بسم الله الرحمن الرحيم
القيامُ لله لا يُهْزَم
آمل ان نكون جميعاً من هيئة القائم، وأن نعمل كلنا بما رسم لنا الإسلام والقرآن من وظائف تحت لواء حضرة صاحب الزمان- سلام الله عليه ونعطي المضامين صوراً حقيقية ونعطي الألفاظ مضامين حقيقية. ولعل هذا الوصف الذي ذُكِرَ لحضرة الصاحب- سلام الله عليه- بعد هذه الآية الشريفة (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى) «1». لعلها جاءت لهذا المعنى وهو أنه يجب القيام علينا كافة قياماً واحداً، فأعلى قيام ماكان قيام رجل واحد، وكل قيام يجب أن يلحق به، فيكون لله. فالله- تبارك وتعالى- يأمر نبيه الأكرم أن يعظ أمته موعظة واحدة هي أن قوموا لله (قل إنما أعظكم بواحدة). إن صاحب الزمان ينهض لله سبحانه وهذا الإخلاص الذي لديه لله تعالى لا يوجد عند الآخرين وعلى شيعة الإمام أن يقتدوا به في أن يقوموا لله. فإنّ العمل إذا كان لله لايبور و والنهضة إذا كانت لله لاتحور. فما كان لله إذا مرَّ بواره في الخيال، فإنه لا يبور في الواقع. فأمير المؤمنين- سلام الله عليه- حارب معاوية وهُزِم، لكن تلك لم تكن هزيمة. كانت هزيمة صورية لاحقيقية، لأنَّ حَرْبه كانت قياماً لله، والقيام لله لاهزيمة له فهو غالب حتى اليوم وإلى أبد الآبدين.
فلسفة ثورة عاشوراء
قام سيد الشهداء- سلام الله عليه- بعدد من أصحابه وذوي رحمِه ومخدَّراته بالثورة، ولأن قيامه كان لله دَمَّر سلطان ذلك الخبيث. قُتِلَ في الظاهر، لكنه قضى على أساس الملك الذي كان يُريد أن يجعل الإسلام مُلكاً طاغوتيا. فخطر معاوية ويزيد على الإسلام لم يكن في أنهما غصبا الخلافة، فهذا أقل من ذاك. خطرهما كان في أنهما كانا يريدان أن يجعلا الإسلام ملكاً عضوضاً. كانا يريدان أن يُحيلا المعنوية إلى الطاغوت، ويجعلاها نظاماً مستبدّاً بدعوى أنهما خليفتا رسول الله. هذا هو الخطر الذي كان هذان الاثنان يريدان أن يضربا به الإسلام، أو ضرباه بمالم يضربه به السابقون. كان هذان يرميان إلى اجتثاث الإسلام من جذوره، فكان السلطان والخمر والقمار في مجالسهما. خليفة رسول الله وفي مجلسه الخمر والقمار؟ وكان الخليفة يصلي ويؤم الناس في صلاتهم. هذا هو الخطر الكبير على الإسلام الذي رفعه عنه سيد الشهداء. لم تكن القضية غصب الخلافة، فثورة سيد الشهداء- سلام الله عليه- كانت ثورة على السلطان الطاغوتي الذي كان يريد أن يصبغ الإسلام- لو كان يستطيع- صبغة تُحيلُه إلى شيء آخر مثل نظام 2500 سنة من الحكم الملكي. الإسلام الذي كان قد جاء للقضاء على التسلط وأمثال هذه الأنظمة، ويقيم في الدنيا حكماً إلهياً، كان يريد أن يهزم الطاغوت، ويجعل (الله) مكانَه. كان أولئك يريدون أن يرفعوا (الله) ويجعلوا الطاغوت مكانَه، وتلك هي قضايا الجاهلية الأولى. فاستشهاد سيد الشهداء- سلام الله عليه- لم يكن هزيمة، لأنّ القيام لله ليس له هزيمة. يقول الله- تبارك وتعالى-: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ). فالرسول الأكرم واسطة، والله واعظ، والأمَّة متّعظة. والموعظة واحدة لا أكثر هي أن تقوموا لله عندما ترون دينه في خطر. فأمير المؤمنين كان يرى دين الله في خطر إذ رأى معاوية يقلبه، فقام لله، وسيد الشهداء ايضاً قام لله على هذا النحو. كلما رأيتم الإسلام في خطر قوموا لله، وهذه موعظة ليست لزمان دون زمان، فموعظة الله دائمة. في كل حين رأيتم أعداء الإسلام المخالفين للنظام الإنساني الإلهي يريدون قلب أحكام الإسلام باسمه، ويعملون على حطمِه باسم الإسلام، وجب عليكم القيام لله. ولا تخشَوا قائلين: ربما لا نستطيع، رُبّما نُهْزَم، فليس فيه هزيمة. عندما كنت في باريس كان جمع من أهل الخير يقولون: لم يعد ممكناً. وعندما لا يمكن ما الذي يجب فعله؟ يجب أن يكون قَدْرٌ مِن [الإمكانات]. قلت: نحن نقوم بأداء الواجب الشرعي، ولسنا ملزمين أن نتقدّم، لأننا لا نعلم، ولا قدرة لنا الآن على التقدم، لكننا مكلفون، وعلينا أن نؤدِّي تكليفنا، هكذا أدركتُ أن نُنْجز عملَنا. فإن تقدّمنا، فقد أدّينا تكليفنا الشرعي، وبلغنا غايتنا أيضا.
وإنْ لم نتقدّم، فقد أدّينا تكليفنا الشرعي، ولم نستطع بلوغ غايتنا، وأمير المؤمنين- عليه السلام- لم يستطعْ أيضا، فقد أدّى تكليفه، ووقفوا في وجهه، وقف أصحابه في وجهه، فما استطاع، وما هذا بشيء. طيِّب، نحن نستطيع أن نعمل قدر استطاعتنا. فإذا رأينا- أو رأيتم- نظاماً يحاول قلب الإسلام، ونشر الظلم باسم العدالة الإسلامية يريد أن يُعرِّف الإسلام هكذا، فيقف حيناً ويقول: لا علاقة لي بالإسلام. ومواجهة هذا أيسر تكليف للإنسان.
وآخر يطبع القرآن، ويزور سيد الشهداء والرضا- سلام الله عليهما- ويُصلِّي في العلن، ودعواه أيضاً: نريد أن نجري العدالة الإسلامية، نريد الإسلام، وحين يهتف نريد الإسلام يقلِبه كل القلب. هنا يكون التكليف مًشكلا، هنا حيث الإسلام في خطر إذ تمضي الدعوى في الخارج، وفي الداخل حيناً أيضاً، ولو وفِّق هؤلاء لَعَلَا هذا الصدى في الداخل أيضا أنْ هذا هو الإسلام، هذا هو نظامه. نحن قيامنا لله، وأنتم يجب أن يكون قيامكم لله، فحين يرى الإنسان دين الله في خطر عليه أن يقوم لله، وحين يرى أحكام الإسلام في خطر عليه أن يقوم لله، فإن استطاع أدَّى تكليفه وتقَّدمَ. وإنْ لم يستطع أدَّى تكليفه.
والتقية حرام أحيانا، فحين يرى الإنسان دين الله في خطر تحرم التقية عليه. في ذلك الوقت يجب أن يفعل ما يستطيع. التقية في الفروع لا في الأُصُول .. التقية لحفظ الدِّين، فحينما يكون الدين في خطر لا مكان للتقية، لامكان للسكوت، ولننظر الآن ما تكليفنا؟ حتى الآن أدَّيتم ماعليكم من تكليف اسلامي والله يُؤتي الجميع أجرهم. حتى الآن تعاضدتم، وأعطى رجال الدين والجامعيون والتجار والإداريون والعسكريون- فئة منهم طبعاً- أيديهم بعضهم إلى بعض، وهدمتم ذلك الحائط الذي كان قائماً بين الشعب وبين الإسلام وبين ما يجب أن يبلغه، أثابكم الله، لكن هل انتهت القضية الآن؟ أنحن مطمئنون الآن، ويجب أن يذهب كل منا لعمله، أم لسنا مطمئنين أيضا؟ هل مازلنا وسط الطريق؟ ما زلنا لم نطبّق معنى الإسلام وحقيقته في إيران. صحيح أنّنا صوَّتنا للجمهورية الإسلامية، لكنَّ الإسلام لا يأتي بالتصويت وحده، فإيران الآن رسميّاً جهمورية إسلامية بحسب رأي الشعب كله، إلّا أنَّ أحكام الإسلام يجب أن تطبّق فيها. ولا يكفي أن نقول جمهورية إسلامية وكل شؤونها غيرُ إسلامية، فما هذا بإسلام. فذلك السابق كان يقول بالإسلام، ومعاوية كان يصرخ بالإسلام، وكان يذهب إلى صلاة الجماعة، وَيؤُمُّ الناس. وخلفاء بني العباس أيضا كان بعضهم من الفضلاء والعلماء، وبعضهم أو كلهم يُصلّون جماعة ويلتزمون الآداب صورياً، غير أنهم كانوا يريدون أن يفرغوا الإسلام والقرآن من محتواهما. هؤلاء كانوا يريدون إسلاماً مفرغاً من محتواه مثل اليوم، فالإسلام من دون رجال الدين يعد فارغاً من محتواه. إنهم يُعِدّون للإسلام مضموناً غير مضمونه، ويعرضون إسلاماً آخر قائلين: نريد الإسلام بل يريدون الإسلام لفظاً دون المحتوى.
أُطروحة الاستعمار" الإسلام ناقصاً السياسة"
كان محمد رضا خان يقول: نحن نقبل الإسلام، وما كان ذهابكم إلى المساجد وصلاتكم فيها يُزعِجانِه، ولو أنّه كان يَضيِقُ بِهِما لأمر آخر. عندما هاجم الإنجليز العراق، واستولوا عليه سمعتُ أَنَّ قائدهم رأى أحداً يؤذّن فوق المِئذنة، فسأل عّمَّ يصنع، فقالوا له: يُؤَذِّن. فقال: أَوَ يَضرّ هذا الأمر بالامبراطورية؟
قالوا له: لا. فقال: لِيَقُلْ ما يريد. كانت صلاتنا وصيامنا لا يضرّان بالامبراطورية الإنجليزية، ولا يُؤثّران فيها أصلًا. اذهبوا وصلّوا ما شئتم، وصوموا ما أحببتم. أجل، فما يضرُّ بالامبراطورية هو الإسلام ومحتواه الواقعي الذي نُسِي مع الأسف الشديد. وسياسة الإسلام نُسِيت مثله أيضا، حتى إنها أصبحت عاراً هنا أن يقال الشيخ فلان سياسي. و" ساسة العباد" التي نقرؤها في الزيارة الجامعة إذا قيلَتْ لإنسان متظاهر بالتقوى لابُدَّ أن يُؤوِّلوها، إذ لايجرؤون على نعته بالسياسي، فهذا شيء جالب للعار أن يتدخل أحد في الحكم، لأنّ ذلك الحكم يجب أن يكون صحيحاً وممارسته سليمة. وهذا من دعايات اولئك الشياطين الذين كانوا يريدون أن يحفظوا قِشر الإسلام وصورته، وأنْ نُشغَل بهذه الصورة لا بالمحتوى. فهم يسعون أنْ يُنسى الإسلام الذي أهمّه القيام لله والنهضة له ومجابهة ظُلم الظالمين والحكم بالعدل. لنذهب ونعمل ما أحبَّت قلوبنا، نُصلّي ما شئنا. أما القضية التي لا تُقال، فهي مجابهة الطاغوت، فهذه لا تذكروها، واذكروا كل ماتُحِبُّونَ غيرها. أمَّا هي، فلاتُقال. الطموا صدوركم، لكنْ لا تعرضوا للسياسة بِبِنت شفة، الطموا مادام لطمكم بلا معنى. فيجب أن يكون اللطم على الصدور ذا محتوى.
الابتعاد عن الأعمال الجوفاء والاستعراضية
يجب أن تحتفلوا هذا العام احتفالًا ذا محتوى «2»، لا احتفالًا محضا، فالاحتفال المحض حسن لكنّه خال من الفائدة الواجبة للإسلام. يجب أن يكون الاحتفال لله، ولاسيّما احتفال من يقوم لله، ويجب أن يكون مظهراً من مظاهر القيام لله، فتُصدّ فيه المفاسد، وتُجتثّ فيه جذور الفساد الساري بين الناس اليوم، هذه الجذور التي تريد ألّا تدع هذه النهضة تتقدّم بأي شكل كان. الاحتفال الأكمل الأعظم هو الأتمّ دلالة، ويجب أن يختلف هذه السنة عن كل السنوات، فعليكم أنْ تتلافوا هذا العام كل ماسلف من النقص، فللوقوف وقت، وللهجوم وقت «3». كان ما أنجزتموه ذلك اليوم جهاداً، وما تنجزونه اليوم جهاد أيضا، لكن يجب أن تعوا (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) هو أن تكون النهضة، القيام لله. أي: أن يكون كل ماتعملونه لله، لا للاستعراض، كثير العَرْض، لكن ليس بهدف الاستعراض بل يكون لله تعالى. احفظوا محتواه بأن يبيّن لكم الخطباء الذين يحضرون مجالسكم القضايا بشكل صحيح.
السوق الرأسماليّ، والسوق الإسلاميّ
لم نبلغ الغاية الآن، فليست الجمهورية الإسلامية غير ألفاظ لا أكثر. طبعاً أَنْجَزُوا أعمالًا، لكن مانصبو إليه لمّا يحدث. فقد اخترنا الجمهورية الإسلامية، فولّى ذلك النظام، وحلَّ آخر، والواجب أن يكون كل شيء إسلامياً عندما تصبح شؤوننا كلها إسلامية نكون قد بلغنا الغاية، يكون فيه السوق إسلامياً، فسوق يشتري السلعة بتومان ويبيعها للفقراء والضعفاء بثلاثين توماناً ليس سوقاً إسلاميا، وسوق يتعاطى التهريب، ويبيع بأفدح الأثمان، ويتوخَّى هدم الاقتصاد الإسلامي ليس إسلاميا، أجل هذا ليس سوقاً إسلاميا. هذه أسواق يجب أن تكون إسلامية، تجب أسْلَمتُها، فسوق لا يلتفت للضعفاء والفقراء، والفقير بين يديه وهو لا يلتفت إليه ليس سوقاً إسلامياً. والشعب الذي يرفع القصور على القصور هنا، ودونه سُكّان الأكواخ هناك- إنكم رأيتموهم بأي حال، وحتماً رأيتموهم، وأنا أيضاً رأيتُهم. وبلاد هكذا يكون ساكنو الأكواخ فيها والشعب لا يهتم بهم ليست بلاداً إسلامية، وإنما هي صورة بلامحتوى.
الاقتداءُ بالإمام عليّ (عليه السلام) في جميع الأبعاد
نُقِل عن أمير المؤمنين- عليه السلام- شغله بعامَّة المسلمين وفكره بالجائعين، فكان يُعاني شظفَ العَيْش وشدّة الجوع خشية أن يكون أحد في الثغور الإسلامية أجوع منه. ذلك أميرُنا، هو سيِّدنا، إمامُنا، وما أكثر مانقول عنه إمامنا ولا نقتدي به! ليس لنا اقتداء في الأعمال أهذا هو معنى (الإمام)، في حين أنّ معنى الإمام والشيعة هو أن يتقدّمَهم، ويقتفوا أثره مثلما يحملون التابوت إذا ساروا جميعاً خلفه شيّعوه، وإذا سار التابوت في جانب وهم في جانب لم يُشيِّعوه. هكذا يجب أن يكون الشيعة أن يتّبعوا علياً- عليه السلام- ولا قدرة لنا طبعاً أن نكون مثلَه. لا أحد يمتلك هذه القدرة، لكن نتّبعه في الزهد والتقوى والانتصار للمظلومين ومساعدة الفقراء. لا نستطيع أن نعيش مثله، ولا نقدر أن نسير سيرته، لسنا قادرين على هذا. كان مُعْجِزاً جمع الأضداد كلها جميعا، وإنساناً فائق القدرة يضرب الرجل- على ما نقل- فيقدّه نصفين، يخوض الحرب من جانب، ويقتل فيها كل من كان للإسلام عدُوّا، ويأنس بالزهد والعبادة من جانب، فيقوم الليل مصلّيا متضرِّعا. والزاهد والعابد ليسا من أهل الحرب، والمحارب أيضاً ليس من أهل الزهد والتقوى وأمثالِهما. أمَّا عليّ- عليه السلام- فقد جمع الكل، ونحن لا نستطيع هذا، لكننا نستطيع أن نقتدي به اقتداءً ما، نستطيع مساعدة فقراء بلادنا ضعفائنا.
حصل في إيران تحوّل روحي جاء من غلبتكم للطاغوت وكسرِكم إيَّاه كَسْراً حيَّر الدنيا كلها على قولكم، وكان هذا التحول يفوق ذلك التحيّر. تجلَّى في إيران تحوُّل روحي جعل هذا الشعب الذي كان يخشى شرطياً ينصبّ في الشوارع شيباً وشُبّاناً هاتفاً: نحن لا نريد الملِك. كان يخشى الشرطيّ أمسِ، واليومَ أصبح هكذا. وهذا التحوُّل الروحي عطية من عطايا الله، فشعب كان يعمل ألف حساب وحساب في معاملاته خشية الزيادة والنقص صار يسلُك هذا السلوك الإنساني في برهة من الزمان مؤلّفاً بين أبنائه، حتى إنَّ أحدهم كان يقول: رأيت امرأة في المظاهرات حين كانوا يتظاهرون بيدها ماعون فيه نقود، فحسبتها فقيرة، حتى إذا وصلتها رأيتها تقول: اليوم عطلة، وهؤلاء الذاهبون الآن ربّما يريد بعضهم أن يتكلّم بالهاتف، وليس معهم نقود، فأعددت هذه النقود لهم.
هذا عمل صغير، لكنّه كبير جدّا. إنّه لتحوُّل فائق العظمة. في برهة من الزمان هي الوقت الذي كانت فيه الثورة والضغط عليها، الوقت الذي- على ماكنتُ أسمع- كان فيه هؤلاء السادة يمرّون في الشوارع يعبرونها تُبذَل لهم الرغائب من الأطراف والبيوت، يسقونَهم، يُعَطّرونهم، يطعمونهم. لقد نشأ حسُّ التعاون الإنساني في حال الثورة، وكانت عظمة هذه الثورة الروحية أكبر من عظمة تلك الثورة الواقعة في الخارج. ولو حفظنا هذه الثورة وحفظها السادة، لَعلموا أنّها أعظم الانتصارات كلها.
مخالفة الغلاء والتهريب للروح الثوريّة
احفظوا هذه الثورة الروحية، لقد حققنا الآن جانباً من النصر، وهو رفع الموانع، وقد سبق إضراب وقِلَّة دخل، فلا يجوز لكم أن تتلافوا ذلك، وتعوّضوا مِن إضرابِكم بنهب أموال الناس. فإن يحصل مثل هذا، تذهب تلك الروحية الإسلامية الإلاهية وإن تفقد تلك الروحية، نفقد النصر أيضا. هذا مايجب أن تحفظوه، هذا التحوّل الروحي يجب أن تحفظوه، ولايقولوا: انتهى ماكان، فكيف نستقبل مايكون. لا ينبغي أن يمضي كل إلى علمه، ويمارس كل كسبه بنحو يأتينا فيه الناس كل يوم كثيراً أو قليلًا يشكون الغلاء وارتفاع الأسعار وانتشار التهريب وتعاطي الهيروئين والخشخاش. فإن انحسر ذلك التحوّل الروحي الذي ساد في برهة من الزمان، واقتادكم إلى الأمام؛ إن انحسر هذا- لا سمح الله- عادت إليكم السيئات الأخرى، ورجعت عنكم عناية الله. عناية الله بهذا الشعب أعطتنا هذا النصر، لم يفعل أحدٌ منّا شيئاً، لا أحد، الله أكرمنا لاغيره، وكل الموجود منه، وهو أنجزه لنا. وعندما ظهر حسن التعاون بين الناس التفت الله إليهم برحمته، فالله- تبارك وتعالى- لطف بعباده الضعفاء، فبعد أن وُجد هذا الإحساس بالتعاون أعقبته الرحمة الإلهية. ورحمة الله هذه وعنايته هما اللتان أبلغتاكم هذا النصر، فاجتهدوا في حفظه. فإن حفظتموه كان لكم إلى الآبدين، وإن نفتقِدْه- لا سمح الله- فلن أعلم ما سيكون.
وأَملي أنْ يتِمَّ هذا الاحتفال «4» السنة أيّما تمام- إن شاء الله تعالى- والسادة سالمون سعداء بلطف الله السيد الإمام (المهدي) سالم إن شاء الله، وكلُّنا نتقدّم بهذه الثورة، لِنُقيمَ معاً جمهورية إسلامية بِمعناها الإسلامي في كل الأصعدة والله يُؤَيِّدُكم إن شاء الله.