بسم الله الرحمن الرحيم
خطة قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل
مثلما أن بعض الدول تضع أحياناً خطة طويلة الأجل وأخرى قصيرة الأجل، فإن على أمتنا الآن أن يكون لها خطة طويلة الأجل وأخرى قصيرة الأجل. أما خطتها على المدى القريب فهي عبارة عن سعيها للمحافظة على هذه الثورة وهذه النهضة. فإذا لم تتم المحافظة على هذه الثورة وعلى وحدة الكلمة، فمن الممكن حينئذ أن تقع تلك الإشكالات التي أشرتم إليها، وان تتمكن الأيادي المشبوهة من الحيلولة دون قطف ثمار هذه النهضة. ففيما تحاول هذه الجذور المتعفة الاقتراب من بعضها والعمل معاً، نسير نحن وبتوهّم الانتصار نحو الضعف والخمول وننشغل بمشاكلنا الشخصية من قبيل: البطالة، تراكم الديون، فقدان السكن وأمثال هذه المشاكل التي تواجه الكثير من أبناء الشعب. إننا إذا انشغلنا في هذا الظرف الحساس الذي يمر فيه بلدنا، والذي ربما يكون أشد حساسية من أي وقت مضى، إننا إذا انشغلنا بمسائلنا الشخصية وغفلنا عن هدفنا الأصلي الذي كان لنا جميعاً واستطعنا بفضله من إيصال النهضة إلى هذه المرحلة فإنه من الممكن- وطبعاً لا توجد مشكلة الآن ولكنه من الممكن- وقد شاهد الأعداء فقدانهم لمصالحهم، أن يتآمروا ويخططوا فتجتمع هذه الجماعات المختلفة وتتحرك فيما بينها وتسبب لنا المشاكل، وتعرقل لا سمح الله حركة النهضة.
تقييم الجمعيات والجماعات السياسية
إن المهمة المستعجلة المكلفين بها الآن، وبالالتفات الى أننا انتصرنا بوحدة الكلمة وتكاتف جميع الفئات وندائها بصوت واحد: إننا لا نريد هذه السلطنة القذرة، وإنما نطالب بسلطنة إلهية، جمهورية إلهية، نريد تطبيق الأحكام الإلهية، جميعنا طالبنا بالجمهورية الإسلامية. إن مهمتنا في الوقت الحاضر تتلخص في مراقبة الجمعيات التي يتم تشكيلها أو تمَّ تشكيلها، وتعمل على توسيع نطاق نشاطها. علينا مراقبتهم للتعرف على مدى مطابقة توجهاتها مع توجهات الشعب. ويمكن التحقق من ذلك من خلال متابعة احاديثهم وكتاباتهم وما يقولونه عن الجمهورية الإسلامية. كما أن الشعب أينما اجتمع وكلما تحدث، وكلما أمسك كتّابه بالقلم فإنهم يكتبون ويتحدثون جميعاً عن (الجمهورية الإسلامية)، فإن هذه الجمعيات التي يتم تشكيلها الآن أو التي تعمل الآن على التوسع والانتشار، إذا كانت تتحدث عن (الجمهورية الإسلامية) فلا توجد هناك مشكلة، إذ الشعب يكون معهم وهم مع الشعب أيضاً. وأما إذا رأيتم أنه ليس هناك من خبر عن الله في كلامهم، وليس هناك من خبر عن الإسلام، ولا يفكرون بالجمهورية الإسلامية، ولا يتحدثون بشيء عن الجمهورية الإسلامية، ولا عن اجماع كلمة الشعب على الجمهورية الإسلامية. إذا رأيتم هؤلاء الذين يتحركون الآن عندما يتحدثون عن الجمهورية فإنهم يقولون (الجمهورية) أو يقولون (الجمهورية الديمقراطية) أو يقولون (الجمهورية الديمقراطية الإسلامية) فاعلموا أنهم إنما يريدون بالجمهورية المعنى الذي يريده أعداؤنا. إن أعداءنا لا يخافون الجمهورية، وإنما يخشون الإسلام. إنهم لم يتلقوا ضربة من الجمهورية، وإنما تلقوا الضربة