بسم الله الرحمن الرحيم
دعاية عملاء أمريكا
هذه الفئات المشغولة بتسميم الجامعة ووسائل الإعلام والزراعة وكل مكان باسم حبّ الشعب والانتماء إليه هي باصطلاحها شيوعية. وهي نشِطة، وأنا أظُنُّها أمريكية، فالأمريكيون يصطنعون في كل مكان شيئا، وفي البلدان الإسلامية يصنعون الشيوعية وشبه الماركسية، وأيديهم خلفها على ما أظُنّ.
يجب أن نسأل أنصار الشيوعية: أكان الاستفتاء الذي اختار به الشعب الإسلام مخالفاً للشيوعية؟ إذا كان مخالفاً للشيوعية أن يذهب النظام الامبراطوريّ، ويحلّ محلّه النظام الإنسانيّ الإسلاميّ، فأنتم تريدون الامبراطورية الزائلة. وعليه، فأنتم لستم شيوعيين، بل أمريكيين، ولذا تريدون نظاماً تابعاً لأمريكة. وإذا كانت نتيجة الاستفتاء غير مخالفة لمصلحة الشعب- وهي كذلك والجميع يعلم أنّها كذلك- فلماذا تُخالِفُونها؟ لماذا أحرقتم صناديق الاستفتاء؟ لماذا صددتم الناس عنها بالأسلحة؟ ولماذا قاطعتموها؟ إذا كنتم أنصار الشعب، فيجب أن تختاروا ما يختار. أَما كان الشعب يريد الاستفتاء؟ أما شارك فيه تسعة وتسعون بالمئة مشتاقين؟ وأنتم جميعاً تعلمون أنّه جرى في وضع شارك فيه حتّى المرضى والمعوقون، وبعضهم ماتوا في أماكن بعدما ألقوا آراءَهم في الصناديق. وبلغني أنّ أولئك الذين ما كان يحقّ لهم إعطاء الرأي مثل الفتيان الذين كانت سنّهم دون السنّ القانونية كانوا غير مرتاحين. واجتمع عِدّة منهم، فتحدَّثت إليهم، وواسيتُهم. حَسَناً، ماذا جرى لهؤلاء السادة الذين هم أنصار الشعب، فخالَفُوهُ فيما أجمعَ عليه؟ هل الزراعة مخالفة لمصلحة بلادنا وشعبنا؟ إذا لم تكن الزراعة، ففي جيب مَن يصبّ نفعها؟ يجب أن نحسب هذا، ليتبيَّن شأن هؤلاء السادة. فعندما كان الفلّاحون يريدون أن يبذروا، كان هؤلاء يذهبون ليمنعوهم عن هذا العمل. وعندما أخفقوا في هذا، والفلّاحون الآن يريدون أن يحصدوا ذهبوا إليهم، ليمنعوا الحصاد. إذا كانت زراعتنا بلاحاصل، فهل هذا لمصلحة الشعب، أو لعدمها؟ هل مصلحة شعبنا في عرقلة زراعتِنا وبقائنا محتاجين لأمريكة في كل شيء؟ لِمَنْ هذه الخدمة، ألأمريكة، أم للاتّحاد السوفييتيّ؟ إنّها لأمريكا. وهؤلاء إمّا أن يقولوا: نحن على نهج الاتحاد السوفييتيّ، أو على نهج الصين، ونحن تبع الشيوعية الصينية، وإمّا أنّهم أمريكيّون على ما نقول.
الإصلاح الزراعي دسيسة أمريكية
الجميع يعلمون أنَّ ما نزل بزراعتنا، أي: ما أنزله الملك بها، وهو الخيانة التي ارتكبها باسم الإصلاح الزراعيّ، فقد أتلف زراعتنا، وأتاح لأمريكة أن تنتفع بما فعل. وذهبت أمريكة بمقدار، والصهيونية بمقدار. ولو كان هؤلاء الشيوعيون- على اصطلاحهم- شيوعيين ماركسيين واقعاً، ويحزنون لشعبهم ويألمون له- والموجودون ليسوا كذلك، فهم يكذبون- لأبصَروا الحق. ولنفرض الآن أنّ هؤلاء- على ما يدّعون- يحزنون لشعبهم ويألمون، ويريدون أن يخدموه، فهل الخدمة أن يأتينا ما نحتاج إليه من الحنطة والشعير والرزّ والعدس وكل أشيائنا من أمركية؟ وأمريكة تحرق هذه الأطعمة هناك، أو تُلْقِيها في البحر، لكثرتها، وقد جاءت بالإصلاح الزراعي لتهدم زراعتنا. وأرسلت للدكتورالأميني الذي كان رئيس الوزراء في ذلك الوقت- وكان يبعث إليّ أحداً أحيانا- أنْ أنت نفسُك صاحب الزراعة، أنت نفسك مالِك، وتعلم أنّ الأوضاع إذا اضطربت على هذا النحو لا يستطيعون أن يُديروها. ونحن الآن نسأل هؤلاء السادة الذين يدورون لِئلّا تأخذ الزراعة مجراها: لمن يذهب نفع الزراعة إذا تعثّرت؟ كلّنا نعلم أنه يذهب إلى جيب أمريكا. فأنتم إذن من عملاء أمريكا، وإن كنتم لستم منهم، فاعملوا أن تكون الزراعة فعّالة، حتّى لا يذهب نفعها إلى جيب أمريكا.
البلبلة في الجامعة خدمة لأمريكا
نأتي للجامعة لنسأل: هل لمصلحة الجامعة ألّا يدرس شبّاننا؟ كلّ يوم يدخلون الجامعة، ويعقدون اجتماعاً استعراضيّاً يثيرون فيه البلبلة كي لا يدرس شبّاننا، لمصلحة من هذا؟ أهو لمصلحة بلادنا؟ هل إذا جاءت جامعتنا، وعملت عملًا صحيحاً لمصلحة شعبنا، أو لضرره؟ وأنتم إذا لم تدعوا الجامعة تعمل، لمن تكون الفائدة؟ هذا إيضا لمصلحة الخارج، فمثلما لم يدع أولئك العملاءُ الجامعة تسير سيرها الصحيح، لنبقى محتاجين للخارج، وأيدينا ممتدّة لغيرنا، جاء هؤلاء ليؤدّوا ذلك العمل، لنبقى محتاجين للخارج في أمورنا كلها. والآن وجدنا بلاداً، وقطعنا عنها أيدي الآخرين، وصار عُمّالنا يستخرجون النفط لنا، وأنتم تذهبون إليهم تُحرِّضونهم ألّا يستخرجوه، لمصلحة من هذا؟ وحين نجلس لندرس كل عمل من أعمال هؤلاء نجد أكثرها لمصلحة أمريكة.
خلق الإضطرابات بين العمّال ومؤامرة تجزئة إيران
فأنتم بناء على هذا تعملون لأمريكة باسم شيوعي وماركسيّ أو باسم" توده" «1». لستم ناساً غير عقلاء، لتعملوا لأمريكة عبثا. لا، أنتم عقلاء، لكنهم يملأون جيوبكم ممّا يقدّمونه لكم، لتقفوا إزاء المصانع، وتقولوا: عطِّلوا، فنحن نعطيكم أكثر مما يعطونكم. من أين تأتي هذه النقود، لتذهبوا بها، وتقفوا إزاء المصانع، وتقولوا للعمّال: نحن نعطيكم نقوداً أكثر، ولا تعملوا ونحن ندفع أجوركم؟ من أين تأتيكم هذه النقود؟ فأنتم لا تملكون شيئاً تعطُونه، أنتم بلا شيء، ولو كنتم تملكون شيئاً، لَما مارستم هذه الأعمال. من يعطيكم هذه النقود كي لا تدعوا المصانع تعمل؟ إن كان مَن يعطونكم هم الروس، فأنتم تابعوهم، وأنتم عملاء الأجنبي. وإن كان من يعطونكم هم الإنجليز، فأنتم على ذلك النحو. وعلى ظني أنّ مَن يعطيكم هو أميركا. فأنتم حين تذهبون، لتعطوا النقود كي لا يعمل العامل، وأنتم أنفسكم بلا نقود، وهذه النقود تأتيكم من الخارج. وحين جاءت من الخارج ذهبتم إلى حدودنا التي نريد حفظها من الأجنبي، لتكون بلادنا مستقلّة غير مجزّأة، ذهبتم ووقعتم بأطرافها، ورحتم تسعون لتجزئتها بكل وسيلة. هل أنتم خدم هذه البلاد؟ إذا كنتم خدمها، فكيف تريدون أن تُجزِّئُوها؟ لمصلحة من هذه التجزئة؟ لمصلحة إيران؟ لمصلحة شعبنا، أو لمصلحة الآخرين؟ وأنتم من أيّ مكان تتناولون القضية تجدون أيدي هؤلاء مبسوطة، وهذا يجب أن يقال، ويكتب ويُذاع.
مجابهة المتآمرين
أيّها السادة، أنتم قعدتم، ليأتي حفنة من الشيوعيين إلى الجامعة، ويستولوا عليها. أَوَ أنتم أقلّ منهم؟ أنتم أكثر عَدَّة منهم، وأعلى حُجّة أيضا. وعندما تقولون هذه القضايا تستطيعون أن توضحوا خيانة هؤلاء في ذلك المكان، في الجامعة. تستطيعون أن تبيِّنوا خيانتهم، لينفضُّوا خاسئين. قفوا، تحدّثوا، قولوا لهؤلاء: هلموا واحداً واحدا، وتحدّثوا، لنرى ما أنتم؟ أجئتم تثيرون الشغب في الجامعة؟ ما تريدون أن تعملوا؟ أتريدون أن تعلّمونا درسا؟ أنتم بيّنوا عملكم أوّلًا وما أنتم في هذه البلاد؟ هل أنتم أهل هذه البلاد، أو عملاء الأجنبي وتلصقون أنفسكم بنا؟ قفوا أيّها السادة قولوا، ويجب أن يحضر الجامعة متكلّمون طبعا، وأنا أقترح أن يحضر السيد علي الخامنئي، ويمكنكم أن تذهبوا إليه، ادعوهُ عنِّي ليحل محل الشيخ المطهّري، فهذا جيّد جدّا، لأنه رجل بصير، ويستطيع أن يتحدَّث ويُقنع.
خاطرة عن الشهيد المدرّس
على كلّ حال أساس الفعالية هو أنتم أنفسكم. فالمرحوم المدرِّس- رحمه الله- كان رجلًا قال فيه ملك الشعراء: منذ عهد المغول إلى الآن لم يجئ رجل كالمدرِّس إذ كان يقول: اضربوهم حتّى يشتكوا ضدكم، لا أن تُضرَبوا فتشتكوا. وذهبت إليه- رحمه الله- إذ كتب إليّ أخي «2» أن اذهب إلى السيد مدرِّس في مدير غلات رضا شاه هنا، وقل له: هذا رجل فاسد لديه كلبان سمَّى أحدهما السيّدَ، والآخر الشيخَ. فاطلب منهم أن يُخرجوه من هنا. فذهبت إليه، وأخبرته الخبر، فقال: اقتلوه. قلت: كيف نقتله؟ قال: أنا أكتب" اقتُلوه". قلت: أنت لست آمِراً هنا، أنت من السكّان هنا، والناس هناك لا يستطيعون. قال: كيف كنتم تبعثون من يتصدّون لقافلة تأتي من كلبايكان تريد العبور إلى كمرهْ «3»، ويسلبونها، والآن لا تستطيعون قتل رجل واحد؟ ماذا حدث؟
الأحزاب عملاء أمريكا
هؤلاء يحتاجون الى الصَّفْعَ والقَمْع، وأنتم الكثرة الكاثرة، وحجّتكم الباهرة، وخيانتهم ظاهرة تستحقّ الصدْعَ بها، فاجتمعوا واكشفوا عنها. وإذا رأيتم عميداً أو استاذاً شيوعيَّاً، أخرجوه من الجامعة. لا أقول: حاربوهم، فما نريد حَرْبَهم، ومتى انتهى بهم الوقت، أخرجناهم من الجامعة. أمّا الآن، فلا شأن لنا بهم، إلّا أخذهم باللين فيتحدّثون وتتحدّثون، ولا تنتظروا أن يتحدَّث عنكم أحد، أن يتحدث عنكم عالم دين. أنتم تحدثوا معهم وناقشوهم. حادثوهم كلمة بكلمة، وانتبهوا كلّكم جميعاً على كلّ ما يفعلون يجمعكم القول لهم: لِمَ تفعَلُ هذا؟ مَنْ تتبع فيما تفعل؟ أَو أنت إيرانيّ وتفعل هذا، أم أمريكيّ أم سوفييتي؟ إمّا أن تعمل لأولئك، وإمّا أن تعمل لإيران. إن كنت تعمل لهم، فلا مكان لك هنا، فاذهب إليهم، واعمل لهم. أنت تعمل لهم، والعلَّة واضحة، وهي أنّ النفع الحاصل من عدم الزراعة في ايران يصُبّ في جيب أمريكة، والجميع يعلمون هذا. ونحن الذين ترد أشياؤنا من أمريكة لتنصبّ في هذا السوق الذي أعدّه الشاه لأمريكة، وأنتم الآن في هذا المسير تريدون استعادة ذلك النظام، ولا تريدون أن يظهر نظام صحيح، لأنكم تابعون.
أهل الإسترخاء في خدمة مصالح القوى الكبرى
تريدون أن تُعدّوا لنا تلك الأجواء، فقد عانينا، وبذل الشعب من الدِّماء، وتَجشَّم الصعاب، وكنتم قاعدين تتفرَّجون مثل كثير من النخبة القاعدين جانباً يُشاهدون. لقد انطلق شبّاننا من الجامعة وجنوب المدينة ونحوهما، وأنجزوا المهمّات، وحين تمّت الأعمال انصبّ علينا هؤلاء من وراء الحدود بوثائق إيرانية لا ندري أصحيحة أم غير صحيحة. كانوا في الخارج جاء أكثرهم الآن ليثيروا الشغب والاضطراب والفوضى. جاؤا للبلبلة، لا أنّهم يريدون نظاماً ذا نزعة ديمقراطية- على ما يقولون- لأنهم يخالفون الإسلام، لا ليست هذه قضيتهم، إنّما قضيتهم أنّهم يريدون الوجود الأمريكيّ بأيّ نحو، فإن لم يكن النظام الامبراطوري، فأيّ نظام آخر يخدم ذلك الوجود. والآن ولّى النظام الامبراطوريّ، ولو استطاعوا أن يعيدوه، لفعلوا، ولكن هيهات. فصاروا بصدد ذريعة أخرى تنصبّ فيها منافع هذا الشعب المعذّب في جيب الأمريكيّين، وناهبي النفط نَهْبا. هؤلاء عملاؤهم أولئك يعملون لهم ما يستطيعون، والدليل على هذا ماذكرنا من أفعالهم. فهم يهتفون: المدرسة، المدرسة. أيُّ مدرسة؟ المدرسة الماركسية؟ أهذه المدرسة المهزومة الواقعة بيد الصبيان؟ إن كانوا يقولون حقّاً- لكنّهم لا يقولون- فالقضية ليست قضية مدرسة، وإنّما هي قضية مصالح، فهؤلاء لا ينشدون غيرها، وأولئك يُوفّرونها عليهم أحسن توفير، ولذا يتمسّكون بخدمتهم. وإلّا لِمَ يقفون في وجه شعب يهتف عالياً: نريد كفّ اليد الأجنبية عن هذه البلاد. هل هذا ينفع شعبنا، أو يضرّه؟ إذا كان هذا نفعاً لشعبنا وأنتم شعبيّون وتريدون الخير لهذه البلاد، فساعدوا. نحن نريد قطع أيدي الأجانب، وقد قطعت- والحمد لله- فساعدوا ألّا تعود، ولا تفعلوا مايتيح لها أن تعود. والمساعدة هي أن تذهبوا إلى المصانع، فتبعثوها على العمل، وتدفعوا عمّال النفط لاستئناف عملهم، فاستخراج النفط لمصلحتكم أنتم. ومن المساعدة أن تشجّعوا الفلاحين أن يزرعوا، وتشجّعوا الجامعة أن تواصل مسيرتها. أنتم تُشاغبون في كل مكان، فأنتم مشاغبون إذن، لا علماء مثلًا تريدون أن تعلّمونا شيئا، بل أن تعبثوا. هؤلاء خذوا على أيديهم، واجهوهم بالحقائق، واكتبوا في الجامعة وانشروا، واذهبوا إلى المخالفين واحداً واحداً، وقولوا لهم: أنتم هذا شأنكم، ماذا تعيدون علينا؟ كيف تريدون أن تُديروا الجامعة وأنتم فوضويون؟ لا يستطيع فوضويّ لصّ أن يدير الجامعة.
وجوب الثبات والتنوير في خندق الجامعة
إذا لم تواصل الجامعة مسيرتها، فعملنا باطل، فكل الأمور بيدها، أي: أنّ جميع مقدّرات البلاد في قبضة هذين القطبين: الجامعة وعلماء الدين. فالجامعي سواء القديم أو الجديد بيده تحل المسائل كلّها. فهؤلاء هم قوّة البلاد، فإذا فترت الجامعة، وذهبت من أيدينا، فقدنا كل شيء. وهنا قضية، وهي أنه يجب ألّا تقعدوا أنتم وأعمل أنا، ولا أن أقعد، وأدعكم وحدكم. يجب أن نضع نحن كلانا يداً بيد، فانجز ما أستطيع، وتنجزوا ما تستطيعون. أنتم شبّان، فقفوا إزاءهم و تحدَّثوا إليهم، أوضحوا لهم. من يستطيع منكم الذهاب إليهم هناك يفعل، اذهبوا إليهم، اجتذبوهم، ادعوهم إلى الجامعة. لا تقعدوا، حتّى أعيِّن لكم. طبعا أنا أرى السيّد «4» صالحاً لهذا الأمر، لكن لا تقعدوا، حتّى أدعوه لكم. ولا ينبغي أن يكون امرءاً واحداً بل ادعوا كلّ مدّة أحداً. اجتمعوا في تلك الجامعة، وادعوا أحداً من السادة الذين يحسنون الكلام، ويجذبون القلوب، ليتحدّثوا إلى أولئك، وما هم بأهل حديث، فما يحسنون غير البلبلة. وأنا آمل على كل حال ألّا تيأسوا، وأن تتقدّموا مقتدرين، وتصلحوا جامعتكم مطمئنين. وكلّما رأيتم أستاذاً منحرفاً، ذهبتم إليه وكلّمتموه. لاتتشاجَروا، بل تحدّثوا، قولوا: أنتم كذا، ولا تستطيعون ورود الجامعة أيّاً كنتم رئيس الجامعة أو أستاذاً فيها. وإذا كان هناك قضايا أستطيع أن أخدمكم فيها، فأنا خادم اؤَدِّي ما عليّ. وإذا كان لابدّ من الرجوع إلى جهات معيّنة في شيء مما ذكرتم، فاكتبوا لي في ورقة هنا، لأكلِّمهم فيها، كي تُحلّ.
[هنا تحدَّث أحد الحاضرين بجهاد البناء في الأرياف، فقال الإمام:]
بلى، هذا جدير بالتأييد، لكن بنحو مقيّد، وقد قلت لمن حضروا عندي في هذا الشأن: يجب ألّا يسمح بالعمل في الأرياف لمن هبّ ودبّ باسم الدولة، وإنّما يختصّ به الموثوق بهم، فيختارون له من يعرفون، فلو ذهب فريق من هؤلاء إلى قرية وهم منحرفون، لَحرَفوها. فيجب أن ينتخب لهذا الملتزمون، ومن يوصف بالنزاعة. وهذه خدمة للمجتمع، مشروع حسن لبلادنا.
خطر الأجانب المطّلعين على الإسلام
أجل «5» مصيبة هؤلاء أسوأ من أولئك، فحين يجيئُك مَنْ تعرف، فشأنه معلوم. فأيّام كنّا صغاراً كان في خمين شخص يُدعى:" الامير مفخَّم" وكان وجيهاً من البختياريين ورئيساً في تلك المناطق. كان يقول عن أحد الأمراء باسم (الأمير حشمت) وهو أحد عمداء تلك المنطقة ومن أبناء الملوك: إنه ظاهر العداوة وظاهر الصداقة ووضعه معروف، ومن الأمراء، وهذا معلوم الحال، معلوم العداوة والصداقة. أمّا فلان الصديق ظاهِراً وهو يقصم الظهر، فهو الخطر. فحال الأصدقاء في الظاهر أعقد من حال غير الأصدقاء، فهؤلاء معلومو الحال، وندري ما نعمل. وأنا لا أقول الآن بهذا، ولا أستطيع أن أرى صحّته. إلّا أنّ هؤلاء الذين يضعون القرآن على ما يشتهون أعقد حالًا من أولئك، وفيهم ورد الحديث" فليتبوّأ مقعده من النار" «6». وهذا هو التنبّؤ لمن يفسّر الإسلام برأيه، ويعمل على خلاف ما ينصّ القرآن. وهؤلاء حالهم أعقد من حال غيرهم لتشبُّثهم بالقرآن.
القرآن ونهج البلاغة وسيلة للنفاق والنفوذ
عندما كنت في النجف جاءني أحد هؤلاء «7» قبل أن يظهر المنافقون، وكان يحضرني عشرين يوماً، أو حوالي أربعة وعشرين يوماً. كان يزورني كل يوم، وقد حضر في يوم من الأيام وتحدث حوالي ساعتين عن نهج البلاغة والقرآن، وافضى بكل ما عنده، فخطر لي أنّ كلامه على نهج البلاغة والقرآن وسيلة لأمر آخر، ولعلّه ذكّرني، بل ذكرتُ فعلًا ما قاله المرحوم السيد عبد المجيد الهمداني لذلك اليهودي.
إذ ذكروا أنّ يهوديّاً في همدان أسلم، وتمسَّك بآداب الإسلام تمسُّكاً بعث السيد عبد المجيد الذي كان أحد علماء همدان على سوء الظنّ به، فاستدعاه يوماً، وسأله: أتعرفني؟ قال: نعم. سأل: من أنا؟ قال: السيّد عبد المجيد؟ قال: هل أنا ابن الرسول؟ قال: نعم. قال: ومن أنت؟ قال: كنت يهودياً، ووالدي يهوديان، وأسلمت توَّاً. قال: هذه هي المسألة، وهي أنّك الآن أسلمت وابواك يهوديّان، وأنا سيِّد وابن الرسول وأسرتي دينيّة، وأنت أبصر منِّي فما الأمر؟ وسمعت أن اليهودي ولّى لمّا سمع هذا، أي: أنّه أدرك أنّ مكرَهُ قد انكشف، إذ أرادَ أن يبلُغ بإسلامه غاية أخرى، وهذا في طباع اليهود. وانقدح لي أنني أنا الحوزوي ما كنت أقرأ القرآن ونهج البلاغة كثيراً مثلما كان ذاك الذي كان يأتيني عشرين يوماً أصغيت إليه فيها، وما أجبته، وقد جاء ليأخذ منّي تأييداً، لكنّي استمعتُ إليه، ولم أنطق بكلمة، إلّا عندما قال:" نريد أن نقوم بثورة مسلَّحة" قلت له: ليس هذا أوانها، وإذا فعلتم، تفقدون قوّتكم، وما تنالون شيئا. وما قلت له بعدُ أكثر من هذا، وقد كان يطمح أن اؤيِّده، وتبيَّن فيما بعدً أنَّ الغاية هي هذه.
الفطنة وعدم التأثّر
وبعد مجيء أولئك السادة أوصاني بهم قوم من إيران أن أيِّدْهم، فهم ناس كذا وكذا، لكنني لم أثِق، حتّى إنّ أفاضل محترمين من طهران كانوا قد وثقوهم توثيقاً، غير أنّي لم أطمئن.
فهؤلاء الذين يتمسّكون بالقرآن ونهج البلاغة والدِّيْن فوق المألوف، يؤوّلون الآياتِ وأحاديث نهج البلاغة عن معانيها، لا يمكننا أنْ نثق بهم. وهؤلاء بعثيو العراق كهؤلاء يستشهدون بكلمات نهج البلاغة، ويكتبون فيها، ويخُطّون في لافتاتِهم، وينشرون هذه الكلمات نفسها. هؤلاء البعثيون الذين لاصلة لهم بهذه الأمور أصلًا يكتبون تلك الكلمات، وينشرونها على جدران النجف وفي شوارعها. أنا لا أستطيع أن أقول في هؤلاء، فربما كان فيهم سالم، أو غير مقارف للخطأ، لكننا لا نستطيع الاعتماد عليهم، فلا تتسنّى الثقة بهم.
[وسأل أحد الجامعيين سماحة الإمام: كيف يكون موقفنا من هؤلاء؟ فأجاب رحمه الله-:]
موقفكم هو ألّا يكون وُدِّياً محضاً، وما يجب طردْهم طبعاً، ولا مشاجرتُهم.