أجرى المقابلة: مراسل تلفزيون (سي بي أس) الأمريكي
المترجم: [سماحة آية الله، إنّ السيد مك فار مراسل تلفزيون (سي بي أس) وهي إحدى القنوات الثلاث المهمة في تلفزيون أمريكا. وهو يقدم برنامجاً تلفزيونياً عنوانه: (ستون دقيقة) ويذاع يوم الأحد من كل أسبوع، ويتميز هذا البرنامج من غيره بأنّ مشاهديه أكثر من مشاهدي بقية البرامج، لأنّ الأمريكيين يثقون به أكثر من ثقتهم ببقية البرامج، وهو يرجو أن يسأل حضرتكم عن الحوادث الأخيرة التي حدثت في السفارة الأمريكية].
الإمام الخميني: [بلى، لا مانع من ذلك لكنني أرجو أن لا يغيّر ولا يحرّف الأجوبة فبعض المراسلين والصحفيين الذين حضروا هنا وعقدوا لقاءات حرّفوا كلامنا، وأضافوا بعض الأكاذيب. وهذا العمل مخالف لتعاليم الصحافة وآدابها. لذلك أرجو منكم أن تذيعوا كلامي صحيحاً سالماً من النقص والزيادة وبلا تحريف، ودون أن تتدخلوا فيه].
المترجم: [سماحة آية الله، إني أعرض بخدمتكم أن تطمئنوا من هذا الجانب، والسيد مك فار متأكد أن حضرتكم سوف تفرحون من النتيجة بعد بث هذا اللقاء من تلفزيون أمريكا وهو يشكركم على قبولكم هذا اللقاء ويرجو لكم الشفاء من الزكام والوعكة الصحية. إنّ السيد مك فار فهم أنكم اطلعتم على الأسئلة. والأسئلة التي يقرؤها عليكم مهمة جداً. والذي يطلبه منكم أنه قد يسأل أسئلة ترتبط بأجوبتكم. والمهم أنّ الأسئلة هي هذه التي اطلعتم عليها أما تلك الأسئلة التي يحتمل ان يسألها لارتباطها بأجوبة حضرتكم فإنما يسألها لتكون الأجوبة أكثر وضوحاً. وإنه يؤكد أنّ هذا اللقاء سيترك أثراً حقيقياً مهماً في جميع أرجاء العالم وهو نفسه يدرك هذه الأهمية بوضوح].
سؤال: [هل حضرتكم ما زلتم تقولون: لن يطلق سراح الرهائن الأمريكيين إذا لم يعد الشاه إلى إيران؟]
الجواب: بسم الله الرّحمن الرّحيم، إنّ هذا الأمر يرتبط بالشعب الذي هو خمسة وثلاثون مليوناً، وهذا هو مطلبهم. ويجب أن نبحث عن علة ذلك، أي: لماذا يطلب شعبنا إعادة الشاه، ويعلق الإفراج عن الرهائن على ذلك؟ ولماذا يصرّ كارتر على الاحتفاظ بالشاه وعدم تسليمه؟
أما سبب إصرار شعبنا على إعادة الشاه، فليس هو أن يأتي الشاه إلى إيران، فشعبنا يعبتر الشاه عدواً له، فما يصنع به؟ فهو ليس تحفة حتى يريد أن يحتفظ بها في المتحفة. ومردّ ذلك لجهتين إحداهما أهم من الأخرى؛ فالجهة الأولى هي: إنّ اقتصادنا ليس قوياً كثيراً وأن كثيراً من ثروات إيران هي بيد الشاه المخلوع وأقاربه، وهي مكدّسة في مصارف أمريكا وسائر الدول الأخرى وهذه الأموال كلها ملك الشعب. فسبب إصرارنا على جلب الشاه هو أن يعلم أنّ أموال الفقراء هذه التي في أيديهم وأيد عملائهم أين هي الآن؟ وأن تعاد إلى الشعب. والجهة الثانية هي أكثر أهمية من الأولى وهي أننا نريد أن يأتي الشاه إلى إيران لنتعرف على أساس هذه الجنايات والخيانات والمذابح الجماعية التي ارتبكها هذا الرجل طوال سبع وثلاثين سنة تقريباً على إيران. ولكي نعرف بأمر من نفذ هذه الجنايات فالإنسان الذي يريد أن يحكم في بلاد، لا يرتكب كل هذه الجنايات بلا دافع وبلا آمر. فهل هذا الأمر هو ناس متعددون؟. إنّ هذا الرجل كان يقول: إنني كنت مأموراً على وطني، ولذلك نريد ان نعرف ذلك الآمر الذي أمّره أن يرتكب كل هذه الجنايات في وطنه من هو هذا الآمر؟ ومن هم هؤلاء الآمرون؟ هذا هو سبب إصرار شعبنا على عودة هذا الرجل، وتثبيت هاتين الجهتين، وأن محاكمة هذا الرجل في محكمة. والحكم الذي تصدره المحكمة يجب تنفيذه. وأما لماذا يصرّ كارتر على عدم تسليم هذا الرجل فيجب ان نعلم هل سبب هذا هو أنّ السيد كارتر كان محبّاً للإنسانية؟ أو لأنّ السيد كارتر هو الذي دفعه إلى إرتكاب كل تلك الجنايات، لذلك أصرّ هذا الإصرار على عدم تسليمه ووقف مقابل الشعوب الإسلامية ونشر الرعب، وسبب حدوث مسائل أخرى وجعل المنطقة في خطر.
فهل كل هذه الأعمال صدرت عن إنسان محبّ للإنسانية ولأجل الإنسانية؟ الحق أننا لم نعهد في السيد كارتر حبّ الإنسانية لأن أفعاله تدل على أنه لا يمتلك هذا الإحساس. فإنّ مَن يحتضن المجرم ويحميه باسم حبّ الإنسانية لا يجوز له أن يكون سبب ارتكاب جنايات ومذابح كثيرة في دول كثيرة. فهذا الرجل ليس محباً للإنسانية ولا يمتلك الإحساس بها، ولو كان يمتلك الشعور بحب الإنسانية لما كان سبب الجنايات التي استمرت سبعاً وثلاثين سنة وجرت على خمسة وثلاثين مليون إنسان من الشعب الإيراني الذين من ضمنهم محمد رضا الذي نفذت على يده تلك الجرائم في حكومة السيد كارتر الذي لم يتفق، ولو مرة واحدة، أن يطلب انطلاقاً من الإنسانية من محمد رضا ان يوقف ارتكاب الجرائم ضد شعبه. بل إنّ معلوماتنا تؤكد أنه ليس فقط لم ينهه عن ذلك بل كان يحرضه على ذلك. وبهذا يتضح أنّ سبب إصرار السيد كارتر على حماية محمد رضا ليس هو الإحساس بحب الإنسانية بل إنما هو الخوف من أن تفتضح أسراره وأسرار قادة أمريكا، لأن كارتر يعلم أنّ الشاه إذا جاء إلى إيران سنفضح أسرار كارتر الشخصية وأسرار أسلافه ونعرضها على الشعب الأمريكي. ليعلم أنه مبتلى برؤوساء يسوقون شعبهم إلى الفناء، ويخجلونه بأفعالهم بين الشعوب الإسلامية: فيفقد منزلته عندهم. فنحن لهذا السبب نريد عودة الشاه. وكارتر لهذا السبب نفسه لا يريد عودته إلى إيران. فهو إنما يصرّ على عدم عودة الشاه لكي لاتفتضح أسراره؛ لأنه عندئذٍ لا يستطيع أن يعيش، في وطنه عيشة صحيحة سليمة ولا يستطيع ان يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية وإذا اطلع الشعب الأمريكي بوسائل الإعلام العامة على جميع الأمور وما تحمّلناه من مصائب من رؤسائهم ورؤساء بقية الدول الكبرى، فإنه يسحب تأييده لكارتر.
