بسم الله الرحمن الرحيم
السعي المشترك لحل المشكلات الرئيسية في البلاد
توجد بعض المواضيع الرئيسة يجب أن نفكر بها، ففي مثل هذا الوضع وطالما أن هذه المواضيع لاتزال مفتوحة فمن الخطأ طرح مواضيع أخرى من أجل إيجاد حلول لها. وقد قلت مرارا وتكرارا أنه إذا حدث زلزال وضرب بعض البيوت ودفن الناس تحت الأنقاض، فهل تسمحون لأنفسكم بالجلوس ومناقشة الأمور الطبية أو الرياضية أو أمورا أخرى؟ أم أنه يتوجب عليكم الإسراع لإنقاذ الناس من تحت الأنقاض؟ ونحن الآن لدينا بلد فيه بعض الأمور الرئيسة متهدمة وعاطلة عن العمل، وهذه الأمور هي أساس بلدنا. ويجب أن نسعى جميعا لإيجاد حلول لهذه المشكلات الرئيسة وعندما نجد الحلول لها ونكون قد أرسينا ركائز دولتنا، عندها فقط تستطيعون الالتفات إلى الطب الشعبي والبعض الآخر يستطيع أن يلتفت إلى الطب الحديث. فاليوم ليس اليوم المناسب لنضيع جهدنا في معرفة أي نوع من الطب يجب أن نمارس، الطب الإسلامي كما تسمونه، أم الطب الشعبي الذي كان يمارسه ابن سينا «1» والرازي «2»، أم أنواع الطب الأخرى. لا يجب أن نفكر بهذا الآن، فأنتم الآن تواجهون مسألة بقاء أو فناء وطنكم، وبقاء أو زوال دينكم وإسلامكم. أنتم الآن على مفترق طرق، فلا تتصوروا أنه بقضائكم على النظام البائد فإن كل المشاكل قد حُلّت، يجب أن تعوا أنه لا زالت في هذه البلاد جذور للنظام البائد تعيث فسادا، وآخرون جاؤوا من الخارج بأسماء مختلفة ليساعدوا أولئك في التخريب أيضا، إنهم لايريدون أن تنعم هذه البلاد بالاستقرار. في السابق كانوا مخالفين للاستفتاء، وعندما تم وضع القانون الأساسي- الدستور- كانوا مخالفين أيضا، وهكذا بالنسبة للأمور الأخرى، إنهم فئة عميلة للغرب جاؤوا ليخالفوا فقط. وعندما نريد أن نتحدث عن الدين أو عن أسس البلاد يظهر أمامنا هؤلاء المخالفين، علينا جميعا أن نفكر بهذا الأمر. فكما أنه لم يكن لديكم أي مشروع عندما كنتم تريدون إسقاط النظام السابق وحتى مشاكلكم وخلافاتكم لم تظهروها في ذلك الوقت مع أنها كانت موجودة ولكن كنتم تدركون أن ذلك الوقت لم يكن مناسبا لمناقشة تلك الخلافات. فالآن أيضا كما في السابق لايزال الوقت غير مناسب لهذه الأمور. فهل الوقت مناسب الآن لمناقشة أوضاع الجامعة، أم مناقشة أوضاع الطب القديم والطب الحديث؟ أم مناقشة احتياجاتنا والخراب والدمار الذين خلفوه وراء ظهورهم؟ كلا، ليس الآن الوقت المناسب لطرح مثل هذه الأمور، وسوف يأتي الوقت المناسب لها، فنحن الآن في مرحلة انتقالية متزلزلة لم تستقر بعد، نحن الآن نريد قانونا أساسياً لأنه الركيزة التي يستند إليها البلد، وبعد ذلك نريد رئيسا للجمهورية، ولكن ليس الآن، وبعدها نريد مجلسا وطنيا للشورى، والشعب هو من سينتخبه، وبعد انتخاب مجلس الشورى ورئيس الجمهورية، نريد دولة مستقلة. وبعد أن نقطع دابر الطامعين في بلادنا، عندها فقط أستطيع أن أطرح مشكلاتي وأنتم أيضا أيها السادة تستطيعون طرح مشكلاتكم، فنحن نعلم أن المشاكل كثيرة.
التحرر من تسلط الثقافة الغربية
نحن لسنا غافلين عن الدسائس والمؤامرات التي حيكت لإزالة العلوم التي كانت موجودة في الشرق وإحلال العلوم الغربية محلها، لقد قامت بعض الأيدي بسلبنا معارف الشرق و مضامينها وحجبتها عنا، وكانت أوروبا نفسها تنهل من تلك المعارف، حتى أننا الآن أصبحنا نظن أن كل العلوم والمعارف منشأها الغرب، ونحن ليس لديناأي شيء. أخذوا قيمنا وثروتنا الفكرية- يعني غسلوا أدمغتنا- ووضعوا فيها عقولا أخرى تابعة للغرب في تفكيرها. وهذه نقطة هامة، يجب أن نحرر بلادنا من هذا البلاء الذي أوجدوه لنا.
وهناك مسألة أخرى وهي مسألة الطب القديم، هم يعالجون كل أنواع الداء بهذه النباتات الطبية وعلاجاتهم كلها علاجات قديمة وليست من اكتشافهم، فأوروبا وإلى وقت ليس ببعيد كانت لاتزال تستفيد من طب ابن سينا ومن كتابه «3»، وربما أنهم مازالوا كذلك إلى الآن، ولكنهم لايعلنون ذلك. فأنا لست غافلا عن هذه الأشياء، وأعرف أن المشاكل كثيرة، ولكن كل شيء الآن على هذا النحو، فهم لقنونا أننا لانملك أي قيمة تذكر، وأنهم كل شيء، وعلى هذا المنوال يريدون إخراجنا وإبعادنا عن الإنسانية، يريدون أن يقولوا أننا لا نملك شيئاً. وكما ترون الأن، لدينا الأطباء الحاذقين، ولكن عندما يمرض أحد منا فإنه يذهب إلى انكلترا أوأمريكا، أطباءنا يستطيعون معالجته ولكنه يذهب إلى هناك، وهناك قد لا يستطيعون معالجته، ولكن كل هذا يحدث لأنهم حمّلونا فكرة تقول أن كل ما نحتاج اليه موجود هناك، ونحن لاننفي ذلك ولكن هنا أيضا نستطيع أن نقدم الكثير في هذا المجال.
نحن نعرف كل هذه الإشكالات ولكن سوف يأتي الوقت المناسب لها فيما بعد. أما الآن فيجب أن تصبّوا اهتمامكم على قطع المراحل الأولى، المراحل التي بين أيدينا الآن، وهم يحاولون اعتراض طريقنا لمنعنا من إنجازها.
تشكيل مجلس الخبراء
نحن الآن بحاجة إلى أشخاص ذوي خبرة ودراية لمناقشة وتدوين قانوننا الأساسي، فقد آن لمجلس الخبراء أن يتشكل، ويجب أن تركزوا اهتمامكم على اختيار أشخاص مؤهلين وملتزمين بالإسلام ومعتقدين تماما بأن هذا الدين يستطيع أن يؤمن لنا الاستقلال. هؤلاء الذين ستنتخبونهم هم من سيذهب إلى المجلس ويضع القانون الأساسي ومن ثم سيَجري استفتاء عام حول هذا القانون، وهكذا سنكون قد أتممنا هذه المرحلة. ففي هذه المرحلة يوجد معارضون لنا، وأنا أعتقد أن ما تقولونه الآن ليس من عندكم ولكن أحدهم همسه في آذانكم دون أن تدركوا ذلك. قلتم انظر الى طبنا تلاشى، ويجب أن نعيد له مكانته. الوقت الآن ليس مناسبا لهذا الموضوع. ليس من المناسب أن نجلس الآن ونتحدث عن طبنا وعن جامعاتنا وعن محاكمنا وعن كيفية تغيير كل هذه الأمور. في البداية يجب أن نشكّل حكومة سليمة، حتى نتمكن من إثبات وجودنا في العالم وإعلان نظامنا وقانوننا ورئيس جمهوريتنا ومجلسنا للجميع، يجب أن نثبت لهم أننا نظام متكامل منسجم. وبعد أن يتحقق كل هذا، سنتفرغ للمشاكل الصغيرة، أين يكمن تخلفنا، وماهي العقبات التي خلفها النظام السابق المشؤوم وما إلى ذلك، نعم، لقد قلب النظام السابق الأمور رأسا على عقب وذهب.
أسأل الله تعالى أن يوفقكم في مساعيكم لأداء مهامكم على أكمل وجه. وأنتم أيها الجامعيون وجميع الأخوات والأخوة المحترمين وكل الشعب الإيراني، يجب أن تعوا مسؤولياتكم، فنهضتنا تلوح في الأفق. وعلى عاتقنا جميعا تقع مسؤولية مواصلة هذه النهضة لنتمكن من تذليل الصعوبات التي تواجهنا، ولكن إذا تلكأتم أو ضعفتم قبال هذه المسؤولية وانصرفتم لأعمال أخرى، كأن يفكر أحدكم بأنه يجب أن يؤمن مسكنا لنفسه، ويذهب آخر لمناقشة أوضاع الطب وثالث لمناقشة أمور الجامعة، فإننا نخشى أن تظهر أمامنا الصعوبات في منتصف الطريق وتمنعنا من متابعة مسيرنا، وعندها تتلاشى كل أفكاركم وأحلامكم ونبقى الى الأبد نرزح تحت نير هذه المشاكل، فليحفظكم الله جميعا.