنسبة لنا" فان هذا القول يحمل معنى عميقا، ان هذا يدل على ما اصابه من الذعر، وحينما يقول هنري كيسنجر:" ان اعظم حادثة وقعت بعد الحرب العالمية الثانية هي انتصار الثورة في ايران" فان هذا يشير الى خطر الثورة الاسلامية الايرانية بالنسبة لامريكا! ولو ان امريكا لم تتخذ خطوات كالتي اتخذتها في فيتنام فان حركة الثورة الايرانية ستتسع حتى تبلغ اسرائيل. بالأمس فقط قال كيسنجر مقولته تلك، ويمكننا من هذا الكلام ان ندرك حجم الخطر التي تتعرض له المصالح الامريكية في المنطقة، ويمكن فهم حقائق اوضاعنا من تصريحات العدو نفسه. حينما ذهبت الى بغداد قلت لقادة الدول العربية في بغداد بان اقل ما سمعته من الحكام العرب كان: ما شأنك وإيران؟! ما شأنك وآية الله العظمى الخميني؟! لقد كان هذا أقل ما قالوه. وكان الآخرون يقولون بان مصالحكم مقترنة بوجود الشاه! حافظوا على الملك، فلعل وجوده يحقق لكم مصالحكم بشكل أفضل. وفي آخر زيارة لي لبلدان الخليج وقبل ايام من تحقيق نصركم كان حكام الخليج يقولون: بان معلومات وصلتنا تشير الى ان شاهبور بختيار سينتصر وان الامريكيين يستيطعون المحافظة على حكم بختيار في مقابل الشعب الايراني.].
الإمام الخميني: ان جميع حسابات الدول الكبرى جاءت مغلوطة لان القضية كانت قضية إلهية.
[ياسر عرفات:" ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".].
الإمام الخميني: كذلك الحسابات التي يجرونها الآن والتي سيجرونها في المستقبل ستكون مغلوطة ايضا.
[ياسر عرفات: انهم يقولون ان زلزالا قد ضرب المنطقة، ونحن نقول بانه كان انفجاراً للنور «1»، نحن نقول ان عصر حرية واستقلال امتنا ومنطقتنا قد حل. هناك العديد من المشاكل أمامنا ولكننا في نفس الوقت متفاؤلون بالمستقبل. ان امامكم جهاد اكبر ومساعي شاقة فاعادة بناء المجتمع اصعب بكثير من القتال وتحقيق النصر فالشاه قد دمر هذه البلاد.].
الإمام الخميني: ان أملنا بالله ونحن غير يائسين من روح الله، وسوف نتغلب على مشاكلنا بفضل الله، ونحن لا نستند الى قوة مادية، ولا نعتقد ان النصر يأتي بالماديات وانما بالمعنويات، ومادام شعبنا متوكل على الله تبارك وتعالى فانه سيتقدم الى الإمام ولو انه انحرف لا سمح الله فهذا يعني زوالنا جميعا.
[ياسر عرفات: انا لا اعتقد بان مؤامرات الاعداء قد انتهت. وحينما نستعرض ما وقع من احداث فاننا سنتيقن بان العدو لن يسمح لاحد مواقعه ان يسقط بهذه السهولة.].
الإمام الخميني: انه لا يريد ذلك، ولكن الله سيعمل خلافا لما يريدونه إن شاء الله.
[ياسر عرفات: صحيح انني ابتسم الآن ولكن قلبي يقطر دما لما حصل من مذابح في ايران.].
الإمام الخميني: اثلج الله قلبك.
[ياسر عرفات: الله يشهد بانني لم اشعر بفرح في حياتي كالفرح الذي شعرت به حينما حققتم النصر.].
الإمام الخميني: حفظ الله المسلمين بمشيئته.
[احد اعضاء الوفد الفلسطيني: ان القوانين في لبنان تمنع اطلاق الرصاص في الهواء تعبيرا عن الفرح، وهذا القانون ساري في لبنان منذ اكثر من عام، سيما وان القاد العام لقوات منظمة التحرير الفلسطينية أمر بعدم التفريط باطلاقة واحدة لاية مناسبة كانت، وفجأة امتلئت سماء لبنان بأسرها باطلاقات الفرح، ولاول مرة اطلق ابو عمار نفسه خمسة اطلاقات فخرق هذا القانون تعبيرا عن فرحه! ولاشك انه سيهاجمون قرى جنوب لبنان ومناطق الشيعة فيها بالطائرات، فبيغن مغموم نتيجة ما وقع في ايران، نسأل الله ان يحفظ الجنوب في مقابل اعتداءات المهاجمين الاسرائيليين. واسأله ان يحفظ قوات الدول العربية وان يحفظ آية الله العظمى الخميني والشعب الايراني.].
الإمام الخميني: نسأل الله ذلك.
[ياسر عرفات: صحيح ان لاسرائيل اصدقاء ولكننا نحن ايضا لدينا أخوة واصدقاء.].
الإمام الخميني: ان اعتمادنا على الله تبارك وتعالى.
[ياسر عرفات: ان الاسبوع الماضي كان بداية لعهد جديد.].
الإمام الخميني: ان شاء الله.
طهران، المدرسة العلوية
انتصار الإيمان على القوى الشيطانية
ياسر عرفات - هاني الحسن وعدد من كبار المسؤولين الفلسطينيين السيد احمد الخميني - ابراهيم يزدي
جلد ۶ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۱۴۴ تا صفحه ۱۴۷
«۱»-ان عبارة" ثورتنا كانت انفجارا للنور" والتي كانت تستخدم في الشعارات المرفوعة في ايران، مأخوذة من حديث ياسر عرفات هذا، ولكنها كانت تنسب خطأ الى الإمام الخميني.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378