بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة تبيين الثورة الإسلامية
في مواجهة الجماعات الأخرى التي تريد البحث فيما يتعلّق بإيران تعرفون أنتم كيف كانت الثورة، ولِمَ كانت وما غايتها. فبعد تلك الشدائد والمصائب وأنواع القمع والنهب استردّتْ إيران روحها وقامتْ. والثورة وحدها لا توصل إلى غاية، وإنّما أثمرت ثورتنا لأنّها إسلامية، ولأنّ شبّاننا سعوا من أجل الإسلام الذي كان كلّ غايتهم، وقد افتدوه بأرواحهم، ومن هنا تقدّمت الثورة بوحدة الكلمة والاعتماد على الإسلام، والأمل أن تبقى هذه الثورة وَوحدةُ الصفّ، وتتقدَّما إلى الآخر.
ويجب عليكم هناك أن تبيّنوا سبب حدوث هذه الثورة، ففي الخارج حتى الآن من يكتبون في الصحف العميلة ذلك الرجل «1» أو مريديه ويصفونه بأنّه أراد أن يُقدّم البلاد، فوضِّحُوا لمن تلقونهم أنّ هذا الشاه بَدَّدَ كلّ شيء في إيران باسم التقدّم وباسم الحضارة الكبرى وباب التحضّر الأعظم، ولم يدع حتى الجامعة تنمو النموّ المنشود، ودمَّر اقتصادنا كاملًا، وسلَّمَ الأجانب كلّ مقاليد إيران. من هنا ثار الناس، لأنّ كلّ مالهم ذهب مع الريح، وتعِبوا. من هنا قاموا، وأخذوا بهذه الثورة، وقطعوا هذه الأيدي، وأبعدوها عن بلادهم. وما بلغوا الآن غايتهم، فغايتهم هي إقامة حكومة عدل حكومة لا تنتمي لفئة، ولا تستطيع فئة أن تتدخل فيها، لتقيم حكومة إسلامية مبنية على أحكام الإسلام التي كلّها عدالة. وهذه أمنِيّة إذا سمحت لها الأيدي الخبيثة المرتبطة بالأجانب أن تتحقّق.
ونحن نأمل أن تخيب كلّ هذه المؤامرات الموجودة الآن في إيران بصورها المختلفة، وأنْ تكتسح همَّة شبّاننا وكلّ الأجنحة أيضا هؤلاء. على كل حال التعريف الذي قلتم: إنّه واجب مرتبط بذلك الأصل هو أن تُعرِّفوا أولئك لماذا ثار الناس؟ وما سبب قيامهم، وما غايتهم؟ طبعاً على قدر استطاعتكم، وتوضّحوا لهم تلك الأمور.
السلوك الإسلاميّ والسلمي
لكن يجب أن يكون التعامل مع جميع الفئات جيداً وراقياً، أي: أن الإسلام هكذا يعامل حتّى الأعداء بسلام، إلّا من يُؤامر على مصالح البلاد والإسلام، فهذا يعامله بشِدَّة، والإسلام يريد أن يكون جميع الناس سعداء، وأن تكون معاشرتهم صحيحة وتعاملهم سليماً وودِّيّاً حتّى مع مَن لا اعتقاد لهم بالإسلام، فيعامل هؤلاء بالحسنى.
وأمّا موضوعكم الثالث بشأن مائدة عليها مشروب محرّم مثل المسكرات، فالجلوس إلى تلك المائدة حرام في الإسلام، أجل حتى على من لا يشرب شيئاً، فالجلوس إلى مائدة عليها مسكر حرام، يحرم أن يجلسوا إلى تلك المائدة. هذا حكم الله. واستعماله معلوم طبعا. وعندما تذهبون إلى هناك يحترمونكم، ويقدّمون لكم ما تُريدون، فقولوا لهم أن يجعلوا مائدتكم على حِدَة، وقولوا هذا منذ البدء.
[قيل: ممكن بهذا أن يُنظرَ لوفد الحكومة الإسلامية نِظْرة ازدراء برغم ما يحظى به الإيرانيون اليوم من عِزّة، فقال الإمام]:
قبول الهوان والذل بواسطة الشاه أمام الأجانب
لا أظنّ أنّ هؤلاء يرونكم الآن صغاراً. كانوا يرونكم صغاراً وقد كان ذلك لأنّ من كان يعدّ نفسه رجل البلاد الأوّل كان يخضع لهم كلّ الخضوع، ولا يغيب عن ذاكرتي عندما كان جونسون «2»، وذهب الشاه إلى هناك، ونشرت صورته في الصحيفة، وهذا لا يغيب عن ذاكرتي مِن الأذى الذي لقيته منه، فجونسون كان واقفاً وقد أخذ نظّاراته بيده، وراح ينظر يساراً، وذاك الرجل ذاك الرأس محمد رضا كان قد وقف في مقابل مقعد جونسون مثل طفل وقف في حضرة معلّمه. فعندما كانوا يرون أولئك الذين يحكمون شعباً هذه حالهم تكون نظرتهم لبقية ذلك الشعب على هذا النحو. أمّا حين رأوا بلاداً أحكمت قبضتها، وأخرجت الجميع من ساحتها، فقد تغيَّر نظر الجميع إليكم.
عظمة إيران في الخارج
وأنتم أنفسكم عليكم أن تحفظوا أنفسكم لكثرة ما يثار عليكم من الدعاية، حتّى غيّروا باطننا إلى شيء آخر من تلك الشخصية التي يجب أن تكون للإنسان، لقد بلّغوا مبلغاً حتّى سلبونا الشخصية، حتّى إننا الآن نحسّ بالضعف إذا جرى ذكر الإنجليز وأمريكة. لقد سمّوا جميع شوارعنا بأسمائهم، وهكذا الميادين وكل شيء، وأنتم الآن لستم أولئك، وإيران الآن ليست تلك، فأنتم لا تدرون أنّ من يأتون من الخارج يقولون: أنتم لا تعلمون كيف ينظر الخارج إلى إيران. وإيران نفسها أيضا لم تدرك عظمة هذه الثورة، فعظمة هذه الثورة في الخارج أكبر من هذه القضايا. وأولئك الذين يجيئون الآن من الاتحاد السوفيتي، وأحيانا يجيء سفيرهم إلى هنا، والمعلوم أنّ نظرتهم إلى هذا المكان ليست النظرة السابقة. وبناء على هذا اعلموا أنكم شعب غالب وناس غلبتم الآخرين، وباسم الغلبة تقدّموا إلى هناك، ولا يكن لديكم أدنى خوف من أولئك، واذهبوا إلى هناك باسم شعب غالب لا مثل السابق حين كان شعباً ضعيفا. أنتم اليوم شعب قويّ طرح الاتحاد السوفيتيّ جانباً وأمريكة والإنجليز أيضاً وكل القوى. وعليه لا أحد ينظر لكم نظرة صغر، إلّا أن تُصغّروا أنتم أنفسكم، فلا تفعلوا أنتم هذا بأنفسكم.
أيدكم الله جميعاً إن شاء الله ووفّقكم، فامضوا بالسلامة، وعودوا بالنصر إن شاء الله.