بسم الله الرحمن الرحيم
تطبيق التعاليم الإسلامية
أتقدم بجزيل الشكر للأخوة والأخوات القادمين من الكويت وحضروا للقائنا، سائلًا الله تعالى لهم التوفيق.
إن ما ندعو اليه هو ترجمة تعاليم الإسلام على أرض الواقع في جميع الدول الإسلامية وتوفير فرصة جني ثمار ذلك لمختلف الفئات والطبقات، بل نتطلع لأن يعم نور الإسلام الشعوب الأخرى وترتفع رايته خفاقة في أرجاء العالم كله، إن شاء الله. ولكن الشرط الأساسي لتحقيق ذلك هو أن يغير المسلمون أوضاعهم، وأن تغير الدول الإسلامية سياساتها. فمما يؤسف له أن معظم حكومات الدول الاسلامية تتصرف بصورة قمعية مع شعوبها ولهذا تعرض عنها شعوبها، وإذا ما حصلت معضلة لهذه الحكومات فإن الشعوب تقف موقف اللامبالاة، بل وربما تساعد في تعقيد الأوضاع.
كلمة مع الشعوب وأخرى مع الحكومات
أود أن أقول كلمة للحكومات وأخرى للشعوب. فما أريد أن أقوله للحكومات هو أن تأخذ العبرة وتتعظ من حكومتنا السابقة والحكومة الحالية. فالحكومة السابقة كانت تضطهد الشعب وقد أدار الشعب ظهره لها، مما أدى الوضع بها الى أن تواجه الشعب الأعزل بالمدفع والدبابة، غير أن ذلك لم يعيق انتصار الشعب. فعلى الرغم من كل الدعم الذي كانت تحظى به من قبل الجيش القوي الذي كانت تمتلكه ومن القوى العظمى، غير أنها لم تتمكن من البقاء لأن الشعب أدار ظهره لها.
دفاع الشعب عن الحكومة
ولينظروا اليوم الى حكومتنا كيف أن الشعب يقف جنباً إلى جنب معها لحل مشاكلها ويسعى لتقدمها. وقد رأيتم في أحداث كردستان كيف أن الشعب بكل طبقاته، بل المسلمين في العالم، بما في ذلك المسلمون في الخليج، أبدوا رغبتهم للدفاع عن كردستان وقمع المعتدين. فلتأخذ دول العالم هذين النوعين من الحكومات بعين الاعتبار الحكومة التي تقوم على قمع الشعب وكبته والقضاء عليه، والحكومة التي تستمد وجودها من إرادة الشعب. وقد رأينا كيف إن الشعب يهب للدفاع عن الحكومة المنبثقة منه.
حكومة الرسول (ص) والإمام علي (ع)
على المسلمين والدول الإسلامية أن يأخذوا بعين الاعتبار طبيعة الحومة في صدر الإسلام و كيف كان يتعامل الرسول الأكرم- صلى الله عليه وآله وسلم- وكيف كان يتصرف مع الكفار الذين لم تنفع محاولات هدايتهم، وكيف كان يتعامل مع باقي الناس بمحبة ورحمة كأب عطوف رحيم. وكذلك حكومة الإمام علي (ع)، الذي امتدت بقاع الدولة الإسلامية في عهده لتشمل كلًا من الحجاز ومصر وإيران والعراق وسورية واليمن، فلينظروا إلى ذلك الرجل العظيم كيف كان تعامله مع الناس، مع الفقراء والمستضعفين رغم مساحة الدولة الإسلامية المترامية الأطراف. وبطبيعة الحال كان الإمام علي (ع) معجزة لا تتكرر، ولكن بوسع الحكومات أن تأخذ من أسلوبه العبرة والموعظة لإصلاح شؤونها وحل مشاكلها وهذا ما نلحظه اليوم في إيران كيف أن الحكومة منبثقة من الشعب وتسعى لخير وصلاح الشعب، وهذا بدوره يعمل على مساندة هذه الحكومة. فإذا قامت الحكومات الإسلامية بتغيير نهج تعاملها مع الشعوب ليصبح بهذا الشكل فسيمثل ذلك بحد ذاته حلًا لمشاكل تلك الحكومات وتحقيقا لتقدمها.
الحج، مناسبة لتضامن جميع فئات المسلمين
ثمة مشكلة أخرى يعاني منها المسلمون وهي عدم التواصل فيما بينهم، فالمؤمنون كما ذكر الله في كتابه العزيز، أخوة. ولذلك يجب عليهم التعرف والاطلاع على أحوال بعضهم البعض وحل مشاكلهم، لذلك جاء الإسلام بالحج، فالحج فريضة على كل مسلم مقتدر، وإن الدول الإسلامية موظفة بتوفير مستلزمات سفر أبناءها الى مكة كي يتسنى التواصل والتفاهم بين المسلمين ولكن ومع الأسف، فإن المسلمين في غفلة عن أمرهم لايدركون ما يجري من حولهم. فنحن نرى أنه إذا أرادت بعض الدول اقامة تجمع يضم 200 شخص، فكم من المشاق التي يجب تحملها وكم من الأموال التي يجب إنفاقها لإقامة مثل هذا التجمع. أما بالنسبة للمسلمين فقد هيأ الله تعالى لهم هذا الملتقى- الحج- وأمرهم بأن يجتمعوا ويتآخوا، فالمؤمنون أخوة كما ذكر الله تعالى، وإذا لم يقم هؤلاء المؤمنون بإعانة بعضهم البعض فهذا ليس تقصير الإسلام بل تقصيرنا نحن. فإذا حرصنا على هذه الشعائر التي سنّها الإسلام وأدركنا دوافعها وأبعادها، سوف تحل مشاكل المسلمين، ولن يطمع بخيراتنا الآخرون، وبالتالي لن يضحى المليار مسلم أسير عدة أشخاص أو دول. إن هذا المليار بامتلاكه الثروات الطبيعية وعقيدة الإيمان بالله، يشكل قوة لاتقهر، فإن لم يستفد من هذه الطاقات والقدرات المادية والمعنوية المتوفرة عنده بالشكل الصحيح لحل مشاكله وتحقيق تقدمه فهذا قصور منه، ولذلك ينبغي للمسلمين تغيير أنفسهم كي يتسنى لهم تحقيق تطلعاتهم.
اقتراح تأسيس حزب عالمي للمستضعفين
لقد قدّمت اقتراحاً قبل عدة أيام إذا ما تم ترجمته عملياً فإنه سيساعد في تعزيز التواصل إن شاء الله، وهو تأسيس (حزب المستضعفين) الذي يشمل المسلمين وغير المسلمين في العالم، فعندها لن تستطيع الحكومات الاستكبارية اضطهاد شعوبها المستضعفة. فمع وجود (حزب الله)، الذي يدافع عن المظلومين والمستضعفين، سيتم ايجاد حلول لمشاكل المستضعفين والمسلمين جميعاً.
قوة الإيمان، رمز انتصار الشعب الإيراني
كما رأيتم، إن الشعب الإيراني لم يكن يمتلك شيئاً من قبل- وإن ما تشاهدونه الآن من أسلحة فهي غنائم من الحكومة السابقة- إن هذا الشعب لم يكن يمتلك إلا الإيمان بالله، وصرخة (الله أكبر) هي القوة الوحيدة التي كان يمتلكها، إن هذا الشعب عانى الكثير على مدى 2500 سنة، لا سيما الكبت والاضطهاد الذي تعرض له في العقدين الأخيرين، فكيف تبدل إلى هذه الحال الذي نراه فيها، إنها مشيئة الله، لقد شاء الله أن ينهض هذا الشعب ويقف في وجه السلطة الجائرة بعد سنوات من الذل والاستعمار، فخرجت النساء والرجال، والأطفال والشيوخ، إلى الشوارع يطالبون بالخلاص من المستعمر الظالم. لقد نهض هذا الشعب المسلح بقوة الإيمان فقط، ضد النظام المستبد لإسقاطه، فتجمع بعض أبناء هذا الشعب يخططون للثورة على النظام والإطاحة برموزه .. ورحم الله الشهيد قرني «1» الذي كان يقول: إن الحرب بين أبناء الشعب وقوى الشاه دامت ثلاث ساعات فقط وفيها استطاع الشعب بإرادته أن يتغلب على قوة النظام.
نعم هذا هوالإيمان وهذا النصر كان تتويجاً لقوة الإيمان، حيث أن شبابنا كانوا يندفعون للشهادة مدركين تماماً بأنها طريق الخلود الأبدي. فلطالما أتى لي الشبان يلحون عليّ بالدعاء لهم للفوز بالشهادة، وكنت أدعو الله لهم بأجر الشهيد، إن هذه المعنويات التي تجسدت في نفوس شبابنا، هي ذاتها التي كان يتمتع بها الشباب في زمن الرسول (ص)، وهي التي تقف وراء انتصارنا على قوة التجبر والظلم. أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين والدول الإسلامية لتأدية واجباتهم الإسلامية وأن يسدد خطاهم.