من الإسلام. لم تكن الجمهورية التي لطمتهم على أفواههم، لم تكن الجمهورية الديمقراطية، لم تكن الجمهورية الديمقراطية الإسلامية، وإنما الجمهورية الإسلامية. فالعلامة التي تتعرفون من خلالها على حقيقة أية جماعة، هي ارتباطها بالله تعالى. فربما توجد جماعة اسودت جباههم لكثرة سجودهم- كالخوارج الذين اسودت جباههم لطول سجودهم ولكنهم قتلوا الحق، وربما يوجد وطنيون مائة في المائة بحسب تصوركم أو بحسب تصورهم لأنفسهم، غير أنهم عندما يتحدثون عن الحرية، يتحدثون عن الإستقلال لا يوجد في أحاديثهم خبر عن الله، لايوجد خبر عن الإسلام، لا يوجد خبر عن الجمهورية الإسلامية. ذلك لأنهم يخشون الإسلام كما يخشى الشيطان من اسم الله! إن العلامة التي تعرفون بها الخارجين عن مسيركم، الخارجين عن مسير هذا الشعب الذي ضحى في سبيل الإسلام، هو أن تلاحظوا هؤلاء الذين قدموا دماءهم، شبابنا الذين نزلوا إلى الشوارع ونساءنا اللاتي نزلن إلى الشوارع وتظاهروا وقضوا بقبضاتهم المحكمة على هذا العدو القوي. لابد من ملاحظة هؤلاء وأنهم هل كانوا ديمقراطيين؟ هل كان مذهبهم وطريقهم ديمقراطياً؟ هل كانوا يريدون جمهورية مثل الجمهورية التي يريدها الاتحاد السوفييتي؟ هل كانوا يتطلعون الى الجمهورية التي تريدها سائر الدول المعادية لنا؟ أمريكا جمهورية أيضاً. إن شعبنا الذي بذل دمه ونادى (الله أكبر)، ونادى (الجمهورية الإسلامية)، فهل هذه التضحية والفداء وبذل الدماء كانت بوحي في الاسلام، أم ان الأهداف التي يسعى إليها الاتحاد السوفييتي كانت هي الدافع؟ أم أن الذي دفعه لذلك هي تلك الأهداف التي تسعى إليها أمريكا؟ أم كانت أهداف إسرائيل هي المحرك؟ فهذه أيضاً جمهوريات. لقد أعلنت منذ البداية ورفعت صوتي بأننا نريدهاتين الكلمتين (الجمهورية الإسلامية)- إذا رأيتم أنهم قد أضافوا كلمة أخرى فاعلموا أن مسيرهم مخالف لمسيركم. حتى ولو وضعوا إلى جانبها كلمة الإسلامية فإنهم يريدون خداعكم. وإذا رأيتم أنهم قد أسقطوا كلمة وقالوا (الجمهورية) فاعلموا أن مسيرهم مخالف لمسيركم.
إسقاط نظام الشاه على طريق الإسلام
إنهم يريدون استدراجكم إلى ما يخالف الإسلام. حتى لو فرضنا أنهم معارضين للنظام السابق- وأكثرهم كذلك- ولكن هدفنا لم يكن مجرد القضاء على النظام السابق. ليس هدف المسلم القضاء على الطائفة الفلانية مثلًا. لقد عارضنا النظام لأنه كان حائلًا دون تحقق الإسلام، دون تحقق أحكام الإسلام، دون العمل بالقرآن. لو أن النظام كان يعمل بأحكام الإسلام، لما كان هناك نزاع بيننا! ... لقد بُذلت تلك الدماء لا من أجل القضاء على النظام فحسب وإنما من أجل تطبيق الإسلام. إن الهدف من إزالة الأنظمة الفاسدة، وقطع أيدي الأعداء هو أن تصبح إيران دولة إسلامية، حكومة إسلامية، وأن تكون سياساتها سياسة إسلامية. لو كان الهدف ينحصر فقط في إزالة الحكومة والنظام السابق ومجيء نظام آخر غير إسلامي، لكانت دماء شبابنا قد ذهبت هدراً. لأننا نكون نحن الذين قمنا بهذه الثورة وحطمنا هذا السد، فيما جاء الآخرون وحصدوا ثمار تضحيات أبناء شعبنا.
الدماء على طريق الإسلام
إن خطة شعبنا- وهي الخطة قصيرة الأجل تتلخص في معرفة العدو وطرده من الساحة مثلما فعلوا ذلك من قبل. إن عدونا لم يتمثل في محمد رضا خان فحسب، بل ان كل من لم يكن مسيره مسير الإسلام فهو عدو لنا مهما كان اسمه. كل من يطالب بالجمهورية بمعزل عن الاسلام فهو عدو لنا لأنه عدو للإسلام. كل من يضع إلى جانب الجمهورية الإسلامية كلمة الديمقراطية فهو عدولنا. كل من ينادي بالجمهورية الديمقراطية فهو عدولنا، لأنه لا يريد الإسلام. إننا نريد الإسلام. لقد قدّمنا كل هذه التضحيات، وخاض شبابنا كل هذا الصراع وتحملوا المتاعب والآلام وبذلوا الدماء، إن كل ذلك كان لأنهم ينشدون الإسلام. إن الذي دفع بهذه الثورة إلى الأمام هو ذاك الذي كان يقول: إنني أرى الشهادة فوزاً عظيماً. هل كان يرى الشهاة فوزاً للديمقراطية؟ هل يرى الإنسان الشهادة فوزاً لليسار أو لليمين؟ هل كان شبابنا يطالبون بالجمهورية على نسق ما موجود في الاتحاد السوفييتي، هل كانوا ينشدون الجمهورية التي يريدها الشيوعيون ولذلك كانوا ينادون بها تبعاً لهم؟! هل قدّمنا الدماء من أجل تلك الجمهورية؟! هل بذلنا الدماء من أجل جمهورية غربية؟! لقد بذلنا الدماء من أجل الإسلام. بذل شبابنا الدماء من أجل الإسلام. أنتم أيها الشباب الذين قدمتم من مكان بعيد، تجشمتم عناء السفر وجئتم إلى هنا، هل جئتم لتلتقوا مع ديمقراطي؟! لتلتقوا مع من يميل إلى الاتحاد السوفييتي؟! لتلتقوا مع أمريكي؟! بريطاني؟! أم جئتم لتلتقوا مع المسلم؟ لتلتقوا مع من يدعو إلى الإسلام؟ تحملتم كل هذه المشقة لتلتقوا مع روسي؟! لتلتقوا مع بريطاني؟! لتلتقوا مع ألماني؟! إنكم لم تأتوا إلى هنا من أجل ذلك، لقد جئتم إلى شخص تكون آلامه آلامكم. إننا جميعاً ننشد الإسلام. لابد من الانتباه الى ذلك والتعرف على علائمه التي ذكرتها. مايريده هو ماتريدونه. يجب أن تعرفوه، وعلامته هي هذه التي ذكرتها.
الأهداف المشؤومة بغرض حرف الثورة
اقرؤوا الصحف. هؤلاء الذين ينادون بالديمقراطية، مسيرهم غير مسيرنا. هؤلاء الذين لا يتلفظون بكلمة الإسلام، ويتجنبون أن يذكروا شيئاً عن الإسلام ولا يريدون طوال عمرهم أن يقولوا (بسم الله الرحمن الرحيم)، هؤلاء الذين لا يتحدثون في كتاباتهم- طالعوها واقرؤوها- حتى عن أصل الجمهورية الإسلامية أصلًا، هؤلاء الذين يتجنبون الحديث عن التضحيات التي قام بها علماء الدين، فالعلماء هم الذين خطوا الخطوة الأولى في الخامس عشر من خرداد، إن الخامس عشر من خرداد مرتبط بالعلماء، ويجب أن يعلن عطلة رسمية من أجل العلماء، من أجل نهضة العلماء. إن هؤلاء الذين ترونهم يجتنبون هذه الأمور ويصرّون أن لا يكون الإسلام وليكن ما يكون.
إنهم يريدون التغطية وباسم وطني على مقاصدهم، تلك المقاصد المخالفة لمسيرتنا. إن مسيرتنا ليست من أجل النفط، فالنفط ليس مطروحاً لدينا، قضية تأميم النفط ليست مطروحة عندنا. هذا خطأ. إننا نريد الإسلام، وعندما يتحقق الإسلام يصبح النفط لنا. إن هدفنا هو الإسلام. ليس هدفنا النفط حتى نضع الإسلام جانباً ونقوم بالتشجيع والتصفيق لمن يقوم بتأميم النفط. أي شخص ترونه وبأي اسم كان، أية هيئة ترونها وبأي اسم كانت، أية جميعة ترونها وبأي اسم كانت، أي كاتب ترونه وبأي اسم كان، أي شخص يدعي قائلًا: إننا قانونيون، أية دعوى كانوا يطلقونها، فانظروا إلى مقالاتهم، إنهم ينشرون مقالاتهم في الصحف. راقبوهم عندما يجتمعون- وقد اجتمعوا- وانظروا كيف يعارضون الإسلام «1». انظروا إلى هذه التجمعات من أي أناس تتشكل. انظروا إلى نوعية الذين يحضرون هذه الاجتماعات ويتواصلون فيما بينهم ولا خبر عن الإسلام أبداً. انظروا واعرفوا الجماعات التي تريد تنحية علماء الدين جانباً. ففي بداية الحركة الدستورية كان علماء الدين هم الذين تحركوا وقاموا بالعمل، ولكن أولئك قاموا بالضرب والقتل والاغتيال، فإن المؤامرة نفسها تتكرر الآن. لقد قاموا في ذلك الوقت باغتيال السيد عبدالله بهبهاني، وقتل المرحرم نوري «2»، وحرفوا مسير الأمة. إن نفس تلك الخطة مطروحة الآن، فقد قاموا بقتل مطهري وغداً لعلهم يقتلونني، وبعد غد يقتلون شخصاً آخر وهكذا.
الحرية والاستقلال في ظل الإسلام
إن مسيرهم غير مسيرنا. إن مسيرنا الإسلام، إننا نريد الإسلام. فنحن لانريد الحرية التي لا إسلام فيها. إننا لا نريد الإستقلال الذي لا إسلام فيه، إننا نريد الإسلام. إننا نريد الحرية في ظل الإسلام، ونريد الاستقلال في ظل الإسلام. ماذا تفيدنا الحرية والاستقلال إذا كانتا بمعزل عن الإسلام؟ عندما لا يكون الإسلام مطروحاً، وعندما لا يكون نبي الإسلام مطروحاً، عندما لا يكون قرآن الإسلام مطروحاً، فلو كان هناك ألف لون للحرية فإننا لا نريدها، فالدول الأخرى عندها حريات أيضاً.
