أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
القيام والاستقامة من سمات القيادة
لما بدأ الانبياء دعوتهم كانوا وحيدين. فموسى كان وحيداً، والرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أُمر بالدعوة كان وحيدا (قم فأنذر) «1» أي انهض وادع الناس، لقد بدأ الدعوة من نفسه. عندما أعلن نبوته آمن به امرأة واحدة «2» وصبي «3»، لكن الاستقامة- وهي من ضروريات قيادة الأنبياء الكرام- كانت متجسدة وبشكلها الكامل في الرسول الأكرم (استقم كما أمرت) «4» انهض واستقم.
إن هذين الأمرين كان لهما دور كبير في نجاح نبي الإسلام بتحقيق أهدافه الكبيرة: النهوض والاستقامة. فالاستقامة كانت سبباً في عدم شعوره باليأس رغم عدم امتلاكه القوة مقابل أعدائه الذين كانوا يملكون كل القوة لدرجة أنه لم يكن يستطيع الدعوة علنا في مكة، ولكنه لم يشعر باليأس لعدم تمكنه من دعوة الناس علناً، فقام بالدعوة السرية وبدأ بجذب الناس إليه واحداً بعد آخر إلى أن هاجر إلى المدينة فأُمر حينئذ بدعوة الناس إلى النهوض والقيام (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله) «5». وهذه دعوة للقيام والنهوض. دعوة الجميع لقيام والمهم هو القيام لله، من أجل الله. فقد كان سر انتصار جيش الإسلام في صدر الإسلام رغم عدم امتلاكهم للعدة الحربية يكمن في القيام لله، فالنهوض لله والإيمان بالله هو الذي جعل النبي الأكرم ينتصر. إن عدم اليأس والاستقامة في سبيل الله كانتا وراء انتصار النبي .. إن أصحاب الرسول الأكرم في صدر الإسلام كانوا يتمتعون بقوة الإيمان، وبها نجحوا في مواصلة انتصاراتهم، فرغم عددهم الضئيل وفقدانهم للأسلحة الحربية، استطاعوا التغلب على الإمبراطوريتين العظميين آنذاك- الروم وإيران- لأنهم كانوا قد نهضوا من اجل الله واستقاموا.
صوت الثورة من الفيضية
وأنتم أيها الشعب الإيراني، يا شعب إيران العظيم، حققتم هذا المعنى الذي كان موجوداً في صدر الإسلام، ففي البداية ارتفع صوت من المدرسة الفيضية، فقاموا بتخريبها، واستشهد بعض شبابنا، لكن الاستقامة كانت السبب في عدم هزيمتهم، لم ينهزموا نفسياً، كانت الاستقامة وراء اجتماع الفئات المختلفة بعضها مع بعض، سمعوا الدعوات الإسلامية واستجابوا لها واستعدوا للتضحية من أجلها، اتصلت هذه القطرات ببعضها وشكّلت سيلًا عظيماً، كان قياماً شاملًا ومن أجل الإسلام، قياماً من أجل الله قياماً من أجل جمهورية الإسلام، وتجذر هذا القيام لدى جميع فئات شعبنا، وربطها ببعضها وتجلى الإيمان لدى الجميع وظهر تغير نفسي، انقلاب فكري، ونهض الجميع وبإرادة قوية، من الطفل الصغير إلى الشيخ الكبير، ومن البنات الصغيرات إلى العجائز، قاموا معا واستقاموا (ان تقوموا لله) القيام لله، جمعاً وفرادى. وما دام هذا القيام لله، مادامت هذه الوحدة، فأنتم منتصرون. وما دامت هذه الاجتماعات قائمة، والناس يأتون من أطراف البلاد النائية ونداؤهم نداء واحد، من العشائر إلى أهل المدن.
الشعب لا يخشى الحركات اليائسة
لقد جاؤوا من يزد أيدهم الله تعالى، جاؤوا من العشائر، جاؤوا من (مَمَسَن) أيدهم الله، لقد اجتمع الجامعي مع غير الجامعي، اجتمع طلبة العلوم الدينية مع كسبة السوق، اجتمع من يعيش في القرى والجبال مع من يعيش في المدن. إن علينا جميعاً السير بهذه النهضة قدماً، بهذه الإرادة القوية التي يمتلكها الشعب، وتلك الإرادة التي حطمت السد الكبير للنظام المنحوس، فإن هذه البعوضات الضعيفة لا تستطيع أن تفعل شيئاً. إن أمتنا لا تهاب القتل، إن أمتنا ترى الشهادة فوزاً عظيماً.
أيها الأخوة! حافظوا على هذه النهضة واستقيموا (إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله)، موعظة واحدة، موعظة واحدة فقط وعظكم الله تبارك وتعالى بها عن طريق الرسول الأكرم، أن تنهضوا وتكون نهضتكم لله، فإذا كانت النهضة لله، فلا خوف من الشهادة حينئذ. إن النهضة الإلهية لا تهزم. لقد كان مسلمو صدر الإسلام يقولون: إذا قَتَلنا فهي الجنة، وإذا قُتِلنا فهي الجنة. إنكم أنتم أيضاً كذلك.
منَّ الله عليكم جميعا وعلى الشعب الإيراني وجميع الشعوب المسلمة، بالسعادة والسلامة وحفظكم متحدين من أجل الإسلام. علينا جميعا السير قُدُماً إلى الأمام متحدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته