بسم الله الرحمن الرحيم
مسؤولية العشائر وسائر الشرائح
لعلَّ احتياجنا الى العشائر- كل العشائر- هو أكثر من أي وقت مضى في القضايا التي نواجهها الآن، وذلك لأنَّ من مقاصِدهم في عهد رضا خان ألّا تكون العشائر مع الأسف، أي: مقاصد الأجانب، إذ أرادوا ألّا يكون لإيران وشعبها ظهير في الميدان الروحاني والسياسي والاجتماعي على حدّ سواء، ومن هنا كانوا يُخالفون كل هذه الطبقات، ويعارضون كل العشائر والفئات المقيمة في الحدود، ويواجهون رجال الدين في الداخل. إنّ ما نحتاج إليه الآن هو أن يهدأ بلدنا وتستقر أموره، وبذلك تتحقق كل مطامح البلاد وأهلها، فاستقرار البلاد رهن بتآزُرِ سكانها وأهمّهم العشائر. إذا اهتمّت العشائر، وهدَّأَتْ كل منطقة كانت فيها، ولم تدع من يريدون بثّ التفرقة ابتغاء البلبلة يُثيرون الخلاف، فإنها تنشر الاستقرار. ومن الجاهلين مَنْ يرتكبون أعمالًا مخلَّة بالشرف الوطني، فيجب على العشائر أينما كانت أن تصدّهم، ليحلّ الهدوء، وتدور عجلة اقتصاد البلاد الذي فهِمنا مع الأسف عند رحيل هؤلاء أنَّهم أَخربُوا كل شيء، ولم يدعوا لنا شيئا. نحن الآن محتاجون أن يحلّ الاستقرار، لتتيسر إعادة البناء وتعمير الخراب الذي ورثناه من العهد السابق. إن لم يكن الاستقرار وضجَّت البلاد بأجمعها، ووقع الاختلاف، وعجزت الدولة حينذاك عن تنظيم ما تريد. أمّا إذا حلّ الاستقرار، وتحقّقت الجمهورية الإسلامية- إن شاء الله- بهمَة الجميع بمعناها لا بالتصويت لها فقط، وتجلَّت الحكومة المستقلة في الواقع، وقامت أحكام الإسلام، فستعُمّ السعادة كل فئات الشعب، سعادة الدنيا وسعادة الآخرة أيضا. نحن على كل حال محتاجون إلى المساعدة، يجب أن نكون متعاضدين في هذه البلاد التي أخربوها وذهبوا، فنحفظ استقرارها أوّلًا، ثم نتعاون على بنائها.
تخريب الحكم الملكيّ للبلاد
معلوم أنّه لم يحصل الالتفات لكل مكان، لا تظنّوا أنّه لم يُلتفتْ لعشائركم، فكل عشيرة تأتي إلى هنا من كل مكان تحسَبُ أنّ محلّها أسوأ محلّ، فالبختياريّون يأتون ويتحدَّثون بهذا الأمر، وهو أنه لا مكان أشدَّ خراباً من ديارهم. ويأتي البلوش يصدَعون بهذا أيضا، وهكذا الأكراد. وقول الجميع صحيح، لأنّه لم يلتفت لأيٍّ من هذه الأمكنة. وقلتُ تكراراً: لأنّ طهران العاصمة، وفيها قوى الدولة كلها يريدون تقديمها، ففيها الآن ثلاثون محلَّة تستحقّ التعمير- في هذا الحدّ ظاهراً كما كتبوا لي- وهم سُكّان الأكواخ والخيام، وهؤلاء في طهران ولا شيء لديهم، لاكهرباء ولا ماء، ولا طرق معبّدة ولا صحَّة، ولا شيء لديهم، وهذا في طهران. وحدث هذا، لأنّ أولئك لم يهتمّوا بمصير الشعب، إذ كانوا يريدون أن يُؤمِّنُوا مصالِحهم ومصالح أمريكا وأمثال أمريكا.
من هنا لم يكن لهم أن يهتمّوا بحال الشعب أصلًا، ولم يكن مطروحاً أبداً لهم بأن الشعوب في بلادها شيء يذكر، إنهم أعطوا الأشياء التي يجب صرفها لهذا الشعب، فمضتْ لغيره، ولم تَعُدْ عليه قط. ولذا لا تحسبوا عشائركم ومواقعكم فقط لم يلتفتوا إليها، فما التفتوا لمكان ما، طهران هذا وضعها، والمدن الأخرى هذا حالها.
الحاجة الى الوقت للعمران والإصلاح
من بعض المدن الواقعة في أطراف الأهواز، وربّما في أطراف بهبهان كان يأتيني هذا وذاك ممن هم تجّار في الكويت وأنا في النجف يستجيزونني في صرف سهم الإمام في بناء مخزن ماء لمدينة كذا، أو قرية كذا، فهؤلاء ليس لهم ماء شرب، ويجب أن يجمع لهم المطر، وهذا يستدعي مخزناً يحفظ الماء على هذه القرية سنة. كان ذاك يقول: نساء هذه القرية يقطعن فرسخاً لجلب الماء من مكان يجدنه فيه، ويملأن منه جِرارَهُنَّ ويَعُدْنَ. فما كان هؤلاء يفكّرون بعمل شيء للشعب، أمّا الآن فهم مشغولون بهم، لكنَّ العمل مضطرب ولابَّد له من مُهلة ليستطيعوا إنجازه، وإلّا فالدولة مشغولة بهذا الأمر، ولديها خُطط لتحقيقه. فلتعبيد الطرق خطط قيد الإنجاز، إذ قال رئيس الوزراء الذي كان هنا توّاً: بدأ تنفيذها في أماكن مختلفة. وأنا آمل أنْ تنفق أموال هذه البلاد- إن شاء الله- على أهلها، وتستثمر منافعها لإصلاح أمورها كلها، وذلك حين يسود الاستقرار في وقت لم يعد فيه الناهبون ولا اللصوص.
رفع المنغصات بهمّة الشعب
يحفظكم الله أنتم العشائر ذخيرة البلاد، ونعمل جميعنا إن شاء الله بوظائفنا الأخلاقية والإسلامية، لئلّا ندع تلك الفئات تأتي وتُفسِدُ وهي تجول بين الشبان وتتحدث بما يخرجهم عن مسار الإسلام وبلادنا. وهذا الآن بيد وجوه العشائر الذين عليهم أن يكدحوا حيث ما كانوا قدر استطاعتهم لمنفعة الإسلام ووطنهم وشعبهم، وكلّكم موفّقون إن شاء الله. [أحد الحاضرين يقول: إن يتفضل الإمام، فنحن حاضرون أن نُرابِط في ثغورالبلاد في المناطق العشائرية] موفّقون- إن شاء الله- والحدود يجب أن يحرسها السادة الذين فيها، ولا يَدَعُوا غير الأسوياء الآتين من الخارج يرِدون البلاد، فعلى ما يقال: يرد من الخارج ناس وأسلحة ومخدّرات من قبيل الهيروئين والخشخاش ونحوهما ممّا يضرّ البلاد. والجيش الآن لا قدرة له، والشرطة أيضا، فالمسؤولون مشغولون بمنح القدرات لهما ولكنهما مع ذلك صامدان. وهذه المسائل يجب أن يحلّها الشعب نفسه الآن، فبلادكم ملككم الآن، وحين تكون بلادكم هكذا يجب أن تخدموا فيها خدمتكم لأسركم، وتُميطوا عنها الكدر، وتُزيلوا العراقيل.
موفّقون- إن شاء الله- مؤيدون- إن شاء الله.