وإنني احتمل أنّ الذين يؤيدون كارتر في أمريكا إنما هم طبقة خاصة مرتبطة به. فهذا التأييد شبيه بذلك التأييد، الذي كان يحصل هنا للشاه المخلوع، من قبل عملائه الكثيرين الذين كانوا يذهبون باسم الشعب لاستقبال الرئيس الأمريكي، حينما يأتي إلى إيران في الوقت الذي لم يكن الشعب على اطلاع دقيق بذلك كما لم يكن مستعداً مطلقاً لاستقبال ضيوفه. فهؤلاء العملاء الكثيرون كانوا معدّين لإنجاز مثل هذه الأعمال وإني احتمل أنّ السيد كارتر الذي يدعي حب الإنسانية كان له عدد كثير من رجال الأمن من الأشخاص المرتبطين به مباشرة، فكان يصدر أوامره بأن يهينوا طلابنا الذين ذهبوا إلى هناك لتحصيل العلم، ويصعّبوا عليهم، ويؤذوهم بالكلاب البوليسية المدربة، ويجنوا عليهم الجنايات المختلفة. هذا هو حال هذا المحب للإنسانية ونحن الشعب المظلوم نريد إعادة ذلك الذي خان شعبه كما نريد معرفة أساس هذه الجنايات.
المترجم: [لكن هذا ليس جواب هذا السؤال: هل سيطلق سراح الرهائن؟ والمراسل يريد جواب هذا السؤال].
الإمام الخميني: [لقد أعطيت الجواب، وهو أنّ الشعب يرفض ذلك. وإذا أراد الشعب شيئاً فلا يتحقق غير إرادته. ولا نستطيع ان نفعل ما يخالف إرادته].
سؤال: [هل هؤلاء الرهائن سيبقون في هذا المكان إلى الأبد].
الإمام الخميني: [نعم، سيبقون كذلك حتى يعود الشاه، وامر هؤلاء الأسرى بيد كارتر. إذ يمكنه أن يفرج عنهم، وذلك بإعادة المجرم إلينا، وعندها نعيد له الأسرى].
سؤال: [هل تفرجون عن الرهائن عند إعادة الشاه فقط وعند غيرها لا تفرجون عنهم أبداً].
الإمام الخميني: [إذا كان هذا المراسل يريد أن يكثر الأسئلة فإني لا أجيب إلا عن سؤال واحد قولوا له: ليس لدي وقت. ليس عندي وقت. سلوا لأجيبكم].
المراسل: [إنّ رأيي (طبعاً) هو أن يكون الجواب مشخصاً. ولا أقصد عدم الاحترام أبداً].
الإمام الخميني: [معلوم أنّ الكلام انتهى، وأنّ الوقت إنقضى، فإذا أردت أن أتكلم كثيراً فإنّ صحتي لا تساعد على ذلك، وستبقى بقية أسئلته بلا جواب، فإذا رغب في ذلك فليبحث في هذا الجواب].
المراسل: [سماحة آية الله، إنّ السيد كارتر يقول: إنّ إيران متهمة بالقيام بعمليات إرهابية، ويؤكد كثيراً أنه إذا لا سمح الله أصيب الأسرى بسوء فإنّ نظامكم سيتحمل مسؤولية ذلك].
الإمام الخميني: [هل شعبنا البالغ عدده خمسة وثلاثين مليوناً يتصف بالإرهاب؟ ويجب أن يسأل السيد كارتر هذا السؤال: هل هذا هو تحليلك للأمور السياسية بحيث تتهم بالإرهاب شعباً قوامه خمسة وثلاثون مليوناً قد أيدته شعوب العالم في نهضته؟ إنني أرى (مع الأسف) كلامه هذا ليس منطقياً فإنه يدّعي أنّ هؤلاء الطلبة الذين احتلوا وكره التجسسي ليسوا طلاب جامعات بل إنهم جماعة من الأراذل والإرهابيين فمنطقكم إذن يساوي بين الأراذل والطلاب المثقفين، ولا يفرّق بين هذين الفريقين. أليس ذلك إهانة لجميع طلاب العالم؟ إنكم تعتقدون أنّ شعبنا يتصف بالإرهاب هل هذا هو تحليلكم السياسي؟ تأكدوا أن شعبنا شعب مسلم، والمسلم لا يكون إرهابياً، واطمئنوا أنّ شعبنا يعامل هؤلاء الرهائن بالرأفة.
فالأفضل لكم ان تحسّنوا تعاملكم مع طلابنا الذين يدرسون في بلدكم أليس تعاملكم السيء مع هؤلاء الطلبة وإطلاق الكلاب عليهم إرهاباً. إننا لم نسجن هؤلاء الرهائن في السجون والزنزانات وإنما نحتفظ بهم في نفس المكان الذي كانوا يعيشون فيه في رفاهية كاملة ولقد سمحنا لجميع من جاء من الخارج ان يزوروهم في كل يوم ويروا حالتهم عن كثب. فهل هذا العمل إرهاب، أو أنه عمل إنساني؟ أليست الأعمال التي تقومون بها انتم شبيهة بالأعمال الإرهابية؟].
المراسل: [سماحة الإمام، إن السادات رئيس جمهورية مصر (وهورجل مسلم متدين جداً) صرّح متجاسراً: إنكم هتكتم حرمة الإسلام. والحق أنّ جسارته قد وصلت حداً اعتبركم فيه رجلًا مجنوناً. فهل يمكنني أن أعرف رأيكم فيما صرّح به السادات؟].
الإمام الخميني: إنّ الإسلام الذي يعتنقه أنور السادات غير الإسلام الذي يعتنقه المسلمون، إنّ إسلام أنور السادات يتماشى مع ما يخالف النص القرآني الصريح لأن القرآن الكريم صرّح في محكم آياته الكريمة بالنهي عن موادّة من حادّ الله ورسوله قال الله تعالى: [يا أيّها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوّي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة وقد كفروا بما جاءكم من الحق] «1».
وقال الله- تعالى-: [لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم] «2». لكن أنور السادات يوادّ كارتر ومناحيم بيغين «3»، الحادّين لله ورسوله والمسلمين.
وواضح أنكم قد منحتم الألفاظ معاني غير معانيها الأصلية، فاعتقدتم أن أنور السادات رجل متدين وملتزم بالإسلام وصحيح المذهب فيه. لقد جاء في القرآن الكريم- كما رأينا قبل قليل- (بأن الذين يوادّون من حادّ الله ليسوا بمؤمنين) إنّ السيد أنور السادات يدعي أنه مسلم لكنه في نفس الوقت يهجم جنباً إلى جنب أعداء الإسلام على المسلمين. فهو يعلم ماذا يعاني سكان جنوب لبنان من إسرائيل. ويعلم (أيضاً) ماذا تعاني فلسطين من أعمال هذا المجرم مناحيم بيغين لكنه مع ذلك يصادقه ويعتبر نفسه مسلماً. لذلك يجب أن تعرض أعماله على الموازين الإسلامية لكي يعلم: هل حفظ حرمة الإسلام وعزه؟ ثم يجب ان توزن أعمال شعبنا بالمعايير الإسلامية لكي يعلم: هل خان الإسلام؟ وهل هتك حرمته؟ إن أفعال السيد أنور السادات هي هذه التي ذكرتها وأمثالها. وأنّ شعبه لم يوافقه عليها، علماً بأنّ المسلمين قد أدانوا أفعاله هذه. وأما أفعالنا فنحن شعب فقد استقلاله وحريته وثرواته بسيطرة أمريكا والدول الاستعمارية لذلك نهضنا لكي نحصل على استقلالنا فهل إنّ السيد أنور السادات يعتبر النهضة لنيل الاستقلال، وحفظ الإسلام وإقامة الجمهورية الإسلامية هل إنّ هذا (في نظر أنور السادات) يسيئ إلى حرمة الإسلام وعزته؟ وهل إنّ إصرارنا على عودة المجرم الذي خان الإسلام والقرآن الكريم والشعب، وعلى محاكمته، يعتبر إساءة لسمعة الإسلام، أو أنّ الذي يعد له طائرته الخاصّة لإيوائه وإستضافته؟ «4». إنكم تضيفون رجلًا خان الإسلام والمسلمين. أو لم يكن عملكم هذا إساءة لسمعة الإسلام؟ أو انّ إصرار شعبنا على إعادة ذلك المجرم ومحاكمته وفضح جناياته وخياناته إساءة؟ ومما تقدم يعلم أنّ السادات يحمل الألفاظ غير معانيها الأصلية المستعملة فيها، لذلك يجب تصحيح ذلك وإعادة الألفاظ إلى إستعمالها الصحيح في مدلولاتها ومعانيها.
المراسل: [فهل السادات خائن للإسلام إستناداً إلى ذلك؟]
الإمام الخميني: [لا شك أنه خان الإسلام والمسلمين. لأنه قد وقع مع كارتر وبيغين في كامب ديفيد معاهدة منافية لمصالح المسلمين] «5».
وهذه خيانة للإسلام، وكذلك حمايته لمن خان المسلمين خيانة للإسلام. فهو (إذن) خائن للإسلام. وإني أدعو الشعب المصري أن يقيلوا هذا الخائن من منصبه، كما فعلنا نحن بذلك الخائن.
المترجم: [سماحة آية الله، ماذا تنتظرون من أمريكا أن تفعل مقابل أمركم بإطلاق سراح الرهائن النساء والسود]؟.
الإمام الخميني: [إنّ سبب إطلاق سراح النساء والسود هو أنّ الإسلام يمنح النساء احتراماً خاصاً، والسود كانوا يعيشون تحت ضغوط أمريكا وظلمها. لذلك نسامحهم، ولا نعتبرهم مقصرين كثيراً لأنهم قد يكونون مضطرين في مجيئهم إلى هنا. لذلك كان إفراجنا عن هؤلاء جميعاً إمتثالًا لأمر الإسلام وأمر الله تعالى. ولا نتوقع من السيد كارتر شيئاً مقابل ذلك، ولا نريد منه مكافأة. الشيء الوحيد الذي نطالب به هو أن يسلّمنا هذا الخائن «6». والقوانين الدولية تحكم بتسليم الذي يرتكب الجرائم ضد وطنه وشعبه ليرى فيه رأيه. لكن كارتر يخالف جميع الموازين العقلية والمنطقية.
المراسل: [هل تمّ الإفراج فعلًا عن النساء والسود من الرهائن؟].
الإمام الخميني: [لا علم لي بذلك].
المراسل: [سماحة آية الله، إننا نعتقد انك رجل عطوف ومقدس وتتمتع بوجه مقدس وعلامات التواضع بادية عليكم وإنني كإنسان أتمنى وأدعو أن لا تتوتر العلاقات بين بلدينا وأن لا يحدث أمر غير معتاد].
الإمام الخميني: [وأنا اطلب من الله- تعالى- أن يهتم السيد كارتر بمصالح وطنه ومصالح وطننا. وأن يعمل بالقوانين الدولية لإعادة هذا المجرم إلى وطننا. وإذا أعاده إلينا، فلا مشكلة بيننا].
المراسل: [إنني زرت حفيدكم هنا، وأنا أيضاً عندي أولاد وأحفاد، وأتمنى من أعماق قلبي ان لا يحدث أمرٌ مقلق ومحزن].
الإمام الخميني: [لا، لا يحدث ما يحزن إن شاء الله- تعالى- قولوا لمسؤوليكم وللعالم: إننا نفدي الإسلام بكل شيء نملكه، ونقدّم أحفادنا وأولادنا، وشعبنا مستعد لتقديم كل شيء، فلا تقلق من هذه الناحية].
المترجم: [لا، إنه لم يقلق لأجلنا، إنه يقول: أنا قلق لأجل شعبينا].
الامام الخميني: إنّ رفع قلق الشعب بيد كارتر.
المراسل: [سماحة الإمام، هل جنابكم أو ايران عامة في حالة حرب مع أمريكا في الوقت الحاضر؟].
الإمام الخميني: [ماذا تعني بالحرب؟ إذا كان مقصودك أنّ جيشنا وجيش أمريكا في حالة حرب، فهذا أمر لا وجود له وإذا كان المقصود حرب الأعصاب فإنّ السيد كارتر هو الذي أوجدها وسعى إلى تطويرها. وإننا دائماً نتحاشى جميع أنواع الحروب، فنحن شعب مسلم نتمنىّ السلام لجميع الشعوب. لكن السيد كارتر يحول دون أن يدوم هذا السلام ويستمر. وإني أعتقد أنّ بقاء هذا السلام لنا وللشعب الأمريكي ولشعوب المنطقة يتحقق بأن يضع السيد كارتر حبّ الإنسانية جانباً مدة، ويسلّمنا الشاه الذي ارتكب جميع الجنايات، وذلك لكي تحلّ القضايا العالقة بيننا، ويحول هذا الوكر التجسسيّ الذي أوجدوه هنا إلى مؤسسة إنسانية لا تتحكم في مصير الشعب. هاتان هما المشكلتان الأساسيتان بيننا وبين أمريكا. أعني تسليم الملك المخلوع وتحويل الوكر التجسسيّ إلى مؤسسة إنسانية، تعمل لمصلحة الشعوب وخيرها.
فإذا حلت هاتان المشكلتان لم يبق بيننا وبين أمريكا نزاع. علماً بأننا لم نختلف مع الشعب الأمريكي في شيء وليس بيننا وبينه أيّ نزاع، وإننا ننظر إلى الشعب الأمريكي نظرتنا إلى بقية شعوب العالم، فنحن في حالة سلام وسلم مع جميع شعوب العالم، لكنّ السيد كارتر إذا أراد أن ينجز عملًا يجر إلى تلك الأمور، فإننا أيضاً نرحب بذلك.
المترجم: [إذا كان سماحة آية الله، متأكد هذا التأكد أنّ السفارة الأمريكية هي وكر تجسسيّ فلماذا لم تغلقوها ولم تقطعوا علاقاتكم مع أمريكا؟ ولماذا صبرتم حتى يأتي جماعة من الشبّأن الإيرانيين ويحتلوا السفارة؟].
الإمام الخميني: [نحن لم نحتمل أبداً، ولم يخطر ببالنا أن تتحول السفارة الأمريكية إلى مركز للتجسس وشبّاننا إذا احتملوا ذلك فإنّ احتمالهم مغاير لاحتمالي أنا لأني لم أقطع بذلك قط. إنني لم أجزم ان يخالف السيد كارتر جميع الموازين والقرارات الدولية، ويجعل السفارة مركزاً ووكراً للجاسوسية والائتمار والتحكم بمصير الشعب. ولم أكن في البداية أعلم السبب الذي دفع شبّاننا، ولعلهم احتملوا ذلك، فقرّروا الاحتلال. وما علمت ذلك إلا الآن وبعد قيامهم بهذا العمل، والمهم أنّ عملهم هذا حظي بتأييد جميع الشعب. لذلك سنغلق هذا المركز التجسسيّ. وما دام كارتر رئيساً فلا ندري هل نستطيع ان نتعامل مع الحكومة الأمريكية أو لا؟].
المراسل: [لكن كارتر سيبقى سنة في الأقل رئيساً للجمهورية].
الإمام الخميني: [حسناً، إنّ موضوع العلاقات يرتبط بالحكومة وإننا والحكومة متى رأينا ان المصلحة تقتضي قطع العلاقات فإننا سنقطعها قطعاً كاملًا].
المراسل: [هل هذا أمرٌ يبحث الآن؟ هل قطع العلاقات أمر يفكر فيه الآن؟].
الإمام الخميني: [إنه يبحث].
المترجم: [هل تسمحون أن أطرح سؤالين من الأسئلة التي وافقتم عليها؟ ففي سنة ألف وتسع مئة وست وسبعين أجري لقاء صحفيّ مع الملك في قصر نياوران وقد قرأ له فيها رجال من الاستخبارات الأمريكية قسماً من نظرية علم النفس. وقد وصفوه بحدّة الذكاء وحب السلطة والخطورة. وفي الأسبوع الماضي أبدت صحيفة نيويورك تايمز في هذا المورد نظراً في سماحة آية الله فيه تجاسر كثير وقد تحرّت آراء شخصيات مختلفة، وفي الحقيقة يا سماحة آية الله قال: أحد علماء النفس إنّ حبّ الانتقام قوي عندكم، فهل استطيع أن أطلب منكم أن تبيّنوا رأيكم في هذا المورد].
الإمام الخميني: [إنّ علماء النفس هؤلاء إما أنهم يقولون ما يحفظون دون تحقيق وإما أنهم يبحثون الأمور سياسياً أما قولهم: إنّ الملك رجل ذكي فإنه لو كان ذكياً لما كانت هذه عاقبته ولاستمع لنصائح علماء الإسلام. فإنه إنما ابتلى بهذه البليات لأنه كان غبياً ولم يكن يملك ذهناً سالماً. وأما أنه رجل متغطرس يحب السلطة فإنه كان كذلك. ولعل ذلك ساعد على ان يبتلى بما ابتلي، به أما ما يخص اتصافنا بحب الانتقام فإنه يجب عليكم أن تنتبهوا إلى اجتماع هذا الشعب على أمر واحد، وهل إنّ خمسة وثلاثين مليوناً كلهم ساخطون يحبون الانتقام؟ وهل إنهم إنما نهضوا بدافع السخط والانتقام؟ أم أنهم أرادوا أن يخلصوا وينقذوا أنفسهم من الظلم والسلب والنهب؟ إنّ هذا الشعب الذي يريد الحرية قد خالف من سلب حريته فهل إنّ هذا الأمر في قاموسكم وقاموس علماء النفس سخط و انتقام؟ وهل إنّ طلب الاستقلال من قبل الشعب ونهضته ضد من سلبه ذلك، هل إنّ ذلك في نظر علماء النفس انتقام؟ وما هو الانتقام الذي فعلناه؟ نحن نطالب بإعادة هذا الرجل حتى نستطيع أن نجد جذور الجنايات التي ارتكبها، ونكشف دوافعها. ونطلع شعوب العالم على أعداء الإنسانية ومن هم؟ وهذا ليس انتقاماً وسخطاً بل إنه أمر إنسانيّ نهض الشعب لأجله ولأجل الدفاع عن حقوقه. إنّ الدفاع عن مصالح الشعب لا يسمّى في لغتنا سخطاً وانتقاماً. نعم يمكن أن يسمى انتقاماً في لغة علماء النفس عندكم لأنهم يتصرفون في استعمال الإلفاظ ومدلولاتها].
المترجم: [سماحة الإمام، هل تأذنون لهذا المراسل، أن يذهب إلى السفارة الأمريكية ويتحدث مع الرهائن لكي يطلع عن كثب على سلامتهم، وحسن التعامل معهم، ويعكس كل ذلك للعالم كله؟].
الإمام الخميني: [لا مانع من ذلك. حسناً، ليذهب إلى هناك والشبّان هناك يسمحون بالرؤية لكل من أراد ذلك. ليذهبوا ويروهم، فهم سالمون وفي حال جيدة ويعيشون في رفاه. ولا شيء يزعجهم أو يقلقهم. نعم إنهم يحتفظ بهم في مكان معين. واطمئنوا أنه يحافظ عليهم بحيث لا يصل اليهم مكروه، أو ضرر أبداً إنّ احد أصول الإسلام في هذا المجال هو التعامل الإنساني مع الأسرى وحمايتهم من جميع الجهات لئلا يصل إليهم ما يكرهون. ونحن نتبّع الإسلام وشبّاننا هم طلاب مسلمون: فاطمئنوا أنهم يتعاملون معهم تعاملًا حسناً. حتى إنني أمرت ولدي «7»، أن يذكرهم بذلك ويراقبهم عن كثب وبعد ذلك قال لي: إنهم في حالة جيدة. وإني أرجو ان تكون حالتهم جيدة وتستمر كذلك إلى النهاية ولا يصيبهم مكروه أو أذى وكلاماً مشروعاً أيضاً. فيجب عليهم ان يقبلوا ذلك. وإنّ رهائنهم سيطلق سراحهم].
المترجم: [هل تأذنون أن يذهب هذا المراسل وحده؟].
الإمام الخميني: [هذا أمر يجب تنسيقه مع الشبّان].
قم
الرهائن الأمريكيون - إعادة الشاه - مستقبل العلاقات بين إيران وأمريكا
جلد ۱۱ صحیفه امام خمینی (ره)، از صفحه ۷۰ تا صفحه ۷۸
«۱»-سورة الممتحنة، الآية الأولى. «۲»-سورة المجادلة، الآية ۲۲. «۳»-جيمي كارتر: الرئيس الامريكي، ومناحيم بيغين رئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتل للقدس. «۴»-أنور السادات رئيس جمهورية مصر قد أعلن- قبل فرار الشاه من إيران- استعداده لاستضافته. «۵»-وفقاً لمعاهدة كامب ديفيد فإنّ النظام المصري اعترف رسمياً بالكيان الصهيوني المحتل. «۶»-يعني: محمد رضا بهلوي. «۷»-يعني ولده السيد أحمد الخميني.
امام خمینی (ره)؛ 11 دی 0378