بسم الله الرحمن الرحيم
ظلم النظام البهلوي لجميع فئات الشعب
إنني أشكر إخواني لقدومهم من مكان بعيد للتحدث معاً وتدارس همومنا ومعاناتنا. إن السادة يعلمون ماذا جرى على فئات الشعب طوال الخمسين عاماً لحكومة من حكومة أسرة بهلوي الغاصبة. لقد تعرضتم أنتم سكان الحدود للظلم والتعدي وأولئك الذين كانوا في المدن قد تعرضوا للظلم أيضاً، غاية الأمر أن كل إنسان إنما يدرك بشكل جيد الظلم الواقع في المكان الموجود فيه. ونحن حينما كنّا هنا طوال مدة سلطنتهم الغاصبة، شاهدنا ما جرى هنا، وكنا نسمع أحياناً هذه الأخبار عن مناطق الحدود ولكن لم يكن لدينا اطلاع صحيح عليها. وأنتم أيضاً أيها السادة كنتم في المناطق الحدودية وقد شاهدتم ماجرى في تلك المناطق، ولكنه ليس لديكم اطلاع عما كان يجري في هذه المدن فيما عدا ما كنتم تسمعونه. إن جميع فئات الشعب كانت في ضيق ومشقَّة.
الوحدة تحت لواء التوحيد
في هذين العامين الأخيرين حيث وصل الظلم إلى أوجه، ونفذ صبر الشعب، انطلقت نهضة إسلامية من أجل الإسلام، من أجل إحياء سنة رسول الله (ص)، وتجلت الوحدة بإرادة الله تبارك وتعالى في جميع الأماكن من الحدود والمناطق النائية وحتى المدن، تجلت وحدة الكلمة تحت لواء الإسلام وراية التوحيد، فلولا الإسلام ولو أنها كانت مجرد حركة وطنية، افرضوا أنها حركة سياسية، لما كانت قد اتسعت بهذا الشكل. إن الحركات السياسية والحركات الوطنية، وحيث أنها ليس لها ارتباط بالإسلام، فإنها تنتشر ضمن اطار محدود، ضمن أشخاص محدودين. أما ان يتحقق مثل هذا الانتشار للثورة، من الأطفال الصغار إلى الشيوخ الكبار، الأحزاب، الفئات المختلفة، دون أن تنحصر في طائفة معينة، فإنما هو بإرادة الله تبارك وتعالى، لأن الشعب كان يريد الإسلام، الجميع وفي كل مكان كانوا يقولون إننا نريد الجمهورية الإسلامية، إننا لا نريد أسرة بهلوي. ولهذا فقد انتصرت هذه الثورة، وتحقق بإرادة الله أمر كان يعتبره الجميع، جميع المفكرين، جميع السياسيين، أمراً محالًا.
إننا الآن قد اجتمعنا معاً، جميعاً في قم، وقد أتيتم أنتم من المناطق الحدودية دون أن تخشون أحد، من المخابرات أو الجيش أو الحكومة، واجتمعتم معنا في هذه الحجرة، وهذا من بركات هذا النصر حيث تحطم السد الطاغوتي وتهاوت الفئات الظالمة، وتحررنا وتحرر بلدنا أيضاً من يد الناهبين ...
إثارة الاختلافات بعناوين عنصرية ودينية
إننا الآن وقد تحررنا واسترجعنا بلدنا من الآخرين، فإنهم لن يجلسوا ساكتين. إنهم الآن بصدد التآمر علينا. لقد وظفوا أفراداً في مختلف أطراف البلاد ليأتوا إليكم ويقولوا لكم شيئاً، وفي طهران يقولون شيئاً آخر، وفي خوزستان يتحدثون بشيء آخر وفي كردستان بأمر آخر، وفي بلوجستان، وفي خراسان، وفي كرمان، إن هؤلاء موظفون عند الأجانب ومنتشرون الآن، وهناك أيضاً من بقايا النظام المباد، وكذلك توجد جماعة من هؤلاء المنحرفين وبأسماء مختلفة.
إن هؤلاء مكلفون بأن لا يدعوا الهدوء يستتب في البلد، مكلفون بإثارة الاختلافات في كل مكان بصور مختلفة، ففي المناطق الحدودية حيث إخواننا هناك، فإنهم يثيرون الاختلافات الطائفية. وكذلك يثيرون الاختلافات بين الجماعات الأخرى بعناوين مختلفة فيفرقون بين من يتكلمون التركية والذين يتكلمون الكردية والآخرين الذين يتكلمون الفارسية باعتبار أن هذه جماعات ذات لغات وثقافات مختلفة وعشائر مختلفة، وبهذا الطريق يجعلون كردستان في طرف، آذربايجان في طرف، خراسان في طرف، وبهذه الأساليب والذرائع المختلفة يوقعون التفرقة بين الإخوة.
وإذا نظرتم إلى طهران تجدون أنهم ينفذون بصور أخرى إلى داخل الجامعات ولا يتركونها تفتح أبوابها. وبين حين وآخر يفتعلون قضية ما ليثيروا المظاهرات والتجمعات، إنهم يريدون إثارة الاختلافات.
التآخي والاتحاد هو الشكر على نعمة الثورة الإلهية
إننا حيث نجلس الآن معاً هنا أيها الأخوة، علينا التحدث بهمومنا والتعرف عليها والتفكير بحلول لها. إن ما نعانيه في الوقت الحاضر هو هذه الجذور المتعفنة المتبقية من النظام البائد والمشغولة بالإفساد حيث يذهبون إلى معاملنا فلا يتركونها تعمل. يذهبون إلى البساتين والأراضي الزراعية فلا يتركون أمور الزراعة تسير على حالها. ويثيرون الاختلافات بين الناس، في كل مكان بصورة معينة، إنهم يثيرون الاختلافات.
إنه مرض فتاك، وإذا لم يعالج هذا المرض- لا سمح الله- فإنني أخشى أن تعود الأوضاع التي ابتلينا بها على مدى أكثر من خمسين عاماً بصورة أسوأ، وجميعكم قد ذقتم مرارتها، فترجع بصورة غير الصورة المَلَكِيّة، بصورة أخرى، أو إذا استطاعوا بتلك الصورة.
إنني أخشى إذا لم نعالج هذه المصيبة وهذا المرض، أن تعود تلك الأوضاع، وترجع أجواء الإرهاب والمخابرات ثانية ويعود كل شيء الى سابق عهده. فلا يمكننا الجلوس معاً والتحدث كما نفعل اليوم. لو كان النظام السابق موجوداً لكنتم جميعكم الآن في السجن، ولأخذوكم من عند هذا الباب الذي دخلتم منه وهجموا علينا وأخذونا نحن أيضاً.
نشكر الله تبارك وتعالى على هذه النعمة التي منّ بها علينا ونصرنا على الطاغوت. وان شكرنا لهذه النعمة يمكن ان يتحسد في وحدتنا وتآخينا.
أمران مصيريان
لا بد أن تأخذوا بنظر الاعتبار أمرين: الأول وحدة الكلمة، بأن تكونوا متحدين فيما بينكم. والآخر أن يكون الأمر لله فتكون حركتنا ونهضتنا من أجل الله. لقد أمر الله تبارك وتعالى رسوله الأكرم (ص) بأن قل للمؤمنين إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله (أعظكم بواحدة أن تقوموا لله) «1» إذا كنت شخصاً واحداً وتريد القيام لله، فقم واجعل قيامك لله، وإذا كنتم جماعة فليكن قيامكم لله. هذه موعظة أرسلها الله تبارك وتعالى لأمتنا عن طريق الوحي وقال إنني أعظكم بموعظة واحدة. وفي هذه الموعظة يوجد كل شيء. إذا قامت الأمة ونهضت وكان قيامها ونهضتها لله فهذه الأمة منتصرة. يجب علينا العمل بهذا الأمر الإلهي. فهذه النهضة التي أوصلتموها إلى ما هي عليها الآن وبحمد الله فقد أنجزتم (القيام)، وهي إلى الآن وكما أفهمها كانت (لله)، أي أننا جميعاً كنّا نريد الإسلام، ولابد لنا من المحافظة على هذا المعنى، فهذه مسألة إلهية، إننا مكلفون، نحن المسلمين نتبع أوامر الله، فنحن مكلفون بالمحافظة على هذه النهضة التي كانت لله.
التعرف على الأيادي الخفية
وتتمثل المحافظة على هذه النهضة في أن نراقب وبوعي تام هؤلاء الذين يأتون ويقولون: أنت مع أي من الطائفتين، أنت كردي وأولئك (لرستانيين) فراقبوا بوعي تام واعرفوا مَنْ هؤلاء، لماذا يتكلمون بهذا الكلام الآن. إنه شعب ثار أبناؤه جميعاً وهم يتطلعون لإدارة حياتهم، وقطع يد الأجانب عن بلادهم، وقد قطعوها بالفعل. فالذي يأتي الآن ليقول أنت سُنّي وأولئك شيعة، أنت كردي وذاك لرستاني، إنما ينبغي التفرقة. أنت في الجبهة الفلانية، أنت تابع لأي حزب، فلان عضو في أي حزب، فيقع النزاع. يجب علينا مراقبة هؤلاء بوعي، ودراسة أوضاعهم وأحوالهم، من أين تأتيهم التوجيهات بأن لا يدعوا الناس لتستقر أوضاعهم. من الذي يقف وراءهم، وما هي الأيادي التي تدفعهم لايقاف عجلة المصانع، علماً أن عجلة المصانع إذا ما دارت فإن الأوضاع المعيشية للناس ستتحسن وتُسدّ احتياجاتهم. إنهم لا يدعوا أمور الزراعة تسير سيرها الطبيعي، مع أن الزراعة إذا سارت أمورها وكانت ناجحة فهي في مصلحة الشعب. من هم هؤلاء؟ من أين تصلهم التوجيهات؟ من أين جاؤوا؟ لقد جاء الكثير منهم من وراء الحدود، عندما اضطربت الأوضاع ووقعت الثورة واندفع المسلمون لاجتثاث جذور النظام هنا. فدخل هؤلاء الذين كانوا قد أعدوهم من أجل إثارة القلاقل، دخل الكثير منهم من وراء الحدود ببطاقات مزورة، إن الكثير منهم قد وصل إلى هنا بهذا الشكل وهناك عدة كانت موجودة هنا من قبل وهي من بقايا ذلك النظام ومأجورة، وقد رأت أن الوضع الآن أصبح خطراً عليها، لأنه عندما تُقطع يد الأسياد، فإن الرعية والخدم يُحرمون أيضاً. إن هؤلاء هم الذين نفذوا الآن بين الناس، فيأتون إليكم بكلام معين، ويذهبون إلى مجموعة أخرى بكلام آخر، يتكلمون في (أذربيجان) بشكل، وفي (كردستان) بشكل آخر، ففي كل مكان يتكلمون بنحو ما. إننا إذا وقعنا تحت تأثير هؤلاء، ووقع النزاع والصراع بينكم كما يريد هؤلاء، أن يتهجم الإخوة بعضهم على بعض، إذا وقع مثل هذا، فإنهم سيصبحون أقوياء ويطعنوننا في ظهورنا.
تجنب الاختلافات سر استمرار الثورة
يجب علينا جميعاً الالتفات الى ذلك والعمل بما يأمر به الإسلام حيث يقول (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) «2» فضموا أيديكم إلى أيدي بعض واعتصموا بحبل الله وتحركوا لله، وتجنبوا الفرقة، احذروا التفرقة. فليس بوسع أحد أن يتجاهل هذه الحقيقة الواضحة وهي أن الذي مكّننا من تحقيق النصر هو وحدة الكلمة، وأن التفرقة تقضي على هذه الوحدة، وعندما يضيع سر انتصارنا هذا، ونفقده، ويُسلب منا، فإننا سنهزم. وإذا هزمنا- لا سمح الله- في هذه الثورة فإن إيران لن ترى الاستقلال بعد ذلك، لن ترى إيران الحرية بعد ذلك. وذلك لأن هذه الثورة كانت نموذجية، ربما لم تتحقق مثل هذه النهضة على مر التاريخ، كانت أمراً نموذجياً، ولا يمكن تكراره، وليس بوسع أحد إيجاد مثل هذه النهضة. وحينها علينا الاستسلام للأسر حتى النهاية، وهكذا الأجيال اللاحقة.
لذلك، فإن عقل الانسان ودينه ووجدانه، إن كل هذا يقتضي أن تتعاملوا مع بعضكم بأُخوّة كما أمر بذلك الإسلام (إنما المؤمنون إخوة) «3»، فالجميع إخوة فإذا هجم شخص على أخوين، فإن الأخوين معاً يواجهانه، ونحن الآن قد هجمت علينا هذه الفئة الضعيفة من بقايا النظام البائد، وكان هجومهم هجوماً سياسياً بأن ينفذوا بيننا ويفرقوا وحدتنا. يجب أن نكون يقظين، مدّوا أيدي الأخَّوة إلى بعضكم، وكفّوا عن الكلام الذي يُروّجه هؤلاء من أجل القرآن، من أجل حفظ أحكام الله، من أجل الله، كفّوا عن الاختلافات. وكونوا مع بعضكم متآخين، واطردوا أيضاً هذه الفئة، لنحيا جميعاً براحة بال في محيط إنساني إسلامي.
مسؤولية جسيمة على عاتق سكان الحدود
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوقظ المسلمين أينما كانوا، ويُسعدهم. ويحقق وحدة كلمتهم، لاسيما إخواننا الإيرانيين. أسأل الله تعالى أن يوقظ إخواننا الإيرانيين، ويتلطف بهم حتى لا يصغوا إلى هؤلاء المغرضين، وليمض الجميع- إن شاء الله- على طريق الاسلام. ولا يخفى أن مسؤولياتكم في المناطق الحدودية التي أنتم فيها، سرحدات، جسيمة، مثلما هي في المدن توجد هنا مسؤولية لأهل المدن، وتوجد هناك مسؤولية من نوع آخر لأهل الحدود، فليعمل سكان الحدود بالوظيفة الشرعية الملقاة على عاتقهم، وليعمل سكان المدن بوظيفتهم الشرعية ألا وهي وحدة الكلمة ونبذ الاختلافات والتخلص من الخوف. إن أولئك يبثون الخوف، وقد روّجوا الى أن المسلمين يريدون إيقاع المجازر في اليهود والقضاء عليهم! لقد جاء إلى هنا قبل عدة أيام زعماء اليهود، وقد قلت لهم: هاقد انتصر المسلمون، وما زال اليهود يعيشون حياتهم كما هي، ولا شغل للمسلمين بهم. إن هؤلاء لا يروق لهم أن يتحد اثنان. فيجب علينا التصدي لهم ونحافظ على وحدتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته