بسم الله الرحمن الرحيم
تركة النظام الشاهنشاهي
كما تعلمون ان الشعب الايراني ورث بلداً كان طيلة خمسين عاماً ونيّف يرزح تحت الاضطهاد والقيود، وتعرض للضربات من الداخل والخارج. لقد حولوا البلد الى خرابة وذهبوا. أخلوا الخزائن وعاثوا في المدن والقرى فساداً وأمعنوا في الخراب أيضاً باسم (التحضر العظيم). والآن حيث غادروا البلاد فان كل شيء فيه مدمر. فالاقتصاد مدمر والناس يكتوون بنارالفقر والفاقة، ان كل ما ترونه الآن من الفقر والفاقة وتدهور المعيشة، هو من التركة التي وصلت إليكم من النظام السابق. حتى الدمار الذي نسب للناس إبان الثورة، كان بسبب تصرفات النظام البائد.
تضليل الناس وصدهم عن الثورة
إنّ بلداً عانى من الظلم طيلة ألفين وخمسمئة عام وخمسين عاماً أخرى تعرض فيها للتخريب والاستبداد وكنا شاهدين على ذلك، لا يمكن اصلاحه في غضون شهر أو شهرين، سنة أو سنتين، وكأن الشعب الايراني كان يعيش داخل سجن كبير والآن فتح ابواب السجن وعرف طريق الحرية ولكنه لايزال يحمل بين جنباته معاناة تلك السنين الطوال التي تلقاها كارثٍ من النظام السابق؛ وهذا يعني أن الذين كانوا يرزحون تحت عبء السنوات الخمسين الماضية ويعانون من الكبت والاختناق، وجدوا أنفسهم فجأة أحراراً مُطلقين. والآن وبعد أن تخلصوا من ظلمات تلك السجون وأصبحوا في نعمة كبرى تستحق شكر الله تبارك وتعالى، حيث تم انقاذهم من تلك القيود الثقيلة وذلك العذاب المرير، وبدلًا من أن يشكروا الله على ذلك ويتعاونوا فيما بينهم ويكونوا يداً واحدة لإعادة اعمار هذا الخراب الذي لحق بالبلد، بدلًا من ذلك نرى جماعة مع الأسف تدعو الناس للعصيان، وأخرى تعمل بما يقولون. إن بعض الجماعات المنحرفة من بقايا النظام السابق والموالين له، الذين لا يروق لهم أن تهدأ الاوضاع، اخذت تنتشر بين الناس ممن خرجوا من السجن للتو، وتشيع بينهم بأن هذه المعاناة وليدة الثورة والنظام الجديد. ومما يؤسف له أن الكثير من الشباب أخذ يصدقهم ويعمل على مساعدتهم.
مجلس البلدية
يجب أن يعلم شعبنا أنَّ الله وهبه نعمةً كبيرةً هي الآن محط أنظار العالم الذي يتطلَّع إليها باعجاب. لقد منّ الله على هذا الشعب ونظر له بعين العطف والعناية حيث استطاع تحطيم السد الشيطاني الكبير الذي كانت تقف ورائه كل الدول الكبرى. لقد استطاع شعبنا بقوة الايمان أن يحطم ذلك السد، وقد ذهب دون رجعة كل الذين كانوا ينهبون الشعب ويسوقونه نحو الدمار، والأسوأ من ذلك أنهم لم يكونوا يسمحون للطاقات البشرية أن تشق طريقها نحو النمو والكمال، لقد اختار الشعب ممثليه لمجالس البلدية وهي الآن مستقرة في مناطق كثيرة. ولا يتصور الناس ان بإمكانها أن تفعل كل شيء بمفردها، فإذا أراد الناس أن يطوروا مدنهم ويوفروا لها الخدمات فليقدموا العون والمساعدة لمجالس البلدية، فإذا لم يقدم الشعب المساندة لن يتم انجاز شيء، لا يجوز أن يجلس الشعب متفرجاً ويقول يجب على الحكومة أن تفعل ذلك. إن خراباً كبيراً مثل هذا لا تستطيع الحكومة وحدها أن تصلحه من غير أن تقف قوة الشعب إلى جانبها، لأنه سيطول الاصلاح وربما لا تستطيع أن تصلحه أبداً.
سعي كل فئات الشعب لإعمار البلد
أصبح الآن كل شيء في أيديكم، فكما أن كلّ واحد منا مُكلَّف بحسب ضميره بخدمة أسرته، فان الجميع مكلفون بخدمة البلد الذي أخرجناها من حلقوم الآخرين وبات ملكنا، الجميع مطالب بخدمة هذا البلد ولا يجوز التنحي جانباً بانتظار الآخرين أن يفعلوا ذلك. فمثل هذا غير جائز. لقد ثار الشعب وحقق هذا النصر الكبير، وهو الآن مطالب بتلبية احتياجات هذا البلد، كل يعمل حسب طاقته، طبعاً لا تستطيع فئة أو فئتان وحدهما أن تعمل شيئاً. فالحكومة وعلماء الدين والعمال والكسبة لا يستطيع كل بمفرده أن يعمل شيئاً، ولكن على كل واحد أن يؤدي عمله من موقعه، وإذا كان يمارس عملًا ما فلينجزه بإتقان.
ضرورة التوجه العام لترويج الزراعة
كل هذا الخراب الموجود الآن، وكل هذه المشاكل التي يعاني منها الشعب، تحصل- مع الأسف- في وقت يزخر البلد بثروات وخيرات لا تحصى. ولكن الحكومة الآن اصبحت تحت تصرفكم، لذا يجب عليكم أن تحثوا الخطى لا سيما في مجال الزراعة، فإذا أردتم أن تتكاسلوا في شؤون الزراعة والفلاحة، فاننا مرة أخرى سنقع في براثن التبعية لأمريكا وغيرها، البلد الآن في أيديكم والحكومة حاذقة كل ما فيها جيد. ان بلدنا من البلدان الغنية غاية الأمر أن بعض الأيدي الخائنة كانت تعمل عملها والآن أصبح الأمر في أيديكم. الزراعة في هذا البلد يجب أن تلبي حاجة الشعب وان يصدر الفائص منها إلى الخارج، فلا ينبغي أن يأتي يوم نمد فيه أيدينا مرة أخرى لأمريكا قائلين: نريد قمحاً أو أشياءً أخرى، واذا لم يزودونا به سنبقى جائعين. يجب أن نحقق لأنفسنا الاكتفاء الذاتي، علينا أن نستيقظ، علينا أن نخدم هذا البلد، نخدم الفلاحين الذين يعملون جاهدين في الزراعة والحراثة وري الأراضي، وينبغي أن نتذكر هذا المعنى وهو علينا ألا نغتصب أموال الناس، فالبعض قال: ليعمل كل شخص في كلّ ما تصل اليه يده. لا يجوز ذلك مطلقا، فالأراضي يجب أن يعمل بها أصحابها وفق الموازين الشرعية. وليعمل المتكفلون بالزراعة والحراثة وفقاً لموازين الزراعة، لا تتسامحوا في هذا الأمر حتى نستطيع أن نحقق الاكتفاء الذاتي إن شاء الله خلال الأعوام القادمة ونتمكن من الاعتماد على انفسنا.
التبعية الاقتصادية - منشأ التبعيات الأخرى
إذا تساهلنا واعتمدنا على الأجانب في كل شيء، فإن هذه التبعية الاقتصادية ستؤدي بلا شك للتبعية السياسية وبدورها إلى التبعية الثقافية ونصبح أسرى لهم كما كنا من قبل، ينبغي علينا أن ننتهي من مسألة الاقتصاد وأن لا نستجدي الآخرين، فإذا ما مددنا أيدينا لهم كل مرة فاننا سوف نصاب بالشلل. يجب علينا أن نؤمن بأنفسنا المواد الأولية اللازمة واحتياجاتنا الأساسية. على الجميع أن يتعاون في هذا السبيل والحكومة أيضاً تمد لهم يد المساعدة وكل من استطاع ذلك، عليه المشاركة ومد يد العون لهم.
مساعدة الحكومة في إصلاح الأمور
هناك مسألة حيوية في بلدنا وهي أن زراعته قد دمرت بالكامل ونحن الآن نريد احياءها مرة أخرى وذلك عن طريق تعاون الجميع. ولم يقتصر الدمار على الزراعة وحدها. كذلك الأمر في كل مدينة، فقد جاء اليوم أعضاء مجلس بلدية قم وتحدثوا عن حجم الدمار الذي لحق بمناطقهم حيث لا يستطيعون أن يديروها بدون عون الحكومة والشعب وكل الجهات الأخرى، فالدمار طال كل شيء والعقبات كثيرة وكذلك الفقر منتشر في مناطق كثيرة، لذا فإن أهالي كل مدينة مطالبون بتقديم يد العون للحكومة لتتمكن من إعمار كل هذا الخراب.
الاهتمام بمطالب الشعب
هؤلاء البؤساء الفقراء، عيال الله، يجب أن تُسوى أمورهم. الله تبارك وتعالى أمرنا أن ننظر في شؤونهم، الأغنياء يتنحون جانباً تاركين هؤلاء البؤساء في معاناتهم، لقد قلت لأصحاب المعامل والميسورين الذين يأتون إلى هنا أحياناً، قلت لهم: أيها السادة لا يجوز العمل الآن بالاسلوب الذي كان في عهد الشاه، طبقة مرفهة متهتكة تفعل ما تريد، وطبقة أخرى معدمة تسكن الأكواخ، وقد رأيتموهم في طهران وفي مدنكم كيف حالهم. إن هذا غير جائز ويجب أن لا يكون. أحذركم، إنه خطر على المجتمع. إذا لم تستطع الجمهورية الإسلامية تسوية المسائل الاقتصادية، ويئس الناس من الجمهورية الإسلامية ولم يستطع الإسلام أن يقدم لهم شيئاً، إذا حصلت كارثة كهذه فلن يستطيع أن يوقف انتشارها لا أنا ولا أنتم ولا أي أحد، لا رجال الدين ولا الإسلام، فإذا ما كان يحصل انفجار في زمان الطاغوت كان من الممكن الحد منه بالنصيحة أو الموعظة، ولكن إذا ما حصل الآن في ظل الحكم الإسلامي فسوف يضجّ الناس مُحبطين من الجمهورية الإسلامية، وحينها لا يمكن تلافي ذلك، هؤلاء أصحاب الثروة يدركون جيداً أنه إذا ما حصل انفجار- لا سمح الله- في مكانٍ ما ولم يكن بالإمكان تداركه، فسوف يأتي على الأخضر واليابس ويحرق الصغار والكبار. فليفكّروا قليلًا بهذا الشعب، لقد طالت عزلتهم عنه وهم في غمرتهم ساهون يتفرجون من بعيد على هؤلاء البؤساء الذين يعيشون على هامش الحياة عيشة دون عيشة الحيوانات، الحيوانات تعيش في الغابة أفضل معيشة لا يعكر صفو حياتها شيء. لماذا يجب أن تكون حياة هؤلاء هكذا؟ على الجميع أن يتكاتفوا في انجاز مطاليب الشعب: الحكومة، الأغنياء، أصحاب المعامل، على الجميع أن يتضامنوا لحلّ مشاكل هؤلاء وإلّا فمن الممكن أن تحدث كارثة في ظل الحكم الإسلامي أو في ظل الجمهورية الإسلامية وحينها لا يمكن تلاقي ذلك، لا يستطيع أي شخص أن يتداركها.
استعادة الأموال المنهوبة
وأخيراً حيث ذهب الشاه إلى أمريكا واستقبلته بحجة أنه مصاب بمرض السرطان- عسى أن يكون الأمر كذلك-، إلا أن السيد يزدي «1» كان هنا البارحة وقال بأننا اشترطنا بعض الشروط، إلا أنهم ادخلوه المستشفى، فقلت لهم: حسناً ولكن ما هو مصير أموال الشعب؟ إن كان سيموت فليمت، ولكن أموالنا ما مصيرها؟ قالوا: يجب أن تجمع الملفات من المحاكم ويُنظر فيها بعد أن تُشكل محكمة لذلك، ثم تنقل هذه الملفات إلى المحاكم في الدول الأجنبية وتتم دراستها وبعد ذلك يمكن أن نحصل على أموالنا.
و لذلك فإن على الأشخاص أو البنوك أو الوزارات التي تملك معلومات عن الملفات أن تجمعها ليُحقق فيها عن طريق المحامين هناك وإلا ذهبت أموالنا، المرحوم مدرس- رحمه الله- قال لرضاخان عندما عاد من أحد أسفاره: لقد دعوت لك. فدهش رضا خان: كيف يدعو لي وهو من الد أعدائي؟! فقال له: المسألة هي أنه إذا حدث لك حادث في سفرك فسوف تضيع الأموال، ونحن دعونا لك من أجل سلامة أموالنا. طبعاً نحن لا ندعو له! ولكن نتمنى عودة الأموال والثروات التي بحوزتهم، إنها تعادل- كما أُخبرت- أموال سنة من النفط، إذ تبلغ الأموال التي أودعها الشاه بنفسه في البنوك الأجنبية مليارات الدولارات. على كل حال لقد خربوا وذهبوا، ولم يكن لوحده إنما كانت معه فئات أخرى بعضها بقي هنا باسم اليسار وفدائيي خلق.
يطلقون على أنفسهم (فدائيو الشعب) وهم فدائيو أمريكا
لا تتصوروا أن لدينا هنا (فدائيو الشعب) الاتحاد السوفيتي، وإنما هم (فدائيو الشعوب الأميركية)، إنهم من ذلك الطرف وليسوا من هذا ونحن ضد الطرفين. منذ البداية كان حزب توده (الحزب الشيوعي) حزباً انجليزياً، أنا أعرف زعيمه «2» فقد كان معي في رحلة الحج. كان مسلماً، وحزب (توده) الذي أسسه كان حزباً انجليزياً، إلا أنهم كانوا يحاولون أيهامنا بأنه شيوعي. والآن أيضاً (فدائيو خلق) يدمرون الشعب باسم الفداء من اجل الشعب، فيحرقون البيادر، ويعطلون المعامل ويعيثون في الارض فساداً، وان عمالتهم وارتباطهم بالصهيونية لا تخفى على أحد، ومع هذا نراهم الآن قد انتشروا بين الناس مدّعين أنهم يضحون من اجلهم. أهكذا يكون فدائيو الشعب؟! يحرقون بيادرهم، ويعرضون الابرياء للقتل في كردستان، أهكذا يكون الفدائيون؟!!
إعمار البلد بأيدي الشعب
على كل حال، يجب أن يُدار البلد من قبل أبنائه، وأن تُدار شؤون المدن بواسطتكم أنتم، وعن طريقكم أنتم يتم العمران، لا تتنحوا جانباً قائلين: لقد شكلت المجالس البلدية وانتهت مهمتنا، مجالس البلدية لا تستطيع أن تفعل شيئاً بمفردها إن هي إلا عدة أشخاص مثلهم مثل غيرهم ليس بإمكانهم أن يعملوا شيئاً. إذا لم نتكاتف ونساعد بعضنا بعضاً لن نستطيع أن نحقق شيئاً وتكليفنا الإنساني يوجب علينا أن نكون يداً واحدة ونتعاون فيما بيننا إلى أن تصلح الأمور بإذن الله، أسأل الله التوفيق والتأييد لكم جميعاً.