بسم الله الرحمن الرحيم
قضية الدستور ومجلس الشورى وعرقلة الشراذم
وقتي ضيّق والهواء حارّ وأنتم أيّها الأعزّاء في الشمس والمكان ضيّق ضاغط، ولابدّ أن احدِّثكم بعدّة قضايا، بعض القضايا الأساسية التي تقوم عليها القضايا الأخرى، وهي التي يرتبط بها حفظ الإسلام واستقلال البلاد، فإذا تحقّقت هذه القضايا وجبت متابعة قضايا أخرى. نحن الآن مبتَلَون بسلسلة قضايا أساسية يرتبط بها الإسلام واستقلال البلاد. يجب أن نوظِّف أنفسنا جميعا وقدرتنا كلها في هذه القضايا الأساسية حتى إذا امتلكنا إيران مستقلّة، وأقمنا الإسلام تابعنا القضايا الفرعية، وسنحلّها إن شاء الله. والقضية القائمة الآن هي الدستور وتأسيس مجلس الشورى، وهما مقدّمان على سائر الشؤون. وهنا مساع لئلّا نخطو الخطوة الثانية مثلما سعوا ليمنعوا حصول الاستفتاء على أصل الجمهورية. فئات مختلفة وجذور النظام السابق الفاسدة وعملاء الأجانب الفَسَدة جَدّوا بعدما هُزموا وقُبِرَ الحكم الشاهنشاهي المنحوس ألّا يَدَعُوا الجمهورية الإسلامية تتحقّق. بدأ عملاء الأجانب بعرض المشاريع، وخلقوا العراقيل. فَمُخطّطوا الأجانب وضعوا الخُطَط، وجذور النظام السابق الفاسدة أقاموا العَقَبات، قاطعوا الاستفتاء، وأحرقوا صناديقه في أماكن من البلاد، ومنعوا إعطاء الرأي في بعض الحالات، لكنّهم خابوا خيبةً لانظير له في التاريخ. هُزم هؤلاء حتى الآن هزيمتين لا نظير لهما في التاريخ، أو أنّهما قليلتا النظير. أولاهما هزيمة النظام أمام الشعب مع كل ما كان لديه من القدرة، وكل ما له من إمداد القوى الكبرى. وهذه الهزيمة لاسابقة لها في الدنيا إذ غلب فيها شعب بيد خالية، شعب لا يملك شيئاً، غلب نظاماً له كل شيء. طبعاً قوّة الإيمان قوّة الإسلام هي التي أوجبت هذه الغلبة. فعندما كانت القوّة الإسلامية التأمت الشرائح كلها علماء الدين والجامعيون والعسكريون، وهدموا ذلك المعقل الكبير والسدِّ الحصين هذه هي قوّة الإيمان. والخطوة اللاحقة الاستفتاء. مخالفونا عارضوا الاستفتاء، وعرقلوه، لكنّ شعبنا تقدّم بقوّة الإيمان، فالاستفتاء الذي جرى في إيران لا سابق له في إيران، ولا في بقيّة الأماكن. بهذا العِشق والمحبة والحبّ والتضامن نلتم 99 وأكثر، أو 99 بالمئة في هاتين الخطوتين النصر لكم، والخذلان والفضيحة لمخالفيكم.
وحانت الخطوة الثالثة، وبدأت الخلافات أيضا، وراح جنود الشياطين يجتمع بعضهم إلى بعض بمختلف الذرائع، الذرائع المختلفة التي كانوا يتذرّعون بها سابقا. والآن إذ أصبح الدستور بين أيدي الناس، ليقترح كل منهم مايراه مناسباً، ثمّ ينظر فيه نوّاب الشعب المنتخبون برأيه، ويدرسوا جميع الموضوعات المقدّمة مِن جميع الطبقات والحقوقيّين بحسب الاصطلاح، وتُستَعرَض كلها، وإذا كان في القانون المدوّن نقص يُرْفع، وإذا كان عليه إشكال يُتلافى. ويريد المتذرِّعون المهزومون في تلك المراحل أن يخربوا في هذه المرحلة. استيقظوا أيّها الإخوان، واعرفوا أعداءكم، فهم يريدون ألا يصادق على الدستور على ما يحكم به الإسلام. يجب أن ينظر فيه الحقوقيون الغربيون. نحن نريد أن نكتب القانون الإسلاميّ، والغربيون يأتون لينظروا فيه، هُم أو المتغرّبون. نحن نريد حقوقيين إسلاميين، فهؤلاء الحقوقيّون لا يعرفون الإسلام، فما هذا؟ طبعاً بعضُهم.
حديث للواثقين بالغرب
عموماً أقول من باب أنّ أولئك الذين بين طبقات الشعب ولهم مطالعات إسلامية، احدِّث أولئك المتأثّرين المتغرّبين: أيجب أن نأخذ قانوننا الإسلامي من الغرب؟ أمِن المتغرِّبين نأخذ؟ يجب النظر: من له صلاح لذلك، أيّ حقوقيين يصلح للنظر في دستورنا؟ نحن نريد أن تتحقّق الجمهورية الإسلامية، وأن ندوِّن قانونها الإسلاميّ، أيجب أن نبقى وراء هؤلاء الحقوقيين الغربيين؟ إذا كانوا؛ المثقفون الذين لا معرفة لهم بالإسلام، ولا يدرون ما هو الإسلام كلّما أردنا أن ندوّن دستور جمهورية ديمقراطية، أنتم أيها السادة الحقوقيون، أيها السادة المثقفون الغربيون لكم أن تَرَوا رَأيكم. أمّا إذا أردنا أن نكتب القانون الإسلاميّ، أو نطرح قضايا الإسلام، فلا صلاحية لكم. فأنتم غير مطّلعين على الإسلام، وتقولون: إنّه لا يُلائم العصر، وذلك لأنكم لا تعرفونه، ولا تعتقدون بأنَّ قانونه من الله. والله محيط بكل شيء في كل عصر، والقرآن كتاب كل عصر، وأحكام رسول الله لكل زمان. وأنتم غير مطّلعين لا على القرآن ولا على السنّة، ولا على الإسلام، ونحن لانجيز لكم التدخُّل في المعقولات. بلى لكم حقّ أن تنظروا في الشؤون الإدارية والتنفيذية. لكنّ الأساس هو أنكم لاتريدون أن يكون دستور إسلاميّ. أنتم تخشون الإسلام، ولكم الحقّ، فالإسلام أغلقَ باب انتفاعكم، وأخرج أصدقاءكم من إيران. الإسلام بعث الجُناة الذين هم رفاق عدَّة منكم إلى الجحيم. وأنتم تخشون الإسلام، وحقّكم أن تخشوه، لكن شعب الإسلام شعب إيران لا يمكن أن يَتَّبع هوى أنفكسم، لا يمكن أن يهجر القرآن، ويقبل القانون الغربيّ، ولا يسمح لكم أن تتدخّلوا في أمر غير مطلعين عليه وتجهلونه. اطّلاعكم في حدود القضايا الغربية، تعرفون قوانين الغرب، وما قرأتم القرآن إلى الآن، ولا أعني الجميع فبين هؤلاء إسلاميّون وقارئون، إنّما أعني الذين يقولون: لا فائدة من الإسلام، أعني أولئك الذين يقولون: إنَّ الإسلام لأربعة عشر قرناً خلتْ.
الميزان رأي الشعب
نحن لا نسمح لمن لا اطّلاع لديهم على قوانين الإسلام وروحِه، ولا يعلمون ماذا سيكون إذا تحقّق الإسلام لا نسمح لهم أن يتدخّلوا في هذه الأمور. بلى، لا حقّ لهم أن يرفضوا الإسلام كما فعلوا. هم مختارون، لكن ليس لهم أن يقولوا: لا نريد مجلس المؤسسين الصغير، نريد مجلس مؤسسين مؤلّفاً من خمس مئة شخص أو ست مئة. لا يَتَذَرَّعُوا. ما مجلسُ المؤسّسين؟ أليس ناساً ينتخبهم الشعب ليجلسوا وينظروا في القانون؟ يجب حتماً أن يكونوا ستَّ مئة أو سبع مئة ليشملكم العدد. إذا عيَّن الشعب خمسين ممثّلًا له، أليسوا وكلاءه؟ أليس هذا المجلس مجلس مؤسّسين؟ بعد التحقيق في الدستور رُفع الى الخبراء الإسلاميين، إلى العلماء الإسلاميين، إلى العلماء الملتزمين، إلى ممثّلي الشعب، ثمّ نُعِيدُه إلى الرأي العامّ، فرأي الشعب نفسه هو الميزان. وإذا كان لمجلس المؤسّسين شأن، فلأنّه المجلس المبعوث من هذا الشعب، أيعدَمُ الشعب نفسه الرأي، ويتمتَّعُ به وكيله؟ يالهذا الغَلَط! أنا لا يحقّ لي التصرُّف في مالي، ويَحقّ لوكيلي؟ أنتم لا يحقّ لكم الرأي، ويحقّ لوكيلكم! الوكلاء لهم حقّ لأنهم وكلاؤكم، وإلّا ما حقُّهم؟ ماحقّ إنسان أن يَرَى عن 35 مليونا؟ ماحقّ خمسين نسمة أو ستِّ مئة أن يروا عن 35 مليوناً؟ هذا الحقّ من أجل أنكم تريدون أن تَرَوا، فرأيكم ميزان لرأي الشعب. فالشعب نفسه يرى حيناً، ويعيّن مَن يرى عنه حينا. والحالة الثانية صحيحة، والأولى هي حق الشعب نفسه. أأنتم بذلتم الدّماء والحقوقيّون يُعيِّنونَ واجبكم؟ أنتم أنفسكم تعيّنون الواجب، أنتم هذا الشعب هؤلاء المحرومون، الجامعة، شبّان الجامعة المحرومون، شبّان المدرسة الفيضية المحرومون، هؤلاء الشبّان المحرومون في الجيش، هؤلاء الشبّان المحرومون في السوق، هؤلاء الشبّان المحرومون في المصانع والمزارع، هؤلاء يجب أن يَرَوا. دَعوا الأباطيل، وخافوا الله، ولا تسخروا من الشعب.
استفتاء الشعب بشكل مباشر
أيجب أن نتبع الأطروحات الغربية حتما؟ أليسَ لنا حاجة بالإسلام؟ أنحن متّبعو الغرب في كل ما يقول؟ الغرب حتى الآن على هذا المنوال الذي كان، ونحن مُبتَلَون به حتّى الآن أكثر من خمسين عاماً أكثركم أو بعضكم يذكرون وأنا من هؤلاء البعض ونيّفاً وعشرين عاماً أكثركم يذكرون أنّ كل خططنا فيها كانت غربية. بلاءاتنا كانت من الغرب. وتريدون استعادة تلك البلاءات أيضا؟ وأن يكتُب أولئك الدستور أيضا؟ وأن يرى أولئك؟ المتغرِّبون يَرَون! الميزان أنتم. وذاك الذي يرتضيه هؤلاء ولو أنّ فريقاً منهم يكذبون أي: الدكتور مصدّق عندما حصل أمر لا أذكرُه الآن جاء ووقف بجانبي، وقال: أنا أخاطبُ الشعب نفسه، ولا شأن لي بالنوّاب. الممثِّلون صوت الشعب، وأنا أخاطبهم. نحن نريد رأيكم أنتم أنفسكم. وإذا لم يكن هناك نواب أصلًا فإننا نعتبركم الميزان.
ولخفض التهامُس قلنا: ليكن مجلس ما، سَمُّوه أنتم مجلس المؤسِّسين إذا كنتم ميّالين للغرب كثيراً. إذا كنتم تميلون كثيراً لجذب الشعب إليكم سمّوه مجلس المؤسّسين، وإلّا فإننا نحتاج الى الشعب نفسه، فالقاعدة كانت أن نكتب القانون، وننشره في البلاد كلها، ويراه الشعب كله، ثم نقول لهؤلاء: أتريدون هذا أم لا؟ نستفتي. ولأنّكم تتحدّثون بالثقافة كثيراً نُسالِمكم شيئاً ما مع أنّكم كلّما سالمناكم سُؤْتم أكثر. نحن نقول: الشعب نفسه يُعيِّن أفراداً ينظرون في هذا الدستور الذي كُتِب. فيعرضون آراءَهم وأفكارهم خالفت القرآن أو وافقته، غايتها أننا لانستطيع أن نقبل مخالف القرآن. وأنتم خلف هذا أيضا، وهذا ما تفعلون. سَمُّوا هذا المجلس مجلس المؤسّسين، ونحن بعدئذ نراه مجلسَ ممثّلينا، ونعرفكم وكلاءنا. نحن خدمكم [هتاف الناس: يحيا الخميني].
لماذا إهانة الشعب؟
يقول السادة: الشعب لا اطّلاع لديه، وأنا أقول: أنتم لا اطّلاع لديكم، فإذا كان اطّلاع الشعب قليلًا، فإنّ اطّلاعكم أقلّ منه. فالمرادُ هنا المعلومات الإسلامية ومنكم من لا اطّلاع لديه أصلًا. منكم من لا يعلم عدد الصلوات. لماذا شعبنا لا اطّلاع له؟ لماذا ترون شعبنا ضعيفاً إلى هذا الحدّ؟ لماذا تُهينون الشعب؟ ما حقّكم؟ شعبنا لديه كل شيء. إذا كان الإسلام فقط عيبا، فأنتم على حقّ. شعبنا مسلم، وأنتم لا تقبلون الإسلام، فشعبنا لا يعرف شيئاً، لأنّه إسلاميّ! والإسلام شيء مخالف لكل العلوم، هذا هو كلامكم. فكّروا في أقوالكم قليلًا، وتعقّلوا في أموركم، ولا تدعوا الشعب يضيق بكم. النظام السابق حمله على الضيق. تعقَّلوا قليلًا، واعترفوا بالإسلام بشيء من الحق، وأقرّوا للمسلمين بشيء من الحق، اعترفوا لإخوانكم بشيء من الحق. القضية الأساسية التي يجب أن نلْتفت إليها أنت العسكريّ، وأنا طالب الدين، والمراجع العظام والعلماء الأعلام والجامعي والكاسب والفلّاح والإداري والموظف هي القانون الأساسيّ الذي نريد أن نقيمَ به الإسلام. وأيّدتم قانوننا الأساسيّ برغم أولئك الذين لا يريدون أن يكون، وتمّ إن شاء الله وانتخبتم مجلس الشورى حُرَّاً خلافاً لهذه الخمسين عاماً الماضية، صوَّتم تصويتاً حُرَّاً وبعثتم وكلاءكم، وعيَّنتم رئيس جمهوريتكم- إذا ما قالوا: لا حقّ لكم، نحن الغربيين يجب أن نعيِّن لكم رئيس جمهوريتكم!- أنتم أنفسكم عيّنتموه. وعلينا بعد ذاك أن نتابع القضايا الثانوية ونقدّمها. وأنا أعلم أنّ لكم مشكلات، ولنا نحن مشكلات. أنتم تعلمون أنّ في الجيش إشكالات، ونحن نعلم أنّ فيه إشكالات وفي الإدارة والوزارة والسوق والمحلّات والمدارس. مدارسنا أيضاً فيها إشكال. أمّا الآن، فما يجب أن ندع ما يجب إنجازه معاً، ويدع كل منّا مسيره. فأجيء أنا مثلًا إلى صفوف المدرسة، فأرى عددها، ومستوى الدرجات فيها، وعدد تلاميذها. وأنت تذهب تقول ما في الجيش من إشكالات، وما يلزمه من شورى أو شيء آخر، فالتشتّت مخالف لمسيرنا الآن. كونوا شعباً متكاتفاً. ولا تأتوا باختلاف الأمزجة إلى الأمام، فعلينا الآن جميعاً أن نتابع هذه الأعمال. لأضرب لكم مثالًا: لو حدثت زلزلة- لا سمح الله- وخرّبت المدينة هل يصح أن أقعد في المدرسة أقرأ، وأنت تذهب تستعرض في الجيش؟ لا، يجب أن نهبّ جميعاً لننقذ المصابين بها.
نكبة التغرب أسوأ من نكبة الزلزال
بلادنا اليوم متغرِّبة، والتغرّب أسوأ من الزلازل، ففي هذه البلاد اليوم من لا يريدون أن يقوم الإسلام فيها، يخدعون طائفة من المسؤولين يريدون أن لا يتحقّق الإسلام. واليوم ليس وقت هَمْهمة بأنّي لا أريد القسم الفلاني، وأريد القسم الفلاني. اليوم وقت أنْ تتآزروا، وتقولوا نريد الإسلام مثلما قلتم، وتقدّمتم به. لا تأتوا بإشكالاتكم الآن، دَعُوها لما يأتي، دعوا الإسلام يتحقّق، دعوا البلاد تصبح بلاداً، وبعدئذ ننظر كيف يجب أن يكون جيشها؟ وكيف يجب أن يكون طالبها الدّيني؟ وكيف يجب أن يكون كاسبها. أنا أيضاً أعلمُ أنّ في كل مكان إشكالًا، لكنّنا الآن منكوبون بالزلازل، منكوبون بالتغرب، وعلينا أن نتعاضد، ونتمّ هذا الطريق الذي وصلنا فيه إلى هنا، فنحن في وسط المسير، ما زال بين أيدينا شِعاب يكمن فيها اللصوص، اجتزنا شِعْباً منها أو اثنين، وما زال اللصوص فيما بقي من الشِّعاب. على كل حال يجب أن نتعاون جميعاً، ونجتاز بقية الشعاب، فإذا اجتزناها ووصلنا المنزِل نستريح ثم نتناول الإشكالات. ألتمس الجميع واقبِّل يد الشعب الإيرانيّ الذين يريدون أن يُقدّمُوا الإسلام.
وجوب طرد المتغرّبين من الجامعات والمحافل الثقافية
هذه الطبقات الجامعية الطلبة الجامعيون والمحامون والمثقّفون في منأى عن هؤلاء البضعة نفر من عملاء الغرب وعملاء محمد رضا، فمعشر المحامين ليسوا جميعاً متغرّبين، بل فيهم مَن يطرح هؤلاء المتغرّبين جانباً. أحدهم ذهب والباقون يذهبون أيضا. والمثقّفون أيضاً المثقّفون الإسلاميّون يعتزلون المثقّفين المستوردين، يُقْصون المتغرّبين، وهم ليسوا بكثير، لكنّ تطفّلهم زائد، فئة ليست كثيرة وادّعاؤها يتسم بالإفراط. والطبقة المثقّفة الملتزمة إسلاميا نفسها يقذفون هؤلاء الذين يظهرون بينهم يُهمهمون، ويريدون ألّا يدعوا الأعمال تتقدّم، هؤلاء المثقّفون الإسلاميون الملتزمون يبعدون أولئك لله وللإسلام وللإستقلال وحفظ الحرية. يتظاهرون بالتماس الدعاء، ويذهبون إلى أوربا، فينغمسون في الفجور مثلما كانوا. والآن جاؤوا مجمع المحامين المناهضين للإسلام الواجب إقصاؤهم، ليس الجميع، فمن المحامين ناس أسوياء صلحاء، أكثرهم. أمّا هؤلاء الذين يتطفّلون، فيجب أن يَرْمُوهم جانباً، ويُخرجوهم، مِن مجمعهم.
انزعاج الواثقين بالغرب من عالم الدين والجامعيّ الصالحَين
يجب أن تكون جامعتنا التي هي مركز لصنع الإنسان، يقظةً ويستفيق الطلبة الجامعيون الملتزمون بالإسلام الذين بذلوا دماءَهم للإسلام، ونشطوا من أجله، فبين هؤلاء الطلبة الجامعيّين حفنة معلومة يتوغّلون في الجامعة الآن، ولا يريدون للإسلام أن يظهر. لا أنّهم يريدون أن تصلح الجامعة، لا، أولئك يخافون صلاح الجامعة. رحم الله المرحوم الفيض القُمِّي- رضوان الله عليه- كان في هذه المدرسة الفيضيّة قرب هذا المكان الذي كان فيه حوض ماء زمانَ رضا خان قال: ما يعيبني؟ هؤلاء يريدون أن يعزلوا الصالح عن غير الصالح. هم كانوا يريدون أن يمتحنوا امتحانات يقضون بها على علماء الدين، وهو وثِق بأنهم يريدون أن يضعوا الصالحين جانباً، ويخرجوا الطالحين، فقلت له: هؤلاء يخشون الصالح، يخشون عالم الدين الصالح، ما خوفهم من الطالح؟ الطالح موجود مع الصالح ملازم له، وهؤلاء يخشون الصالح. وعلى الجامعة أن تصلح نفسها، أن يصلح الجامعيّ الصالح نفسه. هؤلاء الذين أتوا الآن ويريدون- على ما يقولون- أن يصلحوا هم يخافون إصلاح الجامعة. هؤلاء يخشون أن يكون في الجامعة إنسان يلطمهم على أفواههم في وقت ما. هؤلاء يخشون أن يكون في علماء الدين مَنْ يلطمهم على أفواههم. يخشون الإنسان، ولا يخشون الدمية.
المواجهة الاستدلالية
هؤلاء لا يريدون للجامعة أن ينشأ فيها إنسان، فجدُّوا أن ينشأ فيها هذا الإنسان، جِدُّوا أن تخرجُوا هؤلاء الذين دخلوا في الجامعة، وراحوا يفسدون فيها، ولا تأتوا تشكون أحداً نزلها وأخذ يتكلّم فيها، اذهبوا وقِفو في وجهه، وقولوا له: ماتقول؟ أتألَمُ لهذا الشعب، إن تأْلمْ له، فلماذا لم تَدَع الاستفتاء يجري؟ لِمَ لا تَدَع الفلّاحين الآن يحصدون ما ؤرعوا؟ ليس لكم إلّا أن تهيئوا السوق لأمريكة، كان الشاه يهيّؤه لها أكثر والآن الشُوَيْه. لِمَ لا تَدَعون المصانع تعمل؟ إذا اشتغلت مصانعنا قَلَّ احتياجنا للخارج وللغرب، وهؤلا العملاء يعملون أن نحتاج لأولئك. اعرفوا اصدقاءكم وأعداءكم. المثقّفون يُخرجون أعداء الإسلام من مراكزهم. مجمع المحامين يضع المحامين المناوئين للإسلام وعديمي الفهم جانباً. وأنا أسأل الله- تبارك وتعالى- سلامتكم جميعا، وأعتذر إليكم من مُزاحمتكم في هذا الحرّ إذ لابدَّ منها. يجب الإفصاح بالآلام وإيقاظ الأمّة لئلّا تتأثّر- لا سمح الله- بهذه الأقاويل حيناً ما. أسعد الله شعبنا وأنجى بلادنا من شرّ الشياطين. جعلكم الله من المسلمين الملتزمين وجند إمام الزمان- سلام الله عليه- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.