بسم الله الرّحمن الرّحيم
مواجهة إيران لأقوى دولة متغطرسة في العالم
نجد أحياناً كلاماً جيداً جداً أو مسألة كذلك، لكن عرضها في ظرف معين قد يكون غير مناسب. فالصلاة التي هي أفضل من جميع العبادات، ويجب على الإنسان تعلم مسائلها، فإذا فرضنا أنّ وقوع زلزلة أدى إلى دفن عدد من إخواننا تحت الأنقاض ففي هذه الحالة لا يجوز لنا أن نتركهم ونجلس نتحدّث بمسألة من مسائل الصلاة، فالمسألة جيدة، لكن وقت عرضها غير مناسب. وهذه هي حال المطالب التي تثار هذه الأيام، وتسبب التوتر والانزعاج فسبب ذلك هو عرض هذه المطالب في وقت يواجه فيه وطنكم في مسيرته النضالية خطراً عظيماً أنتم غافلون عن معرفة من تواجهون، أمريكا المجهزة بأحدث التجهيزات العسكرية المتطورة، وهي تشكل قوة لا نظير لها في العالم، ونحن مجهزون بقوة أعظم هي التوجه إلى الله- تعالى- والاهتمام بالإسلام.
فنحن نواجه قوة مادية عظيمة تمتلك إلى جانب القوة العسكرية؛ القوة الشيطانية الكبيرة المشغولة الآن بإنجاز أعمالها التي من جملتها تحريض الدول لتجهيزها على شعبنا ونشر الدعايات الواسعة المشبوهة، وتحريفى الصحافة ووسائل الإعلام على ثورتنا وإخافتنا من التدخل العسكري في إيران.
ففي هذا الوضع الحساس والخطير لا يجوز السماح لأيّ مطلب مهما كان مهمّاً أن يثير التوتر. فيجب عرض المطلب عرضاً عقلانياً صحيحاً بعيداً عن الصخب والتهريج.
الابتعاد عن التوتر في سبيل الهدف الأصلي
يجب أن تعلموا أنه يجب الابتعاد في جميع الاجتماعات التي تعقد هذه الأيام عن كل مسألة تثير التوتر وإن كانت حقاً؛ فيجب تركها والتوجه إلى المسألة الأساسية. وإذا لم نعمل بهذه التوصية فإنّ ذلك يكون بمنفعة الأعداء، لأنهم يستفيدون من ذلك فهم شياطين. لذلك يجب عليّ أن أبيّن لكم ما هي مصلحة الشعب وما هي مصلحة الإسلام وما هي مصلحتكم، فالمسألة صحيحة لكن التوتر غير صحيح. فيجب ان تجتمع قواكم الفكرية وغير الفكرية في طريق واحد. فإذا واجهنا مسألة هكذا وانحرفنا عن الخط الصحيح ولو في مسألة واحدة كبيرة من مسائل الإسلام فإنّ ذلك يسبب التوتر.
فعلينا في الدرجة الأولى حفظ الإسلام. وأنتم تريدون خدمة الإسلام.
الخلافات الداخلية
أهم قضايا الإسلام الآن هي مواجهة أمريكا. فإذا أردتم أن تتنازعوا وتتفرقوا وتتشتت قواكم فإنّ ذلك هو ما تريده أمريكا لأنه في منفعتها واعلموا أنّ أيأدٍ خفيّة تعمل لإثارة الخلافات مستغلّة من طيبة الشبّان وصفاء نياتهم. فيجب الانتباه إلى هذا الأمر لئلا ننحرف عن طريقنا الصحيح. إذ إنّ عدونا الوحيد الآن هو أمريكا فيجب أن نوجّه جميع قوانا وما نمتلك من تجهيزات عسكرية نحو هذا العدو.
وإني أحذرُ من أن تجد الدعايات المغرضة طريقها بينكم فتشتت آراءكم وتبعد أفكارنا بعضها عن بعض، ولا مانع من ان تكون لنا آراؤنا، ولكم آراؤكم وللفرق الأخرى آراؤها، فالمهم الآن هو أن تسير أفكارنا في إتجاه واحد كما كان الحال أيام نضالنا ضد تلك القدرة الشيطانية الداخلية، ففي ذلك الوقت لم نكن متفرقين بل كانت أفكارنا متحدة، وكنا جميعاً نصرخ (الله أكبر) ووقفنا بوجه تلك القوة. فما الذي حدث اليوم فغيّر ذلك الاتحاد وأنتم الآن- كما تعلمون- تقفون إزاء قوة تعادل أضعاف تلك القوة بل تعادل آلاف أضعافها، فأنتم وبلادكم تعيشون في وضع هكذا.
فبلادكم الآن في وضع إذا لم تنجدوها في الوقت المناسب سنبادُ إلى الأبد، فيجب أن يكون صوتنا واحداً، ولا نسمح لمسائلنا الخاصة أو مسائل أصدقائنا مهما كبرت أن تثير التوتر. فإذا فرضنا وجود مسألة مهمة يجب أن تعرض عليّ شخصياً فانتخبوا اثنين أو ثلاثة منكم للتحدث معي. وهكذا إذا كانت المسألة يجب أن تعرض على أحد آخر، فينتخب من يتحدث معه وبذلك تحل المسائل دون ضوضاء وضجيج. فالضوضاء والضجيج اليوم يجب ان يستخدما لمقابلة أمريكا. واعلموا أنّ أيّة ضوضاء لا تكون في هذا الطريق تكون في منفعة أمريكا. ثم احتملوا احتمالًا قوياً وجود محرك خفيّ يدفع الإنسان وهو لا يشعر إلى ارتكاب أعمال لا يقصدها. وهذا أمر يجب على السادة المسؤولين الانتباه إلى خطورته.
إرشاد حرس الثورة ونصيحتهم
اعلموا أني أحبكم يا حرّاس الثورة، فإنكم أنتم الذين دافعتم عن الوطن في وقت لم يستطع فيه أحد أن يحميه. وأنتم الآن مستمرون في حمايته واداء وظائفكم. إنّ حُبّنا لكم هو حُبّ ربّاني. واعلموا أنّ ما لم يكن في مصلحتكم هو ليس في مصلحة الإسلام، لذلك نحن لا نتطرق إليه.
أما هذا الذي أوصيتكم به وهو كيفية سلوك الطريق الصحيح، فاعلموا أنه مصلحة لكم ولوطنكم وللإسلام. إنكم تعلمون أنني أحبُ السيد اللاهوتي، وأخلص له الودّ. وقد كتب في أنّ قلبه مريض وطلب إعفاءه من العمل الذي وكلته إليه. لكنني لحد الآن لم أجبه إلى ذلك. علماً بأنه لا يجوز إجبار المريض على إنجاز عمل يؤدي إلى فقدان صحته وسلامته وهلاكه بحجة أننا نحبّه.
الحب الصحيح هو أنه إذا كان قد ابتلي بهذا المرض حقيقة فيجب ان تأخذوه إلى الخارج للعلاج، إما إذا كانت هناك مشكلة غير المرض فيجب عليه أن يأتي ويعرض ذلك عليّ، أو ينتدب شخصاً يبعثه اليّ ليعرض مشكلاته.
فإنني لا أجد مصلحة في هذه الضوضاء والسير على غير طريق غاياتنا الأساسية اليوم. إفرضوا أنّ ذلك أدى إلى أن تضرب كل فرقة وطبقة في المعامل والوزارات وإدارات الدولة، فإنّ الأجانب سينتفعون بذلك، وسنتضرر نحن، وهذا نظير ذلك الذي أوضحته سابقاً من أنّ المطلب يكون حسناً بحد ذاته. لكنّ زمان عرضه غير مناسب، فالموضوع أو المطلب الصحيح إنما يكون صحيحاً سالماً إذا عرض في وقته المناسب الصحيح.
نحن الآن في وقت يجب علينا فيه أن نتحد ونجمع قوانا لإنقاذ وطننا، ونتحمل جميع المشكلات مهما كانت صعبة، وإذا وجدت طرق لحلها فيجب أن نسلكها دون حاجة إلى هذه الاجتماعات، فينتدب (كما قلت) مندوب أو مندوبان لبحث المشكلات وحلها حلًا عقلانياً. وأنا (كما قلت) أحبكم واحبُ السيد لاهوتي.
وعلى كل حال، كان من الواجب أنّ أنبّه إلى هذا الأمر. وإذا كان السيد لاهوتي مريضاً فلا يجوز لكم أن تصرّوا على أن يستمر في تحمل هذه المسؤولية. لأن الإنسان إذا كان قلبه في خطر، ويجب أن يذهب إلى الخارج للعلاج لا يجوز الإصرار عليه وإحراجه، فذلك يضر بصحته، وأنتم محتاجون إليه فيما بعد، لذلك لم اردّ على رسالته لحدّ الآن.
علماً بانه لم يأتني لحد الآن حتى استفهم منه: هل المانع هو المرض أو شيء آخر؟ ولعله سيأتيني لأتحدث معه حتى أعرف حقيقة الأمر.
جميع القوى ضد أمريكا
وعلى كل حال أكرر القضية العامة مرة أخرى، حتى تعلموا أنكم تواجهون قوة إذا غفلتم عنها لحظة واحدة أنهت وطنكم، فلا يجوز لكم أن تغفلوا، وعدم غفلتكم هو أن تتحد قواكم ضد أمريكا، وتوجهوا جميع صرخاتكم ضدها، وتكون جميع مظاهراتكم استنكاراً لها، وكل فعل من أفعالكم الإيجابية يجب ان يكون لمواجهتها، فجهزوا قواكم بالمعدات الحديثة، واكتشفوا لأنفسكم عمليات عسكرية، وعلموها لإخوانكم الذين يسيرون على طريق الجهاد دون أن يُعدوا أنفسهم إعداداً عسكرياً منظماً، لأنه يجب ان تكون البلاد الإسلامية مُعدة إعداداً عسكرياً في جميع مرافقها، وأن تعمّها التعليمات العسكرية، فإن احد ابواب الفقه هو باب (الرمي)، فقديماً كان المسلمون يتعلمون الرمي.
وفي الوقت الحاضر يجب عليهم أن يتعلموا استعمال الأسلحة الحديثة، إذ هي رمي متطور، ومع أنّ الرهان الذي هو وضع شرط في شيء كالقمار أمر حرام في الإسلام، فإنه في الرمي والسبق حلال (السبق والرماية) فهذه مسألة فقهية، لذلك يستحب لكل مسلم أن يتعلم ركوب الخيل. أما الآن فيستحب له ان يتعلم قيادة السيارات وغيرها كما يستحب تعلم الرماية. ففي هذا الزمان يستحب تعلم فنون الحرب الحديثة.
جيش العشرين مليوناً
إذا جهّز الشعب جميع شبّانه عسكرياً إضافة إلى الاستعدادات الدينية والإيمانية، وتعلموا استعمال الأسلحة الحديثة ودرّب بعضهم بعضاً. فإنّ هذا الشعب وهذا الوطن سيمتلك. حيشاً قوامه عشرون مليون شاب مُعّدٍ إعداداً عسكريا، ولا شك أنه يصعب إلحاق الضرر بوطن هذا شأنه. علماً بأنّ وطننا الآن الحمد لله هو كذلك، لأن الله تعالى هو سندنا، فنحن إنما نهضنا امتثالًا لأمره، ولتطبيق أحكام دينه فالله تعالى معنا.
وإنني متفائل أنكم لن تهزموا إن شاء الله تعالى وأسأل الله تعالى أن يحفظكم جميعاً.
وأوصيكم بالانتباه والاهتمام بما أوضحته لكم، كما أوصيكم بأن تنبّهوا رفاقكم من جميع الفرق والطبقات في كل مكان إلى أننا في زمان يجب علينا فيه أن نُوَحّد كلمتنا التي أصبحت الآن شعار الشعب.
والآن شهر المحرم، وجميع المواكب تخرج في مسيرات تأبينية، فيجب التمسك بذلك وإلقاء الشعارات الثورية التي عتادوا إلقاءها، لكن الأهم هو العزاء والتأبين.
أسأل الله تعالى أن يحفظكم جميعاً، فإنني أدعو لكم جميعاً. وحالي لا يتحمل أكثر من ذلك.