بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة حفظ سمعة الإسلام
ليس المهمّ لديّ هذه الأموال، ليس ثروات الجُناة هذه، فإنّ ما اهتم به كثيراً هو أن إعلان الجمهورية الإسلامية جعل الناس يرون أنهم تخلصوا من شرّ النظام ويرون أن هذه الجمهورية إسلامية، يجب على شرائح الشعب كافة وعلى المسؤولين وخاصة رجال الدين الذين لديهم مسؤوليات أن يسعوا بجدية لمنع تشويه صورة الجمهورية الاسلامية بين الناس.وهذِهِ القضية على رأس الأمور كلها. ليست الأموال الشيء، تُحْمَل، تُؤكل، تُؤخَذ، أو يُعمل بها لِلمستضعفين، يحدُث ذلك طبعا. المهمّ هو كرامة الاسلام التي يجب السعي لحِفظها. حتى الآن كان الناس يرون حكومةً طاغوتيةً أفعالها كذا وكذا، وإذا ولّتْ هذِه الحكومة انتظر الناس حكومة إسلامية، إنهم يدركون جيداً بأنكم لا تستطيعون إصلاح كل شيء دفعة ولكن يجب على هؤلاء المسؤولين ألا يقوموا بأعمال تعرض الإسلام مثل حكومة طاغوتية.
ولو تساهلنا في الأمور أو تجاوزنا نهج الإسلام والحكومات الإسلامية، لكان ذلِك سبباً لظهور الإسلام فظّاً غليظاً في نظر العالَم، في نظر الشبّان غير المطّلعين عليه والطبقاتِ غير المُلِمَّةِ به الماماً صحيحاً، وهذه هزيمة تكسِرُ الإسلام إلى الأبد.
وأمسِ قُلت لعدد السادة الذين كانوا هنا: في ذلك اليوم الذي قد تتعرض صورة الإسلام للتشويه يضحّي علماء الإسلام بحياتهم. وهكذا كان الأمر في عهد معاوية وخلفه حيث كانا يقبّحان صورة الإسلام فيرتكبان الجرائم تحت عنوان خليفة المسلمين وخليفة رسول الله. ومجالِسُهم، أيّ مجالسَ كانت؟
هنا كان التكليف يقتضي أن ينهض كبراءُ الإسلام ويُعارضوا، ويُزِيْحُوا قُبْحَ تلك الوُجوه عن الإسلام، فربّما يحسبُ الغافلون خلافةَ الإسلام سيرةَ معاوية ويزيد، وهذا مايُلقي الإسلام في الخطر، وهو ما يجب الجهاد حتّى الشَّهادة من أجله.
التقيّد بالحدود والقوانين الشرعية
حتى الآن كافحت كل الطبقات- أسعدها الله وسلّمها- وهزمت تلك الطبقة الظالمة الجائرة الخائنة، وأزالت هذا النظام الفاسد. اليوم وبعد أن آلت البلاد الى الشعب والإدّعاء هو أن الحكومة إسلامية وأنها جمهورية إسلامية فالخطر شديد الآن، وهو لرجال الدين أشدّ، لأنهم يمثلون الإسلام .. يمثلون الأنبياء. وكذلك الأمر لبقية شرائح المجتمع. وهذا فريضة على كلِّ معتقدٍ بالإسلام وبالله في هذا الوقت الذي وَلّى فيه النظام الطاغوتي، وها نحن أُلاءِ ندَّعي فيه بنظام اسلامي وإنساني لا ترى فيه اللِجانُ والحرسُ والعامّة في أرجاء البلاد أنّهم أحرارٌ يفعلون ما يُريدون، ويسلكون كما يشتهون.
فإذا لم تعمل اللجان بالموازين الإسلامية، وإذا لم يتمسك رجال الدين الذين هم رأسُ الجماعة بالأحكام تمسكاً دقيقاً، ولم تجرِ الحكومة بِحكمة، ولم يَستقم الجيش ويجعل عمله على وفق الإسلام تَظهر للإسلام صورة قبيحة في الخارج عندها سيقال اليوم وبعد أن قامت الدولة الإسلامية، وحلّت الجمورية الإسلامية، يدخل حرس الإسلام مثلًا في بيوت الناس وينهبون، ماذا يفعل هؤلاء؟ قضية تحدُث تجعلهم يقولون: كل الحرس هكذا.
ولو حصلت قضيتان اندفع فيها الحرس إلى بيوت الناس، وغاروا عليها مثلا كانتا كافيتين أن يقولوا: إن قوات اللجان وقوات الحرس كلهم يقومون بالنهب. وإذا كانت في حي من الأحياء لجنة أو لجنتان وظهر منها سلوك مخالف للإسلام يكفي ذلك بأن يجعل الناس يقولون إن قوات اللجان ايضاً يفعلون هذه الأفعال إنهم كذلك. ولو حُبِسَ اثنان على خلاف الإسلام، لقيل: حَبْسُ الإسلام كحبس الساواك.
مسؤولو الإسلام في امتحان إلهيّ
نحن الآن جميعاً مسؤولون مسؤولية كبرى، فأنا الطالب الحوزوي مسؤول، والسادة الحاضرون الذين هم من مسؤولي النظام مسؤولون أيضاً، وكذا بقية الطبقات، مسؤوليتنا هي أن نسعى لإظهار أن نسعى أن نُظْهِرَ وَجْهَ الإسلام كما هو، لا ذلك الوجه الذي أظهره خلفاء مثل معاوية ويزيد وكثير من الخلفاء الأمويين والعباسيين، إذا كانوا يفعلون ما يُخالف الإسلام بدعوى أنهم ممثلوه، مما كان يسبّب أحياناً تغير وجه الإسلام في العالم. ونحن الآن في امتحان كبير، فالله يمتحننا فيما آتانا في هذا الوقت من قدرة، ليرى مانفعل بها؟ هل نحن مثلهم أيضا في صورة اخرى، أم لا، نحن نعمل على وفق الإسلام؟ المهم عندي هو أننا إزاء خطر اليوم. وخطر الشيوعية في العمل ليس كبيراً، ولا خطر الساواك، فهذان الخطران غير مهمّين. وذهاب أموال الملك السابق وعدمُه ليسا شيئاً مهما في نظري. وقصور الشاه المتعددة ليست أشياء مهمّة لنا. فالمهم هو أن يُحْفظَ وجه الإسلام على ما هو، ولا تظهر اليوم في صورة سيئة بعد أن آل أمره إليها.
الإساءة للإسلام جريمة لا تغتفر
أحياناً يقولون: فلان كذا، وهذا لا إشكال فيه. وأحياناً أخرى يرتكب بعض رجال الدين والعلماء- لا سمح الله- أعمالًا مخالفة للإسلام عندها سيقول الناس إنهم يمثلون الإسلام وممثلوا الإسلام هكذا إذن فالإسلام هكذا. إذا ارتكب أفراد اللجان الاسلامية في البلاد أعمالًا منكرة فإنها تسيء الى صورة الإسلام. وإذا حدث مثل هذا الأمر بأيدينا، فهو جرم لايغتفر عند الله- تبارك وتعالى- لأنه ليس كسائر الذنوب، إنه كبيرة من الكبائر، إذا خاطرنا بالإسلام بإظهاره على غير ماهو عليه.
طلب مسترحم
ولذا أطلب إلى الجميع جميع اللجان، جميع الحرس، جميع رجال الدين، جميع أهل المنبر، جميع أهل المحراب، جميع المسلمين بكمال العجز والتواضع أن تظهروا الإسلام الذي صار بأيديكم الآن مقلوبا. اعرضوه كما هو، فإن تعرضوه على ما هو عليه تقبله الدنيا زاداً طيّبا. أما إذا عرضناه على ما هو بعيد عنه اليوم- لا سمح الله- فهذا العرض يكون سبباً للقول: إنّ الإسلام هكذا. وبهذا نرتكب أكبر خيانة للإسلام.
وهذه وصيّة عامة مهمة لديّ يجب أن أقول للجميع: التفتوا كمال الالتفات ألّا تخطوا خطوة واحدة خلاف الإسلام، وانتبهوا أيَّما انتباه ألا يكون في اللجان التي بِعُهدتِكُم مَنْ يعملون خلاف الإسلام. وراقبوا كل المراقبة الدقيقة ألّا يخطو ناس بعنوان الإسلام أو المسلمين من رجال الدين وسواهُم خطوة واحدة يُظهرون بها وجه الإسلام- لا سمح الله- قبيحا، وهذا أهم عندي من كل شيء، ومسؤوليته أكبر. كلنا مسؤولون أن ننجز هذا الأمر بكل مالدينا من قدرة وبذاك النحو اللائق حتى لايُظنَّ أن الإسلام مثل سائر الحكومات الأخرى، ولكنّ أصحابه كانوا محرومين عن الحكم وعندما نالوا الأمر فهم كما نراهم.
وجوبُ إشراف الشعب على أعمال المسؤولين
هذه المسألة مهمة، وعلى السادة أن يلتفتوا، وكل الشعب مسؤول أن يرقب هذه الأمور. عليهم أن ينظروا حتى إذا حِدْتُ عن السبيل خُطوة زَلَلْتُها وجب على الشعب أن يقول: زَلَلْتَ عن السواء، فاحفظ نفسك. فالقضية مهمة تستوجب أن يراقب الجميع كل الأعمال المتعلقة الآن بالإسلام.
فإن رأوا لجنة- لا سمح الله- تعمل خلاف الإسلام، فيجب أن يعترض التجار. أقول: يجب أن يعترض الفلّاح ورجال الدين والعلماء، عليهم أن يعترضوا حتى يرتفع الزلل. إن رأوا- لا سمح الله- رجل دين يريد أن يعمل خلاف موازين الإسلام، فكلُّهم مكلّفون أن يصدوه، فاليوم غير الأيام الماضية، حتى في ذلك الوقت يجب أن يصدوه، لكنَّ صدَّهُ الآن أهم، فالأساس اليوم سمعة الإسلام فقد وصل إلينا الإسلام. فما نحن صانعون؟ فالمهم في رأيي اليوم هو هذا الأمر وإن كانت بقية الأمور تحظى بأهمية ولكنها تأتي في الدرجة الثانية من الأهمية. أما ماهو في الدرجة الأولى، أنَّ جميعنا جميع الطبقات يجب أن نلتفت كلنا، ونأخذ بقضية" كلكم راع" «1» التي علينا جميعاً أن نعمل بها. ليلتفت الجميع كي لا أقول أنا- والعياذ بالله- كلمة خلاف أحكام الإسلام.
فليعترضوا وليكتبوا ويقولوا لهم. أيها السادة أنتم وهؤلاء وأولئك الذين أصبحوا الآن في محطّ اهتمام الناس حيث يقولون إن هؤلاء يديرون البلاد سواء الحكومة أو المحاكم في أي مكان، لقد حان الوقت ليراقبوا أنفسهم، وأن لايزلُّوا قَدَماً واحدة، وأن يحفظوا الإسلام، ويَعْرضوا الإسلام على ماهو عليه. إذا رأوا- لا سمح الله- أحداً ارتكب باطلًا، فعليهم أن يُنكروه عليه، ويَجبهُوه باستنكارهم أن لِمَ فَعلْتَ هذا؟
عندما قال عمر على المنبر في صدر الإسلام: ماذا تفعلون إذا فعلتُ ما لا ترضون؟ فاستلَّ عربي سيفه، وقال: نقوّمه بهذا السيف. هكذا يجب أن يكون المسلم إزاء أيٍّ كان خليفة المسلمين أو غيره، فإذا رآه زَلّ عن السواء، سلَّ سيفه، ليستقيم من زلّ. إذا أردنا أن نحفظ الإسلام، ونظهِرَهُ مثالًا في العالم وأسوة، فإننا لا نبلغ ذلك بذهاب الشاه، ولاتستقيم بزوال الظالمين. ولئن ذهب الظالمون، وتسنَّحنا نحن مكانهم، وعملنا بما لدينا من قدرة، فنحن أيضاً اولئك، نحن ذلك النظام، نحن اولئك الظلمة.
وهذه قضية يجب أن يعلمها الجميع، أن يعلمها الشعب قاطبة وعلى رأسهم رجال الدين ومَن هم مرجع الأمور في كل مكان أن الدولة الإسلامية والجيش الإسلامي وجميع القوات المسلحة التي تقول كلُّها الآن: نحن إسلاميون خرجنا من ظُلمات الطاغوت إلى نور الإسلام. والقول وحده لافائدة فيه، فيجب أن يكون ذا مضمون. فالشرطة يجب أن تُغيّر وضعها الآن عمّا كان عليه، لا أن تغيِّر اسمها، ويبقى فعلها كما كان. وهكذا يجب أن تفعل البلديات وأفراد الجيش والوزارات والإدارات والسوق.
السوق يجب أن يكون إسلامياً، لا سوق سلب ونهب، لا سوق تهريب، أن يكون سوقاً إسلامياً يَرْعى أحوال الناس الذين تُرهقُهم البأساء، وينقذهم من سطوة منتهزي الفرص الذين يرفعون الأسعار أضعافاً مضاعفة: إن هذا كله ليس من الإسلام في شيء بل مخالف له. وبناءً على هذا فعلينا الآن وعلى أبناء الأمة كلهم من الصدر إلى الطَّرْف سواء كانوا في الأجهزة الحكومية، أو لم يكونوا، وسواء كانوا ممّن يُسيّرون الأمور في الأجهزة، أو لم يكونوا، علينا الآن جميعاً أنْ نجعل أعمالنا موافقة للإسلام. إننا ندّعي اليوم أن لدينا جمهورية إسلامية وبلداً إسلامياً، ونريد الآن أن نعرضه على الخارج على أنّ إيران قدوة لجميع الأرجاء يجب أن لايكون في وقت ماقدوة شيطانية ونغفل نحن عن ذلك، يجب أن تكون قدوة إسلامية، وهذا واجبنا جميعا.
إن شاء الله يوفّقكم كلّكم. وأشكر لكل السادة الذين جاؤوا لملاقاتنا من مكان بعيد. وآمل أن تصلح هذه الأمور إن شاء الله وتحدَّث أحد الحاضرين في الاقتصاد والإمكانات الاقتصادية، فقال الإمام: وقتي الآن قليل، وقتي قليل، يجب أن توافق الأمور الإسلام، فالثروة المخالفة للإسلام ستصادر وستحاسب.
وهذه العقارات التي قيل: تصادرها الدولة ولا يُدرى ماذا تفعل بها ليست أملاك الناس، وإنما هي أراض موات باعتها الحكومة السابقة دون أن تملكها، أو باعها ناس لايملكونها. هذا ما حصل، لا أنَّ أحداً أحيا أرْضاً، فذهبوا إليه، وأخذوها منه. هذا لايكون في الإسلام، فهو لايقبل أن يأخذ أموال الناس استجابة للأهواء. يجب أن تُصحّح أموال الناس على الحقوق الشرعية والموازين الإلاهية، فمتى ما طُبّقت الموازين الإلاهية استقامت الأمور كلها.