بسم الله الرّحمن الرّحيم
ما يتوقعه مستضعفو العالم من البابا
لو طلب مني مسؤولون غيركم اللقاء لبحث هذا الموضوع في هذا الوقت الحساس لما قبلت ذلك. لكن المكانة المعنوية للأمة المسيحية والبابا الأعظم اللذين يتمتعان عندنا باحترام خاص لذلك وافقنا، ولقد سررت بالرسالة التي أرسلها البابا لكي أجيبه عنها بذكر ما يجب ذكره له.
إنني وشعبي وجميع شعوب العالم المستضعفة المسلمون والنصارى وغيرهم نحس بوجود نقطة مبهمة أريد الآن أن أذكرها وهي: أنّ خمسة وثلاثين مليون إيراني كانوا تحت نير الاستعمار وضغوط أمريكا والسيد كارتر خاصّة، وملايين من مستضعفي العالم كانت آذانهم تنتظر سماع الملاطفة الأبوية من المقام الروحاني للبابا. هذه الملاطفة الأبوية التي تتمثل في أقل تقدير في الاستفسار عن أحوالهم، وتحذير المستكبرين الذين ظلموهم وجعلوهم يعانون هذا الظلم، والوساطة بين الشعوب المستضعفة والقوى الاستعمارية الذين يدّعون أنهم مسيحيون، لكن لم تسمع لحد الآن ذلك النداء المعنوي الروحاني.
إننا قدّمنا ضحايا بشكل جماعي على مدى خمسين سنة، وكنا في السجون تلك السجون المخالفة لحقوق الإنسان إذ حُبسَ فيها خيرة رجالات هذا الشعب، وكانوا يعذبونهم بما ينافي الإنسانية. فلماذا مع كل هذا الظلم لم نشاهد جهداً لتخليص هؤلاء المظلومين؟ ولماذا لم يفكر السيد البابا الأعظم في دعم هذا الشعب المستضعف، أو في الأقل يتوسط لتحرير هؤلاء المستضعفين وتخليصهم من الظلم؟
فماذا حدث اليوم حين ذهب شبّاننا الذين قضوا سنين كثيرة تحت نير الاستعمار وضغوطه، وأسروا أولئك العدة الذين كانوا في وكر الجاسوسية يتآمرون على مصالح شعبنا، بل على مصالح المنطقة، والقرائن والشواهد كثيرة على ذلك، وأكبر دليل على ذلك هو انهم اتلفوا جميع الملفات والمستندات التي كانت هناك، وحوّلوها إلى مسحوق لا يمكن الاستفادة منه.
هدف الشعب الإيراني من احتلال السفارة الأمريكية
لو كانت السفارة الأمريكية مشغولة بإنجاز أعمالها المشروعة، لما كان مسوّغ لاحتلالها، ولو لم تكن مشغولة بكيد شعبنا، لما احتجنا إلى القيام بهذا العمل. الان وقد ثبت هذا التآمر على شعبنا نجد شعبنا بجميع طباقاته هنا وفي بقية الدول باستثناء بعض المنحرفين قد دعموا هذا العمل الذي قام به شبّاننا. وتم هذا العمل وفقاً لإرادة جميع أبناء شعبنا، ولم يكن وفقاً للأهواء والإحساسات النفسية، بل كان وفقاً لإرادة إنسانية. وذلك لكي تفتضح المؤامرات بما فيها المؤامرات التي تحاك ضد إيران. وهذا العمل حق من حقوق شعبنا. ولا يحق للسفارات أن تتجّسس وتتآمر. وهذه السفارة كانت بحسب ما استطاع أن يفهمه الخبراء حتى الآن مركزاً للتجسس والائتمار. فماذا حدث في هذا الوقت، فاهتم السيد الباب الأعظم بالتوصية بالمعاملة الحسنة لهؤلاء والإفراج عنهم، وذلك انطلاقاً مما نتمتع به نحن ويتمتع به هو من حبّ الإنسانية. وللإجابة عن هذين الأمرين أقول: أما المعاملة الحسنة، فإنّ الإسلام اتخذها أصلًا تَعامَلَ به حتى مع أعدائه. وهؤلاء الشبّان هم مسلمون يعملون بتعاليم الإسلام، ولقد سمعت أنّ تعاملهم مع هؤلاء كان إنسانياً، فلا داعي لقلقه من هذا الأمر.
جرائم الشاه وضرورة معاقبته
وأما الأمر الذي يخص الإفراج عن هؤلاء الرهائن، فيجب أن نرى ماذا نريد نحن؟ وماذا يريد شعبنا؟ وهل الذي يريده شعبنا هو أمر غير مشروع أو أمر إنساني؟ وهل حبّ الإنسانية هو الذي دفع شبّاننا إلى احتلال هذا المركز وإحباط المؤامرات أو الدافع غير إنساني؟ الحق أنّ الذي يريده شعبنا هو إعادة هذا المجرم الموجود الآن في أمريكا، إذ عانى منه شعبنا الأمرّين سبعاً وثلاثين سنة تقريباً فخان شعبنا طيلة هذه المدة، وضيّعَ ثرواتنا، وجعل شبّاننا يعيشون عيشة غير إنسانية سبعاً وثلاثين سنة تحت سلطة هؤلاء، وكان الكبت طيلة هذه المدة مهيمناً على الشعب. وباشر- كما نقل أحدهم- في قتل عدد كثير من المواطنين، وذلك في الخامس عشر من شهر خرداد، فيحتمل أنه قتل بأمره، منذ ذلك التاريخ لحد الآن، أكثر من مئة ألف نسمة، وجرح وعوق مئات الآلاف.
إن هذا الشعب مع كل هذه المعاناة يريد الآن إعادة هذا المجرم ومحاكمته بالعدل، وإذا حكم بإعادة الأموال التي نهبها، فتجب إعادتها وأخذها منه. إنّ أموال البلاد التي هي في يد هذا الشخص وفي يد حاشيته والمرتبطين به قد ملأت مصارف أمريكا والغرب، هذا في الوقت الذي أنا ومن عمره يناهز عمري من أبناء الشعب ممّن رأى أو سمع أو حدّثه التاريخ نعلم أنّ أبا هذا الرجل حين أحدث ثورته لم يكن يملك شيئاً، إذ كان مجرّد جندي صفر اليدين، لكنه لمّا ملك السلطة على هذه البلاد بدأ يغتصب أملاك الناس بالقوة، فما زندران الواقعة في شمال البلاد، هي أحسن أراضي إيران وأخصبها، أخذها هو وعملاؤه بالقوة، وسجلت باسمه في سجلات الدولة الرسمية.
ولقد ألقوا القبض على كثير من ملّاك الأراضي ورجال الدين الذين كانوا يبدون رأياً حول هذا الموضوع، وزجّوا بهم في السجون، قتلوا عدداً منهم، وأتذكر جيداً تلك المذبحة العامة التي ارتكبها رضا شاه في مسجد كوهر شاد، وأولئك الذين هم يناهزون سنيّ يتذكرون جداً كيف هجمت قوات رضا شاه على مسجد المسلمين ومقرصلاتهم وعبادتهم وقتلوا أولئك المظلومين الذين إجتمعوا هناك لرفع دعواهم وشكواهم إلى الله- تعالى- وأبادوهم إبادة شاملة.
لكن رضا شاه لمّا أخرجوه من إيران ملأ ما استطاع ملأه من حقائب كثيرة من المجوهرات الإيرانية الثمينة وأخذها معه، ولما أخذ طريقه في البحر نهبها الإنجليز منه. وحينما انتهى حكمه فرض المتفقون أمريكا وبريطانيا وروسيا ولده الجاني على شعبنا. هذا في الوقت الذي رفضه الشعب، ولم يقبله لما رآه من جنايات أبيه، لكنهم فرضوه على شعبنا لذلك، ولأنهم أوصلوه إلى السلطة كان (في مقابل ذلك) ينفذ لهم جميع ما يريدون دون اعتراض أو إبداء رأي، وإذا أردنا أن نحصي الخيانات التي ارتكبها خدمة لأسياده في سدّة حكمه لطال بنا المقام، ولم يسعنا الوقت لذلك. ولكنني أذكر على سبيل المثال ما كان يرتكبه من أعمال تحت شعار خدمة الوطن، فمن ذلك هذه المهمة التي عهدت إليه وهي أن يأخذ مقابل نهب أمريكا لنفطنا أسلحة ومعدّات عسكرية، علماً بأن هذه المعدّات تستخدم لبناء قواعد عسكرية لهم وهذا الشخص أعطاهم نفطنا، وبنى لهم في أرضنا قواعد عسكرية تحت شعار ثمن النفط. أما الخدمات التي قدمها للشعب، فهي أننا لا نستطيع إحصاء ما ارتكبه في العشر سنوات أو الخمس عشرة سنة الأخيرة من جنايات وقتل لشبّاننا، إذ كانت سجونه تغصّ بالسجناء من شبّاننا.
وجوب استجواب البابا للقادة الأمريكيين
وطوال هذه المدّة كنا نأمل أن يتفقد هذا الشعب المستضعف أحد رجال الدين من الخارج وخصوصا احد كبار رجال الدين النصارى.
أنا لا أستطيع أن اصدّق أنّ الفاتيكان لم تكن على علم بما جرى هنا من جنايات ولا أدري ماذا أصنع بهذه النقطة من الإبهام؟ وكيف أجيب عنها إذا سألني شعبي، هذا السؤال: هل ان رجال الدين المسيحيين موافقون على هذه الجنايات التي ارتكبها هؤلاء؟ لا أدري ماذا اجيب عن هذا السؤال؟ إنّ علماء الديانة المسيحية علموا أنّ القرآن الكريم صدّق المسيح، وصدّق أمه الصديقة الطاهرة، ودافع عنهما. وأنه كذّب وأنكر صراحة كلّ ما نسب باطلًا إلى تلك الطاهرة المطهرة، وهكذا أيّد القرآن الكريم المسيح عيسى (ع) وكذلك أيّد علماء النصارى ورهبانهم وقساوستهم .. كنا نتوقّع مقابل ذلك أن تلاطفنا كلام أمثال السيد البابا مستفسراً من كارتر وسائلًا إياه: لماذا يعيش هذا الشعب عيشة مأساوية؟ ولماذا سلطتم مثل هذا الآدميّ على هذا الشعب؟ وليسأل كارتر الآن هذا السؤال: لماذا آويتم هذا المجرم الذي استمر في جناياته وخياناته المشهودة ما يزيد على ثلاثين سنة؟ ولماذا أويتموه وحرستموه؟ ولماذا تريدون أن تستأنفوا مؤامراتكم؟ نحن لم نتعجب من تخبّط كارتر وحيرته، لأنه رجل سياسة غير صحيحة يعمل لمنافعه الشخصية، أو لما يتوهمه من منافع شعبه، ولذلك نراه يرتكب أنواع الجنايات بكل ما يمتلك من قوة ووسائل. إنه يرتكب ما شاء من الجنايات ويعمل ما يستطيع عمله لتخليص الرهائن والإفراج عنهم لكي لا تنكشف تلك الأسرار التي يمكن أن تنكشف إذا طالت مدة الأسر. إنه يجب أن يقوم بهذا العمل لكن لماذا يصدر هذا العمل من السيد البابا؟ ويتوسط لتضييع حقوق شعب مظلوم مضطهد يريد بهذا العمل ان يكشف للعالم شيئاً من ظلامته، وإني أقول للناس وللمستضعفين: ما هو طريق الظلم؟ وكيف يكون؟ ولو كان باستطاعتنا أن نقيم الدعوى في بلد آخر على هذا الظالم المؤامر لمحاكمته وأن تنقل إلى ذلك البلد جميع الشهود والأدلة لكنا السباقين إلى ذلك ولمّا تأخرنا عنه لحظة واحدة، لكن كثرة الجرائم التي ارتكبها والملفات التي عثرنا عليها وملايين الشهود الذين ظلمهم هذا الرجل من الفلاحين والعمال وعلماء الدين والجامعيين كل هؤلاء شهود لنا عليه.
لكننا لا نستطيع أن ننقل كل هذه الملايين من الشهود التي بلغت اكثر من عشرين مليون شاهد إلى الخارج لأداء الشهادة في المحكمة.
لكننا واحتراماً لمقام البابا مستعدون للموافقة على أن يأتوا به إلى هنا مع ممثلين من قبل البابا ومن قبل أية دولة أو مؤسسة عالمية حتى من قبل ألدّ أعدائنا الذي هو كارتر، ثم يحاكم هنا بحضور هؤلاء الممثلين، وإننا مع شعبنا نوافق على كل حكم تصدره هذه المحكمة.
إتباع إرادة الشعب
وليعلم السيد البابا أنه لا مسألة أستطيع حلّها ما لم يعط الشعب رأيه فيها. فليس من أصولنا أن نفرض شيئاً على شعبنا، لأنّ الإسلام لا يجيز لنا أن نكون مستبدين إننا نتبع أراء الشعب ونوافق على كل شيء يصوّت له الشعب فليس لنا الحق أن نفرض شيئاً على شعبنا، لأن الله- تبارك وتعالى- لم يعطنا هذا الحق، كما أنّ نبيّ الإسلام (ص) لم يمنحنا ذلك.
نعم قد يحدث أحياناً أن نطلب متواضعين شيئاً من الشعب، كما يطلب خادم شعب من شعبه شيئاً. لكن الأصل هو أنّ الأمور ليست بيدي ولا بيد أمثالي، بل إنها بيد الشعب الذي أعلن دعمه لهذا العمل. وإذا كنتم على اطلاع بذلك فإنكم رأيتم أنّ الإنسان يتعب من سماع الإعلانات الإذاعية الكثيرة لطبقات الشعب المختلفة التي تعلن دعمها لهذا العمل.
وعلى كل حال فإنّ الذي نطالب به أمر إنساني يقتضيه حبّ الإنسانية، وشعبنا محبٌ للإنسانية لأنه شعبٌ مسلم، وأنتم لأنكم شعبٌ مسيحي يجب عليكم أن تقتدوا بالمسيح، وتكونوا، كما كان هو، محبيّن للإنسانية. والإحساس بحب الإنسانية يفرض على شعبنا أن يهتم بمتابعة جنايات هذا الرجل. حتى ينكشف للعالم من كان يدفعه إلى ارتكاب هذه الجنايات، حتى تعرف شعوب العالم من هو عدوّ البشر؟ ومن كان يحرّضه على أن يقضي تمام وقته في الظلم وارتكاب الجنايات ونهب ثرواتنا؟ وذلك لكي يتعظ الناس، واستناداً لما مرّ بماذا يحكم البابا؟
المطالب الإنسانية للشعب الإيراني
إنني أطلب من البابا أن يتصل بكارتر الذي إلتجأ إليه للتوسط في هذا المورد وأن يدرسا معاً جميع المسائل وأن يرسلا من يدرسها عن كثب هنا وهناك.
وإذا انتهت دراسة البابا إلى أنّ جميع أنواع الظلم المرتكب علينا، وجميع المذابح الجماعية لنا وجميع هذه الثروات المنهوبة من هذا الشعب المستضعف الذي يعيش كثير من أبنائه في أطراف المدن حتى في أطراف طهران، ولا يملكون منزلًا ولا خبزاً ولا عملًا، ومع ذلك نهبت ثرواتهم بيد هذا الرجل وخزنت في المصارف الخارجية، وإذا كان البابا لا يعلم ذلك، فإننا نخبره بجميع ذلك. فإذا انتهت حقيقة دراسة البابا إلى أنّ جميع هذه الأعمال صحيحة، وأنه يجب الإفراج عن الرهائن من دون أن يسلمّوا لنا ذلك الرجل أو أن يحاكموه، فليعلن البابا اعتقاده هذا. لكننا لا نعتقد أنه سيعلن أمراً مثل هذا، وذلك لأنه رافضُ (بلا شك) لهذه الجنايات. بل إنّ جميع البشر لا يقبلون ذلك ويرفضونه وعلى كل حال لا نتكلم ولا نطالب بشيء غير مشروع ولدينا كلام خذوه واعرضوه على من شئتم في أرجاء الدنيا إلا على كارتر، إنّ طلبنا مقبول وصحيح. إنكم أخذتم مجرماً وحميتوه، فسلمونا ذلك الذي قتل شبّاننا وعذبهم بالوسائل الكهربائية، وقطع أرجلهم بالمناشير، سلموه لنا لنحاكمه بالعدل، أرسلوا ممثليكم ليشهدوا محاكمته بالعدل، وإذا كنا كاذبيين فليأتوا به وليجلسوه مرة أخرى على عرش السلطة. والناس يتبعون ولا يخالفون. وإذا كان هو الكاذب، وكان السيد كارتر يقول خلاف الحقيقة فاستجوبه، (ايها البابا) بما تمتلك من النفوذ المعنوي. واعلموا أنّ هؤلاء يعملون بخلاف نهج المسيح تحت شعار المسيحية، وخدعوا بعض الأحزاب في بلادهم، وإذا تمّ كل ذلك باسم النصارى وباسم المسيحيين وباسم المسيح عيسى (ع) فإنّ هذا يشوّه وجه الأمة المسيحية.
ضرورة سعي البابا لنجاة الأمة المسيحية
إنه يجب على البابا أن يهتم بأمور الأمة المسيحية بل يجب عليه أن يهتم بأمور جميع الشعوب المستضعفة وأن يهتم بعزة المسيحيين وشرفهم كما يجب على السيد البابا أن يعلن للشعب الأمريكي ولجميع الشعوب المسيحية عدد الجنايات التي ارتكبها كارتر باسم المسيح وهي مخالفة لنهج المسيح فيجب اطلاع الشعوب المسيحية على ذلك كما اطلعنا نحن الناس على حقيقة أعمال محمد رضا مع أنّ الناس كانوا يعرفونه لكننا نشرنا ذلك للناس فافعلوا أنتم نفس هذا الفعل أيضاً وفي هذه الحالة سوف نشكركم على ذلك. وهذه مظلمة نقولها لكم. وإننا بحكم هذه الظلامة نعلن شكوانا لكم لكي تنقذوا الشعب المسيحي، واتركوا الأمة الإسلامية في مكانها. وأنقذوا الأمة المسيحية من أعمال حكام الدول العظمى الذين يرتكبون الجرائم باسم المسيح- عليه السلام- وهذا أمر يسيء إلى حرمة المسيح- عليه السلام- ويشوّه سمعة المسيحيين وإنني أيها السيد البابا أقول لكم: لو كان المسيح عيسى (ع) في هذا الزمان لاستجوب كارتر، ولأنقذنا من مخالب عدو الخلق والبشرية هذا، وأنتم ممثلو المسيح فيجب أن تفعلوا ما يفعل المسيح.
أسأل الله- تعالى- أن يجعلنا ندرك واجباتنا الإلهية ووظائفنا الدينية، وأن يجعلنا من حماة المظلومين وآمل أن يهتم السيد البابا بوضع هذا الشعب المظلوم وأن يسامحنا لأننا لا نستطيع الآن في هذا الوضع أن نلبّي طلباته لكن الطلب الأول الذي ذكره هو حاصل فعلًا. وهو معاملة الرهائن معاملة حسنة، وإنني أرغب في أن تذهبوا أنتم ممثلي السيد البابا لملاقاتهم لتطّلعوا عن كثب على معيشتهم وتتحدثوا معهم لتعلموا هل هم في ضع سيّئ؟
لا، اطمئنوا أنهم يعيشون في راحة، ولا يسلب راحتهم شيء، نعم إنّ كارتر تشبّث بوساطات كثيرة. إنه غريق يتشبّث بكل شيء.
عدم الخوف من التهديدات العسكرية والحصار الاقتصادي
قد يضاف أحياناً من قبل بعض الجهات احتمال التدخل العسكري الأمريكي وأحياناً يقال: حاصروا إيران حصاراً اقتصادياً. إنه لمن المؤسف حقاً أن يوجد من يدّعي أنه إيراني ويقول: إنني إيراني قبل ان اكون مسلماً في الوقت الذي لا أراه مسلماً ولا إيرانياً. إنّ هذا يطلب من كارتر أن يحاصر إيران حصاراً اقتصادياً. وهذا هو بختيار «1»، الذي هرب الى بريطانيا وهو يعيش الآن هناك. ومع ذلك يدّعي أنه رجل وطنيّ. إنني قد ذكرت أمراً فيما مضى وأرى له الآن شاهداً مثالًا، لقد قلت في يوم من الأيام: إنّ الدول العظمى قد تقتضي سياستهم الاحتفاظ بعميل لها في منصب عشرين أو ثلاثين سنة، وتأمر أن يتلبّس بلباس الوطنية، مثل بختياري الذي يربط نفسه بالدكتور مصدق ويدعي أنه رجل وطنيّ. وبعد أن مضى عشرون عاماً وجاء اليوم الموعود استفادوا منه وكان قد قضى سنين كثيرة في الجبهة الوطنية، يدّعي الوطنية حتى إنه كان يقول: إني إيراني قبل أن أكون مسلماً، ومع أنّ هذا الكلام كفر بذاته، إلا أنه لمّا جاء اليوم الذي ادخره له ليستفيدوا منه نفعهم وأجلسوه بمكان شر خلق الله أعني محمد رضا فبدأ عمله بالقتل وارتكاب الجرائم وإصدار الأوامر بذلك. لكن لم يطعه أحد. لذلك طلب محاصرة هذا الشعب حصاراً اقتصادياً. ويجب أن أقول الأمرين التاليين: إننا لا نخاف من التدخل العسكري ولا من الحصار الاقتصادي. أمّا أننا لا نخاف من ذلك الشخص فلأننا شيعة أولئك الأئمة الذين كانوا يرحّبون بالشهادة. وشعبنا اليوم يرحب بالشهادة. ولو فرضنا فرضاً محالًا أن السيد كارتر يستطيع أن يتدخل في إيران تدخلًا عسكرياً. مع أنه لا يستطيع ذلك، وأنّ الدول العظمى قد انتهت بعد التداول إلى هذه النتيجة، وهي أن يتدخلوا تدخلًا عسكرياً في إيران فلو فرضنا حصول ذلك فليعلموا أنّ عدد المستعدين للدفاع والمواجهة من شعبنا يبلغ خمسة وثلاثين مليون نسمة، وأنّ أغلب هؤلاء يتمنون الشهادة.
وإننا نذهب مع هذا العدد إلى ساحة القتال، وبعد استشهادنا افعلوا بإيران ما شئتم نحن لا نهاب أحداً. نحن رجال الحرب والنضال والمواجهة. إنّ شبّاننا المناضلين قد قاوموا بأيديهم الدبابات والمدافع والرشاشات.
أيها السيد كارتر لا تخوّفنا من النضال والكفاح، فنحن رجال المقاومة والنضال وإن كنا لا نمتلك آلات النضال ومعدّات الكفاح، إننا نمتلك أجسامنا تناضل وتكون هدفاً للعدو.
أمّا مسألة الحصار الاقتصادي، فنحن شعبٌ اعتاد الجوع، إذ ابتلينا بذلك خمساً وثلاثين أو خمسين سنة، فنحن نصوم ونتناول في اليوم وجبة غذائية واحدة، وإذا تقرر أن تجري الدول العظمى الحصار الاقتصادي على إيران وفرضنا فرضاً محالًا أنها تستطيع ذلك وأنّ جميع الشعوب تتبعها وهذا أمر خيالي مستحيل فإننا نأكل ما نزرعه في بلادنا من شعير وحنطة ونقتصد في ذلك ليكفينا. ولا نأكل اللحم إلا في يوم واحد فقط من أيام الاسبوع. علماً بأنّ أكل اللحم غير محمود، ولا نأكل في اليوم إلا وجبة غذائية واحدة. فلا يخيفونا من هذه الأمور. فإذا فُرض أن ننتخب أحد الأمرين التاليين: الأول: سلامة شرفنا وحفظ ماء وجوهنا. الثاني: أن نشبع بطوننا ولا نعاني آلام الجوع. فإننا نختار سلامة شرفنا وحفظ ماء وجوهنا، ونرجح هذا على الشبع والرفاهية. وإنني أحملكم سلامي إلى السيد البابا الأعظم، وأن تقولوا له: إنّ الرابطة الدينية التي تجمعنا معكم هي أننا جميعاً موحّدون عارفون بالله الخالق- تعالى- ونطلب منكم أن تساعدوا هذا الشعب المستضعف، وتقدّموا نصائحكم الأبوية إلى رؤساء الدول العظمى أو أن تستجوبوهم.