بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة يقظة علماء الدين
كلما يقع نظري على هذه الوجوه النورانية وجنود الرحمن اشعر بالسرور. إنني آمل أن توفقوا الى تحقيق أهدافكم في هذا الظرف الذي نحن بحاجة الى تعريف الإسلام- كما هو- للعالم. وكما كنتم موفقين لحد الآن ومنصورين، أسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم وينصركم فيما تقدمون من مشاريع وما تعقدون من اجتماعات. إن كل قلقي وخوفي هو أننا نحن الروحانيين الذين ينبغي أن نكون حراساً للاسلام وفقاً لواجباتنا الإلهية، قد نعطي- لا سمح الله- ذريعة لأولئك الذين يبغون خصامنا! والآن وهم لا يمتلكون تلك الذرائع، يقولون إن علماء الدين والفئات الدينية مستأثرون بالحكم! علماء الدين يمارسون الاستبداد .. علماء الدين يريدون أن يحكّموا سلطتهم على كل شيء .. الفئات الدينية تسعى للانفراد بالسلطة. الى غير ذلك من هذه المقولات الواهية التي لا أساس لها.
جهود علماء الدين في تقدم الثورة
إنهم غافلون عن أن علماء الدين هم الذين أخرجوكم من الزوايا، وإلّا كنتم مدفونين! أنتم الذين كنتم أنصاراً للنظام البائد، وقد قال بعض مؤيديكم بصراحة لابد أن يبقى النظام السابق! وحتى لو لم تكونوا مؤيدين، لم تجرأوا على قول كلمة واحدة أو كتابة سطر واحد بأقلامكم! إن علماء الدين الذين تقولون عنهم الآن إنهم مستأثرون بالسلطة، هم الذين رفعوا التسلط عنكم! فهم رفعوا التسلط لا أنهم تسلطوا! إن الشعب المحب للاسلام والعاملين له قد وصلوا بهذه الثورة الى ما هي عليه الآن بفضل قوة علماء الدين والإسلام! إن جهود الشعب وعلى رأسه علماء الدين، هي التي جاءت بكم من الخارج الى الداخل وأخرجتكم من الزوايا ومن الصمت الى ميدان الكلام وجددت أقلامكم المحطمة! إنكم وبدلًا من تقديم الشكر والثناء لهم- علماً بأنهم لا يريدون منكم أجراً أو ثمناً ولا منصباً أو مقاماً- تبدون الأسف قائلين ينبغي ألا يؤول أمر شعبنا الى حالة كذا! ترى من أنتم وأية علاقة للشعب بكم؟!
استفتاء الشعب للجمهورية الإسلامية انتصار للدين
إن الشعب هو ذلك الذي صوّت لصالح (الجمهورية الإسلامية) بنسبة تقرب من تسعة وتسعين في المائة، وأنتم كنتم تقولون لا ل- (إسلاميتها)! لقد جمعتم كل قواكم- ورغم تزويركم ايضاً- فقد بلغت اصواتكم واحداً في المائة أو اكثر بقليل! وأكثر من ثمانية وتسعين في المائة كان نصيب الشعب أي المسلمين والملتزمين بالدين، أي إن الدين هو الذي انتصر، وأنتم تخافون الآن من الدين. إنكم لا تعتبرون الشعب شيئاً وبعدها تقولون (شعبنا)! شعبكم، أي الشعب الايراني هو ذلك الذي عندما يقال له انتخب ممثليك لمجلس الخبراء يعرف ماذا يفعل! إن مجلس الخبراء مجلس لتحديد ووضع قانون لا يتعارض مع الإسلام!
الرد على اتهام الاعداء
إننا نريد الجمهورية الإسلامية، والجماهير تعرف من الذي ينبغي أن تختاره لتمييز الأحكام الإسلامية وترسله الى المجلس! إنكم لا تعتقدون بالإسلام ولو كان لديكم اعتقاد فإنما هو اعتقاد باسلام جاف لا شأن له بعمل، فهل تريدون من الشعب أن ينتخبكم! فماذا تعنون ب- (شعبنا)؟! إن الشعب هو ذلك الذي حدد مصيره بنفسه وفوّض عدداً من علماء الدين والمجتهدين في مجلس الخبراء لوضع الدستور، فأي اعتراض لديكم؟! فهل تقولون يجب اقصاء هؤلاء السادة جانباً بالقوة والاتيان بجماعة من الديمقراطيين؟! إنكم يا من تتحدثون عن الديمقراطية، تكذبون! فأي جانب من الديمقراطية تضعضع؟! فهل كان الاستفتاء الشعبي بقوة السلاح؟! فهل أن علماء البلاد الذين تحملوا العناء الى هذا الحد، وكنتم آنذاك تغطون في النوم او كنتم تجلسون في البروج وتستفيدون من الحكومة الطاغوتية ايضاً؟ وهل إن هؤلاء الذين كانوا يرزحون في السجون ويعانون من النفي أحياناً، هم انتهازيون، وأنتم الذين جلستم على المائدة بعد صفاء الجو ألستم انتهازيين؟! فهل شكل مجلس الخبراء برؤوس الحراب؟! أي دكتاتورية مارسها علماء الإسلام؟! أي دكتاتورية؟! هل تريدون تطهير (المجرمين) الذين أدانتهم المحاكم الإسلامية وتقولون بأنها مارست الدكتاتورية! يعني أن هؤلاء اعدموا (بالأساليب) الدكتاتورية! إنكم قد تناولتم اقلامكم وتباكيتم من أجل نصيري «1» وهويدا «2» ومحمد رضا خان، فهل تعتبرون أنفسكم بشراً ووطنيين؟!
ترى لماذا وقفتم بوجه الشعب؟! أنتم الذين ما تفوهتم بكلمة واحدة (ضد النظام البائد) والآن وقد اتاح لكم رجال الدين أن تتنفسوا، أصبحتم تقفون بوجوههم، فهل هذا صحيح؟! وهل هذا انصاف؟! وهل لديكم انصاف حينما تقفون بوجه هؤلاء الذين اخرجوكم من الزوايا واظهروا وجودكم فاستعرضتم وجودكم تجاههم، ومع هذا لم يعترض عليكم منهم أحد؟! فهل إنكم تخافون الآن من الشعب والدين واستئثار المتدينين بالسلطة؟! أي استئثار ذلك الذي فعلوه؟! لماذا يكون الانسان بلا انصاف وعدواً للاسلام وعلماء الدين الى هذا الحد؟! حسناً، فلقد كانت الحكومة السابقة تسحق العلماء والدين بهذا الشكل، وها أنتم قد جئتم تتحدثون بنفس اللغة! هذا فيما يخصهم.
ضرورة تجنب علماء الدين الشبهات
أما ما يخصكم أنتم أيها السادة وكل علماء الإسلام، فإننا الآن نمرّ في ظرف حساس، فلو شاهدوا واحداً من شبابكم- لا سمح الله- يرتكب خطأ لشرعوا بالطعن والتهم بأن (هؤلاء هذا هو عملهم، ونحن كنا الى ما قبل الآن نعاني دكتاتورية بهلوي، ومنذ الآن وما بعده نعاني دكتاتورية العباءة والعمامة)! في حين أنكم لم تقوموا بعمل سوى وجود قاض روحاني في كل محكمة لينظر أو يحكم على المجرمين الذين سحقوا هذا الشعب لمدة خمسين عاماً (من حكم الأسرة البهلوية) فقتلوا شبابنا أو أمروا بقتلهم! إنني أعلم أساساً أن فيهم عرقاً مجوسياً أي أن دماءهم دماء قومية بالمعنى الذي يقوله المجوس- ولست أعني هؤلاء الزرادشتيين الذين أكثرهم أناس شرفاء- فلو صدر مني ومنكم- لا سمح الله- عمل يتعارض والموازين الإسلامية، فإن هؤلاء المغرضين سيطعنون بالإسلام!
الواجب الشرعي- الإلهي لعلماء الدين
إذن فإنني وإياكم وعلماء الدين كافة نتحمل مسؤولية شرعية إلهية لحفظ سمعة الإسلام والثورة الإسلامية! فلابد لنا من حفظ ماء وجه الإسلام! فلا تتصوروا أن القضية اليوم تخصكم وتخصني! إنها قضية الإسلام وها نحن الآن في وضع يتردد فيه الأمر بين دفن الإسلام تحت أقدامنا- لا سمح الله- أو أن تنتصروا إن شاء الله! فلو هزم علماء الدين والإسلام في هذه الثورة- لا سمح الله- فإن تلك الهزيمة سوف تكون هزيمة أبدية!
إنني قلت مراراً بأننا نمتلك بضاعة قيمة تفوق كل المدارس التي تدعى بالراقية، ولكننا لم نستطع عرضها مع الأسف، حيث ظلت دفينة الكتب ولدى أهل العلم ولم تعرض خارجاً. ولم نتمكن من الاستفادة من الإسلام بالشكل المناسب وعرضه على العالم لنقول هذه هي بضاعتنا. اعلموا أن هؤلاء الذين يقفون بوجه علماء الدين والإسلام والدين، يخشون عرضنا لهذه البضاعة، حيث يتبين عند ذلك أن المسائل التي يتحدثون عنها لا واقع لها ويجب أن ينصرفوا الى أعمالهم! وإذا عرض الإسلام (كما هو) ليس فقط ان ايران ستقبله وإنما سيقبله الجميع! إن هؤلاء كلهم يخشون من الإسلام إذا ما تحقق كما هو، لذلك لا يطيقون تحمله. فلابد لنا من السعي لتحقيق هذا الأمر إن شاء الله، ويتعرف العالم على حقيقة الإسلام، وآمل أن توفقوا أيها السادة في ظل الإسلام!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته