بسم الله الرحمن الرحيم
التغير النفسي للشعب وراء انتصار الثورة
أشكر السادة على حضورهم والالتقاء بهم عن قرب .. إن من بركات هذه النهضة اجتماعنا عن قرب والحمد لله وطرح ما نريده فيما بيننا بعد أن كنا بعيدين عن بعضنا. وأشكر الشيخ جنتي «1» أيضاً حيث رافقكم للحضور هنا وطبعا فهو من الشخصيات الكبيرة والكفوءة. آمل أن يعمل جميع السادة وبمعونته بشكل لائق فيما يوكل إليهم من أعمال إنكم تعلمون أن النهضة إنما وصلت إلى ما هي عليه الآن بسبب وحدة كلمة أبناء الشعب، والأهم من ذلك التوجه للإسلام، أي إنه قد حدث في المجتمع تغير نفسي وأنا لا أستطيع أن أضع له اسما إلا المعجزة، كانت هناك إرادة إلهية. شعبٌ كان إذا مرَّ أحد أزلام السلطة في الأسواق الكبيرة- مثل سوق أصفهان- وقال يجب على الجميع أن يرفعوا الأعلام في يوم الرابع من آبان «2»، والاحتفال به، لم يكن يجرؤ أحد على معارضته. بل لم يكن يفكر أحد بالاعتراض وعدم التنفيذ. بيد أن هؤلاء الناس أنفسهم- وليس جيلًا آخر- هؤلاء الذين كانوا يخافون من أزلام السلطة، اندفعوا نحو الشوارع يهتفون: إننا لا نريد هذه الأسرة، وعارضوا ذلك (الشاه) الذي كان يعتبر نفسه الشخص الأول في البلد. لقد كان هذا تغيراً لايمكن حسابه وفق المقاييس العادية بأن يقال مثلًا بأنه قد جرت عملية تربية طويلة وإن جيلًا جديداً قد نشأ وهو الذي قام بهذه الثورة. بل كان تغيراً إلهياً، حصل بإرادة الله. وهناك تغير آخر حدث أيضاً تجلى في هذه الإنسانية التي ظهرت بين الناس وتفتحت في أيام الثورة، لقد ظهر حس التعاون بين الناس، ففي المظاهرات التي كانت تحدث- وأنتم تعرفون ذلك جيداً- كان الناس يساعدون المتظاهرين أينما مرُّوا فيقدمون لهم الماء والساندويج وغير ذلك، ذكر لي أحد أصدقائي: لقد شاهدت في طهران وفي هذه المظاهرات امرأة عجوزاً تمسك بإناء صغير فيه نقود فخطر في بالي أنها فقيرة متسولة، ولكني عندما بحثت في الأمر وتكلمت معها، قالت لي إن اليوم عطلة ولعل بعض الذين يمرون من هنا يريدون الاتصال بالهاتف وليس لديهم العملة النقدية المطلوبة للهاتف، فوضعت النقود في الإناء ووقفت هنا حتى إذا ما أراد أحد الاتصال بالهاتف وكان يوجد هناك هاتف أخذ من هذه النقود. لا شك أن هذا أمر صغير، ولكن المعنى كبير جداً. إن هذا التغير النفسي قد حصل عند الناس ووصل حداً كانوا يرون الشهادة فوزاً لهم، كثير من الناس، من الشباب، كنت في النجف عندما جاءني شاب وقال لي بجدية تامة ادع لي بالشهادة، والآن أيضاً يحدث الشيء نفسه. لقد وصلتني أمس رسالة وكتب فيها: ادع لأولادي بالشهادة. هذا أيضاً تغير نفسي، وانهم في توجههم هذا يشبهون الذين كانوا في صدر الإسلام يستقبلون الشهادة ويتسابقون إليها، وقد حدث هذا الأمر في شعبنا أيضاً إنها تحولات نفسية حدثت لشعبنا لا يمكن تفسيرها إلّا بأن هناك يداً غيبية كانت وراء ذلك، وهذا هو الذي جعلهم يقفون وبأيد خالية في وجه المدفع والدبابة وقدموا الضحايا وساروا قدماً. كان نجاحاً يبدو أنه ممتنع وفق الموازين الطبيعية.
ولهذا أعلن الأجانب- حتى المخابرات الأمريكية- بأن هذا الذي حدث لم يكن طبق القواعد، ولا يمكن وقوعه طبق حساباتنا. وكانوا صادقين. فطبق الحسابات المادية لا يصح هذا، وهو أن يقف شعب لا يملك شيئاً في مواجهة هذه القوة الكبيرة التي تقف خلفها قوة أمريكا وروسيا وبريطانيا التي كانت تدعمها وتؤيدها دائماً. ومع ذلك فإن هذا الشعب الذي لا يملك شيئاً تقدم وحطم هذا السد بقوة الإيمان. إن هذا السر يجب أن يبقى حياً. إذا كنتم تتطلعون الى تحقيق أهداف ثورتكم كاملة، وأن يتحقق الإسلام بالشكل الذي يريده الله تبارك وتعالى، عليكم المحافظة على هذه النهضة بالحماس نفسه.
الحماس الديني في الاستفتاء على الجمهورية الإسلامية
لاحظتم كيف أن الناس عند الاستفتاء كانوا يذهبون بحماس وشوق للإدلاء بأصواتهم. وقد نقلوا لي كثيراً مانقلوا مثل هذه القضايا فمن هذه القضايا، ولا أدري ربما ذكرت في صحيفة أن رجلا كان يبكي ويقول لقد ارتكبت ذنباً لا اظن أن تقبل توبتي يغفر لي الله، وهو أني بدل أن أدلي بنعم أدليت خطأ ب- (لا). كما أن بعض الأشخاص ذهبوا بالكرسي المتحرك أو أن هناك مريض ورغم حالته الصحية المتعبة اصرّ على المشاركة فأدلى برأيه ثم مات في نفس ذلك المكان.
إن مثل هذا الشوق والحماس لا مثيل له في العالم، أن يذهب الناس بمثل هذا الشوق والحماس للإدلاء بآرائهم .. إن رؤساء الدول في أوقات الانتخابات يصرفون أموالا طائلة من أجل الحملات الدعائية- الصادقة والكاذبة- ليجمعوا بعض الناس ويدلوا بآرائهم غير إن هذه المسائل لم تكن موجودة هنا. فالمسألة كانت مسألة الإسلام، وقد ذهب الناس استناداً الى معتقداتهم الإسلامية، بذلك الحماس والشوق وأدلوا بآرائهم. فمن مجموع خمسة وثلاثين مليوناً أعطى أكثر من عشرين مليونا رأيهم بالموافقة وهذا أمر لا سابقة له في العالم، إن التعداد المؤهل للمشاركة قد أدلى بصوته. ومن جهة أخرى كان هناك أطفال بهذا السن «3» وهم بحسب القانون لا يحق لهم الإدلاء برأيهم، كانوا متألمين، جاءني بعضهم وكانوا متألمين، وتجمعوا في تلك الساحة، وكانوا يظهرون التألم قائلين لِمَ لا يسمحون لنا بالإدلاء بآرائنا. هذه مسائل لا نظير لها في العالم وذلك، وهذا لأن المسألة مسألة إسلامية.
الحزبيون والقوميون والثورة الإسلامية
ليست القضية قضية (قومية)، ليست القضية قضية حزبية. ففي السابق كان هؤلاء القوميون وهذه الأحزاب ولكنهم فشلوا جميعهم. بيد أننا وصلنا إلى هذه المرحلة بفضل النفوس الطاهرة والضمائر السليمة، الناس وصلوا إلى ما هم عليه الآن بوحي من تعلقهم بالإسلام والتدين، فإذا فقدت هذه الروحية من الناس- لاسمح الله- فإننا سوف نواجه بالهزيمة. لقد وصلنا إلى هنا بهذا السر، فإذا فقدنا هذا السر ووقعت الاختلافات، .... فهناك الآن بعض الفئات تحاول إظهار نفسها، وهذا من أخطائهم، إن من الخطأ أن يصنعوا أحزاباً وتجمعات، إن هذه الأحزاب المختلفة لم تستطع في أي وقت أن تفعل شيئاً سوى أن توقع التفرقة والاختلاف وما عدا ذلك فإنها لم تستطع عمل شيء، وإذا كانت- لا سمح الله- نواياهم سيئة ويعملون ضمن مخطط لإثارة الاختلافات، علينا أن نحذرهم ونرصد تحركاتهم بدقة حتى لا ندعهم يحققون أهدافهم. وهذا أمر مهم الآن، فنحن الآن نمر في ظرف حساس، فالوضع الآن أسوأ من الوضع الذي كنا نهاجم فيه من اجل تحطيم هذا السد وأشد حساسية، إذ أنه في ذلك الوقت كان للجميع توجهاً واحداً وهدفاً واحداً، ولكن عندما يصل الانسان إلى نقطة معينة يعتقد فيها أنه قد انتصر، يبدأ الضعف يدب تدريجياً، وكذلك يظهر الالتفات إلى الاحتياجات الشخصية.
ظاهرة الثورة والتوقعات التي لا تنتهي
لاحظوا هؤلاء الذين قد مضى عليهم خمسون عاماً أو أكثر وهم فقراء يعيشون في نواحي إيران، الطوائف والعشائر المختلفه، في طهران، في بقية المدن، كان الفقر منتشراً بين الناس بشكل كبير. إن الفقر ليس وليد الثورة بل كان موجوداً من قبل، وطبعاً فإن بعضه قد نتج عن هذه الثورة، ولكن هؤلاء الذين يشتكون أنه لا يوجد عندنا شيء، إن حالهم هذه ورثوها عن النظام المباد. لقد نفذت مجموعة بين هؤلاء تثير الفتنة في أوساطهم، أنه (ها هي الجمهورية الإسلامية! ما الذي تغير؟ ماذا حققت الجمهورية الإسلامية؟). إنهم لا يدخلون في حسابهم ما حققته أبداً. أولئك الذين يكررون: ما الذي تحقق؟ ألا يرون أن بوسعهم اليوم المجيء والجلوس هنا والتحدث معاً. لم يكن بإمكان الشيخ جنتي الذهاب إلى أصفهان والاتصال بكم. لم يكن بإمكانكم التحدث بكلمة. إذا قمتم بإحق- اق حق فإنهم يأخذونكم مباشرة وتلقون في السجن. أما اليوم فقد قُضي على تلك السجون. أي شيء يراد تحقيقه؟ لقد تم إغلاق جميع تلك السجون ولم يبق فيها إلا الخونة الذين خانوكم. ماذا يقصدون ب- ما الذي تحقق؟ لقد تحقق هذا وهو أننا نجلس الآن معاً ونتحدث بحرية. إنكم تتحدثون في أي مكان تريدونه بحرية، وتقولون ما عندكم. الصحف تكتب أيضاً بحرية حتى الترهات، وأبواب السجون أغلقت إلا لهؤلاء الخونه الذين كانوا ينهبون الناس. أليس مهماً هذا الذي تحقق؟ كذلك ثمة أمر آخر وهو أنهم كانوا ينهبون نفطنا فأي شيء كانوا يدفعون عوضاً عنه؟ كانوا يقدمون بعض الأسلحة كعوض عنه، ولكن الواقع ان هذه الأسلحة كانت لأجلهم لأننا لم نكن نستطيع استخدام تلك الاسلحة، كانت الأسلحة من أجلهم لأنه أذا شن الاتحاد السوفييتي هجوماً تصدروا له. كانوا يأخذون نفطنا، وكان ثمنه يقدمون أسلحة لإيران من أجلهم والثورة أغلقت هذا الباب أيضاً وأصبح النفط تحت تصرف الحكومة فكل من يدفع الثمن يعطونه النفط، ماذا تحقق؟ هذا شيء آخر تحقق أيضاً. إن الأشياء التي تحققت يجب حسابها، وما يجب أن يحصل لابد من إعطاء الفرصة له. إن الفقر كان موجوداً في السابق ولكنهم في ذلك الوقت لم يكونوا يتكلمون عنه، اما الآن وبعد ان حصل تغير ووصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن، علا صوتهم ماذا تحقق؟ لم لا ينتهي فقرنا؟ وهل يمكن القضاء على فقر عمره خمسون عاماً خلال يومين أو شهر أو شهرين؟ لابد من إعطاء الفرصة لتتحرك المصانع وتعمل، ولكنهم لا يفسحون المجال. لابد ان يعطوا الفرصة لتسير أمور الزراعة، ولكنهم يتحركون بين الفلاحين، ولا يتركون الأمور تأخذ سيرها الطبيعي.
تآمر ناهبي العالم عن طريق الجماعات المعارضة
على كل حال، توجد الآن بعض الفئات التي لاتريد لهذه النهضة أن تحقق أهدافها، وإن الغالبية منها والأبرز ممثلة في بقايا النظام السابق وهؤلاء يسعون بشتى السبل للابقاء على المشاكل، ويريدون إعادة الاوضاع الى سابق عهدها، بيد أنهم لن يتمكنوا من ذلك إن شاء الله. ولكنهم يعملون لهذا، فيثيرون القلاقل حتى لايستتب الهدوء في البلد وحينئذ يتم التمهيد تدريجياً لوقوع انقلاب مشروع- حسب قولهم- ولكن الله لم يرد إعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق، وإن شاء الله لن تعود، ولكننا يجب أن نكون حذرين، علينا الالتفات إلى أن هؤلاء الذين ينفذون إلى المصانع ويحضرون على اعاقة العمل أو تعطيله، لا يهمهم أمر العامل وليسوا قلقين من أجله، إن قلوبهم قلقة ومتألمة من أجل أمريكا أو الاتحاد السوفييتي، أي من أجل أنفسهم لأن مصالحهم تابعة لمصالح أولئك فهم مأجورون، ولانهم عملاء لهم فإنهم يأتون ويعرقلون حركة العمل، وعلى العمال أن لا يتركوهم يدخلوا المصانع، اذهبوا إلى العمال وقولوا لهم ... لا تفسحوا المجال أمام هؤلاء ليدخلوا إلى المعامل، إنهم يريدون إعادتكم ثانية إلى الأوضاع السابقة.
اعملوا أنتم، وأنجزوا أعمالكم بشكل صحيح، والحكومة أيضاً مشغولة بالعمل، من أجل العمال، من أجل الجميع، إنها تبني المساكن، وتعمل على توفير الرفاهية، ولكن الأمر يحتاج إلى وقت، لا يمكن إنجاز جميع هذه الأعمال دفعة واحدة، فلا بد من إعطاء فرصة لتتحرك المصانع، لتنشط الزراعة لقد دمّر هؤلاء كل شيء ورحلوا، ولابد من الإصلاح الآن، وإنني آمل أن يتم ذلك بهمة جميع السادة، فكل فرد ومن أي فئة كان، يجب عليه وعلى تلك الفئة مطابقة أعمالهم مع الإسلام والعمل في ضوء ذلك في الموقع المتواجدين فيه.
لقد أخبروني اليوم أن كثيراً من الدوائر الحكومية لا تعمل بشكل جيد وتهمل في أعمالها إن هؤلاء الذين لا يعملون الآن بشكل جيد في الدوائر- ولعل مقداراً من ذلك يعود إلى ما اعتادوا عليه سابقاً- لا يجوز لهم شرعاً أخذ المرتب، فالمرتب إنما يكون مقابل العمل. ونحن نطلب من الحكومة أن تخصم من مرتبات الذين لا يعملون بشكل جيد بمقدار تقصيرهم في العمل فلا يصح إعطاء الأجرة لمن يأتي الى الدائرة ويجلس ويدخن السجائر ثم يريد في آخر الشهر أن يأخذ عدة آلاف من التوامين. يجب على هؤلاء أن يلتفتوا إلى أن البلد الآن بلدهم، فيجب عليهم العمل. يجب على كل فرد وأينما كان ان يعمل لتتحرك عجلة البلد.
ضرورة التغيير في الدوائر الحكومية والمحاكم
لا بد من التغيير في الدوائر الحكومية لاسيما في المحاكم. لقد قلت هذا سابقاً ولكنه على أي حال عندما تستقر الأمور ويتم تشكيل المجلس، لابد من ايجاد التغييرات لأن المحاكمات الطويلة جداً تهدر أوقات الناس. فيبقى الإنسان عشر سنوات يتردد بين قاعات المحاكم هنا وهناك، وليس من المعلوم سيصل في النهاية الى حقه. إن الأعمال التي ينجزها القاضي الإسلامي خلال يوم أو يومين، تستغرق وقتاً طويلًا في المحاكم حتى يفسح المحامي المجال للمحاكمة أن تسير في مجراها، فيعترض ابتداءً على صلاحية المحكمة فلابد من مضي فترة حتى يثبتون صلاحية تلك المحكمة أنه: لا، هذه محكمة صالحة! وبعد ذلك فإنه قد يستغرق عدة جلسات في التحدث والنقاش. في أحدى المرات كتب أحد العلماء عبارة: الآثم «4» فلان. فاستغرق الأمر مدة وهم يناقشون أن هذا إقرار بالذنب وهذا فاسق حيث يقول (الآثم). إن المحامين هم هكذا فلا يتركون الأمر يمضي بسهولة. أولًا (الابتدائية) بعد ذلك (الاستئناف) وبعد ذلك المرحلة الفلانية وعدة مرات يرجع الأمر للتحقيق من الأول. إن هذه الأمور ليست سوى تضييع أوقات الناس ولهذا فإن المحاكمات يجب ان تكون مرحلة واحدة، فيكون هناك قاض مؤهل لينجز أمور الناس ثم يذهب كل إنسان إلى عمله وهذا هو الذي يفعله أغلب قضاتنا، فيحضرون أطراف الدعوى ويصغون إلى كلامهم ويحضرون الشهود ويبحثون في الأمر وخلال يومين أو ثلاثة أو يوم واحد و أحياناً خلال ساعة أو ساعتين تكون القضية قد حسمت. إن أوقات الناس ثمينة ولا ينبغي أن تستهلك من أجل محاكمة. كان هناك محام في وزارة العدل كنت أعرفه، وقد رأيته، كان أسمه الشيخ رضا، وكانوا ينقلون عنه أنه قال إن هذه المحاكمة التي بدأنا بها الآن سوف تستمر ما دمت حياً، وعندما أموت سوف يتابع ابني الأمر! ولن نتركها تصل إلى نهايتها! إن وضع وزارة العدل هو بهذا الشكل فيستطيع محام أن يعرقل الامور فلا تنتهي لابد من تغيير هذا، لا بد أن يصبح بشكل إن لم يكن مائة في المائة إسلامياً فعلى الأقل نجعله قريباً من الإسلام ونحن نأمل بإمكان ذلك إن شاء الله. ولكنه لنفترض الآن إن ذلك يستغرق وقتاً، فهذا لا يعني أن نكون تبعاً لكل مايجري في الغرب وتكون جميع دوائرنا غربية. فمثل هذا يعد من الأخطاء. إن المسلمين وبسبب ضعفهم قد تخيلوا أن كل ما يشاهدونه في الغرب جيد، وعملوا به، فهم لايرون لأنفسهم رأياً ليتأملوا في هذا أنه صحيح أم خطأ عندما شاهدوا أن أولئك صنعوا طائرة تصوروا أن جوانبهم الأخلاقية جيدة أيضاً، رغم أن المسألة ليست كذلك.
الاتحاد الإسلامي أكبر قوة عالمية
على كل حال إن التغيير ضروري سواء، في الأشخاص إذ يحتاجون إلى إيجاد تغيير ليكونوا مهذبين وطاهرين، ليخدموا ويكونوا وطنيين، لا بد أن تحدث هذه الأمور عملياً من خلال توجيه وإرشاد الكبار والفئات المختلفة، أم في كيفية عمل هذه الدوائر وشكلها، فلابد من التغيير. وآمل أن تحقق هذ الأمور ان شاء الله وتصبح الدولة إسلامية، بل أكثر من ذلك بأن يسري هذا الأمر إلى بقية الدول الإسلامية إن شاء الله وتصبح دولة إسلامية كبرى مقابل القوى العظمى. إن الدولة الإسلامية وبتعداد سكانها البالغ مليار نسمة تقريباً وثرواتها العظيمة، إذا اتحدت بشكل من الأشكال ستكون القوة الاعظم .. منَّ الله عليكم جميعاً بالسعادة والسلامة إن شاء الله.
قضية مصادرة الأموال
إن المحاكم وقد ذكرت ذلك من قبل- لا ينبغي لها العمل وفق أوضاعها السابقة، فالمحاكم لا بد لها أن تكون إسلامية بكل ما في هذه الكلمة من معنى، ولابد من العمل بدقة حتى لا يظلم بريء ولا يعاقب مذنب بأكثر مما يستحق، إن هذه من المسائل المهمة. وقضية مصادرة الأموال أيضاً مسألة حساسة، وباعتقادي لا ينبغي مصادرة أموال أحد إلا في الحالات الاستثنائية حينما يكون معلوماً أن الشخص الفلاني قد جمع أمواله من السرقة والخيانه والنهب وأمثال ذلك، وإلا فإذا كان شخص فرضاً من رجال المخابرات أو كان من أعضاء المجلس النيابي فمن المحتمل أن تكون هذه أمواله هو فلا ينبغي مصادرة أموال هؤلاء، فهؤلاء عندهم أطفال وأسر. لقد وصلتني قبل أيام رسالة من زوجة العلامة وحيد كرمانشاهي «5» الذي أعدموه تقول بأنهم صادروا أموالنا وليس لدينا شيء. وقد أمرت أن يتحققوا في الأمر، إذ لا يصح مثل هذا، فلنفترض الآن أن فلاناً كان خائناً ويستحق القتل، ولكن ما هو تقصير أسرته وزوجته وأطفاله الصغار؟ نعم، هؤلاء السادة يقولون بأننا فيما يتعلق بالمصادرة لا نصادر جميع الأموال بذلك المعنى، بل نترك لهم بمقدار كفافهم ولكن هذه المرأة التي كتبت هذه الورقة أصرت على أنهم لم يتركوا لها شيئاً وأنها لا تستطيع تأمين معاشها، فلا بد أن تلتفتوا إليها. وعلى كل حال، فهذه واحدة من المسائل وهي أنه لا يصح مصادرة أموال الناس بلا مبرر. بمجرد أنه كان نائباً في المجلس، إذ يقتل وأمواله تصادر! إن النيابة في المجلس ليست من مبررات القتل. ولا شك أن هؤلاء قد ارتكبوا مخالفات، وهذه المرتبات التي أخذوها لا بد من استعادتها ولكن هذه المرتبات والأموال لا تعني مصادرة جميع أموالهم. إن الأموال والمرتبات التي أخذوها كانت مخالفة ولا بد ان يعيدوها ولا بد أيضاً من تأديبهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته