بسم الله الرحمن الرحيم
الجهاد للتيسير على المستضعفين
أوّلًا أشكركم أنتم الذين تقومون بمثل هذه الفعاليات في جنوب المدينة. فهذا جهاد عظيم لكم، والله يؤيدكم إن شاء الله.
والقضية هي تيسير أحوال ذلك المكان الذي اخذ بعين الرعاية، ولعل هذه الأعمال تتمّ سريعاً، وبناء على هذا يجب الاهتمام في هذا الجهاد جهاد البناء بالطبقات الدنيا وسكّان الجنوب والريف ومن إليهم، يجب الاهتمام الأكثر بهذا الجنوب الذي لا تمكن الغفلة عنه طبعاً، وفي الأمر قدر مِن التعطيل في القضايا المعقّدة، وهي أساسية. وأنتم تعلمون أنّ الشاغل الآن هو قضية الدستور الذي هو أساس الحكومة الإسلامية، فعلينا توطيد أساس الحكومة، ثمّ نتابع ما يجب من أعمالها.
خطر التغاضِي عن الأصول والأولويات
في كل ثورة ينتصر الناس عندئذ إلى معاناتهم غالبا، وهم قبل النصر مهتمون أن ينالوا النصر، وعندما يرون أنفسهم منتصرين يدبّ فيهم الفتور، ويزداد الالتفات إلى المعاناة نظير قافلة تريد الرحيل من هذا المنزل إلى الآخر، فتقطع أربعة فراسخ دونما تعب حتى إذا وصلت المنزل المقصود، وحطّت فيه انتابها التعب الذي لم يُساورها في الطريق، وعندما يقال لها حينئذ: انهضوا واقطعوا نصف فرسخ آخر، لا يستطيعون، لأنهم حين وصلوا ذلك المكان فَتَروا، وهكذا الثورات، فعندما تحرَّكنا معاً هدمنا ذلك السدَّ دون أن نتعب أو نفتر، وكلما تقدَّمْنا قوِيْنا، وحين وصلنا مكاناً استطعنا فيه أن نهدم السدَّ واعتقدنا أنّنا انتصرنا والحمد لله، في ذلك الوقت نرجع إلى ملاحظة أحوال سُكّان الأكواخ والإداريين والعسكريين وما يجب فعله لأهل الحارة والسوق والمدارس.
هذه الأمور حدثت لأننا فرضنا أنفسنا منتصرين، فوجب أن نرجع إلى قضايانا الخاصة، لكنّنا إذا دقّقنا النظر في هذا المعنى، رأينا نَصْرَنا في ذلك الوقت الذي تتحقّق فيه قضايانا الأساسية في الأقل، ومن قضايا الأصلية التي تحقّقت الاستفتاء على الجمهورية الإسلامية، أمّا الدستور الذي هو أساس البلاد، وبعده مجلس الشورى الذي يجب أن يكون في البلاد، وكذلك رئيس الجمهورية، وهذه المراحل ما زالت بين أيدينا. وإذا بنينا الآن على الانتصار، فسوف أذهب أنا الطالب الدينيّ حينئذ إلى تلقِّي دروسي، وتمضون أنتم أيها السادة كل إلى عمله ومشكلته. يمكن أن ينتابَ القضايا الأساسية خلل خطير.
مخالفة الإسلام هدف المثبّطين
في رأيي أن تنصرفوا أنتم أيها السادة كلكلم، جميع الشرائح والنساء والرجال والعلماء وغير العلماء، وتركِّزوا الآن المصادقة على الدستور. ومن يريدون مخالفة هذا كثيرون الآن، من يريدون المخالفة كثيرون. وأساس مخالفتهم هو أنهم لا يريدون أن يقوم الإسلام. فهؤلاء يخشون الإسلام مثلما يخشاه سادتهم. وتكليفنا كلنا الآن هو غضّ النظر عن معاناتنا الكثيرة، وأنا أعلم أنها كثيرة، أعلم زيادة مشكلات سكّان الأكواخ. علينا أنْ ندع مُزعجاتِنا شهراً أو شهرين أو ثلاثة حتى يصادق على الدستور، ويتألف المجلس، ويتعيّن رئيس الجمهورية فخفّفوا الأمور نوعاً ما، ويجب ألّا نتصور أن هذه قضايا مهمة.
علينا أن نحفظ الأصول، فإذا تحقّقت تبعتها فروعها، ولا نشك في تحقُّقِها، وهي هكذا، ومع ذلك تعهّدت الدولة أنْ تنجز هذا الأمر.
أمّا ذلك المهمّ جِدّاً لديّ الآن، والشياطين مقبلون على عرقلته، فهو هذا المشروع الذي قدّمته الحكومة، وهو صحيح، وهو أن ينشروا الدستور، ويعينوا بعد ذلك خمسة وسبعين خبيراً ينتخبهم الشعب نفسه، ويدرس هؤلاء الدستور، ثمّ يجري الاستفتاء عليه، ويقدّم الشعب رأيه فيه ليكون دستورنا صحيحاً. هذا هو الأساس. ثم يُؤلّف مجلس الشورى. وحينئذ تسهل الأعمال. فمتى أقمنا الأساس رجعنا إلى ما يجب بعده من الأمور. طبعاً أنا لا أقول: لا تكن هذه الفعالية. كل هذه يجب أن تكون، لكن يجب ألّا ينصرف كل همّنا إلى إنجازها الآن، فننشغل بوضع الأكواخ والمدارس والمحلّات. لا ينصرف كل همّنا لهذه. فهمّنا هو أصل القضية، فعلينا ترسيخه أوّلًا، ثم نتناول فروعها. وهذه الفعاليات جارية الآن وذووها مشغولون بها. من الناحية الأخرى بدأوا بناء البيوت غاية الأمر أنهم بدأوا من أطراف إيران وسيأتون الى الأمام. ومن هذه الناحية أقدموا على الجهاد، وهذا الجهاد القائم مُقْبلٌ على العمل إن شاء الله. وكل القوى بحمد الله متطوّعة لهذا العمل، وهو باعث على الأمل أن يتمّ سريعاً.
المصادقة على الدستور في رأسُ كلّ الأمور
أمّا الشيء المهم، فهو الأصول. المهم هو الدستور، فعدّة مهووسة الآن تقول أنه لا. مجلس الخبراء يجب أن يكون أصله مجلس المؤسسين، لأنّ في الغرب مجلس مؤسسين. والسادة يميلون أن يكون مجلس مؤسسين، وليست غايتهم هذا المجلس، وإنما يريدون أن يُعرقلوا الموضوع، ويعطِّلوا العمل عسى أنْ تتصل تلك الجذور العفنة بعضها ببعض وتقوى، وتجتث هذا الأساس. فعلينا الآن أن نصرف كل همّنا إلى هذه القضية.
وهذه الأمور محطّ الاهتمام الآن، وهي دائماً محط الاهتمام. وآمل أنْ تحلّ كلّ المعضلات بعد أن تستقر الحكومة الإسلامية، ونستطيع نحن إن شاء الله أن نكوّن الحكومة الإسلامية التي يريدها الإسلام. ثمّ يكون أوّل نظرنا إلى المحتاجين، أوّل نظر على نحو ما يقول الإسلام. فالإسلام جاء للمستضعفين، وأوّل نظره إليهم.
متحدّث المنتدى: إذا سمحتم القضية الأولى المهمّة التي عَرَضتها عليكم هي قضية التبليغ القليل جدّاً في جنوب المدينة.
الإمام: حسناً، هذه أيضاً تجب مقابلتها، يجب حلّها. أعلم أنّ المساجد إن شاء الله يجب أن ترفد بمشروع، فالمساجد يجب أن تكون مركز السياسة على نحو ما كانت في صدر الإسلام مركز السياسة. فما كانت مثل مساجد اليوم. بل كانت خطبة الجمعة فيها سياسيَّة. كانت المساجد مركز تعبئة الجند، ومركز التبليغ للإسلام. وستنال حظَّها من التدبير إن شاء الله.
متحدّث المنتدى: لأن أعداء الثورة يستغلّون هذه القضيَّة.
الإمام: بلى، أعرف هؤلاء، أعرفهم.