بسم الله الرحمن الرحيم
زاد الآخرة، التوحيد وخدمة الإسلام
إنني لا أدري كيف أتقدم بالشكر للشباب المضحين طيلة هذه الفترة! كل ما أستطيع قوله هو أن هذا الأمر كان لله (إنا لله وإنا اليه راجعون) وكم من الأفضل أن يكوم معنا زاد في هذا الطريق الذي لابدّ لنا من قطعه والسير فيه، وأن يكون ذلك الزاد هو زاد التوحيد وخدمة الإسلام!. نحن لا نتمكن من تقييم عمل الشاب الذي يحيي الليل حتى الصباح جهاداً في خدمة الإسلام معرضاً نفسه للخطر! وإلّا فهل يستطيع أحد غير الله أن يجازي هذه الأعمال؟! وهل يمكن ان تكون الطبيعة وزينتها جزاءً لذلك الكائن الذي يقوم من أجل الله وهو يركب الأخطار؟! إن ما يطيب الخاطر هو ان حسابكم مفتوح بين يدي الله تبارك وتعالى، وإلّا فنحن عاجزون عن شكركم! إن الذي لاشك فيه هو أنكم لله وأن الله مثيبكم (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) إن الجنة، التي هي لقاء الله، تكفيكم وما سوى ذلك لا يمكن أن يكون هناك شيء في عالم الطبيعة جزاءً للأعمال التي هي لله! إذ كل ما يتعلق بعالم الطبيعة دون ما هو لله.
الرهبة الإلهية في قلب أعداء الشعب
إنكم جاهدتم لله وإن شاء الله ستواصلون الجهاد حتى النهاية! فكونكم لله أوصلكم الى النصر. إن قوة الإيمان هي التي دفعتكم الى الأمام، لا القوة الطبيعية والمادية، وإلّا فإن هذه القوة الشيطانية والقوة الأخرى التي كانت تدعمها، كانت ترعد وتزبد وتتوعد وأنتم صامدون .. إن ما حيّر العالم وخطّأ كل الحسابات هو أنه كيف يمكن ان ينتصر شعب لا يمتلك الوسائل والإمكانيات ولا النظام! فلو لم تكن إرادة الله- التي صرفت هؤلاء عن المواجهة- ولولا الرعب الذي ألقي في قلوب الكثيرين منهم، لاستطاعوا تدمير طهران كلها في ليلة واحدة! لأن كل شيء كانت تحت تصرفهم. لا تتصوروا أنهم لم يفعلوا ذلك خوفاً من الله، بل إن الله تعالى قذف في قلوبهم الرعب وصرف أنظارهم عما كانوا يفكرون فيه. وكانت هذه إحدى المعجزات التي حدثت في هذه الثورة.
إحباط المؤامرة كان معجزة
والمعجزة الأخرى كانت مؤامرة الانقلاب العسكري في الليالي الأخيرة التي كنا فيها بطهران. وكانت المؤامرة تتلخص بإعلان الأحكام العرفية في النهار، حيث تستقر القوات العسكرية والدبابات في الشوارع ويهجمون في تلك الليلة للقضاء على من يحتمل أن يصدر منه شيء ما. ولم يكن لدينا اطلاع بذلك، فقد حدث (من حيث لا يحتسب) إذ قيل مثلًا (حطّموا الأحكام العرفية!)، فحطم الشعب الأحكام العرفية ولم يتمكن المتآمرون من تنفيذ مؤامراتهم! لقد كان المرحوم قرني- رحمه الله- هنا وقال لي لقد استمرت المعركة بين الجماهير وقوات الحكومة ثلاث ساعات ونصف فقط في هذه الليلة! وانتصرت الأيدي الخالية على الدبابات والمدفعية والرشاشات في ثلاث ساعات ونصف، وكان هذا الانتصار انتصاراً إلهياً أي بعين الله، فحافظوا على رعاية الله هذه! صلوا أنفسكم ببحر الإلوهية اللامتناهي وقلوبكم بمبدأ الخير، فكل شيء من عنده. إنه قريب للجميع وكل الانتصارات والحسنات تحصل بإرادته. كل سيء من عندنا وكل حسنة منه! فاتصلوا به. إننا قطرات ضئيلة، بل لا شيء، فإذا ما اتصلنا ببحر الرحمة الإلهية فكل شيء سيتحقق لنا وسنحصل على القوة.
انتصار القلة من المؤمنين على جيش الكفر
لقد كان الوضع في صدر الإسلام هكذا، كان جمع من العرب لا نظام لهم ولا سلاح وكان لكل جماعة منهم سيف واحد وحصان وجمل، وعددهم قليل جداً. كان عدد كل الجيش الإسلامي ثلاثين الفاً، فيما كان عدد طلائع الجيش الرومي ستين الفاً يعقبها ثمانمائة او سبعمائة ألف! فقال احد قادة المسلمين إذا لم نرد مواجهة هؤلاء بالشكل المألوف فلابد لنا من ان نعمل ما يخيفهم. فليأت معي ثلاثون رجلًا لنقاتلهم. فقالوا لا يمكن ذلك، وأخيراً وافق على أن يكون معه ستون رجلًا. فأقدم ستون رجلًا مؤمناً على هجوم ليلي مباغت من أجل الله وأوقعوا الهزيمة بطليعة الجيش الرومي، فكان ذلك سبباً في انتصار هؤلاء الثلاثين ألفاً على الروم وإيران وقد كانتا تملكان كل شيء! حتى قيل إن عدّة خيولهم كانت من الذهب ولكن لم يكن لديهم إيمان وكانوا خاوين ولم يكن لديهم هذه المعنوية التي نمتلكها نحن والتي تقضي بأننا لو قَتلنا أو قُتلنا لدخلنا الجنة.
روحية طلب الاستشهاد سرّ الانتصار
إنني واثق بأنكم منتصرون إن شاء الله، لأنني أرى شعبنا اليوم يتمتع بهذه المعنوية! إنني من النجف وإلى هنا، ألتقي شباباً في ريعان شبابهم، جاء أحدهم في النجف وجلس أمامي وصار يقسم عليّ بأن أدعو له بالشهادة!. وبعدها عندما جئنا الى هنا فوجدنا النساء والشباب يطلبون الاستشهاد ايضاً. حيث أن المرأة التي ضحت بأولادها تقول: إنني بقي لي ولد أو ولدان أريد أن أضحي بهما ايضاً! إن هذه الروح هي التي تجعلنا واثقين بأنفسنا وهي أفضل من كل دبابات الدنيا! إن هذه الروح هي ما تفضّل بها الله تبارك وتعالى علينا! فحافظوا عليها. إنها أمانة فاسعوا لحفظها. ومادامت هذه الروح والهبة الإلهية لديكم فلاتخشوا شيئاً، ولا تفكروا في أنهم لماذا لم يقولوا لكم أحسنتم ولم يعطوكم أجراً؟! الله معكم وإمام الزمان- سلام الله عليه- يدعو لكم! إذن مم نخاف؟! إن طريقنا هو طريق الله، فإذن مم نخشى؟! ونحن الذين وقفنا بوجه هذه القدرة الشيطانية التي نهبت منا كل شيء، أنقتل؟! حسناً، لقد قُتل كل شبابنا. فهل نخاف أن ينتصروا علينا؟! حتى لو انتصروا علينا فلن نخاف، لأننا على الحق سواء غلبنا أم غُلبنا. إننا على الحق وسننتصر إن شاء الله! فكونوا مطمئنين. لتتصل قلوبكم بمبدأ الخير وناجوا الله. في هذه الليالي التي تحملون فيها أسلحتكم على أكتافكم، وجّهوا قلوبكم الى مبدأ الوجود واتصلوا ببحر رحمته العظيم ولا تخافوا من أي شيء! ولا تتوقعوا من غيره شيئاً، ولا تفكروا بغيره، ولا تعرفوا شيئاً غير قدرته، فهو كل شيء. رزقكم الله الاطمئنان والإيمان الكامل وحشركم مع شهداء كربلاء، ووفقنا جميعاً للعمل بواجباتنا التي تقع على عواتقنا!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته