بسم الله الرحمن الرحيم
الجمهورية الإسلامية والنظام الشاهنشاهي
كلما ألتقي أمثال هؤلاء السادة، أرى من الضروري إثارة بعض الموضوعات، والتي سبق لي أن تحدثت بها لفئات أخرى.
إن أحد الفروق بين الجمهورية الإسلامية والنظام الشاهنشاهي الفاسد، هو أن في قمة المسؤولية للنظام الشاهنشاهي أفراداً خونة وهم يخافون من الشعب لما ارتكبوه من أعمال خيانية، ولذلك كانوا ينشئون الجيش بشكل يقف معهم في مواجهة الشعب بغية المحافظة على أنفسهم، وكان الشعب والجيش في مواجهة بعضهم البعض في تلك الأنظمة! وكان الجيش يشيع الرعب في أوساط الجماهير، فيما تقوم هذه الجماهير بعرقلة الاعمال ما أمكنها. ذلك أن الجيش ومديرية الأمن والدرك والشرطة كلها كانت تعمل في خدمة الطاغوت وكانت مهامهم المحافظة عليه (على الشاه). وكانوا يربون افرادهم على اسلوب خاص ليعاملوا الشعب بقسوة. فإذا ما ذهب عسكري الى السوق كان يرغب في أن يفرض سلطته على الناس ويثير ضجة، وكان الناس يعرضون عنه وينفرون منه. وهكذا كان الأمر مع الشرطة وأسوأ منه مع مديرية الأمن!
أما في النظام الإسلامي فإن رسول الإسلام (ص) وقد كان في عصره يتربع على قمة المسؤولية، إذا ما جلس (مع المسلمين) في المسجد، فلا يُعلم أيهم كان الرسول! حيث لم يكن هناك عتبة وصدر، فلم يكن لديهم بطانية ووسادة وكرسي وسرير وعرش! لعله لم يكن في مسجده حتى حصير، وربما كانت حيطان المسجد أقل ارتفاعاً من قامة الانسان. وكان الرسول يجلس بين الناس وعندما كان يأتي احد من الخارج لا اطلاع له، كان- كما يروى- يقول أيكم الرسول؟ فلم تكن هناك تشريفات في الجلوس بحيث يعرف كل من يأتي أن هذا هو (آريا مهر)! ففي ذلك اليوم الذي بايعوا علياً أمير المؤمنين- سلام الله عليه- وهي بيعة في بلاد كانت أضعاف ايران وكانت ايران نفسها جزءاً من البلاد الإسلامية آنذاك، أخذ مسحاته ومعوله بعد البيعة وذهب الى عمله! فلم يكن يخشى الشعب لأن كل ما قام به كان لصالح الشعب، والذي يقوم بعمل يفيد المسلمين لن يخاف من الشعب، والشعب يدعمه.
الشعب والنظام البهلوي
لاحظوا المرحلتين اللتين شاهدناهما جميعاً- وإن كنت قد شاهدت اكثر مما شاهدتم- عندما كانت مشكلة تحدث للحكومة والشاه والوزير يصرخ الجميع (إن مشكلة قد حدثت)! فماذا كان يفعل الناس؟ إن الذي كان بإمكانه أن يتكلم، كان قوله يتلخص ب- (أرجو الله أن تزداد!) أو يعمل على زيادة المشكلات! ومن لا يستطيع فما كان مهتماً بشيء من هذه المشاكل. فعندما هاجمت الدول الثلاث (بريطانيا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة) ايران واستولوا عليها- إنكم لا تذكرون، كنت آنذاك في قم- وكانت كل أمور الناس في خطر، إذ دخلت البلاد جيوش ثلاثة اعداء، لكنه عندما سمع الناس أنهم طردوا رضا شاه ارتاحوا وصاروا يدعون، ولعلهم تبادلوا التهاني! وقد نصحت هذا الثاني (محمد رضا) بألّا تقوم بأعمال تجعل الناس يفرحون إن رحلت، كما فرحوا برحيل أبيك! وهذا ما شاهدتم بأعينكم. فعندما ذهب لم أكن هنا لأرى ماذا فعل الشعب، لقد زينوا الشوارع وأناروها! لأنه جعل من الشعب جبهة معارضة له. فلم يكن للشعب ذكر لدى هؤلاء. فلقد كانوا يصرفون قواهم ما استطاعوا لسحق الشعب، وحينما يكون أول أهدافهم سحق الشعب، ينبغي ألا ينتظروا من الشعب شيئاً!
دعم الشعب للحكومة في نظام الجمهورية الإسلامية
وفي هذه الحكومة التي لم تصبح اسلامية بشكل تام بعد، وإنما هب نسيم بسيط من الإسلام على ايران، رأيتم ماذا عملت كل فئات الشعب عندما حدثت قضية كردستان! فلا العسكريون وحدهم ولا الحرس، وإنما جاءت الى هنا كل فئات الشعب من الأزقة والأسواق وقالوا نطلب إذناً للتوجه الى كردستان! فقلت: لا، ليس ضرورياً. والحمد لله فقد حلها الجيش والحرس الثوري. ترى لماذا كان هذا؟ لأن الشعب كان يرى بأن حكومته لا تريد أذاهم وتعذيبهم. إن رئيس وزرائكم يمشي بين الناس ويأتي ويذهب في هذا الزحام والناس يتدافعون معه بالأكتاف! لأنه واحد منهم والناس يدعمونه. ففي اليوم الذي تحدث له أو للبلاد مشكلة فإن الناس يدركون بأن البلاد بلادهم ويقولون: إن المكاسب لنا ولابد لنا من المحافظة عليها.
فينبغي أن تكون هذه عبرة للجيش والقوات العسكرية. فليطالعوا القطبين وليأخذوا العبرة بأنه عندما كانت الأمور تجري بذلك الشكل كان الشعب يعرقل العمل، والآن يقف لصالح هذه الحكومة ويسير معها. إن أمثال هذه الأمور يجب أن تكون عبرة للجيش وللقوات المسلحة. ليتأملوا في ذلك ويتعظوا منه. فالناس كانوا يتعاملون مع النظام الشاهنشاهي بنحو يعرقلون الأمور ويتهربون من المسؤولية قدر المستطاع. بيد أن الناس في الجمهورية الإسلامية متآزرون ومتكاتفون مع الحكومة. فها هو جهاد البناء. فهل تتصورون إن مثل هذه المؤسسة يمكن قيامها في العهد البائد؟ وقد رأيتم كيف أن جهاد البناء في ظل الجمهورية الإسلامية وكيف أن الشباب بنداء واحد يأتون من كل حدب وصوب للمساهمة في نشاطاته. حيث يأتي الشباب من اميركا ليذهبوا الى القرى لمساعدة المزارعين في الحصاد. وقد شاهدتم جميعاً على شاشات التلفزيون كيف أن الرجال والنساء المحترمين يقفون جنباً الى جنب مع اخوتهم المزارعين ويعملون معاً وكأنهم في منازلهم.
التفاهم وليس عرض عضلات
لابد لنا من الاتعاظ بهذه المشاهد حينما تكون وطنية واسلامية، حيث اصبح العمل للناس جميعا. فليدرك الجيش بأن البلاد لا يمكن أن تدار بإظهار القوة حتى النهاية! وإنما بالتفاهم. فعندما يدرك الشعب بأن الجيش جيشه سوف ينثر على رأسه الورود، كما رأيتم ذلك. ولكن حينما يرون بأنهم اينما يضعون اقدامهم يسحقون، وإذا ما أراد أحدهم الذهاب الى احد مراكز الشرطة للمطالبة بحقه يرتجف قلبه خوفاً. أما الآن فإن الجميع يعمل من أجل الشعب وفي خدمته .. والشعب بدوره يتعاون مع حكومته ويدعمها. ومثل هذا عبرة لنا جميعاً لنعي مسؤولياتنا.
بشرى تحقق الإسلام في ايران
إن مضامين الإسلام لم تتحقق في ايران الى الآن، وعندما يتحقق ذلك إن شاء الله كما يريده الله والرسول فسيصبح واضحاً ماذا يعني كل من الحكومة الإسلامية والحكومة الطاغوتية! عندها سوف تتعزز أواصر اخوتكم وتعمر البلاد وتزول الجنايات والخيانات. إنني آمل أن نضع يداً بيد من أجل الاصلاح وإنقاذ البلاد من أيدي الأعداء فيدعم بعضنا بعضاً ونكون خدمة للاسلام! إن أولئك الذين خسروا مصالحهم يحدقون بنا عسى أن يأتوا ثانية بنظام نظير نظام الشاه أو بما هو أسوأ منه كما يتصورون. وآمل أن لا يكونوا موفقين!
والمهم هو أن الشعب قد استيقظ الآن ووعى وعرف واجبه، وهذا هو محط آمالنا، حيث لم تعد الثورة مرتبطة بشخص أو بهذا وذاك وإنما ينهض الجميع لله! والآخرون ليسوا بشيء فلا يملك أحد شيئاً إزاء تلك القوة وكل ما هو موجود فمنه سبحانه، وإلا فمن هم البشر لكي تكون لهم قوة! إن البشر ليسوا بشيء، والملائكة المقربون والأنبياء المرسلون ايضاً ليس لديهم شيء من ذواتهم، فكل ما هو موجود من مبدأ الخير.
الحق تعالى مبدأ كل القدرات
فتوجهوا اليه سبحانه لأن انتصارنا منه! لقد أعان الله تبارك وتعالى الشعب، بأن صرف (الحكومة السابقة) عن التفكير بقتل الناس بالمدفعية والدبابات وتدمير طهران وتحطيمها وليحدث ما يحدث! ومرة وضعت خطة في عهد بختيار، في ذلك اليوم الذي أعلنت فيه الأحكام العرفية، قالوا لنا بعدها بأن خطتهم كانت تقضي بأن تستقر الدبابات والمدافع في الشوارع وفي أثناء الليل يتم قتل كل الذين يحتملون معارضتهم لهم، ولكن الله حال دون ذلك! وإن ما حدث كان من تدبير الله ولم نكن بشيء، فكل ما حدث من صنعه وكل الأعمال كانت من تدبيره تعالى!
لا تنسوا التوجه اليه، لأن التوجه اليه سبحانه منشأ الخيرات، خيرات الدنيا والآخرة. وبذكره تطمئن القلوب (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) «1». وأفضل النعم هو أن يكون الإنسان مطمئناً. فلا أنتم الجالسون هنا تخافون مني ولا أنا أخاف منكم، فكلنا إخوة. وهذا هو الاطمئنان فاحفظوه! واعلموا أنكم في خدمة عباد الله فلا تتكبروا على الناس. إن هؤلاء الناس كبار، إنهم عباد الله. إن الله جعل الآخرة لمن لا يريدون علوّاً على الناس ولا فساداً ولا يريدون العلوّ أصلًا (لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً) «2».
حفظكم الله جميعاً بمشيئته تعالى، ووفقكم جميعاً، وأنا أدعو لكم وبخدمتكم!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته