بسم الله الرحمن الرحيم
سياسة الاجانب في ترويج الثقافة الاستعمارية
إن المشاكل التي نعاني منها في الوقت الحاضر، ليست مشاكل عادية. فالأجانب وضعوا خططاً دقيقة للسيطرة على الدول الشرقية ولا سيما المناطق الغنية بالنفط والثروات المعدنية. وقد حاولوا أن يدخلوا إلى إيران أنواع خاصة من الثقافة الاستعمارية باسم الثقافة الغربية تحت عناوين برّاقة من قبيل الديمقراطية والحرية والتقدمية، وجعلونا نتعلق بها ونحبها، وذلك من خلال الحملات الدعائية الواسعة التي نظّموها لهذا الغرض. فالحرية التي أدخلوها إلى إيران في عهد رضاخان وابنه، لا تمت بصلة للحرية الموجودة في الغرب. والديمقراطية التي كانوا يدعون الإيرانيين لتطبيقها، والتي ينادي بها الآن بعض المخدوعين والمغرضين، هي من النوع الخاص للتصدير فقط. أما الحرية والديمقراطية الحقيقية فهي لهم وحدهم. وهذا يعني أن الحرية التي صدّروها لنا، ولجميع بلدان الشرق، هي نوع خاص من الحرية فيه دمار بلادنا وشعبنا وفساد وضياع شبابنا.
الحرية في عهد النظام البائد
لا بد أنكم تتذكرون عهد رضاخان، ومن بعده ابنه الاكثر خبثاً منه، وتلك الحرية التي جلبوها ومنحوها لنا حسب زعمهم، حرية الذهاب إلى مراكز الفساد التي ملأوا بها أرجاء ايران، خصوصاً طهران والمدن الرئيسية الأخرى، حرية الذهاب إلى الحانات والنوادي الليلية المنتشرة في كل مكان من إيران. حرية الذهاب إلى دور السينما التي تدار على طريقتهم الفاسدة، وتلك الحرية الممنوحة للإذاعة والتلفزيون والمجلات في أن تعرض وتبث كل ما هو فاسد ومنحرف ومنحط .. إن كل هذه الأمور وغيرها، هي أمور مخطّطٌ لها من قبل أولئك الذين يريدون لهذه البلدان أن تبقى تحت نفوذهم ومستعمرة لهم على نحو الاستعمار المباشر او غير المباشر- الاستعمار الجديد-. فطوال تلك الفترة لم يكن يسمح للأقلام أن تكتب ما فيه خير البلاد وصلاحها، ولم يسمح للأفواه أن تتكلم أو تعبّر عن رأيها مبينةً مواطن الصلاح من مواطن الفساد. لم يكن هناك ولو صحيفة واحدة تجرؤ على الكتابة عن المفاسد التي كانت تحدث في ايران، أوتشير إلى ما كان يفعله لصوص الخارج وعملاؤهم في الداخل، أمّا الاذاعة والتلفزيون فقد كان شغلها الشاغل التحدث عن مجد ايران وتقدمها ووصولها إلى (بوابة التحضر والتمدن) وامثال هذه المسائل التي جرّتنا إلى الدمار والفساد. فالحرية التي صدّروها لنا هي هذا النوع وليست الحرية الحقيقية. والديمقراطية التي جاؤوا بها إلينا ليست الديمقراطية الحقيقية التي ينبغي أن ينعم الشعب في ظلها بالحرية ويمارس حقه في انتخاب مسؤوليه وحكامه، وأن يحكم الشعب نفسه بنفسه. فهكذا مسائل لم تكن تشغلهم أصلًا.
أهداف المستعمرين من وراء علاقاتهم مع الدول
فالذي كان يشغلهم هو معرفة البلدان الغنية والتي يمكن نهبها والاستيلاء على ثرواتها، وأيها أكثر غنى من الأخرى، وأيها تتمتع بموقع جغرافي واستراتيجي متميز يخدم مصالحهم ومشاريعهم في المنطقة.
والمؤسف أن بعض كتابنا ومفكرينا ومثقفينا إمّا أنهم كانوا مخدوعين بما كان يروّج له خلال الخمسين عاماً الماضية وبالتالي غافلين عن حقيقة المسائل. أو ان بعضهم كان على علمٍ ومعرفة بحقيقتها ومع ذلك كان يدافع عنها ويؤكد عليها ويتلقى أجراً لقاء ذلك. أي أنهم كانوا مأجورين، ولهذا جعلوا من بلدنا بلداً متغرباً، ولكن ليس بالصورة التي عليها في الغرب من حيث العلم والمعرفة والنظام والتطور، فإن أمثال هذه المسائل حكر على الغرب، ولا يسمح بها للآخرين، ولهذا فهم يريدون لنا جامعات محدودة التطور، خالية من المحتوى الأخلاقي والديني، وحتى المستوى العلمي الموجود عندهم. انهم لا يريدون لإيران أن يكون لديها أطبّاء وعلماء كالذين عندهم، وعلى فرض وجودهم فانهم يسعون لتشويه سمعتهم بين الناس، كي نبقى تابعين وأسرى لهم. فما إن تؤلم أحدنا لوزتيه حتى يسرع للذهاب إلى انجلترا أو اوروبا!. فمن جهة أغرقونا في سيلٍ من دعاياتهم بإنكم لا تملكون شيئاً، بل لستم شيئاً أصلًا. ومن جهة أخرى لا يسمحون لنا بتطوير قدراتنا وتنمية قابليات شبابنا وقدراتهم .. لقد فرضوا علينا التبعية في كل المجالات.
الاستقلال مرهون بقطع التبعية الفكرية
ما دمنا نحمل هذه الذهنية بأن علينا أن نأتي بكل ما نحتاجه من الغرب وأن عيوبنا ومشاكلنا لا يمكن أن يعالجها إلا الغرب؛ فسنبقى تابعين له ولن ننعم بأي نحوٍ من الاستقلال. فما لم ننظر إلى أنفسنا على أننا أصحاب حضارة ولدينا كل شيء، وقادرين على تصنيع كل شيء ولسنا بحاجة إلى الغرب في شيء، فان ما يقدمه الغرب لنا لا يهدف إلى التطور والتنمية الحقيقية وانما إلى ابقائنا على مستوى محدود.
عندما كنت في باريس كان يأتي لزيارتي جماعاتٌ من أولئك الذين كانوا قد بعثوهم إلى ألمانيا لدراسة التكنلوجيا الذرية، وقد حدثوني عن معاناتهم ومن جملة ما قالوه: أن هؤلاء يحرصون على ابقائنا عند حدٍّ معين، ولا يسمحون لنا بالاطلاع على كل شيء ويحجبون عنا الكثير من المعلومات. فحقيقة الأوضاع هي هذه. فما دامت هذه الذهنية حاكمة على عقولنا فسنبقى أسارى التبعية للغرب. ولن نتقدم أبداً. لعلكم سمعتم بأحد المتحدثين والذي كان عضواً في مجلس الأعيان، وربما كان رئيس المجلس آنذاك، لم أعد أتذكره الآن، لقد كان شخصاً معروفاً في فترة الحركة الدستورية «1»، الذي كان يقول: لا يمكن لأوضاعنا أن تتحسن ونتطور، إلا اذا اتبعنا الانجليز في كل شيء، فما لم نجعل كل ما عندنا على شاكلة الانجليز لن نتطور ونتقدم!. فهذا الشخص إما أنه كان عديم الاحساس إلى درجةٍ جعلته يتأثر بما كان يروّج له هؤلاء ويعتقد به. أو أنه كان عميلًا للانجليز واحد ابواق حملتهم الدعائية التي كانوا يروّجون فيها لمثل هذه الأفكار.
التحرر من التغريب
اننا في زمان بات فيه الشباب الذين يُسلّمون إلينا، ذوي صبغة وأشكال غربية. ليس ذلك فحسب بل كل أشيائنا؛ اقتصادنا وثقافتنا باتت غربية، ولكن ليس على النحو الموجود عند الغرب. فلا بد أنكم تعلمون أن الذين يذهبون إلى هناك من الدول الشرقية، بقصد الدراسة والتحصيل العلمي، يمنحون شهادات تختلف عن تلك التي تمنح للطلبة الغربيين. شهادات خاصة بالشرقيين لا تؤهلهم للعمل هناك، بل عليهم أن يذهبوا إلى احدى الدول الشرقية كي يتمكنوا من العمل، فهذه الشهادات خاصة بالشرق والشرقيين.
إدعاء (التحضر العظيم) الكاذب
الآن وقد استيقظ شعبنا والحمد لله، ليفتح أعينه على مدى الخراب والتخلف والمشاكل التي خلفها النظام الشاهنشاهي في كل ناحية من أنحاء هذه البلاد. فأينما تذهب ترى مظاهر الدمار واوضاع الناس المتردية والكل يحدثونك عن سوء الاوضاع في منطقتهم ظانين أن المناطق الأخرى تعيش (التحضّر العظيم) الذي كان يعدهم به ويروّج له الشاه المخلوع ونظامه. وهكذا أبناء المناطق الأخرى يظنون أن التخلف والمشاكل موجودة عندهم فقط دون غيرهم من المناطق، غافلين عن أن الخراب والتخلف وانعدام الخدمات منتشرٌ في كل مكان، حتى العاصمة طهران. فليأتوا إلى جنوب العاصمة ليروا مدى وخامة الأوضاع هناك، وعندها فليحكموا من أسوأ حالًا، هم أم هؤلاء المساكين التعساء. لقد كانت خطتهم تتلخص في نهب ثرواتنا، والابقاء علينا في غياهب الفقر والتخلف والجهل، وتقوم الأنظمة التي كانت تحكمنا بتنفيذ ذلك. والآن وقد استيقظنا وثرنا وقطعنا دابر هؤلاء عن بلادنا وألقينا بهم خارجاً، نرى عن كثب حجم الخراب والتخلف والجهل الذي خلّفوه لنا. فقد سلّمونا بلداً مدمراً، كل ما فيه مدمر، اقتصاده، ثقافته، إداراته، مؤسساته، كل شيء مدمر.
الهدف الرئيسي للأعداء، القضاء على الإسلام
وأكثر ما ركز عليه هؤلاء هو القضاء على إيمان الناس، لأن هذا الايمان، الايمان بالله، الإيمان بالإسلام، يرعبهم ويخيفهم. ولهذا لاحظتم عندما بدأ الحديث حول الجمهورية الإسلامية، راحت تعلو أصوات بعض كتّابنا المسلمين في الظاهر، مطالبين أن يكون النظام جمهورياً ديمقراطياً فحسب دون أن يروا حاجة لإسلاميته. فكما هو واضح أنهم يخافون من الإسلام، ولهذا يريدون لنظام الحكم أن يكون جمهورياً ديمقراطياً، وأية ديمقراطية، الديمقراطية التي صدّرها لنا الغرب. فالذي كان يخيف هؤلاء هو أن يتسلم الإسلام زمام الأمور في إيران وتطبق أحكامه وقوانينه فيها، لأنه إذا ما طبق الإسلام لن يبقى للمخربين والفاسدين موطئ قدم فيها، وستطوى صفحتهم إلى الأبد، إن شاء الله.
أهمية إصلاح المؤسسات التربوية والثقافية
إننا جميعاً مطالبون الآن بالاصلاح، كلٌ في موقعه، وخصوصاً قطاع التربية والتعليم بمؤسساته المختلفة، المدارس، المعاهد، الجامعات، المراكز الثقافية، إذ أنه مقدمٌ على غيره في ذلك. فعليكم أن تدرسوا هذا الأمر وتناقشوه، وتضعوا خططاً لتحقيقه بالاستعانة بجميع الأفراد والشرفاء المحبين لهذا الوطن- من غير أولئك المرتبطين بالشرق والغرب والنظام البائد- فاجلسوا سوية وتشاوروا في الأمر، وضعوا برنامجاً للعمل، وبطبيعة الحال أن يكون طويل الأمد لأن التحولات الثقافية والتربوية تحتاج إلى وقت. فاسعوا إلى إيجاد تحول علمي وثقافي حقيقي حتى تنعم بلادنا بالعلم الحقيقي، لا ذلك العلم الناقص والمزيف الذي يعطينا إياه الغرب ويخفي عنا الكثير، ليبقينا متأخرين من الناحية العلمية. فانظروا إلى كل هذه المعدات الحربية والمدافع والدبابات والطائرات وغيرها التي اشترتها إيران، وانفقت في سبيل ذلك المليارات، فإنها لا تعرف استعمال أكثرها، بل ليس فيها حتى شخص واحد يعرف كيف يستعملها، لأن هؤلاء لم يدربوننا جيداً على استعمالها، ولا يريدون لنا أن نعرف كيف نستعمل الطائرة المتطورة، أو ذلك العدد الكبير من الاسلحة الخاصة التي لا تقدر ايران بل الشرق أجمع على استعمالها، لأنها اسرار يحتفظون بها لأنفسهم، أما نحن فعلينا دفع المليارات لنأتي بهذه الاسلحة التي لا نعرف استعمالها، ونحتفظ بها في مستودعاتنا، لأجل ماذا؟ لأجل أن يستعملها هم أنفسهم إذا ما وقعت حربٌ بينهم وبين الروس، فتكون إيران بمثابة قاعدة مجهزة بأحدث الاسلحة لانطلاق عملياتهم .. فأي مصيبة اكبر من هذه، يأخذون أموالنا ويشيدون لهم قاعدة عسكرية في بلادنا.
الاصلاح التدريجي لأمور البلاد
علينا بتغير كل شيء، طبعاً بشكل تدريجي، اذ لا يمكن الاسراع في هكذا مسائل. يجب تغيير ليس فقط المطبوعات والتلفزيون والاذاعة، بل كل شيء. والذي يبعث على الأمل هو هذا التحول الروحي الرائع في صفوف أبناء الشعب على شرائحه وفئاته، والذي استيقظ من نومه ونهوضه وثورته ضد جلاديه وظالميه، ليتحول من شعب خاشع يخاف من شرطي، إلى شعب ثائر شجاع يُعلن بكل جرأة رفضه لنظام الطاغوت، ويخوض في سبيل ذلك المواجهات الدامية ويحتشد في مسيرات عارمة. لقد كان تحولًا روحياً أوجدته يد العناية الإلهية، إذ لا يمكن لشخصٍ أياً كان أن يوجده. والحمد لله أن بلادنا الآن تشهد تحولين. أحدهما تمثل في اليقظة والنهوض والثورة، والثاني شروعها التفكير بالاصلاح والبناء. وأي عمل اصلاحي يبدأ أولًا بمرحلة تشخيص العيوب والامراض، ثم بعد ذلك يبدأ التفكير بالعلاج. والان بحمد الله فإن جميع المحبين والغيورين على هذا البلد، على اختلاف مواقع عملهم وتخصصاتهم، باتوا على معرفة بمواطن الخلل والعيوب، وهم بصدد معالجتها وسيعالجونها إن شاء الله. وكلنا أمل مع هذه اليقظة، وتشخيص مواطن الخلل، والنهوض للعلاج، أن تصلح الاوضاع، وأملنا بالله كبير بأنها ستصلح، ولكن بشرط ان لا نتقاعس في ذلك.
الخدمات التي قدمها الإسلام للبلاد
من الآن فصاعداً علينا جميعاً كلًا من موقعه، أن نجند طاقاتنا وقدراتنا لإصلاح الأمور وتغيير الأوضاع، والتحرك نحو وضع جديد يتناسب وشرقيتنا، يتناسب واحتياجات بلدنا. وقبل كل شيء علينا أن نعي ما قدمه الإسلام من خدمات لبلادنا، وما الذي يمكنه ان يقدمه. وقد رأيتم ورأينا احدى خدماته، فقد خلّصنا من شرّ الاجانب وعملائهم- من أمثال محمد رضا- واستأصل جذورهم من بلادنا. فلولا الإسلام العظيم وما بعثه في نفوس شبابنا من الايمان، هل كان شبابنا ليُقبلوا على الموت بهذا الحب والحماس؟ فليس هناك ما يدفعهم لفعل ذلك، غير الإسلام، الذي ربى فيهم هذا الحب للشهادة والموت في سبيل الله واحقاق الحق. انه الإسلام الذي كان يدفع ببعضهم للمجيء إلينا راجين أن ندعو لهم بالشهادة، إنها نداءات (الله اكبر) التي اسقطت الشاه وقطعت دابر أسياده، وإلا فنحن لم نكن نملك شيئاً. إنه الإسلام، إنها قوة الايمان التي انقذت هذه البلاد وإوصلتها إلى ما هي عليه الآن. وان الإسلام أيضاً هو الذي سيقوم بجميع الأعمال من الآن فصاعداً.
الإسلام، نظام يتناسب وجميع الأزمنة
هناك ممن يجهلون حقيقية الإسلام ينظرون إلى الإسلام على انه نظام قديم جاء قبل ألف وأربعمائة سنة وأحكامه وقوانينه تناسب تلك المرحلة ولا تصلح لعصرنا الحاضر. وهذا الكلام صحيح، لو كان واضع هذه القوانين غير عالم إلا بزمانه، أو بالأزمنة السابقة من خلال قراءته للتاريخ، ولكن عندما تكون هذه القوانين منزلة من عند الله، العالم بما كان وما هو كائن وما سيكون، والخالق للإنسان والأعلم بما ينفعه وما يضره، فإن هذه القوانين والأحكام ستكون صالحة لكل زمان ومكان. ولكنهم غافلون عن هذا، ولذلك يرونها لا تصلح لهذا العصر. وما كلامهم هذا إلا تكرار لما لقنهم إياه أولئك بدعاياتهم المغرضة لابعادهم عن الإسلام، إذ أن ما أصابهم من الإسلام وما ألحقه بهم من هزيمة، جعلهم يعتبرونه عدوهم الأصلي والأول، ولذا راحوا يجندون طاقاتهم وكل عملائهم وأذنابهم، لإبعاد الناس عن الإسلام وفصلهما عن بعضهما البعض.
تآمر الأعداء للفصل بين علماء الدين والجامعيين
كما أنهم كانوا يسعون لفصل رجال الدين عن الجامعيين، فيأتون إلى رجال الدين ويلقون في أذهانهم بأن أولئك جماعة بلا دين وأمثال ذلك. ثم يذهبون إلى الجامعيين ويقولون لهم: أن هؤلاء جماعة متواطئة مع الإنجليز، وان علماء الدين من صنع الإنجليز، ويعملون لصالحهم. لاحظوا، يلقون في أذهانهم أن هؤلاء إنجليز! فهم يعرفون كيف ينظر الناس للإنجليزي! فمن أجل تحقيق مآربهم كانوا يلقون بينهم أن رجال الدين هؤلاء من صنع الإنجليز، لينفروهم من علماء الدين ويبعدونهم عنهم، وهكذا كانوا يفعلون مع علماء الدين. ان اكثر ما ركز عليه هؤلاء في خططهم، مسألة التفريق والفصل بين هاتين الشريحتين المؤثرتين في المجتمع، اللتين تمثلان العقل المفكر فيه. الفصل ليس بمعنى، أن تعيش كل منهما بعيدة عن الأخرى، بل أن تحمل كل منهما على الأخرى وتهاجمها. لذلك علينا ان نكون يقظين ونعي ما يحاك ضدنا من مؤامرات، ونعمل على إحباطها بوحدة الكلمة والعمل الجماعي فإننا جميعنا إخوة.
ومن خطط هؤلاء أيضاً العمل على تجزئتنا إلى شعوب وطوائف، تارة على أساس قومي؛ أكراد، عرب، فرس، اتراك. وتارة على أساس مذهبي؛ سنة، شيعة. ولكن يفترض بنا أن نكون قد وعينا خططهم هذه وأن نسعى لإفشالها إن شاء الله. وأنا أشكركم على الشعارات التي اطلقتموها، وكما هو واضح أنكم واعون لهكذا مسائل، طبعاً يجب أن تكونوا كذلك، ونحن جميعاً مطالبون بذلك أيضاً. آمل أن تتحقق كل هذه الامور وأن توفقوا للقيام بمشاريع مفيدة مثل هذا الذي تقدمتم به فإنه مشروع جيد.