بسم الله الرّحمن الرّحيم
الاداء غير اللائق
وصلتنا شكايات كثيرة من إصفهان، ووصلتنا أمس أو مساء أول من أمس رسالة من السيد حسين خادمي «1»، وكانت عبارته فيها: [توجد في ضواحي إصفهان حوادث نهب أموال الناس وسلبهم]. هذه هي عبارته، وجاءتنا جماعة كثيرة، وبعد ذلك جاء ممثلوهم وقلت لهم: إني لست على علم بأوضاع تلك المنطقة لذلك لا أستطيع أن أتكلم بدقة على الوقائع التي تحدث هناك، أنتم تعلمون أنّ أشغالي وابتلاءاتي كثيرة، ولا يسعني الاطلاع على جميع الأمور.
لكن واجبي أن أنبّه السادة الحاضرين إلى أمر مهم، هو: أنّ الجمهورية الإسلامية (اليوم) هي حقيقة قائمة وأنّ جميع الأجنحة والتيارات تؤدي وظائفها تحت راية الإسلام. فإذا لا سمح الله- تعالى- حدث أمر مخالف للأهداف الإسلامية فإنّ الضرر الناتج عن ذلك لا يخص فاعل الفعل فقط. بل يتعداه ليلوث سمعة المؤسسة أو الدائرة التي ينتسب إليها، فإذا كان ينتسب إلى الشرطة أو قوات حرس الثورة الإسلامية فإنّ عمله المخالف للإسلام يلوث سمعة الأصل الذي من أجله أنشئت هذه القوات. بل إنّ الأمر يتعدى ذلك إلى سمعة الجمهورية الإسلامية. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّ أعداء الإسلام سيستغلون ذلك ويقولون للناس إنّ هذا النظام لا يختلف عن النظام السابق فهو مثله.
إذ تخلصتم من ظلم ووقعتم في ظلم آخر وفي حبائل ظالم آخر.
إنّ هذا العمل المخالف، لو حدث في العهد السابق، لوقعت تبعاته علينا، ولا تنسب إلى الإسلام ولا تلوث سمعته، وتكون نتيجة ذلك العمل لمصلحة الإسلام. أما اليوم فإننا نشاهد قيام الجمهورية الإسلامية، والجميع يعملون باسم الإسلام.
فاذا ارتكب اليوم خطأ أو اشتباه أو وقع- لا سمح الله- أمر متعمّد فإنّ ذلك ينسب إلى الإسلام، وضرره يلحق الإسلام. ولا شك أنّ أولئك الفضوليين وأصحاب الأقلام المسمومة المشغولين الآن بالائتمار في الداخل والخارج، هم فقدوا منافعهم ومنافع أسيادهم، لا شك أنهم يرون من الضروري العمل على قلب الأوضاع، إنّ هؤلاء جميعاً ينتظرون مثل هذه الأخطاء بفارغ الصبر حتى يضخموها ويوسّعوها لكي يشوّهوا سمعة هذه النهضة الإسلامية.
خطر الفساد الداخلي
إن الواجب يحتم على كل الموظفين والمشتغلين بتقديم الخدمات أن يحافظوا على سلامة الموازين الإسلامية: لأنها على رأس جميع الخدمات وفي مقدمتها فإذا صار الأساس أن لا يراعي حامي الإسلام وحارسه الموازين الإسلامية فإنّ هذا يشبه تماماً أن يكون العالم الديني غير مراع لموازين الإسلام وغير حافظ لها فكما أنّ عدم مراعاة العالم الديني للموازين الإسلامية يلحق الضرر بالإسلام، فكذلك المشتغلون بتقديم الخدمات، لأنهم جزء من أجهزة الدولة الإسلامية ومؤسساتها.
فإذا ضاق الناس بأخطاء هؤلاء وعلت صيحاتهم، استغل المغرضون ذلك واذاعوا بين الناس أنّ هؤلاء الموظفين هم مثل موظفي العهد السابق، وطبلوا وزمروا لذلك ونشروا تلك الأعمال، في جرائدهم وصحفهم الخارجية، وقالوا: تتشابه هذه النتائج ونتائج أعمال الشيوعية. وعندها يقولون: هذا هو الإسلام، لا فرق بينه وبين غيره.
أما تلك الفرقة التي تصف نفسها بأنها خبيرة في الشؤون الإسلامية، فإنها تفعل نفس أفعال أولئك، وهذا كله في الواقع فساد ظهر داخل النهضة الإسلامية، فمهما حاولت ان تطبل له وتزمّر وتظهره بمظهر جميل فإنك سرعان ما تواجه باضمحلاله وفنائه من الداخل، فهم مثل بطيخة داخلها دودة رعاها صاحبها وخدمها حتى إذا كبرت ونضجت أفسدتها الدودة من الداخل، وحينما تفتحها تجدها فاسدة غير قابلة للأكل. فلا يجوز لمنتسبي الدولة الإسلامية أن يعملوا عملًا يشين الإسلام ويشوّه وجهه، ولا يجوز لجميع الطبقات العاملة في الجمهورية الإسلامية، كطبقة العلماء المشتغلين بتقديم الخدمات وطبقة المشتغلين في المحاكم، وطبقة حراس الثورة وطبقة الشرطة وطبقة العسكريين وجميع العاملين في الجمهورية الإسلامية لا يجوز لهؤلاء جميعاً ان يفعلوا ما يؤول إلى أننا نضعف الإسلام بأيدينا، ونظهر له في الخارج والداخل صورة غير صورته الواقعية الحقيقية، وننفي العدالة والموازين والمنهج الاسلامي، فيعمّ الهرج والمرج، ويعمل كلٌّ كيف ما يشاء.
خطر الاجتهاد بالرأي والانحراف عن المحجة
الأمر الذي يجب أن أقوله للجميع، وأنبّه إليه بشكل عام هو أنه لا يجوز إظهار القدرة في كل أمر، فيجب على جميع المشتغلين، بتقديم الخدمات لأجل الإسلام أن يكرّسوا جهودهم الذهنية في الوصول إلى معرفة حقيقة ما يريده الإسلام لكي نتبعه. أما أنني ماذا أفهم أنا من الإسلام؟ أو أنني أريد أن أفهم منه هذا الفهم المعين. فهذا ليس هو الميزان. فهذه الاجتماعات الفردية ليست هي الميزان. إذ انّ كل مسالة وكل موضوع يحتاج إلى خبير حاذق. فلو فرضنا مثلًا أنّ مريضاً يرفض استعمال الدواء الذي وصفه له الطبيب. ويقول: إني أريد أن أداوي نفسي بنفسي. لا شك أنّ هذا المريض مصيره عدم الشفاء والموت فالمريض الذي يركب رأسه ويريد أن يعالج نفسه بنفسه قد ينتهي به علاجه إلى الهلاك. فإذا صار الأساس أن لا نراجع خبراء الدين الإسلامي الذين يعلمون كيف يعملون بقواعد الإسلام وقوانينه وأن نتركهم، ونعمل بما يمليه علينا فكرنا القاصر، فذلك يشكل خطراً عظيماً على الإسلام، لأنه قد يتغلغل بيننا وبينهم من يستلهمون أفكارهم من الخارج أو من الشيوعيين أو الماركسيين ويريدون أن ينسقوا بين الإسلام والماركسية، ويجعلوا الإسلام منطبقاً عليها. فيجب على الجميع الإنتباه إلى هذا الخطر الجسيم، وأن يعملوا بجد على دفعه ورفعه، فالاندحار من العدو في الحرب ليس مهماً في نظري.
خطر أعظم من خطر أمريكا
لو فرضنا أنّ أمريكا تهجم علينا بجيوشها وتبيدنا لما كان ذلك أمراً مهماً إنه طبعاً عمل عظيم، لكن ما هو أعظم منه إخفاق المدرسة العقيدية.
وفرقة من الناس يقولون: إننا يجب أن نظهر مدرستنا العقيدية بشكل يرتاح إليه الغربيون ويعملون على نشره.
إنّ هؤلاء بهذا العمل يريدون أن يهزموا مدرستنا، ويدعوا أننا أخفقنا وعجزنا. أو أن يقولوا: إنّ الإسلام هو هذا الذي ندّعيه نحن. فهؤلاء يريدون أن يسيئوا إلى الإسلام. إنهم لا يعلمون أنهم يقولون ما لا يعلمون فهذا الأمر قد خاب في أوروبا، وهؤلاء يريدون أن يظهروا تلك النفايات والحثالات التي خابت في أوروبا بمظهر حسن في إيران والدول الإسلامية. إنهم لم يطلعوا على حقيقة الإسلام ومناهجه ووضعه لذلك يفعلون ما تشتهيه أنفسهم. ولو سألت أحدهم: ماذا تفعل؟ لقال: صنعنا ثورة. إنهم يظنون أنّ الثورة هي الفوضى والهرج والمرج. وهي ليست الهرج والمرج علماً بأنّ قيام الثورة ملازم لوقوع بعض المفاسد، وهذا أمر طبيعي. أما أولئك الملتزمون الذين يحبون الثورة ويهوونها، فإنهم يعتقدون أننا بدّلنا النظام الظالم بالنظام العادل لتتعامل جميع طبقات الشعب بالعدل الإسلامي، وتلتزم به، ولا يركب كلّ رأسه فيعمل ما يريد. ولقد قلت الآن لزعماء حرّاس الثورة الذين كانوا هنا: اذهبوا واجلسوا مع أولئك السادة، واستشيروهم في اتخاذ طريق صحيح، لكي يعمل الجميع في كل مكان، وفقاً لموازين عقلانية وإسلامية، وإذا تم هذا الأمر فإنني آمل أن تنتصر إن شاء الله تعالى وتصلح جميع أمورنا.