بسم الله الرحمن الرحيم
الظلم البهلويّ الشامل
حسن أن يجتمع إخوتنا أهل السنة والشيعة في مكان واحد، وكلهم منزعجون من الوضع السابق، ويذكرون ما نزل بهم من المظالِم. ولستم وحدكم كنتم تحت الضغط والظلم، أو أنّ السادة العرب كانوا تحت الضغظ والظلم، فهذا ظلم كان عامّاً شمل البلاد كلّها بضغطِه. وإذا لم أقل كان أكثر في المراكز ومركز قم العلميّ خاصّة، فأنا لا أستطيع أن اصدِّق أنّ الآخرين واجهوا الأكثر، فالكلّ كانوا. ونحن نواجه الآن جماعات متباينة من أماكن شتّى، وكلّ جماعة منهم تُحِسّ وتعتقد أن الظلم في محلّها كان أكثر من غيره. أنتم أحسستم هذا الظلم وعاينتموه في دياركم. والسادة أيضاً أحسُّوا هذا المعنى في منازلهم ومراكزهم، ونحن أحسسناه في قم، وأحسّه أهالي طهران في طهران، وأهالي كل محلّة في محلّتهم. فكلّ جماعة وكلّ طائفة منّا كانت شاهدة ماجرى في موقعها، وسامعة لما جرى في غيرها، ومن هنا كان المشاهد أكثر مِن المسموع، لأنّه جَلِيّ لناظِره أكثر من سامعه. والواجب أن تعلموا أنّ كلّ البلاد كانت تحت الضغط. في ذلك العهد الذي أقدم فيه الأوّل «1» على جرّ الشعب إلى الضياع باسم كشفِ الحجاب أفرغ على قم من الضغط ربّما أكثر من الأماكن الأخرى. وكذا في طهران وكلّ الأماكن. وحين ورث ابنه السلب والجنايات هكذا كان. فهذه المفاسد والمهالك حلّت في كل مكان، وكانت مراكز الفساد في طهران أكثر من الأماكن الأخرى. فقد بذلوا فيها جهوداً كثيرة، ليمنعوا شبّاننا هذه القوّة الكبيرة من الوعي. وما كان هذا أمراً مختصاً بمكان أو اثنين، غير أنّكم كنتم تشهدون منه ما يجري في محلّكم، وترون ما كانوا يفعلون. وهكذا رأى السادة هذا في محلّهم عِياناً، وهكذا نحن عاينا ما فعلوا بهذا الشعب في محلّنا.
التصدي للخلافات المذهبيّة بين السنّة والشيعة
ونحن طبعاً ما استطعنا حتى الآن أن نقيم الجمهورية الإسلامية بذاك المحتوى الذي يجب أن تكون به. نحن الآن في عرض الطريق، وما فعلناه أنجزه شعبنا، وهو كفّ أيدي الجناة كفَّاً ما، وما زالت جذورهم طبعا. وهذه الجذور هي التي تمضي إلى السادة العرب، وتنفث فيهم أن هؤلاء يريدون التمييز بين العرب والعجم. ويجيئونكم يقولون: هؤلاء يريدون التفرقة بين السنّة والشيعة. وفي كلّ مكان ينفثون كلامهم الباطل. يذهبون إلى المصانع يمنعون العمال من الشغل بوسيلة، ويذهبون إلى الفلّاحين يثيرونهم بوسيلة أخرى. وجذور هؤلاء الآن متفرّقة في إيران كلها، وتتلقّى من الخارج مشغولة بالفساد.
وجوب الابتعاد عن الخلافات
تكليفنا اليوم جميعاً تكليفكم أيّها الإخوة أهل السنّة وهؤلاء الإخوة أهل التشيّع وكلّ أفراد هذا الشعب هو الالتفات إلى انشغال الأيدي بألّا تدع الإسلام يتحقّق بأساليب مختلفة. وإنّما تعدّدت الأساليب، لأنّ الأجانب توصّلوا إلى أنّ الإسلام هو الذي يحدّ مصالحهم، فإذا ساد أصبحت هذه البلاد إسلامية، وقصرت أيديهم عنها إلى الأبد. ولهذا اخترتم الآن الجمهورية الإسلامية جميعا، وكلّكم أعلنتم الوفاء لها. وهذا الوفاء أمر طبيعيّ، فالجميع يريد الإسلام، كلّنا نريد الإسلام. فانشغل هؤلاء الآن ببثّ الفرقة بين المسلمين، ولديهم الآن برامج ومقترحات كلها أو أغلبها أَلّا يدَعوا الجمهورية الإسلامية تقوم على ما يريد الإسلام. فعلينا الآن جميعاً أن ننفض أيديَنا من كل الخلافات الجزئية والشخصية وأمثالها من الشؤون الخاصّة. فأهل هذه البلاد أغلبهم غير راضين عن السابق، وما ارتكبت الجمهورية الإسلامية ما يغيظ قط، لكنّها ورثت ثقلًا ثقيلًا من المكدّرات والمزعجات. فليكن في بالنا الآن أنّ الجمهورية الإسلامية حلّت لتصلح الأمور، وترمّم الخراب، وعلينا جميعاً أن نساعدها، ولا ندع أولئك الذين يريدون البلبلة يبلغون غايتهم. فلو استطاع هؤلاء المُخرِّبون فعل شيء، وعجزنا نحن عن صدّهم، لَنَموا، وضعُفنا بالخلافات إذا ظهرت بيننا. والخشية أن تحدث قضايا شبيهة بالقضايا السابقة، أو أسوأ منها، فكلّنا الآن بناءً على هذا مكلفون أن نغضّ النظر عن المصالح الخاصَّة، ونصبر.
صدر الإسلام قدوتنا اليوم
أنتم الذين صبرتم نيّفاً وخمسين عاماً تحت الظلم، أي: لم تستطيعوا أن تنبسوا بكلمة اصبروا الآن سنة أو سنتين. تحمّلوا وساعدوا هذه الثورة، ولا تدعوا هؤلاء المفسدين يأتون ويفسدون بينكم بأن يقولوا مايعزلكم عن الآخرين، وذاك بأن يُحدِّثوهم بما ينفّرهم منكم، ولايجعلهم يتحابّون. فلنتآخَ جميعاً ونتحابّ، فكلّنا مسلمون، وكلّنا أبناء شعب واحد، ولنكن يداً بيدٍ لترتفع كلّ هذه الفوضى والقلق. وأنتم تعلمون أنّه إذا قام الإسلام، تحققت تلك المعاني التي كانت في صدره من المساواة وقطع أيدي الظلمة، وكلّها ستتحقق إن شاء الله. أسأل الله- تبارك وتعالى- توفيق جميع السادة وتأييدهم. وآمل أن يستطيع هذا الشعب أن يطوي الطريق إلى السعادة والسلامة.