بسم الله الرحمن الرحيم
من بركات الثورة تكاتف الفئات المختلفة
يا لها من فرص جيدة هيأتها لنا هذه الثورة. لقد كنا منعزلين عنكم أنتم العشائر، وعن عشائر إيران، وعن سائر طبقات الشعب الإيراني. كانوا قد عزلونا، عزلونا عن الجامعة، عزلونا عن الفئات الأخرى، عزلونا عن الجيش، عزلونا عن المثقفين، وعن العشائر. فلم يكن باستطاعتنا الاجتماع معاً وطرح ما ينبغي من المسائل، لتبينوا مشاكلكم ونبين مشاكلنا. إن من بركات هذه النهضة تهيئتها لهذه الفرص فنستطيع الالتقاء بكم ونتدارس همومنا معاً.
مفهوم «المستضعف» و «المستكبر»
لقد أشار أحدهم إلى المستكبرين والمستضعفين، فلابد لي من توضيح معنى «المستضعف» و «المستكبر» بقدر ما يسمح به الوقت. إن (المستكبرين) لاينحصرون بالسلاطين، لا ينحصرون برؤساء الدول، لا ينحصرون بالحكومات الظالمة، بل للمستكبرين معنى أعم من ذلك وأحد مصاديقه هم الأجانب حيث يستضعفون الشعوب ويتعدون عليها ويظلمونها. ومن مصاديقه أيضاً هذه الحكومات الجائرة والملوك الظلمة الذين يستضعفون شعوبهم ويظلمونها. وكنتم مبتلين بذلك على مدى أكثر من خمسين عاماً وكنا نحن مبتلين أيضاً وجميع الشعب كان مبتلياً بذلك. لقد استضعفوا الشعب فكانوا ينظرون إليه من منظار الاستكبار ويتعدون عليه ويظلمونه. لقد ذهبوا ولن يعودوا إن شاء الله. اليوم يوم قد منَّ الله تبارك وتعالى به علينا بالحرية والاستقلال، إنه يختبرنا بهذه الحرية والاستقلال. لقد منَّ علينا بالحرية لِيَر ماذا سنفعل بهذه الحرية، ومنَّ علينا بالاستقلال لينظر ما سنفعله بالاستقلال. هل سنكون من المستكبرين أيضاً أم من المستضعفين؟ كل فرد يمكن أن يكون مستكبراً ويمكن أن يكون مستضعفاً. فإذا تعديت على الذين تحت يدي حتى ولو كانوا بضعة أشخاص وظلمتهم، واستصغرتهم، استصغرت عباد الله، أكون مستكبراً ويكونوا مستضعفين. وأكون مشمولًا للمعنى الذي يتضمنه المستكبرون والمستضعفون. إنكم إذا استضعفتم الذين تحت سلطتكم وتعديتم عليهم لا سمح الله وظلمتموهم تصبحون مستكبرين أيضاً ويكون الذين تحت سلطتكم مستضعفين. فلا بد أن نرى كيف سنخرج من هذا الامتحان، كيف سنخرج من بوتقة هذا الاختبار؟ هل سنخرج مرفوعي الرؤوس أم منكسي الرؤوس؟ هل سنتعامل مع عباد الله بالشكل الذي أمرنا الله تبارك وتعالى به؟ الآن وقد أصبحنا أحراراً، فهل سنتخذ الحرية وسيلة لخدمة الخالق والمخلوق، أم نجعلها وسيلة لمخالفة الله والاستكبار على الناس؟
الامتحان الإلهي
لا يوجد أي فرق بيني أنا طالب العلوم الدينية وهؤلاء السادة أهل العلم وأنتم أبناء العشائر المحترمة والكسبة والعسكرين والإداريين والآخرين. إننا جميعاً مراقَبون الآن. مراقبة شديدة. إنه امتحان إلهي. إن النعم تكون أحياناً وسيلة للاختبار ليعمل الفاسدون الانتهازيّون عملهم ويستحقوا بذلك العذاب، ويعمل الشرفاء أيضاً أعمالهم الشريفة ويقوموا بخدمة أبناء وطنهم ليستحقوا السعادة. إنه أمر صعب جداً أن ننجح في هذا الامتحان الذي وضعنا الله تبارك وتعالى فيه. إن الأمر يحتاج إلى مراقبة شديدة لئلا نخرج من الامتحان لا سمح الله بنتائج سيئة. إننا إذا خرجنا من الامتحان بنتائج سيئة فمن الممكن أن ترتفع عنا رعاية الله فنفقد الحرية ويُسلب منا الاستقلال. إننا إذا عملنا بخلاف الموازين الإلهية واتخذنا هذه الحرية وسيلة للتعدي على المظلومين، فمن الممكن أن نعاقَب في هذه الدنيا. وآمل أن نجازى في هذه الدنيا ولا يؤجل جزاؤنا إلى العالم الآخر! فالعقاب في العالم الآخر لا يشبه هذه العقوبات! إننا لا نستطيع تصور تلك العقوبات. إذا كنا مذنبين، إلهي! إذا كنا مذنبين، إذا اتخذنا هذه الحرية وسيلة للتعدي على المظلومين ولو على شخص واحد، للتعدي على الذين تحت سلطتنا ولو على شخص واحد، إلهي! عذّبنا في هذا العالم، ولا تؤجله إلى عالم آخر.
قيمة أهالي الحدود والعشائر
أحبائي! اعزائي! إنني أعلم أن العشائر أينما كانوا، في المناطق الحدودية فإنهم يحافظون على الحدود. في الأماكن الأخرى فإنهم يقفون في وجه المفاسد. إنني أعلم أنكم أنتم العشائر كنتم مظلومين في عهد النظام السابق. نحن أيضاً كنا مظلومين. العلماء كانوا مظلومين أيضاً. الكسبة كانوا مظلومين أيضاً. من الذي لم يكن مظلوماً؟ إنني أقدّر أهالي الحدود والعشائر. كانوا يريدون ضرب العشائر لفتح الطريق أمام الأجانب. لقد نالوا وينالون جزاءهم. وسوف ينالون أيضاً الجزاء الأخروي الذي هو أشد الجزاء. إن علينا في الوقت الحاضر وقد وضعنا في بوتقة الامتحان ومُنحنا الحرية حيث حرَّرَنا الله تبارك وتعالى من قيود الاستعمار والاستبداد، فالآن وقد غدونا أحراراً ماذا سنفعل، وماذا يجب علينا عمله؟ لنحذر من أن نصبح في وقت ما في صف محمد رضاخان! فقد سلب الحرية من شعب بأكمله.
العدل والمحبة مع المرؤوسين
اليوم يوم الامتحان الإلهي. إنكم أقوياء، إنكم شباب، إنكم شجعان، إنني أشعر بالفخر عندما أرى هؤلاء الشباب الشجعان. ولكنكم أيها الشباب أنتم اليوم جند الإسلام. لقد كان النظام بالأمس نظاماً طاغوتياً، وكنتم تعيشون في الظلم وتحت ظل حكومة طاغوتية. أما اليوم فالحكومة إسلامية وتعيشون تحت ظل الإسلام، وأنتم جند وحرس للإسلام. وينبغي لحرس الإسلام الاحتراز عن كل ما يخالف الإسلام. إن الحراسة لا تعني حراسة الحدود فقط. الحراسة لها معنى واسع فكل واحد منا هو حارس بالنسبة للآخرين. إنه من الواجب عليّ أن أنصحكم وعليكم أن تنصحوني. أن أقول لكم إن اليوم يوم الامتحان فاسعوا لاجتياز الامتحان بنجاح. وأنتم أيضاً قولوا لي هذا الكلام. إنني أقول لكم تعاملوا مع المظلومين ومع الذين تحت سلطتكم بشكل جيد، عاملوهم بالعدل، أنتم أيضاً قولوا لي ذلك، فجميعنا مسؤولون: (كلكم راع وكلكم مسؤول) «1». إننا جميعاً مثل الرعاة وجميعنا مسؤولون عن هذه الرعاية. إنكم تعلمون أن الراعي يحب الأغنام التي يرعاها فيأخذها إلى الأماكن التي يكثر فيها العشب والماء. إن علينا أن نكون تجاه بعضنا وفيما بيننا كالراعي الذي يربي أغنامه بمحبة وشفقة ولا يؤذيها. نحن أيضاً لابد أن نكون كذلك. فلا ينبغي لأحد منَّا وقد غدا الآن حراً أن يتعدى- لا سمح الله- على الصديق الذي يقع تحت سلطته، أن يظلم الشخص الذي يقع تحت سلطته. إن التعدي والظلم أمور يحرمها الإسلام.
جنود صاحب الزمان (عج)
إننا جميعاً مسؤولون. لقد وضعنا الله تبارك وتعالى جميعاً، الشعب الإيراني بأسره في امتحان. فاسعوا إلى الخروج من الامتحان الإلهي موفقين. إننا نريد منكم أن تحرسوا هذه الحدود. فالبلد اليوم بلدكم. بالأمس كان الأجانب هم الذين يتصرفون فيه، أما اليوم فقد أصبح البلد إسلامياً، بلد رسول الإسلام، بلد صاحب الزمان سلام الله عليه، ونحن جميعاً جند له، فيجب علينا حراسة هذا البلد، كل واحد قدر استطاعته. يجب عليكم أنتم الشباب الشجعان المسلحون حراسة الحدود بمقدار ما تستطيعون، ونحن المتواجدين هنا جميعنا يجب علينا أيضاً حراسة المرافق المختلفة. فالبلد الآن بلدكم. وكما أنكم تتعاملون مع أهلكم بالمحبة فليكن تعاملكم كذلك، مع إخوانكم. إن هؤلاء إخوه لكم، وأفراد الشعب إخوة لبعضهم بعضاً.
الأخوة الإسلامية
إن الله تبارك وتعالى يقول (إنما المؤمنون إخوة) «2»، فهؤلاء إخوة، ولابد من التعامل معهم بأُخوَّة. ألاترون كيف أن أنفسكم لا تسمح لكم بإيذاء أخيكم، فإنه يجب عليكم أن تتعاملوا فيما بينكم ومع الآخرين بهذا الشكل. هذبوا أنفسكم، قوموا بتربيتها، إن لنا جميعاً في هذه الدنيا نهاية، أنا قبلكم ثم أنتم، لن نبقى، ما يبقى هو الحسن والقبيح. نَوّروا صفحة أعمالكم بنور الإسلام من خلال العمل بأحكام الإسلام لتكونوا سعداء أينما كنتم. فتكون قلوبكم هنا مبتهجة لأنكم قمتم بخدمة أمتكم، بخدمة الذين تحت سلطتكم، بخدمة بلدكم. وهناك أيضاً يكون الجزاء عظيماً لهذه الخدمة.
أنعم الله تعالة عليكم بالسعادة، ووفقنا وإياكم للصراط المستقيم.
والسلام عليكم جميعاً