اعرفوا عدوكم، ها أنا أعرّفه لكم. ولابد من بث هذا الحديث عبر الاذاعة اليوم او هذه الليلة دون أي تعديل او تغيير. وإذا قام المذياع أو صحيفة ما بتغيير ولو كلمة واحدة منه فسوف أغلق تلك الصحيفة لأن عملهم هذا مخالف لمسيرة الشعب، ولا يمكن أن نسمي ذلك حرية، بل تآمر. سوف نقضي على المؤامرات. اعرفوا هؤلاء! إنني أتمّ الحجة على الشعب الإيراني. إنني ارى المصائب التي ستحل على رؤوس أبناء الشعب الإيراني على يد هؤلاء الذين ينادون بالحرية. إنني أرى المصائب. إن تعاسة شعبنا في الابتعاد عن القرآن، في الابتعاد عن أحكام الله، عن صاحب العصر. إننا نريد الحرية في ظل الإسلام، ونريد الإستقلال في ظل الإسلام، فالهدف الأصلي هو الإسلام.
الحرية بدون الإسلام مؤامرة استعمارية
لقد بينت لكم عملائهم الذين لا علاقة لهم بالإسلام، ولا علاقة لهم بعلماء الدين، وعرّفتهم لكم. إنهم يريدون تأسيس دولة غربية لكم، هؤلاء أصحاب النيات الحسنة والذين لا يكنّون نيات سيئة ولا يريدون رجوع النظام السابق ثانية إذهم معارضون له أيضاً، يتطلعون الى تأسيس دولة غربية، فكيف حال أولئك الخونة.
إنهم يريدون تأسيس دولة غربية لكم فتكونون أحراراً وتكونون مستقلين أيضاً، ولكن على أن لا يكون الله مطروحاً في البين ولا النبي ولا إمام العصر ولا القرآن ولا أحكام الله ولا الصلاة ولا أي شيء آخر. هل تعتبرون الشهادة فوزاً لكم لتكونوا مثل- مثلا السويد، أم أنكم تنشدون القرآن؟ لقد نهضتم من أجل الإسلام. إن كل هذه المعاناة والمشقة التي تحملها ويتحملها علماء الدين إنما هي من أجل الإسلام. أينما قالوا (الجمهورية) فاعلموا أن هناك مؤامرة في البين حيث لم يذكروا اسم الإسلام. أينما قالوا (الجمهورية الديمقراطية) فاعلموا أن هناك مؤامرة في البين، واعلموا أنهم يريدونها من دون الإسلام، الحرية من دون الإسلام، الاستقلال من دون الإسلام.
علماء الدين يعارضون التآمر لا الحرية
إن هذه الدعايات التي يروج لها الكتّاب وأمثالهم، الدعايات التي تقول: لقد تخلصنا من ذلك الديكتاتور لتأتي ديكتاتورية العمامة والنعل. إن هؤلاء ضد الإسلام. فهم يعلمون أن علماء الدين ليسوا ديكتاتوريين، إن العلماء يتطلعون لأن يكون الناس أحراراً، العلماء يتطلعون لتحقيق الاستقلال.
إن العلماء يعارضون التآمر وليس الحرية. إن هؤلاء يريدون تنحية العلماء جانباً. وهؤلاء هم أصحاب النيات الحسنة، نيتهم حسنة بهذا المعنى أنهم لا يريدون النظام السابق وكذلك لا يريدون الأجانب، ولكن ماذا يريدون؟ إنهم لا يريدون الإسلام أيضاً؟! إن هؤلاء أصحاب النوايا الحسنة لا يريدون النظام السابق لأنه عدو لهم، ولا يريدون الأجانب أيضاً لأنهم أعداء لعهم، ولا يريدون الإسلام ولا العلماء، ولا أي شيء مرتبط بالإسلام. العلماء يعني الإسلام. فالعلماء ملتحمون بالإسلام. إن الذي يعارض العلماء بشكل عام، لا عالم معين، لا يعارضني أنا شخصياً مهما قالوا عني فإنه لا توجد مشكلة ولكن من يعارض العلماء لكونه عالم دين فإنه عدو لكم.
إن مثل هذا من الممكن أن يهيء لكم الحرية، من الممكن أن يضمن لكم الاستقلال، ولكن هل يريد شعبنا هذا الاستقلال الذي لا ذكر فيه لصاحب الزمان، هذه الحرية التي لا محل فيها للقرآن، هذه الحرية التي لا محل فيها لنبي الإسلام؟ هل بذل الشعب دماءه من أجل هذا؟ من أجل الحرية؟ لقد بذل دمه من أجل الله. لقد اتبع شعبنا سيد الشهداء. فمن أجل أي شيء بذل سيد الشهداء دمه؟ هل كان يريد الحكومة؟ يريد الاستقلال؟ يريد الحرية؟ لقد كان يبتغي الله، يبتغي الإسلام، كان يسعى لتحقيق الإسلام في الواقع .. إن العلماء يبتغون الإسلام، العلماء يطلبون الاستقلال في ظل الإسلام، ويريدون الحرية في ظل الإسلام.
(الإسلام من غير العلماء) شعار المعارضين للإسلام
هذا هو برنامجكم على المدى القريب، وهو أن تتعرفوا على الذين ينشدون طريق الله، طريق الإسلام، طريق صاحب الزمان، والسبيل لمعرفة ذلك أنهم إذا قالوا (الجمهورية الإسلامية) فاعلموا أن طريقهم طريقكم. إذا رأيتم أنهم مؤيدون لعلمائكم فاعلموا أنهم مؤيدون للقرآن أيضاً، وإعلموا أنهم مؤيدون للإسلام أيضاً. وأما إذا قالوا (الإسلام من غير العلماء) فاعلموا أنهم يعارضون الإسلام. وأنهم إنما يقولون ذلك لخداعكم، وهم يسعون الى تحطيم هذا الحصن وتبعاً لذلك هدم الإسلام! ولا يحتاج بعد ذلك إلى مواجهة مباشرة معه. إن الإسلام الذي ليس له ناطق إسلامي ليس بإسلام. فالإسلام لا يتلخص في كتاب حتى يقوموا بإتلافه غداً. إن الذي يريد القضاء على علماء الدين، يريد رمي كتبهم بعيداً أيضاً. فإذا تم القضاء على العلماء فإن جميع كتبنا الدينية سوف تُلقى في البحر، سوف تحرق. هذا هو برنامج شعبنا على المدى القريب، التعرف على الذين ينشدون طريق الله. اللهم قد بلغت، لقد أبلغتكم وكان لابد من قول ذلك. إن وظيفتي تتلخص في بيان المسائل والقضايا التي أعلمها وأفهمها، وقد بيّنتُ ذلك .. لقد أديت ما جعله الله حجة علي. فهذا هو برنامجكم على المدى القريب وهو القيام بمواجهة جميع هؤلاء كتلك المواجهة التي قمتم بها ضد الشاه.
مسؤولية التصدي لأدعياء الثقافة
إن عداء بعض هذه الجماعات للإسلام لا يقل عن عداء (الشاه). ففي اوج جبروته ان يذكر اسم الله، وكان يذهب لزيارة الأماكن المقدسة وإن كان رياءً. أما هؤلاء فإنهم لا يفعلون ذلك حتى رياء!! إنهم يفرّون من الإسلام والقرآن وأحكام الإسلام لدرجة أنهم حتى غير مستعدين للتظاهر ولو بالألفاظ. إن بعض كُتّابنا لا يقبلون بذكر كلمة عن الإسلام ولو لتحقيق مآربهم، ولو من أجل خداعنا. لابد لنا من التصدي لهؤلاء مثلما تصدينا لمحمد رضا، لأن هناك مؤامرة وليست المسألة مسألة الحرية. الحرية، نعم. ولكن التآمر، لا. لا يمكن القبول بافتعال التجمعات والاعتراضات غير المبررة. لا يمكن تحمل افتعال التجمعات لكل صغيرة والإعلان ضمن ذلك عن معارضة الإسلام.
الخطة طويلة الأجل
وأما برنامجكم على المدى البعيد أيها الشباب، أيتها السيدات، فهو أن تعينوا على دعم الأهداف الإسلامية والعمل على تحقيقها إذا كنتم أناساً متدينين ملتزمين. إن هؤلاء النساء إذا أنشأن أطفالا مهذبين، إذا أنشأن أطفالًا إسلاميين، فهذا يعني أنكم قد حفظتم دينكم ودنياكم. وأما إذا- لا سمح الله- خرج من أحضانهن أطفال غير مهذبين، أطفال غير إسلاميين، إذا نشأ تحت رعايتكم أنتم أيها الشباب أطفال غير إسلاميين، أطفال غير مهذبين، ولم يتأدب أطفالنا عندما يذهبون إلى المدارس الابتدائية بالآداب الإسلامية، ولم يكن هناك تهذيب في الثانويات التي يذهب إليها شبابنا، ولم يتأدبوا بالآداب الإسلامية، وكذلك لم يكن هناك إسلام في الجامعات، ولم يكن أثر لعلوم الإسلام وأحكام الإسلام، فهذا يعني أننا سنسير نحو الزوال، أي سيزول الإسلام والبلد معاً. فالبرنامج طويل الأمد هو أن تقوموا بتهذيب أنفسكم وأولادكم من أجل المستقبل. إنكم تحتاجون للبلد من أجل أطفالكم، وكذلك تحتاجون للإسلام من أجل أطفالكم. إنكم تعملون الآن في خدمة لأنكم قد تأدبتم بالآداب الإسلامية. ولكن أولادكم إذا لم يكونوا مهذبين ولم يتأدبوا بآداب الإسلام فإنهم لن يقدموا شيئاً للإسلام غداً، ولا يمكن لإنسان ليس لديه إيمان، لإنسان ليس لديه اعتقاد بالله، لإنسان ليس لديه اعتقاد بيوم الجزاء، أن يكون نافعاً لبلده، من الممكن أن يكون هناك شخص أو شخصان مفيدان، ولكن حديثنا حول عامة الناس.
نجاة البلد والشعب في ظل المعنويات
إن الذين يستطيعون حماية بلدهم، إن الذين يستطيعون إنقاذ بلدهم وشعبهم، هم الذين يملكون المعنويات. إذا لم تكن المعنويات وكان كل شيء مرتبط بالماديات، فحينئذ أينما كان العلف أفضل فإنهم سيذهبون وراءه حتى ولو كانت أمريكا هي التي أعدَّته. إن الذين خانوا بلدنا ونهبوا جميع ما نملكه لا فرق عندهم بين أن تكون أمريكا هي التي تقدم لهم الإمكانات المادية مثل السيارة والحديقة وغيرها أو أن يحصلوا عليها من طريق صحيح. لا فرق عندهم بين الطريق السليم وغير السليم. إنهم يريدون سيارة ولا فرق لديهم بين أن تصلهم عن طريق النبي أو أبي جهل. فلا شأن لهم بالوسيلة وإنما المهم عندهم هو السيارة. إن الذين خانوا بلدنا، وجروه للدمار، أولئك الذين كانوا يفتقرون الى الإيمان. ولو كان يوجد بينهم شخص واحد مؤمن لما كان قام بهذه الأعمال. إن الذين سرقوا ونهبوا وأفسدوا ما عندنا، كانوا لا شأن لهم بالإسلام ولا اعتقاد لهم به، ولا يعتقدون بما وراء الطبيعة، ولايعتقدون بالمعنويات. كانوا يقولون إن الحياة هي هذه الأيام القلائل. فليكن كل شي بشكل أفضل وأكثر رفاهية، وليحصل من أي طريق كان.
ضرورة اطلاع الجيل الشاب على المعنويات
إن البرنامج طويل الأمد لشعبنا هو أن يقوم المسؤولون عن تربية الأطفال المعلمون، الأمهات، الآباء، الأساتذة، الكتّاب والخطباء الذين يتعاملون مع الأطفال، يجب على هؤلاء جميعاً أن يقوموا بتوضيح المعنويات وتبيينها لأبناء الشعب، عليهم أن يطلعوهم على المعنويات. إن الأم التي تربي طفلها في حضنها تقع على عاتقها مسؤولية كبرى. وعملها أشرف الأعمال، ألا وهو تربية الطفل. إن أشرف الأعمال في العالم تربية الطفل، وتقديم إنسان إلى المجتمع. وهو ما كان وراء بعثة الأنبياء على مرّ التاريخ. فعلى مرّ التاريخ ومنذ آدم إلى خاتم الأنبياء، جاء الأنبياء لبناء الإنسان. إن عمل الأمومة شوّهه الأجانب في أنظارنا مع الأسف واصبح مبتذلًا، وجعلوا أمهات أطفالنا ينفصلن عن أطفالهن. لقد احطوا من هذا العمل لئلا يخرج من حضن الأم طفل سليم. وقاموا بأعمال شغلوا بها انتباه الأب عن التوجه لأولاده لئلا يقوم بتوجيههم وتربيتهم. وبعد ذلك هيمنوا على المدارس والثانوية، والأماكن الأخرى، كي لا يتخرج إنسان في هذه الدول. لأنه إذا كان هناك إنسان فإن يدهم سوف تُقطع. لا يريدون أن يوجد في هذا البلد إنسان مسلم سليم مؤمن، مؤمن بالله، يرى الشهادة فوزاً. لقد شاهدوا أن الذين قطعوا أيديهم هم هؤلاء الذين نزلوا إلى الشوارع نساء ورجالًا ينادون بالإسلام. إنهم يخشون الإسلام.
انتخاب النائب المعتقد بالجمهورية الإسلامية
تلك كانت خطتكم على المدى القريب، وهذا كان برنامجكم على المدى البعيد. قوموا أنتم بنقل هذا الكلام إلى إخواني وأخواتي وقولوا لهم بأن المسألة هي هذه، وأنه يجب أن يكونوا متحدين، فالقضية قضية جمهورية الإسلام.
ثم بعد ذلك وعندما تريدون اختيار من يمثلونكم، أي نوع من التمثيل لأي منطقة، فإنه يجب أن يكون الشخص معتقداً بالجمهورية الإسلامية ... فإذا كان هناك شخص قد اسودت جبهته لطول سجوده ولكنه لا يؤيد الجمهورية الإسلامية فإن مثل هذا لا يفيدكم. وإذا كان هناك شخص تعلمون أنه كان معارضاً للنظام المنحوس وكان معارضاً لأمريكا والاتحاد السوفييتي، ولكنه لا يؤيد الجمهورية الإسلامية فلا تعينوا مثل هذا ممثلًا عنكم. بل يجب أن يكون الذي تقومون بتعيينه ممثلًا عنكم معتقداً بالجمهورية الإسلامية، لا أنه أصبح يردد كلمة الجمهورية الإسلامية في هذه الأيام التي يريد أن يكون فيها نائباً!. كان هناك شخص يريد أن يصبح نائباً، كانوا يقولون إنه أصبح يصلي في فترة الانتخابات! لا ينبغي انتخاب مثل هكذا. بل لابد أن تكونوا على معرفة بوضعه، وأن يكون قد عاش بينكم، وتعرفون أن طريقه ومسيره هو طريقكم. إذا كان هناك فيلسوف خضعت كل الدنيا لسيطرته العلمية، ولكنه لا يؤيد الجمهورية الإسلامية فلا تعيّنوا مثل هذا الشخص.
[أحد الحاضرين: إننا نؤيد طريقكم بدمائنا، الحاضرون: أجل، أجل]
حفظكم الله تعالى وأيدكم ونصركم. وسوف نستمر في هذا الطريق جميعاً إن شاء الله.