بسم الله الرحمن الرحيم
لجنة الاغاثة ورسالة الإمداد
أشكر لكم أيتها الأخوات والأخوة من لجنة الاغاثة الذين تفضلتم اليوم بالمجيء، وأشكر جهادكم، وأدعو لكم جميعاً. تعلمون أنّ دماراً كبيراً حل ببلادنا من كل النواحي ونحن بحاجة إلى الإمداد، وشعبنا يحتاج إلى العون على أصعدة مختلفة. فقد حلت بهذه البلاد وبهذا الشعب خسائر في مجالات مختلفة يحتاج تعويضها إلى الاعانة. إمدادات مقابل الخسائر المادية. الخسائر الجسمية التي تجاهدون أنتم أيها السادة والأخوات والأخوة لإمداد الذين عاشوا الفقر طوال هذه المدة، وأصيبوا بجراح وأصيبوا بأضرار، وفقدوا بعض أعضائهم، ودمرت بيوتهم، ودمرت حياتهم. إنه دمار حدث النظام السابق ويحتاج إلى الترميم، والحمد لله إنكم أيها الأخوة والأخوات وسائر أهل الخير ممن ساعدوا ويساعدون ونأمل أن يكون التعويض يسيراً وسريعاً. وهناك خسائر معنوية لحقت بهذه البلاد، خسائر روحية حلت بها. خسائر ثقافية لحقت بهذه البلاد، وهي أحوج إلى الإمداد من الخسائر المادية ومن الجراحات التي اصيب بها هؤلاء الأفراد، ومن نقص الأعضاء الذي لحق بهم ومن الفقر الموجود في هذا البلد. تلك الخسائر المعنوية احوج إلى المساعدة ويستغرق تعويضها زماناً أطول.
الساسة الانتهازيون
يحتاج تعويض الخسائر المعنوية إلى دراسات يجريها الخبراء المخلصون حقاً لهذا الشعب، وليس الذين يتظاهرون بالإخلاص، فاليوم كل شخص يرى نفسه ثورياً ووطنياً، ومخلصاً للشعب. إنها تجارة رائجة السائدة وهي من جملة صنوف التجارة اليوم. الكسبة يجلسون تارة في الدكاكين، ويبيعون البضائع، وتارة يجلسون في أماكن أخرى ويبيعون كلاماً يعلمون أن له زبائنه ليستفيدوا. هكذا أضحى الواقع اليوم. الذين كانوا في زمن الطاغوت انصاراً للطاغوت، وأبواقاً له، ودعامة لسطوته، هم اليوم انصار للإسلام حسب الظاهر. يقولون: إنهم معارضون للطاغوت، يقولون: إنهم يعارضون النظام السابق. إنهم يميلون حيثما مال الريح. إذا عادت الأمور اليوم إلى سابق عهدها لا سمح الله، سترون هؤلاء الكتّاب- بعضهم طبعاً، وبعضهم ملتزمون- بعض هؤلاء المتنورين، بعض هؤلاء الكتاب، سترونهم يعودون إلى سابق عهدهم يدعون لذلك النظام ويثنون عليه. واليوم لأن معظم الناس مقبلون على هذا، فهم أيضاً يقبلون لاكتساب بعض الاعتبار، لكن قلوبهم ليست هنا. وغداً إذا انقلبت الصفحة، تراهم تحت الراية الجديدة، حتى لو ارتفعت راية الكفر تراهم تحتها لأجل أن ينتفعوا. ولو انتصرت امريكا اليوم، فسيناصرونها. والآن حيث أنا واقف هنا يوجد أناس لهم علاقاتهم بأمريكا. لهم علاقاتهم بمن لهم علاقات بامريكا. هؤلاء مهرجون يهرجون تحت كل راية، ولا فرق عندهم بين راية الإسلام وراية الكفر. ان من هؤلاء من يريد أن تربح تجارته. يريد أن يعلو اسمه، يريد أن تعرفه الجماهير أنه مثقف، يريد أن يعرفه الناس بالأشياء الشائعة بين الناس.
خطر الانتهازيين والمنافقين
الناس مقبلون اليوم على الإسلام، وأولئك أيضاً أقبلوا عليه. الناس صاروا ثوريين، مجموعة قدموا شبابهم. مجموعة تلفت أموالهم. شرائح أخرى هتفت، وهؤلاء كانوا قاعدين في البيوت. إن لم يساعدوا، فلم يتدخلوا في الاقل. بقوا يتفرجون ليروا من يتقدم. كانوا قابعين في الخارج، في خارج إيران. وفي داخل إيران كانوا قاعدين ينظرون أي الفرق المتحاربة تنتصر. أيها تنتصر ينخرطون تحت رايتها. إذا انتصر المسلمون جاءوا تحت لواء المسلمين. لكنهم لا يقلعون عن اعمالهم الشيطانية. يهتفون في الظاهر وينشرون الإسلام ويسمون النظام السابق (طاغوتاً) والنظام الحالي (جمهورية إسلامية) إلا إنهم يعارضون الإسلام خلف الستار، ويعارضون الجمهورية الإسلامية. إذا تقدم كارتر صفقوا له، وهم الآن يصفقون له خفية. وهنالك علاقات مباشرة مع امريكا وغير مباشرة معها. إنهم مع من يتقدم وينتصر، هكذا هم المنافقون، وهذه هي صفة المنافقين أساساً حتى في زمن رسول الله كان الإسلام يعاني من المنافقين مالا يعانيه من الكفار. الكفار كانوا واقفين بوجهه يحاربونه ويقاتلونه فيتقدمون أو يندحرون. ولكن ماذا يفعلون للمنافقين؟ المنافق الذي يأتي ويقول إنني للإسلام وقد اعتنقت الإسلام، مثل إسلام أبي سفيان وجماعته، ماذا يفعلون له؟ إنه يقول إني مسلم، المسلم لا يمكن أن يُفعل له شيء، ظاهره أنه جاء للإسلام ويصلي، ويصلي جماعة، ويجلس تحت منبر رسول الله، ويذرف الدموع، هذا لا يمكن فعل شيء له. اليوم أيضاً ابتلي المسلمون بهذه المجموعة من المنافقين ومهمة المسلمين إزاء هؤلاء المنافقين أصعب من مهمتهم إزاء محمد رضا، محمد رضا كان واقفاً يضرب ويقتل، وتكليف الشعب حياله واضح. كان الشعب يسير لحربه. أما الجماعة التي تتظاهر بالإسلام وتدعو له في ظاهرها، وتنادي باسمه في ظاهرها، أقلامها وأقدامها على طريق الإسلام، لكنهم يعارضون الإسلام خلف الستار، هؤلاء ماذا يجب أن نفعل لهم؟ التعامل مع هؤلاء صعب جداً. مشكلة المنافقين لم يستطع حتى الرسول الأكرم معالجتها، والإمام علي أيضاً ابتلي بهؤلاء ولم يتسن له الحل. فمجعالة هذه المشكلة صعبة.
المتظاهرون بالقداسة، والمتنورون والمنافقون، مثلث التزييف والرياء
الذين نعاني منهم اليوم هم المنافقون الذين يظهرون الإسلام، ويريدون قصم ظهر الإسلام. يواجه المسلمون صعوبة في التعامل معهم، فمعالجة مشكلتهم صعبة جداً. هؤلاء يختلفون عن (نصيري) المعلوم أمره و (هويدا) المعلوم أمره. كان واضحاً أن (هويدا) عدو للإسلام والمسلمين. ومن المعروف أيضاً افعال (نصيري) مع الناس، وموقف الناس منه معلوم. قبضوا عليهما وعاقبوهما. ولكن ذلك المتظاهر بالقداسة الذي يمسك مسبحة بيده، ويقول: إنه يخدم الإسلام، ماذا نفعل لهذا المتظاهر بالقداسة؟ لا يمكن فعل شيء لجماعة المنافقين هذه. الإسلام منذ بزوغه، منذ فجره الى اليوم يعاني من هذه الجماعة. ومعالجة مشكلتهم أعقد من كل مشكلة بالنسبة للإسلام والمسلمين. الذين هتفوا للإسلام ويهتفون ونادوا بالوطنية والإسلامية وما إلى ذلك، بعد ذلك اتضح أن هذا الذي تظاهر بالإسلام والوطنية مرتبط بأمريكا. بعض متنورينا على هذه الشاكلة، إنهم منافقون، لو وقفوا بوضوح وبرجولة، مثل ذلك الذي يقف مثلًا ويقول أنا منحاز، من أولئك الذين قتلوا، وقف احدهم وقال: أنا من جماعة الشاه «1». والآن أيضاً من جماعة الشاه. قتلوه. هذا وقف برجولة وقتل برجولة. وذهب إلى جهنم.
مشكلة المنافقين من أكبر مشاكل الإسلام
أما الذين نعاني منهم اليوم فلا يأتون برجولة إلى الساحة ويقولون: إننا لا نريد الإسلام. لاينزلون برجولة إلى الساحة ويقولون: إن الإسلام للماضي وهو لا ينفع اليوم! ماذا نفعل لهؤلاء؟ لجنتكم الإمدادية لا تستطيع معالجة هذه المشكلة. لجنتكم الإمدادية تستطيع إنقاذ إنسان جريح، إنسان ضعيف، إنسان بائس. وسلمكم الله لانقاذ هؤلاء الناس إن شاء الله، ولكن لا لجنتكم ولا سائر شرائح الشعب تقدر على حل هذه المشكلة، فمشكلة المنافقين من أعظم المشكلات التي يواجهها شعبنا، وكانت تواجه الإسلام منذ البداية. ما اللازم فعله لمعاوية مثلا وهو إمام جماعة، ويريد أن يقاتل قربة إلى الله بزعمه ولأجل الإسلام؟ إنه منافق أفهمَ أهالي الشام أنه رجل مسلم، ومن يعارض أمير المؤمنين ليس بمسلم أيضاً. يشيع هناك أن أمير المؤمنين ليس بمسلم. حتى إنهم حينما أخبروا أهل الشام أن علياً قتل في محراب العبادة، قالوا: وهل يصلي علي؟ وماذا كان علي يفعل في المسجد؟ ماذا يجب فعله لهؤلاء؟ سوى العياذ بالله تبارك وتعالى وسوى فضحهم؟ على الشعب أن يفضحهم.
رسالة فضح المخادعين
هؤلاء الذين جاءوا على شكل منافقين، ودخلوا في صفوف المسلمين يريدون عرقلة الإسلام والمسلمين، عليهم كلّما وجدوا واحداً منهم، وكلما وجدوا ملفاً لواحد منهم أن يعلنوا ذلك ليتضح إنه أحد المنافقين. ويجب أن يكافحوهم ليتبين أنه كاسب على ناصيته آثار السجود، أو كاتب يبدأ كتابته بكلمة (بسم الله الرحمن الرحيم)، ثم يمدح (الجمهورية الإسلامية) ويثني عليها ويمدحها، لكنه يوجه الضربات للإسلام في الخفاء. مثل هذا لا يمكن فعل شيء له الآن. كل شيء يراد أن يواجه به، يقال إنه مسلم وإنه شخص معتبر. لا يمكن صدّه مالم يفتضح أمره بين الناس وينكشف لهم. هذا المتظاهر بالقداسة الذي يذهب كل يوم ليصلي وراء فلان من السادة، ويعطي أحياناً سهم الإمام لخداع ذلك السيد، لكنه في الحقيقة يعارض هذا النظام، ويريد ضربه وتدميره من الصعب معارضته. لا سبيل لدينا الآن سوى فضحهم. السبيل هو أن على كل من يجد بواطنهم وخياناتهم أن يعلنها ويذكرها. وطبعاً أعراض المسلمين محترمة، ولا يحق لأحد القول اعتباطاً وكيفما حلا له وعلى من كانت له معه عداوة: إن فلاناً من السافاك أو كذا وكذا. أعراض الناس محترمة، إلا إذا تبين أن هذا العرض يريد سحق الإسلام، عندئذ لن يكون محترماً.
الدعوة لرعاية الموازين الإسلامية
يجب العمل بحذر وتحفظ. يجب تنفيذ المهمات وفقاً الضوابط الإسلامية. اللجان التي أنتم فيها يلزم أن تكون ضوابطها إسلامية، ولا تقوم على أساس الأغراض. فإذا قال أحد مخالف لآخر على مخالفه شيئاً لا يحق للجنة الاغاثة أن تأخذ بقوله فوراً من دون تحقيق، بل يجب أن لا تكون الأمور على هذه الشاكلة. لابدّ من السير وفق الضوابط الإسلامية سيراً تبيضُّ به وجوهنا عند الله تبارك وتعالى. حتى لو قيل لنا هنا شيء ما، نكون هناك بيض الوجوه. وكذلك كل الشرائح التي تقدم الخدمة اليوم من المحاكم إلى الحرس والجيش والدرك والشرطة وكل الشرائح التي تخدم في الجمهورية الإسلامية يلزم أن تكون إسلامية.
لا يمكن أن يقول أحد: إنني أعمل في جمهورية الإسلام، ومع ذلك يتعامل بالربا، فهذا لا ينسجم مع الإسلام. ولا يجوز لحارس الجمهورية الإسلامية أن يظلم، فحارس الجمهورية الإسلامية الذي يجب أن يحمي الإسلام، يظلم عباد الله. ينبغي أن تراقبوا انفسكم، وتحذروا. أقصد كل الشرائح، ينبغي أن ينتبهوا لئلا يتعدوا أحكام الإسلام. يجب أن يلتفتوا للإسلام ويعتمدوا عليه. واليوم إذ نواجه قوة شيطانية، والعالم يركز أنظاره هنا تنتشر أمواج معارضتكم لهذه القوة الكبرى في العالم كله، ويجب أن نخرج من هذا الكفاح بين الإسلام والكفر مرفوعي الرأس. على فرض أن نُهزَم اقتصادياً ونُهزم عسكرياً يجب أن نخرج مرفوعي الرأس معنوياً. مثل مجاهدي صدر الإسلام حينما ساروا وجاهدوا وقُتلوا، نحن أيضاً يجب أن نكون كذلك. حفظكم الله ووفقكم جميعاً إن شاء الله، وأنا أشكركم جميعاً وأدعو لكم جميعاً، وأنا خادمكم جميعاً.