بسم الله الرحمن الرحيم
خدمة الصحف للإسلام والبلاد
الخدمةُ التي تستطيع المجلات والصحف وسائر وسائل الإعلام أن تسديها لبلادها وللإسلام هيَ أنْ تغيِّر وضعها، فهذه المجلات كان لها وضع ما في العهد السابق في بحوثها وصورها وما إليها. وإذا أردتم أن تخدموا بلادكم، وأن تخدموا الإسلام، فيجب أن تجتنبوا الأشياء التي تجلب الانحراف مما يرد في المجلّات من صور شهوانية منحرفة ومقالات منحرفة. لا تتصوروا أن هذه وقعت عَفْواً. فهذا نهجُ رسِمَ رَسْماً لجرِّ شبّاننا إلى الانحراف.
سبل جرِّ الشبان إلى الانحراف
أرادوا إفراغَ شبّاننا من محتواهم الذي هم عليه بطرق مختلفة، وأن يملأوهم من شيء آخر. فمرَّةً بالموادّ المخدِّرة، طيِّب، وكان هذا سبيلا، والمخدرات شائعة اليوم. والسبيل الآخر بيوت البغاء التي تعلمون كم فتحوا منها، وكم جرُّوا من شبّاننا إليها، وبدلًا من الاستفادة من الشابّ للإسلام ولوطنه أسقطوه من هذه الاستفادة. هكذا ربّوا الإنسان. ومن يذهبون إلى مركز الفساد لا يمكن أن يكون فكرهم صحيحاً، ولا عملهم، وهذا ما يريده هؤلاء، وهو أن يفرغوا شبَّاننا من محتواهم بتخطيط، وبدلًا من نفث شيء نافع ومهم في الصحافة والسينما والمَسْرَح والإذاعة نفثوا فيها الفساد، وكلّ ذلك على وفق خطّة مدروسة لتفريغ هذه البلاد من الإنسان الذي يستطيع أن يقف في وجه من يريدون أن يخونوا بلاده، ويعتدوا على الإسلام. وهذه الخطّة التي أحكموها، وتمسَّكوا بها، ولا سيّما في الزمن الأقرب إلينا في هذه الخمسين سنةً وزادوها في هذه السنوات الأخيرة، ليُخرجوا شباننا مِن الميدان، بماذا يُخرجونهم؟ وهذه القضية الضاربة الجذور في الزمن الطويل، أي: قضية المخدرات التي تحسبونها مِن عَمل المهربين هؤلاء الذين ترونهم يتكسّبون بها، وأنا أحتمل أنها جزء من هذه الخطط التي أعدّها هؤلاء الذين يريدون أن ينهبوكم، أولئك الذين لا يريدون أن تعتمد إيران على نفسها، وكلّ بلاد تقف على قدميها بشبّانها فيتذرّعون إلى جعل شبّاننا مدمنين على المخدِّرات حتّى إذا ابتُليَ أحدهم بالإدمان على الهيروين لم يعد يُسمّى إنساناً، فهو موجود يتنفّس هناك، ولا يستطيع أن ينهض بعمل، ولا أن يدير إدارة، ولا أن يفكّر فيما تحتاج إليه بلاده. وهكذا تفعل دور البغاء التي نشروها، وأينما ذهبت واجهتَ واحداً منها، وقد استقطبت شبّاننا، وحينما يُدمن شابّ دور البغاء هذه يعود لا يستطيع أن يفكّر فيما تصير إليه بلاده، ولا فيمن يُديرها وكيف يديرها، ولا صلة له بهذه الأمور، فكل ما يشغله هو كيف يُرْضِيه هذا المبغى أو ذاك، هذا ما يُهمّه. وقد جذبوا عدداً كبيراً من شبّاننا لهذه المراكز. وهكذا حال السينما في ذاك العهد- ولا أدري ما حالُها اليوم- فمن أدمن سينما ذلك الزمان ما كان يستطيع أن يفكّر فيما تحتاج إليه بلاده، ولا مَنْ يخدعها. ولا يمرّ في باله مثل هذه الأمور، ولا تخطر له أصلًا. كلّ ما يخطر له هو ما يُعرض في تلك السينما وما يجري فيها. السينما التي يجب أن تكون مربية الشبّان ومعلمتهم التي تصلحهم. أقاموها لتجرّهم إلى الفساد. أولئك العقلاء الذين بَنوها، لو بنوها لنا بنوها على ما يدور في عقولهم لعرقلتنا، ليأخذوا شبّاننا منا. أمّا إذا كانوا قد بنوها لأنفهسم، فمن الممكن أن تكون لهم أغراض صحيحة.
رسالة الإعلام
الصحافة والسينما والتلفزيون والمذياع والمجلات كلّ هذه لخدمة البلاد. يجب أن تكون الخدمة العامَّة، لا أن يقوم كلّ من هبّ ودبّ، فيفتتح مجلّة ينفث فيها كلّ ما يشتهي، وينشر فيها من الصور كلّ ما يزيد مشتريها، الصور المثيرة والمقزّزة ليزداد مشتروها، وتُدعَى حينها جزءاً من الصحافة. أقول إنه صاحب القلم يريد الحرية أيضاً، ويجب النظر فيما يفعل والقول له: أيّ خدمة تخدم هذه البلاد؟ تقذف صغارَنا في العاصفة بقلمك، أو تربِّيهم؟ فالصحافة التي كانت في عهد هذا الأب والابن كانت مدروسة، لا عفوية، بل مدروسة. هؤلاء كانوا يخدمون الأجانب، ولو لم يلتفتوا، لكنّهم كانوا قد صمّموا وضع الصور في هذه المجلَّة بحساب يوجب أن يكون بينها صورة كذا وكذا وأشياء تبعث على الانحراف، حتّى إذا أدمن أبناؤنا وشبّاننا هذه المجلَّة، لم يعودوا يذهبون صوب تلك المجلّة. كلّها مبنيّة على هذه الخطط والصور والإثارة. وأقاموا السينما بنحو إذا ذهب إليها شبّاننا لم يذهبوا بعدُ لفكرة أخرى، لأنها تسلبهم فكرهم، هذا حالها قبلًا، فيكف يريد أن يكون الآن؟ إن يكن هكذا من الآن فصاعداً، فمعناه أننا نلنا الجمهورية الإسلامية لفظاً، وبقيتها هي ذلك الطاغوت الذي كان.
معايير المجلّة الإسلامية
إذا استيقظ شبّاننا هؤلاء، كتّابنا وخطباؤنا ومفكِّرونا، وجب تغيير صيغة كل شيء. يجب أن تكون المجلَّة في خدمة البلاد، وخدمة البلاد هي أن تربِّي الشبّان وتصلح الناس، وتعدّ إنساناً قويّاً مفكِّراً مفيداً لبلاده. يجب أن تكون المجلّة عندما يقرأوها أحد يرى فيها صورة تبعثه على منازلة الآخرين، وإذا ضَمَّتْ بحثاً يجب أن يكون مُعَبِّئاً لقارئها لحفظ استقلاله وحُرِّيته وبلاده. هذا إذا كانت هذه المجلّة إسلاميّة ومجلّة الجمهورية الإسلامية. إذا كانت المجلّة تعرض القضايا السابقة لكن بنحو مخفّف، فما يجب أن تدْعى مجلّة الجمهورية الإسلامية، بل تدعى المجلَّة الطاغوتية إذ يقال لنا هنا جمهوريّة إسلامية، وكلّ الأشياء تؤسلم.
الصحافة ونماء القوة الإنسانية
شعب إيران، شعب إيران المسلم ما كانوا يريدون أن يغيّر الاسم، كانوا يريدون أن يتغيّر المحتوى، فهذه البلاد بلاد زالت كلّ أشيائها وتلفت وفَنيتْ، وتجب إعادَتها إلى حالها بأسباب أهمّها الإنسان، فالبلاد بلاد إذا ناسها أسوياء، وإذا كان أهلها غير أسوياء لا تستطيع أن تكون صحيحة. كل هذه الخيانات لبلادنا كانت لإزالة الإنسان. قال السيد بازرك- ان البارحة:" حيثما بحثنا لم نجد إنساناً". وقد صدق، فقد سعوا خمسين سنة ألّا يكون فيها إنسان، أنفقوا نيّفاً وخمسين سنة من السعي في هذا الأمر. وكان هذا السعي فيما سبق، لكنه تعاظم في هذه النيّف والخمسين سنة التي كان فيها هذا الأب والابن الخائنان في بلادنا، وكلّ القوى أعانتهما وحفظتهما وهُما أفْنيا هذه البلاد بكل قدرة أيضا، ومهمتهما إفراغها من القوّة الإنسانية فقضيا على شبّاننا وقوّتنا الشابّة بأسماء مختلفة خلابة وجَذب خاصّ. نحن نريد رجالًا ونساءً أحراراً، فكل بلادنا غدتْ حُرَّةً الآن، فهؤلاء الفلّاحون ما عادوا الآن خدماً، هؤلاء الفلاحون المساكين جاؤوا إلى هذه الأكواخ في ضواحي طهران والمدن الأخرى، لأنّ الزراعة اخذت من أيديهم، وما كان لهم شيء، فنزلوا الأكواخ مضطرين فحيثما وضعتَ يدك وجدت خراباً.
نموّ القُوَّة الإنسانية
وأشدّ من جميع الخيانات عرقلة القوة الإنسانية وعدم السماح لها بالنماء، وأسمى خدمة هي تنمية قوّتنا الإنسانية، وهذه في عُهدة الصحافة المجلات والمذياع والتلفاز والسينما والمسْرَح، فهذه تستطيع أن تقوِّي طاقتنا الإنسانية وتربّيها تربية صحيحة، وتكون خدمتها جليلة. وتستطيع أن تكون كما في العهد الماضي إذ أتلفت كلّ شيء، وكان كلّ شيء في خدمة الاستعمار، وهؤلاء هم أنفسهم ما كانوا يعلمون، كثير منهم ما كانوا يعلمون أنّ صورة المرأة العارية التي كانوا ينشرونها كم من الشبّان تثير، وتتلف. في كل أسبوع تنشر مجلّة مثلًا وفيها عشر صور نفقد بها عدداً من شبّاننا. أو أنهم أنفسهم ما كانوا منتبهين، أو أنّهم كانوا من أولئك، أيَّ شيء ندري؟ إذا تغيّرتم استطعتم أن تنقذوا بلادكم. وإذا بقيتم على هذه الحال، وغيَّرتم اسمكم لم تستطيعوا إدارة البلاد بتغيير الاسم. لا يُمكن أن تكون البلاد إسلامية بتسميتها جمهورية إسلامية، ولا بالتصويت لجمهورية إسلامية. البلاد الإسلامية يجب أن يكون محتواها إسلامياً. وأنتم الذين تكتبون في المجلّات تستطيعون أن تخدموا، وتقوُّوا الشبّان بمقالاتكم الصحيحة. واسعوا أن تختاروا مُحرِّريكم من الكتّاب الإسلاميين الملتزمين. اكتبوا مقالات صحيحة، وبيّنوا الداء والدواء، وانتقدوا كلّ شيء. وتستطيعون أن تنشروا تلك الصور وذاك الموضوع، وتعملوا ما تفقدون به الشبّان، وتقضون عليهم.
وفّقكم الله جميعاً إن شاء الله لأن تخدموا، ووفّقنا جميعاً لأن نخدم.