بسم الله الرحمن الرحيم
الإستعانة بالطاقات الشابة
أشكركم على الجهود التي بذلتموها والنشاطات التي قمتم بها في مناطقكم وأسأل الله تعالى أن يمنّ عليكم بالأجر الجزيل. علينا أن ندرك أيها الأخوة أننا، نحن وكل فرد من أبناء الشعب، نتحمل مسؤولية إعادة اعمار الدمار الذي تركه النظام البائد على مدى اكثر من خمسين عاماً. ففي ذلك احراز لمرضاة الله وخدمة لعباده. اشرعوا بالعمل ولا تنتظروا الدوائر والبلديات أن تفعل ذلك، لأن عقول الكثير من هؤلاء مازالت تدور في فلك النظام السابق فغالبيتهم لا يقدمون إي مساعدة، إن لم يعرقلوا كل خطة للإعمار والإصلاح. فلا بد أن نعمل بأنفسنا فلدينا طاقة شبابية هائلة والحمد لله، ولنترك هذه العقول الفاسدة جانباً.
يجب أن نستعين اليوم بالطاقات الشابة الهائلة التي تم انتشالها ببركة هذه الثورة العظيمة من أوكار الفساد ومراكز الإنحطاط الخُلقي، ووضعت في المسير الصحيح للتسابق في خدمة العباد وكسب مرضاة الله عزوجل.
لقد كنا نؤمن منذ البداية بهذا الشعب وبقدراته الفذة. كما كان جل إهتمامنا ينصب على الشعب وعلى طاقاته البشرية- الإلهية التي يتمتع بها. وهكذا اعتمدنا على الطبقة الكادحة والطبقة المثقفة الواعية وعلى الفئات المستضعفة، والتي يطلقون عليها الطبقات الدنيا ولكنها هي أرقى الطبقات في تصوري. فهؤلاء هم الذين قادوا الثورة قدماً واوصلوها إلى ما هي عليه الآن، وهم وحدهم القادرون على المضي بها إلى الأمام. وعندما قام هؤلاء بالثورة لم ينتظروا المسؤول ولا المحافظ الفلاني أن يساندهم ويشد على أيديهم. بل حملوا عبء الثورة على أكتافهم ووضعوا أرواحهم على الاكف، وكان من بينهم الكثير من الموظفين والعاملين في الدوائر الحكومية، ولكن كانت بينهم أيضاً فئات تحاول اليوم عرقلة مسيرة الإصلاح والإعمار، ولذلك فإن عدم مشاركتهم وتعاونهم لا يدعو للعجب، فهؤلاء ما زالوا يحملون نفس الفكر الفاسد الذي نشره النظام الطاغوتي ودعا إليه. وكما تعلمون فإن هذا الفكر لا يمكن القضاء عليه في يوم وليلة. فلقد تم غرس هذه الأفكار الفاسدة على مدى اكثر من خمسين عاماً، وهي بحاجة إلى وقت كاف كي تزول.
إن جميع الخونة الذين ساندوا الشاه طوال سنوات مديدة ويعملون اليوم لمصلحة الأجانب والغرب، يتمنون أن يعود النظام السابق أو أن يحل محله نظام أكثر فساداً منه ليعيشوا في قصور الطواغيت مجدداً ويتركوا الشعب مشرداً لا يجد مأوى يلوذ به ولا كوخاً يلجأ إليه.
اعدام المجرمين لا يؤثر على مصداقية الثورة
إن هؤلاء الخونة لن يتخلوا عن تآمرهم وهم متأهبون دائماً لإرتكاب خيانة أخرى. فلقد اجتمع بعضهم منذ أيام وأظهروا أسفهم الشديد وحزنهم البالغ لإعدام بعض المجرمين في إيران! وهو كلام الأمريكيين أنفسهم. لقد ادعى هؤلاء أن هذه الإعدامات ستؤدي إلى توجيه ضربة إلى كرامتنا ومصداقيتنا!! هل كان لدينا تلك الكرامة والمصداقية التي يتحدثون عنها؟ أية كرامة ومصداقية ستفقدونها عند الأجانب؟ هل ندع المجرمين طليقين بين الآباء والأمهات الذين فقدوا أبناءهم على أيدي هؤلاء القتلة لأجل أن يرسل لكم الأجانب التهاني والتبريك، هل فقدتم عقولكم إلى درجة أنكم تظنون أن معاقبة المجرمين سيفقدنا مصداقيتنا؟ أي مصداقية تتمتعون بها في هذا العالم وتخافون فقدانها؟ العالم الذي تقوم فيه امريكا بإرسال الأدوية المضرة والفاسدة لشعوب العالم الثالث! هذه هي مصداقيتكم في العالم؟ إننا اليوم عازمون على التخلص من ذلك والبحث عن مصداقية إنسانية وكرامة حقيقية لكم. إذاً فلا تذرفوا الدموع على هؤلاء الخونة الذين أعدموا كنصيري «1» وغيره.
هجرة الادمغة الفاسدة والمتعفنة
تحتجون بقضية هجرة الادمغة، فلتهاجر الادمغة المتعفنة. دع هذه العقول التي عملت على خدمة المصالح الأجنبية والأجهزة الإستخباراتية، أن تفر من البلاد. لا تقلقوا عليهم أبداً ودعوهم يفرون. وكما ترون فإن هذه العقول غير قادرة على تأمين مصالحها كالسابق ولذلك ستفر للبحث عن ضالتها في مكان آخر. هل كل عقل متمرس في العالم كما تزعمون، هو عقل نبيل؟
لقد كان أحمدي «2» طبيباً في عهد الشاه أيضاً ولكنه كان يقتل الناس بحقنة. ربما لم تسمعوا باسمه من قبل ولكننا عايشنا تلك الفترة الرهيبة التي كان فيها هذا الطبيب مكلفاً من قبل الشاه بقتل الوطنيين وكل من يعارض الدكتاتورية بحقنه السامة. إنه نموذج لتلك الأدمغة التي ذكرتموها، فهل نحزن على فرار أدمغة كهذه؟! كيف تتأسفون على فرار هذه الأدمغة إلى مواطن اسيادها حيث تجمعت في بريطانيا للتآمر ضد شعبنا؟ وهل نحزن على تلك الأدمغة التي فرت إلى أمريكا لتنفق هناك الأموال التي نهبتها من البلاد؟ اتركوا هذه الأفكار جانباً! الأفكار التي ترعرعت في عقولكم طوال خمسين عاماً والتي لا يمكنكم من خلالها تمييز الحق عن الباطل. دعوا هذه الأفكار المتهرئة جانباً. علينا أن نصلح هذه البلاد، ونصلح هذه الأفكار ونغيرها، نحدث تغييراً جذرياً في الجامعات. لنتخلى عن هذه الأدمغة التي شوهت عقول أطفالنا وأبنائنا طوال 50 عاماً، وندعها تفر من البلاد، ولنهيء الظروف المناسبة لإستلام العقول السليمة لزمام الأمور.
تحزنون على قيام بعض الأفراد الأخيار بتصفية البلاد من هذه الأمراض الموبقة! أتحزنون على إعدام بعض المجرمين؟ مَنْ هم الذين تم اعدامهم؟ أيها الأساتذة في الجامعات! على من يحزن بعضكم؟ هل يحزن على نصيري؟! أم على هويدا «3»؟! أم على ماذا؟
يزعمون بأنه قد تم اعدام صبي في الثانية عشرة من عمره! انها مزاعم اعداء الثورة. كذلك يزعم هؤلاء باني قد أمرت ببتر أثداء النساء! وقتل الحوامل! فهل يعقل مثل هذا؟
إن كل هذا هراء وكذب. ما هذا الكلام الذي تقولونه؟ لماذا تتطوعون لخدمة الاستعمار بمثل هذا الكلام؟ أيها العقول المتعفنة! أيها الأموات! إصحوا من غفوتكم هذه ولو للحظات. لماذا تجادلون بهذه الطريقة؟ لماذا تتهمون الإسلام؟ ماذا فعل الإسلام لكم حتى تتهمونه هكذا؟ استفيقوا أيها الشباب! استفيقوا يا شبابنا الأبطال، يا أخواتنا ويا أخوتنا! يا من صنعتم هذه الثورة، انظروا إلى هؤلاء الذين يكيلون الإتهامات لنا، ولم يقدموا شيئاً لهذه الثورة ولكنهم اليوم جاؤوا ليقطفوا ثمارها.
يا مَنْ واجهتم المدافع والدبابات بأجسادكم، يا أيتها الأخوات اللواتي فقدّتن فلذات أكبادكن وتظاهرتن ورددتن شعار الله اكبر! إحموا انفسكم وإحفظوا ثورتكم. لا تنتظروا الآخرين حتى يعملوا لكم، فهؤلاء لن يقدموا لكم أية خدمة، كالأجانب تماماً الذين لم يفعلوا ما فيه خير لهذا البلد.
تطهير الدوائر الحكومية والمراكز الثقافية من المنحرفين
لا بد من القيام بعمليات تطهير وتنقية شاملة للدوائر والمراكز الثقافية والجامعات. إذ يجب أن يتسلم المهام في هذه المراكز أفراد لا يمتون إلى رضاخان ومحمد رضا بصلة ولم يتعاونوا معهم طوال السنوات الماضية. وأما اولئك الذين عاشوا في قصور الطغاة وشاركوا هذين الرجلين جرائمهم، فينبغي طردهم من هذه المراكز، فقد أثبت هؤلاء فشلهم الذريع في إدارة البلاد. وعلى الحكومة أن تضطلع بالدور الرئيسي في هذه المهمة. فلنعتمد على أنفسنا. لقد حققتم كل هذه الإنجازات والمكاسب دون أي تعاون من المحافظ الذي ذكرتموه والذي كان يعرقل برامجكم أحياناً. إذاً لا تهتموا بمساندته بل انجزوا مهامكم بأنفسكم وبالتوكل على الله عز وجل. فكما كنتم في البداية لا تنتظرون مساندة من المسؤولين الذين لم يتوقفوا عند هذا الحد بل راحوا يعرقلون سير أعمالكم، فاعتمدوا اليوم أيضاً على أنفسكم وعلى قدراتكم في الإعمار والإصلاح، وانطلقوا نحو تحقيق أهدافكم. فالبلد بلدكم وعلى الشعب أن ينهض بنفسه. إنكم أنتم أصحاب هذه البلاد، وتلك العقول الفاسدة قد فرّت من البلاد بعد أن نهبت ما يمكنها نهبه، ومن تبقى منهم يحاول الفرار خلسة. لقد أدركوا أنه لا مجال للنهب والسرقة والاحتيال في هذه البلاد بعد الآن.
المستضعفون هم أصحاب الثورة الحقيقيون
بلادنا اليوم ملك لكم ولأبناء هذا الشعب. وملك لأولئك المحرومين الذين اتخذوا لأنفسهم أكواخاً وخياماً في ضواحي طهران الفقيرة والله يعلم كم أتألم لأجلهم. ومما يؤسف له أن الحكومة لم تستطع أن تقدم لهم شيئاً لحد الآن.
لقد عرض التلفاز مؤخراً مشاهد لهذه المناطق وقد سئل أحدهم عما كان يفعله في بدايات الثورة، فقال الرجل الذي خرج مع عدد كبير من الأطفال من كوخ لا يصلح لمعيشة إنسان: كنا نذهب للتظاهر في الصباح الباكر. كانوا يقضون جل أوقاتهم بالمشاركة في التظاهرات تضامناً مع بقية أفراد الشعب. إننا اليوم مدينون لهم بكل شيء فهؤلاء هم الذين قادوا المجتمع للتغيير. إن هؤلاء وأمثالهم كالشباب الجامعيين وطواقم اللجان الثورية والفلاحين والعمال والكسبة، هم الذين قادوا هذه الثورة. أما الطبقة المرفهة والراقية كما يزعمون، فانها لم تقدم شيئاً وها هي الآن تعارض مسيرة الشعب وتطرح قضايا كقضية هجرة الأدمغة! دعوهم يرحلون إلى الجحيم، إن هذه العقول لم تكن عقول علمية بل عقول خائنة مجرمة، وان فرارهم إلى أمريكا وترك تراب الوطن أكبر دليل على ذلك؟! بعضهم فر إلى بريطانيا للعيش تحت الحماية البريطانية! وبعضهم التف حول بختيار وأمثاله الذين غمروا هذه البلاد بالفساد! اذاً دعوا هذه العقول لترحل، ومن الأفضل لهذه البلاد أن ترحل عنها العقول الفاسدة. لا تحزنوا على هؤلاء ولا يحزنكم مقتل الآخرين من الخونة والمجرمين.
إدارة شؤون البلاد على يد أفراد مختصين وملتزمين
أيها الأخوة! تحلوا بالوعي واليقظة، فهذه العقول التي عقدت العزم على الفرار، كانت وراء كل الفساد والإنحطاط الذي ألم بمجتمعنا. وهي التي حرمت شبابنا من نهل العلم الحقيقي. فليرحلوا وليفروا من هذه البلاد لأنه لا مكان لهم هنا بعد أن استفاق الشعب واستيقظ. ولم يعد يسمح لمثل هؤلاء الأوغاد أن يفعلوا ما يشاؤون. يجب أن تحكموا أنفسكم بأنفسكم وتديروا أموركم بأنفسكم، وتنطلقوا جميعاً إلى ساحة العمل والجهاد دون الإستعانة بهذا والإعتماد على ذاك. اعتمدوا على أنفسكم، فالحمد لله بعد هذا التحول العظيم نرى اليوم المهندس والطبيب قد دخل ساحة العمل أيضاً، وهؤلاء هم أصحاب العقول الإنسانية. تقولون أن العقول في طريقها إلى الفرار، لا بأس فلدينا اليوم عقول علمية نورانية تشارك في بناء المجتمع وتساعد المزارعين في الحصاد وزراعة الأرض. إننا نريد عقولًا كهذه وليس كتلك العقول التي قررت الفرار لشعورها بعدم إمكانية تحقيق ملذاتها ومآربها من الآن فصاعداً.
لماذا لا يستيقظ هؤلاء من جهلهم؟ لماذا لا يدرك هؤلاء قدر أنفسهم ومنزلة هذا الشعب؟ إننا نريد عقولًا كهؤلاء الأطباء والمهندسين الذين يقودون اليوم عجلة العمل في مؤسسة جهاد البناء. وكتلك العقول التي تركت أمريكا وعادت إلى الوطن للمشاركة في إعماره، وليس كهذه العقول التي عزمت على الفرار من البلاد! إننا لسنا بحاجة إلى عقول كهذه فلتفر إلى الجحيم. وإن كنتم تشعرون بأن هذا المكان هو ليس مكانكم ففروا أنتم ايضاً! الأبواب مفتوحة.
إن بلادنا اليوم بحاجة إلى الإنسان الحقيقي وليس لعقول تفضل العيش في حماية أمريكا وبريطانيا.
أنظار العالم ترنو إلى هذه الثورة
وفقكم الله أيها الأخوة جميعاً وسدد خطاكم. ينتابني شعور بالفخر والإعتزار عندما أرى هذه الوجوه النيرة والإنسانية والمخلصة. إن كل العالم اليوم يرنو إلى بلادكم. يرنو إليكم أنتم وليس لتلك الطبقات المرفهة والارستقراطية التي كانت تتربع على رأس الأمور والذين أشرتم إلى أنهم يحملون أطفالهم إلى المدارس بسياراتهم الخاصة بينما يمتنعون عن وضعها في خدمة مؤسسة جهاد البناء. إن العالم اليوم يتطلع إليكم وليس لأصحاب السيارات الفارهة هؤلاء ولرواد البلاط والقصور.
أسأل الله أن يحفظ لنا سكان هذه الأكواخ المتناثرة حول طهران ويحفظ كل مسلم ملتزم وشاب يعمل على خدمة الإسلام والوطن. حفظكم الله جميعاً أيها الأخوة والأخوات، ووفقكم لما فيه خير الإسلام والبلد، وتأكدوا أن النصر حليفكم مادمتم تحملون هذه الروح الثورية، ولن يقدر أحد على قهركم بل ستقهرون كل عدو يعترض طريقكم.