بسم الله الرحمن الرحيم
مسؤولية الجمعيات الإسلامية
عندما تفتح الجامعات أبوابها سأتحدث عن بعض القضايا فيها وسيكون حديثي آنذاك بالتفصيل إن شاء الله. ولكن اغتنم وجودكم الآن أيها السادة من الجمعيات الإسلامية لأبين لكم بعض الأمور. أحدها أن على الجمعيات ان تقوم بواجباتها. فلن يقبلوا أننا اسلاميون مالم نعمل أنفسنا بالإسلام. كما أن الجمهورية الإسلامية لا تقبل منا إذا لم يكن محتواها إسلامياً! وعلى هذا فإن أول واجبات الأفراد الذين يؤسسون الجمعية الإسلامية هي أن يكون طريقهم وعملهم وأخلاقهم اسلامياً وأن يبنوا أنفسهم، بمعنى أن تكون كل أمورهم مطابقة للاحكام الإسلامية. وأن يحيطوا بكل أبعاد الأحكام الإسلامية قدر المستطاع: لم جاء الإسلام، وماذا يريد أن يقول، وأي مبدأ هو؟ وأن يميزوا المدرسة الإسلامية عن سائر المدارس وما تدّعيه، وعند ذلك يبدأون بالنشاط الإسلامي!
خطورة استغلال الجمعيات الإسلامية
إن الجامعات أكثر حساسية من جميع الأماكن، أي لابد للجامعات من تربية الانسان السوي. كما أن مقدرات بلادنا بأيدي هؤلاء، ومن هنا فإن الذين لا يريدون لبلادنا أن تنتظم، لديهم حساسية تجاه الجامعات ولا يريدون ان تكون الجامعات مفيدة للمجتمع. فلابد من التدقيق في هذا الموضوع بذكاء كي لا ينفذوا الى أوساطنا ويعملوا على انحراف الجمعية الإسلامية باسم (الجمعية الإسلامية)! إنهم (أي الأجانب وأولئك الذين يسعون الى نهب ما لدينا وأن لا يكون بيننا جامعي أو عالم دين يمكن أن يقف بوجههم) شياطين ربما يتغلغل عملاؤهم في الجمعيات الإسلامية ليضلوها ويمارسوا باسم الإسلام اعمالًا أخرى! فلابد أن يكون اعضاء هذه الجمعيات على درجة من الذكاء بحيث لايسمحون للآخرين بالنفوذ فيها وألّا يقتفوا اثر الآخرين.
ولقد كانوا في السابق ايضاً يأتون باسم الإسلام والقرآن بأمور لا علاقة لها بالإسلام، بل ومخالفة لمسيرة الإسلام، ويطرحونها في المجتمع! فلابد من دراسة وضع الأفراد بدقة متناهية، فكم هناك من افراد أكثر إسلامية منكم في الظاهر وحسب ادعائهم، ومن الممكن أنهم يؤدون واجباتهم الدينية أكثر منكم، ولكنكم حينما تطالعون أوضاعهم ترون أن سلوكهم يختلف عن سلوككم، وأن تلك الإسلامية التي يتشدقون بها ليست بالإسلامية التي يتوخاها الإسلام. لهذا لابد لكم من معرفة الذين تريدون ادخالهم الى جمعياتكم وأن تطلعوا على ماضيهم وما هي حقيقتهم وأهدافهم ومن هم آباؤهم وأين يسكنون وما هي مؤهلاتهم، لكي تكون الجمعية الإسلامية إسلامية حقاً ومفيدة للمجتمع. ومن الممكن أن يدخلوا الجمعيات الإسلامية بزي اسلامي ولكنهم يريدون إضلالها وأن يشكلوا في مقابلكم مجموعة أخرى ويصنعوا شيئاً آخر بمظهر اسلامي! طبعاً العمل شاق، لكن لابد من تحمل المشاق.
وصايا مهمة للجمعيات الإسلامية
إن من يريد الخدمة وإنجاز العمل الايجابي وإصلاح الجامعات في سائر انحاء البلاد وتطهيرها من العناصر الفاسدة، فإن عمله شاق، ولكن عظمة العمل الجليل تستلزم تحمل المشكلات! إن معضلات الأعمال القيمة قد تفوق المعضلات في الأعمال الأخرى، ولذلك أوصي الجمعيات الإسلامية في ارجاء البلاد والتي تريد البدء بممارسة النشاطات- ولم يبق على افتتاح الجامعات سوى بضعة أيام- بضرورة الاهتمام بذلك!
لابد من الالتفات الى أعمالكم وممارساتكم كي لا تخرج عن الأطر الاخلاقية الإسلامية، ويجب أن يبدأ الانسان بتهذيب نفسه. فالذي يتطلع لتهذيب المجتمع عليه أولًا أن يهذب نفسه. وهكذا الجماعة التي تسعى الى اصلاح مركز معين وتجعله اسلامياً، فإذا لم يكن افراد هذه الجماعة أنفسهم صالحين فلن يتسنى لهم اصلاح الآخرين. إن الذي يرتكب مخالفة تتعارض مع التوجهات الإسلامية لا يستطيع أن ينهي الآخرين عن ارتكابها. ولذلك لابد من الحيطة والحذر والتدقيق في الجوانب التي سبق الاشارة اليها، كي يتسنى لنا امتلاك جمعية سليمة مؤثرة بوسعها ان تحقق اعمالًا كثيرة نافعة.
تربية الإنسان هدف جميع الأنبياء
إن عملكم قيم جداً. فلقد جاءت كل الأديان لتربية الإنسان، وموضوع بحث الأنبياء في الأساس هو (الإنسان) ولا يفكرون بشيء غيره. ذلك لأن الإنسان هو خلاصة العالم. ففي الإنسان شيء من جميع موجودات العالم وفيه إضافة ايضاً. وإذا ما صلح الإنسان صلح كل ما في العالم! ولو نجح الانبياء في تربيتهم للانسان لكان العالم الآن عالماً آخر، ولكن لم ينجحوا لوجود العراقيل. وإن العمل الذي تمارسونه هو فرع من ذاك العمل. إنكم تريدون أن يتخرج من جامعتكم افراد يكون كل منهم إنساناً- وهذا ما لا يريده الآخرون-. إن خوف الأجانب من (الإنسان) أشد من كل شيء سواه، وإن العالم كله بأيديهم ولو وجدوا أربعة من جنس هذا الإنسان في مكان واحد لدمروا حياتهم. لذلك يسعون لكي لا يوجد انسان في البلدان التي يريدون استغلالها. فلقد كانوا ومنذ عهد رضا خان يسعون كي لا يوجد في مجلس الشورى الوطني وفي كل الدوائر والوزارات إنسان واحد مهذب وإسلامي وقادر على العمل!. والآن أيضاً يتوجهون بعين طمعهم الى هنا. فالثروات التي تملكها البلدان الشرقية وايران لا تدعهم يستقر لهم قرار. خاصة وأن ايران تتمتع بموقع جغرافي حساس.
الأجانب وراء الاضطرابات التي تشهدها البلاد
إنهم لا يكفون أيديهم عن ايران، سواء الشرقيين أو الغربيين. إنهم يقفون وراء كل المشاكل والاضطرابات التي تحدث في البلاد لكي لا يدعوا البلاد تنعم بالهدوء والنظام! فقبل ذهاب الشاه ووريثه الخبيث (بختيار) كنتم تلاحظون المساعي الحميمة لابقائه، وبعد ذهابه ازدادت النشاطات ايضاً لكي لا تقام الجمهورية الإسلامية. إنهم يخشون الجمهورية الإسلامية ولم يكن خوفهم من الجمهورية وإنما من (إسلاميتها)! إن أولئك الذين كانت أقلامهم تابعة لهم أو الذين لم ينتبهوا وانبهروا بالغرب، كتبوا: ما الحاجة الى ذكر كلمة الإسلامية؟ فلتكن الجمهورية أو الجمهورية الديمقراطية! وأخيراً رضوا بأن تكون (جمهورية اسلامية ديمقراطية)!.
إنهم يخافون من الإسلام والنظام الإسلامي! فقد أزال المسلمون بكلمة الإسلام نظام الشاه، وجاء الآن آخرون لم يساهموا (في الثورة)، يريدون الجلوس على هذه المائدة! إن الذين كان لهم دور، هم هؤلاء المستضعفون الذين هرعت نساؤهم ورجالهم الى الشوارع والاسواق وواجهوا الدبابات والمدافع والرشاشات، والآن رأينا فجأة اولئك الذين كانوا مؤيدين للنظام البائد قد جاؤوا من اوروبا واميركا وأطراف البلاد وأكنافها ليصبحوا ثوريين ومعارضين لنظام الشاه! وكل من جاء الى هنا يقول إنني كنت منذ البداية معارضاً لنظام (الشاه) وقد رأيت مصائب!- إنهم يظنون أنني جئت من المريخ وليس لي علم بأوضاعهم!- لقد كانوا في يوم ما شاهنشاهيين جميعاً، (إن أمر الشاه هو أمر الله)! وحينما كان لواؤه يخفق كانت قلوبهم تخفق له، والآن وقد سقط ذلك اللواء وارتفع لواء الإسلام انضووا تحت هذا اللواء! ولكن بعضهم أبالسة يقفون تحت هذا اللواء ويعملون بخلافه! وبعضهم يسعون للاستفادة فقط، فهؤلاء أقل ضرراً. إلّا أن هناك جماعة إما ضالون وإدراكهم ناقص، أو إنهم يعملون ضمن مخطط وقد قال لهم الآخرون اعملوا هذا العمل فيعملون، وهؤلاء خطرون طبعاً!
أدلة معارضي ولاية الفقيه
إن هذه الفتنة الآن ايضاً تسعى بما تتحدث أو تكتب للحيلولة دون مجيء الإسلام! فمسألة ولاية الفقيه التي طرحت خلال هذه الايام تشكل خطراً عليهم لأنها تقيم حكومة اسلامية وهي ما لا يريده هؤلاء، لذلك يقول احياناً (دعوا علماء الدين يحتفظون بقداستهم)! وقداسة علماء الدين التي يتحدث عنها هؤلاء معناها هو أن ينشغل علماء الدين بالمسجد والمحراب ويدعوا السياسة للقيصر! فكما يقال: المسجد للبابا والسياسة للامبراطور (ما لبولس لبولس وما لقيصر لقيصر)! وهؤلاء ايضاً يقولون صلّوا في مساجدكم وألقوا الدروس إذا ما أردتم ولكن بحدود لا أن تتخذوا من المسجد والمدرسة خندقاً ضدنا فتضايقونا! وإنما كونوا بهذا القدر الذي يحفظ قداستكم حتى يقول الناس فيكم إن فلاناً رجل مقدس ومهذب ولا ينطق بكلمة واحدة ولو نهبوا نفطه. أو يقول: (أي قيمة لمال الدنيا)! إنهم يريدون قداسة كهذه! ولا يعلمون بأن الإسلام ونبي الإسلام وأولياء الإسلام كانوا يمارسون هذه المسائل رغم قداستهم، وكانت قداستهم وربانيتهم بكاملها محفوظة ومع ذلك فقد أزاحوا بعض الأشخاص المخالفين لمسيرة الانسانية وكانوا يحافظون على سياسة البلاد!
أو (هل تقولون) بأن يكون علماء ديننا أكثر قداسة من أمير المؤمنين (ع)؟! هل هذا ادعاؤهم أم لا يقولون بقداسته؟! إن منطق هذا الشخص الذي يقول دعوا علماء الدين يحتفظون بقداستهم، هو أن النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) لم تكن لهما قداسة لتدخلهم في شؤون البلاد! إذن بات معلوماً أنك لا تريد حفظ قداستنا وإنما هي أساليب شيطانية تمارسها بغية إقصاء علماء الدين ليحل محلهم الأسياد!
فلابد من ملاحظة هذه الأمور بدقة، أمعنوا النظر في كلامهم لما يتضمن من خفايا، وهم يريدون بذلك خداع البلاد والشعب! فأيقظوهم وأجيبوا على كلامهم بكلام وعلى مقالاتهم بمقالات وأفهموهم بأن القضية ليست هذا الكلام! ذلك أن الشعب قد صوت للاسلام بنسبة ثمانية وتسعين أو ثمانية وتسعين ونصف في المائة «1»، كيف يقولون (لا نريد الإسلام)! فهذا هو خلاف لمسيرة الشعب. إن شعبنا صوّت للاسلام بوعي وإدراك، وهؤلاء يتهمون الشعب بالجهل والحماقة!
شروط الولي الفقيه
إنكم سوف تعانون من هؤلاء فيما بعد! وعندما تفتح الجامعات أبوابها سوف تبتلون بمثل هؤلاء الأشخاص، فيأتون احياناً بوجه اسلامي ويطرحون هذه المسائل، مثلًا أن: ولاية الفقيه دكتاتورية وينبغي أن لا تكون! والحال أن الإسلام يسقط الفقيه الذي يمارس الدكتاتورية في أمر من الأمور! والإسلام لا يعتبر كل فقيه (ولياً) وإنما من يجمع العلم والعمل وينهج نهج الإسلام وسياسة الإسلام. والانسان الذي قضى كل عمره في الإسلام والمسائل الإسلامية، وليس إنساناً ضالًا، فلابد أن يراقب الأمور شخص بهذه الصفات كي لا يعمل كل شخص ما يحلو له! وقد يأتي هؤلاء أحياناً بهذا الوجه المصطنع فيقولون مثلًا سوف يكون كذا! وسوف تتسلط علينا دكتاتورية (العمامة والعصا)! ويرددون امثال هذا الكلام الذي يلقونهم اياه، إنهم كالأطفال الذين يلقنون كلاماً، إنهم هكذا أشخاص!
الدليل والمنطق بدلًا من الصدام
إنكم ستعانون بعد الآن من مثل هذه المسائل، فلابد أن تبحثوا وتتشاوروا فيما بينكم بوعي وتتقدموا بمنتهى الوعي نحو الذين يريدون ان يوجدوا نوعاً خاصاً من الحرية باسم الحرية والديمقراطية وامثال هذه المصطلحات الجذابة التي لم تتخذ لها معاني مفهومة ومحددة في أية نقطة من العالم لحد الآن. إذ يفهمها كل واحد على طريقته، وأمثال هؤلاء يريدون ترجمة هذه المصطلحات المثيرة للجدل .. عليكم أن تتقدموا نحوهم بمنتهى الوعي، وبدون أي صراع، وقولوا لهم ماذا تقولون؟! وعندما يريدون إثارة ضجة- وأكثرهم هكذا- اجتمعوا وقولوا لهم اجلسوا يا سادة وتكلموا! عندئذ ترون أنهم ليس لديهم شيء يقولونه! وإنما يريدون إثارة الاضطراب وألا يسمحوا بفتح الجامعات. وإن عقدوا اجتماعاً بمائة أو ألف شخص فقابلوهم بعشرة آلاف أو عشرين ألفاً واطرحوا مسائلكم دون أن تتنازعوا. آمل أن لا نصل الى مثل هذه الحالة، ولكننا إذا أدركنا يوماً أنهم يريدون التآمر، فمن الممكن أن يكون لنا موقف آخر!
آمل أن تعملوا- بعد هذه المواضيع التي طرحتها- بهذه الموازين، وطبيعي أن من الضروري وجود جماعة تراقب هذه الأمور وأن تنجز الأعمال بإشراف مؤمنين مطلعين ومتدينين، وسيكون لي حديث مفصل خلال اليومين أو الثلاثة أيام القادمة حول الجامعات. وأرجو- إن شاء الله- أن تكونوا موفقين في هذه الخدمة التي تقومون بها، واستقطبوا أشخاصاً آخرين مع ملاحظة ماضيهم واعملوا على زيادة عددكم!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته