بسم الله الرحمن الرحيم
الجامعة والحوزة، العقل المفكر للمجتمع
منذ مئات السنين وهم يحاولون التفريق بين فئة الشباب المثقفين والجامعيين وبين علماء الدين وقد نجحوا في ذلك. أولئك الذين خططوا لابتلاع الشرق كانوا يخافون من القوى التي تتعارض مع مصالحهم، وكانوا يعملون على تضليل هذه القوى بأي شكل من الأشكال، ولقد تمكنوا من الفصل بين هاتين القوتين اللتين تمثلان العقل المفكر للمجتمع، الجامعة والحوزة، ومن خلال خططهم الشيطانية استطاعوا وضعهما في مواجهة بعضهم الآخر وقاموا هم بجني ثمار ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة لسائر الفئات الأخرى والأحزاب والجبهات، لقد خلقوا لهم مواضيع تلهيهم وجعلوهم يتنازعون من أجل أشياء لامعنى لها، وكل هذا لكي يمنعوا فئات المجتمع من الاتحاد مع بعضها، فهم يخشون إذا اتحد المجتمع سيقف في طريق مشاريعهم الخبيثة.
العدو يسعى لبث الفرقة بين الجامعة والحوزة
واليوم أدركوا حقيقة هذا الأمر، وشاهدوا بأم أعينهم أن هزيمتهم، كانت بسبب اتحاد قوى الشعب، وقد تجلى هذا الاتحاد في وحدة كلمتهم واختيارهم طريق الإسلام. والآن أيضاً يسعون الى فصل الحوزة عنكم. إن هؤلاء الشباب طيبون للغاية، وجاؤوا من أقاصي الدنيا إلى هنا لكي يخدموا، كما كانوا يخدمون في الأماكن التي كانوا فيها، ولكن الدعايات المغرضة حاولت تغييرهم وبث الفرقة بين الحوزة وبينهم، وهكذا انتهز الاعداء هذه الفرصة لتدمير طموحات هذا البلد.
فلا يصح أن تقولوا أن (علماء الدين ينتهزون الفرص لصالحهم)، فما زال هناك في بعض السجون عدد من المعممين، فالمسألة ليست كما تتصورون من أن رجال الدين يريدون أن يفرضوا أنفسهم على المجتمع. اذهبوا وراقبوا حياة رجال الدين، فتشوا مدارسنا، وادخلوا الى بيوتهم، فهل هذا وضع من يريد الاستيلاء على السلطة؟! هل يريد مثل هؤلاء أن يستلموا مقاليد السلطة؟! إن شبابنا كانوا يضعون الإسلام نصب أعينهم دائماً، ولم يهابوا الموت أبداً، إن هؤلاء الشباب كانوا ياتون إلي- سواء عندما كنت في النجف الأشرف أو عندما جئت إلى هنا- ويطلبون مني أن أدعو لهم بالشهادة. إن هذا التحول الروحي لايمكن أن يحدث لولا الإسلام. ولقد أدرك علماء الدين أن الإسلام هو الذي استطاع التغلب على هذه القدرة العظيمة، والأحكام الإسلامية هي الوحيدة القادرة على الحفاظ على استقلال هذا المجتمع وحريته، ولهذا فإن القانون يجب أن يكون قانوناً إسلامياً ومن يعمل على تطبيق هذا القانون يجب أن يكون مسلماً مخلصاً أيضاً.
وجوب مراقبة علماء الدين للقانون
ولو افترضنا بأن بين الذين منحهم أبناء الشعب أصواتهم، ثمة أعداد كبيرة من علماء الدين، فإن ذلك يشير الى القلق الذي يراود الناس من أنه لو لم يكن علماء الدين فإن هؤلاء سيجرونكم الى التبعية للغرب ثانية. فعلماء الدين يحولون دون تسليمكم للغرب، وجعل القانون غربياً، لأن هذا الموضوع سيعيد الأمور إلى ما كانت عليه في السابق، ولهذا فإن عملية مراقبة القانون تقع على عاتقهم، فإذا لم يتواجد علماء الدين ولم يبدوا رأيهم، فإن كل شيء سيعود إلى ماكان عليه وكأن شيئاً لم يكن.
علماء الدين امضوا حياتهم في خدمة الإسلام
نحن لانريد القول أن جميع علماء الدين هم ملائكة الله، ولكنهم الفئة التي تستطيع أن تفهم معنى الإسلام، وقد أمضت حياتها في خدمة الإسلام وفي السعي من أجل تطبيق الأحكام الإسلامية. عاشت في هذه الحجرات الرطبة وتحملت كل الضغوط التي كانت تمارسها حكومة رضا خان والحكومات التي تلتها من أجل الاحاطة بأحكام الإسلام. فلا تفرطوا بهذه الفئة، ولاترتكبوا خطأ لايمكن إصلاحه. عندما كنت في النجف كنت قد تحدثت بالتفصيل عن هذا الموضوع وقد عتبت على فئة علماء الدين وعليكم أيضاً. فأما عتابي على علماء الدين فهو لأنهم لايسعون لكسب ثقة جيل الشباب الذي سيتسلم مقاليد الأمور في المستقبل. فإذا ما أضعتم هؤلاء الشباب من أيديكم، ليس بوسعكم أن تفعلوا شيئاً. فكل هذه المجموعات التي ترونها الآن، تسير خلف علماء الدين. فإذا فرطتم بهؤلاء- إذا فرطتم بهؤلاء الشباب- فلن تستطيعوا القيام بأي شيء والطبقة المثقفة أيضاً ستتوقف عن العمل، وحتى لو أرادت عمل شيء ما فلا يوجد من يوجهها، ولهذا فعلى علماء الدين أن يقدروا أهمية هذه الفئة الشابة المثقفة لأن هذه الفئة هي من يستطيع القيام بكل شيء، وعلينا أن ننسى تلك الشائعات التي كان ينشرها جهاز المخابرات السابق، حول هذه الفئة الشابة وحول فئة علماء الدين، فقد كانوا يقولون لعلماء الدين إن هؤلاء الشباب شباب ضائعون أرذال وأوباش بدون دين، وكانوا يقولون للشباب عن علماء الدين بأنهم شلة من رجال البلاد و انتهازيين وهم من صنع البريطانيين. وقد استطاع جهاز المخابرات أن يحصل على مايريد وأن يشعل نزاعا بين هاتين الفئتين، وهكذا حدثت التفرقة بين علماء الدين والشباب.
ضرورة انضمام علماء الدين إلى مجلس الخبراء
اليوم، ليس الوقت المناسب للبدء لأننا في البداية نحتاج إلى أن نكون مجتمعين مع بعضنا، ونريد أن نعد قانوننا الأساسي، وأن نصلح بلادنا، ونحن نعلم تماماً أنه إذا تركنا أمر القانون الأساسي، وإذا لم يتدخل علماء الدين في هذ المسائل، فإن الأمور ستصبح أسوأ مما كانت عليه في السابق. فثمة فئة الآن ترضى بكل شيء إلا الإسلام، تطالب بكل شيء ما عدا الإسلام. فإذا دخل أمثال هؤلاء مجلسٍ مثل مجلس الخبراء وهم يجهلون الإسلام وأحكامه، وقد يكونوا من أتباع المذاهب الضالة أو من عملاء الغرب، فإنهم سيسدون أفكارهم الضالة في قانوننا الأساسي وسيجرّون علينا الويلات إلى آخر العمر.
نحن لانجل ونقدر عالم الدين من منطلق أنه يضع عمامة على رأسه، وأنا أضع عمامة على رأسي، فنحن نجلكم ونقدركم أنتم أيضاً، ونجل الجامعة كذلك، فاليوم يوم الإجلال والتقدير وليس يوم التحقير، فاليوم هو اليوم الذي يجب أن نجلكم ونقدركم، وأنتم أيضاً يجب أن تجلونا وتقدرونا، ونحن الفئتين يجب أن نجل ونقدر جميع فئات المجتمع، لكي نصبح مجتمعاً واحداً ونرسي أساساً ثابتاً وقوياً لنا.
أعداء الثورة اضحوا كياناً واحداً
العدو اليوم يصب جل اهتمامه على تفرقتنا لكي يحصل هو على ما يريد، وقد اتحدت اليوم بعض المجموعات المختلفة- اقرأوا الصحف- لترشيح ممثليها لكي يرشحوا مرشحيهم وهم الذين لم يجتمعوا في يوم من الأيام. وبكل أسف، فإن تجمعاتنا تتفرق الآن، وباتت كل مجموعة تقدم مرشحها على حدى، وهذا أمر يبعث على الانزعاج. وحتى نستطيع أن نتقدم على غيرنا، وحتى نستطيع أن نقود بلادنا إلى الاستقلال، يجب أن نتحد جميعاً، ويجب أن نئتلف في تقديم المرشحين، يجب أن يكون مرشحونا متحدين أيضاً.
يجب أن تنتبهوا أيها السادة إن هؤلاء يريدون أن يسلبوا بلادنا استقلالها، يريدون أن يتدخلوا في شؤون البلاد مرة أخرى، ويختلقوا نفس المشاكل وأساليب الكبت السابقة، لأن مصالحهم تكمن في هذه الأجواء التي يختلقونها مستفيدين مما يحدث في الخارج.
وإن إحدى مخططاتهم الجهنمية يتمثل في تفرقتنا عن بعضنا، لقد كانوا يقولون لكم هؤلاء انتهازيين. وها أنتم الآن قد جئتم من أقاصي الدنيا، واطلعتم على ما يفعله علماء الدين؟ ابحثوا بأنفسكم وفتشوا عمّن يقوم بالتخريب والتدمير، فهل هم علماءالدين! أم هذه المجموعة التي تريد أن تهدم كل شيء وهم الآن يقومون بذلك بالفعل، ويلقون اللائمة على علماء الدين. عليكم أن تدققوا في هذا الأمر جيداً، ويجب أن تكتشفوا الحقيقة .. وإنني أؤكد على هذا الموضوع كي أحبط مساعيهم في إبعادكم عنا وإبعادنا عنكم.
الثورة انتصرت بالوحدة
يجب أن تعلموا أنه إذا حدثت التفرقة، فلن ننتصر أبداً. لقد انتصرنا بالاتحاد وجئنا إلى هنا بالاتحاد، فإذا تفرقنا عن بعضنا واتحدوا هم، فسيكون مصيرنا الزوال، وإذا هزمت هذه النهضة الآن، فهذا يعني أنها هزمت إلى الأبد. وليس هناك أمل أن تحدث نهضة أخرى مثل هذه النهضة، ولهذا فإن هزيمتنا الآن تعني هزيمتنا إلى الأبد. وأتمنى أن يتروى شبابنا في التفكير بالأمور، وأن يخففوا من حماس الشباب في تعاملهم مع هذه المسائل، وأن يدققوا في خفايا الأمور، وفي الأحداث التي مرت علينا خلال السنوات الأخيرة، وفي الدوافع التي جعلتنا هكذا، وجعلتهم يفرقوننا عن بعضنا. لقد كنتم في طرف ونحن في طرف آخر، والعمال كانوا في طرف، والتجار في طرف آخر، كل شخص كان بعيداً عن الآخر وكان يفكر منفرداً والكل كقطرات المطر المتفرقة، وكل قطرة على حدى لاتستطيع عمل أي شيء، ولكن عندما تجتمع هذه القطرات مع بعضها فستتحول إلى سيل عارم، وعندما يجري السيل، يجرف كل ما يعترض طريقه. ونحن كذلك كنا متفرقين مثل قطرات المطر، ولكن عندما اجتمعنا تحولنا إلى سيل جارف أزال هذا الجدار العظيم من أمامه والذي لم يتوقع أحد له أن يهدم أبداً، ولكنكم هدمتموه بإذن الله، فحافظوا على وحدتكم، ولاتفرطوا بها مهما حدث، وابحثوا عن الأشخاص الجيدين، ويجب أن تقدروا عمل علماء الدين أيضاً، وإن لم تفعلوا ذلك فستقع معركة حقيقية بين فئات الشعب. فليوفقكم الله ويرعاكم، وليحفظ شبابنا داخل البلاد وخارجها، وليعمل الجميع من أجل مصلحة البلد وليحذروا من الانخداع بهذه الدعايات المغرضة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته